No Script

ببساطة

الحكومة أبخص

تصغير
تكبير

سابقاً كان يقال الشيوخ أبخص، والآن عادة ما يقال الحكومة أبخص، وذلك عندما تقبل الحكومة على مشروع أو تقدّم قانوناً معيناً أو حتى عندما تبدأ أي تحرك، بمعنى أنها أدرى بما هو أفضل، إلا أنني أعني بها اليوم أن الحكومة هي الأعلم بحالها الداخلي ووضعها الحالي، فهذا الوصف ينطبق على المشهد السياسي الراهن، حيث برز - وبشكل ملحوظ - على الساحة السياسية أخيراً الخلاف الحكومي - الحكومي، فتصدّر هذا الخلاف افتتاحيات مجموعة من الصحف المحلية التي سلّطت الضوء على عدم انسجام الحكومة.
هذه الحكومة هي الثانية خلال هذا الفصل التشريعي بعد استقالة الحكومة المشكّلة بداية الفصل التشريعي مع افتتاح دور الانعقاد الثاني، ورغم نجاح هذه الحكومة بتفادي السقوط في فخ الاستجوابات، إلا أنها عانت داخلياً من عدم الانسجام - حتى وإن أنكرت هذا - فقد استقال أربعة وزراء من هذه الحكومة الجديدة وتم تدوير وزيرين خلال الفترة الماضية، كما نستذكر تصريحات بعض النواب أثناء استجواب وزير التجارة بأن هناك أطرافاً حكومية تسعى لإسقاطه... ما لم يدع مجالاً للشك في تفكك الحكومة، ويبدو لي مما نسمع من أخبار متداولة بأن هذه التشكيلة الحكومية ربما تشهد تغييرات في المرحلة المقبلة.
نأتي الآن على طبيعة ذلك الخلاف الحكومي - الحكومي الذي تصدر عناوين الصحف، ورغم عدم إعلان طبيعة ذلك الخلاف إلا أنني لا أشك لوهلة بأنه ليس خلافاً حول برنامج أو استراتيجية، فالحكومة بطبيعة الحال تشكّل بنظام المحاصصة والترضيات، فتعمل وكأنها حكومة تصريف العاجل من الأمور، لذلك أرى بأن طبيعة ذلك الخلاف لا تتعدى الصراع على مراكز النفوذ، الأمر الذي اعتدنا عليه في حكوماتنا المتعاقبة خلال العقود الماضية وهو ليس أمراً جديداً، ورغم قناعتي بأن ذلك الصراع لا يعنينا كشعب أبداً، بل نحن مهمشون ولسنا على اطلاع كاف به، فمن الطبيعي أننا لن نهتم لمن سيكون صاحب النفوذ الأكبر داخل الحكومة، بل جل همنا هو أن تمتلك هذه الحكومة برنامجاً سياسياً اقتصادياً اجتماعياً يصب في مصلحة الشعب، وتمتلك الإرادة الكافية لتنفيذه، من دون النظر لشخوص الوزراء، لكنني في الوقت نفسه متأكد بأننا (الشعب) المتضرر الأكبر من تلك الصراعات المتكررة، فالصراع الحكومي - الحكومي كفيل بإفشال أي حكومة ناجحة، فما بالك عندما يكون هذا الصراع داخل حكومة لا تمتلك رؤية إصلاحية ولا برنامجاً ولا حتى إرادة سياسية؟ حتماً ستكون النتيجة مزيداً من الفشل والتخلف.
نهاية، أياً كان المسار الذي ستأخذنا نحوه الأحداث في الأيام المقبلة، وأياً كانت نتيجة ذلك الصراع الحكومي - الحكومي الذي لابد أن يحسم في أقرب وقت، وبالتأكيد أياً كان المنتصر فيه فعلينا أن نستفيد من كل تلك التجارب، وأن نعالج أصل المشكلة المتمثل بعدم وجود رؤية للحكومة، وعدم تشكيلها كفريق منسجم يخدم تلك الرؤية... نحن اليوم بأمس الحاجة لحكومة مسؤولة تمتلك الرؤية الإصلاحية والقرار والإرادة السياسية، حكومة تتشكل من رجال دولة قادرين على النهوض مجدداً بالكويت لتعود لمكانتها الطبيعية بين دول المنطقة، ولكن كما قلت بداية المقال... الحكومة أبخص!

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي