No Script

فرصة ذهبية لجعل الكويت مركزاً اقتصادياً عالمياً (7)

No Image
تصغير
تكبير

يقول الإمام الشافعي:

جَزَى اللهُ الشَّدَائِـدَ كـُلَّ خَيْرٍ
وَإنْ كانـت تُغصّصُـنِي بِرِيقِي
وَمَا شُكْرِي لهَا حمْداً وَلَكِن
عرفتُ بها عدوّي من صديقي

في الحقيقة لا تكشف المصائب النظم الفاشلة فقط، ولكن تكشف الرجال والخطط والمناهج الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فإذا كانت هشة سقطت في وجه أول تحدٍ، وإن كانت صلبة فهي مثال يحتذى به.
وكما نرى حالياً، فإن «كورونا» كانت ومازالت من التحديات المهمة والتي كشفت أنظمة الدولة ورجالاتها بل واقتصادها ومقوماتها، فقد تجلى للجميع متانة النظام الصحي والغذائي والزراعي والأمني والسياسي، ولكن للأسف تجلى أيضاً ضعف المنظومة الاقتصادية، فالقرارات الاقتصادية التي جاءت تعالج آثار الأزمة مازالت لا تعكس الوضع الحقيقي للتعامل معها وعلاجها.
والسؤال الذي يطرح حالياً «هل استفدنا من الدروس في هذه الأوقات العصيبة؟ أم نحتاج للمزيد من الأزمات لكي نحدّث نظامنا الاقتصادي ونضع الشخص المناسب في المكان المناسب؟ وهل سنستمر بالمجاملات السياسية أم سنضع نظام جدوى فنيا يساند الاقتصاد الكويتي وينميه؟
لقد تفاجأت بالأنماط الاستهلاكية بعد أزمة «كورونا»، فقد عادت الحياة الطبيعية والاستهلاك المجاملي مباشرة، وكأننا لم نكن بالأمس بين الحياة والمجهول وبين الحرية والحجر، فانقطعت الناس عن بعضها البعض داخل وخارج الكويت، لكي نعود بعدها.
لقد ظهر أن الاستثمار والادخار أكبر ما يؤرق الناس حول العالم إلا في كويتنا الحبيبة، فالكل عالمياً يتساءل أين يستثمر فوائضه المالية وأين يدخرها إلا هنا، والمفزع أن أصحاب القرار الاقتصادي الكويتي لم يفصحوا عن خططهم لمعالجة آثار «كورونا»، وكيفية النهوض بالتجارة والاستثمار.
وليس أدل من ذلك، انسحاب محافظ البنك المركزي من لجنة معالجة آثار الأزمة، وحتى الآن لم تعلن الحزمة الاقتصادية والتي طالما سمعنا عنها، وعودة للاقتصاد الوطني أعتقد بأنه قد آن الأوان لمراجعة كل خطط الاستثمارات داخل وخارج الكويت، ومراجعة القيادات الاقتصادية ووضع الأمور بوزنها الحقيقي.
ولابد من المسارعة إلى تأسيس جهازين، الأول لإدارة الأزمات بالإضافة إلى القضايا الأمنية، ويقوم على تطوير سوق المال والمصارف وهيكلة القطاع النفطي ودعم الاكتفاء الذاتي، خصوصاً الزراعي وبناء منظومة خدماتية وتحديث النظام الآلي الحكومي، وتقليص الدورة المستندية وجذب الاستثمار الأجنبي، وخصخصة المشاريع الحكومية ودعم القطاع الخاص ومبادراته، وهيكلة القوى البشرية لتكون أكثر واقعية.
ولا داعي للتوظيف الحكومي المثقل بالعمالة المقنعة، إذ آن الأوان لإعطاء دور للقطاع الخاص ليدير الدفة ويتحمل مسؤوليته، وبات واجباً على الحكومة دعمه لينجح، فالفشل اختيار غير مقبول، كما أن خصخصة المشاريع الحكومية مطروقة في دول كثيرة بالعالم، على أن تُجري دراسة المشروعات والشركات الحكومية وخصخصتها بالأسعار المناسبة، وتسويقها عالمياً ومهنياً.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي