No Script

مليون ليرة إسترلينية أودعتها الكويت فيه... تبخّرت

أكثر من نصف قرن على إفلاس «إنترا» «الراي» تعيد نشر مقتطفات من تقرير لجنة التحقيق

تصغير
تكبير
  • بيدس أخذ يستعمل المبلغ الكويتي بعد  قيده بحسابه الخاص 
  • تصرّف بقرض حصل عليه هاني سلام وعلي عرب  من «الوطني» 
  • إدارة «إنترا» نقلت أموالاً من حساب مودعين وضمتها بحسابات سرية 
  • البنك اختلس تلك الأموال بالاشتراك مع رئيس مجلس إدارته 
  • استعمال الأموال لدفع نفقات بمبالغ باهظة دون أن تدخل  في الكشوفات  
  • تبديد أموال تحت عناوين عدة: هدايا ومكافآت ومصاريف سفر وسيارات وأطقم سفرة وحفلات ورحلات وتبرعات وإكراميات 
  • دفع مبالغ سنوية مقطوعة إلى جميع أصحاب الصحف تقريباً 
  • الحصول على إيرادات من دون أن يتم إدخالها في الدفاتر الرسمية 
  • التصرف بأموال مخصصة لغايات  لغير الغايات  التي استعملت  من أجلها  
  • إدارة البنك أخفت النفقات والإيرادات والأرباح والخسائر  
  • إنفاق ملايين الليرات على النحو الذي سبق يشكّل تلاعباً في القيود  
  • التلاعب يخفي وراءه اختلاسا أدى بالتالي إلى تبديد في الأموال

«بنك إنترا» هو مصرف لبناني أسسه يوسف بيدس سنة 1951.
أصبح البنك خلال سنوات قليلة جداً أكبر مصرف في لبنان قبل أن يشهر إفلاسه في ظروف بقيت مثيرة للجدل.
وبعد مرور أكثر من نصف قرن من الزمن على إشهار «إنترا» إفلاسه في قضية اختلط فيها حابل الاقتصاد بنابل السياسة، تعيد «الراي» نشر أبرز ما ورد في تقرير لجنة الخبراء التي تم تعيينها من أجل التحقيق بالقضية.


وقد خلص تقرير لجنة الخبراء الذي نشرته صحيفة «الزمان» عام 1967، والذي يرى الكثير من الخبراء والمراقبين أنه يفتقر لعوامل الدقة والحصافة في ظل طريقة العمل البدائية حينذاك حيث لم تكن أدوات المحاسبة الشائعة اليوم موجودة.
وعلى الرغم من ضخامة القضية التي طالت ارتداداتها دولاً كثيرة في المنطقة العربية وآسيا وصولاً إلى أميركا، إلا أن لجنة الخبراء لم تتمكّن من معاينة ملفات ورقية وضعتها إدارة البنك المفلس نفسها بين يديها.
وقد كان للكويت حصة في القضية التي ظلت حديث الشارع العربي لسنوات عديدة، فقد ورد في التقرير أن حكومة الكويت أودعت في «إنترا» مبلغا قدره مليون ليرة إسترلينية على شكل وديعة لأجل بفائدة 8 في المئة.
وقد قام بيدس (رئيس مجلس إدارة البنك) في وقت لاحق بتوجيه كتاب إلى «إنترا» مؤرخ في 7 مايو 1962 يطلب بموجبه من البنك المذكور قيد مبلغ 8.4 مليون ليرة لبنانية (مليون ليرة إسترلينية) في حسابه الخاص، وبالفعل فقد قُيّد هذا المبلغ لحساب المذكور.
وبذلك يكون بيدس قد تصرف بكامل قيمة المبلغ المودع لدى «إنترا» لحساب الكويت، دون أن يظهر لها حساب دائن بهذه القيمة.
كما تطرق التقرير إلى قرض حصل عليه كل من هاني سلام، وعلي عرب من بنك الكويت الوطني، وأودعاه في «إنترا» ليتصرف فيه المدعو بيدس من دون علمهما أيضاً.
ولفت التقرير كذلك دفع مبالغ سنوية مقطوعة إلى جميع أصحاب الصحف تقريباً، ومن ضمنها رشاوى لصحافيين معروفين في ذاك الوقت على اعتبار أن هذه المبالغ مقابل دعاية وحماية في آن معاً.
وفي ما يلي أبرز ما جاء بتقرير لجنة الخبراء:

الفصل الأول
في القرارين القاضيين بتعيين لجنة الخبراء وتحديد مهمتها بتاريخ 10 نوفمبر 1966، صدر عن قاضي تحقيق بيروت الأول القرار القاضي بتعيين جوزف طاسو، وعلي عواضة، خبيرين فنيين لدراسة أوضاع بنك «إنترا» والتدقيق في قيوده توصلاً لإيضاح النقاط التالية:
أولاً: هل إن المسؤولين عن إدارة «انترا» كلهم أو بعضهم أخفوا الدفاتر أو اختلسوا أو بددوا قسماً من الأموال أو اعترفوا بديون غير مدرجة سواء في دفاتر أو صكوك رسمية أو عادية أو بموازنة البنك.
ثانياً: هل إن هؤلاء المسؤولين كلهم أو بعضهم:
1 - استهلكوا مبالغ باهظة سواء في عمليات الحظ أو في مضاربات وهمية على النقد أو في البورصة؟
2 - عقدوا بعد التوقف عن الدفع، وفي سبيل تأخير الإفلاس قروضاً أو حولوا سندات أو توسلوا بطرق أخرى مبيدة للحصول على المال؟
3 - أقدموا بعد التوقف عن الدفع على إيفاد دائن اضراراً بتكلفة الدائنين؟
ثالثاً: هل هؤلاء المسؤولون كلهم أو بعضهم:
1 - عقدوا لمصلحة الغيرمن دون عوض تعهدات جسيمة بالنسبة لأوضاعهم عند التعهد بها؟
2 - هل تقيّدوا بالقواعد المتعلقة بتنظيم سجل التجارة أو لا؟ وهل تظلموا الجردة بالضبط ومسكوا الدفاتر وفقاً للأصول أم لا؟
رابعا: هل إن هؤلاء كلهم أو بعضهم نشروا بيانات أو موازنات غير حقيقية أو وزعوا أنصبة وهمية؟
خامساً: في حال ثبوت أي مخالفة من المخالفات المبينة أعلاه، من هم المديرون وأعضاء مجلس الإدارة والوكلاء المفوضون وأعضاء مجلس المراقبة ومفوضو المحاسبة والموظفون الذين أقدموا بذاتهم على ارتكاب هذه الأعمال وأحدها، أو الذين سهّلوا أو اتاحوا ارتكابها عن قصد منهم.

القسم الثاني
تبيّن للجنة أن دفاتر اليومية (دفتر اليومية، دفتر صور الرسائل، دفتر الجرد والموازنة) العائدة للسنوات1963 و1964، و1964، 1965 والمتعلقة بأعمال «انترا» في كل فروعه اللبنانية، هي موجودة، كما أن دفاتر اليومية السابقة لتلك السنوات، والتي طلبت اللجنة الاطلاع عليها موجودة أيضاً.
اما دفتر صور الرسائل المنصوص عليه في قانون التجارة اللبناني فلم يبرزه المسؤولون عن البنك، وصرحوا للجنة خبراء المحاسبة المعينة من قبل محكمة تجارة بيروت، بشخص وكيلهم أنطوان مالح، انهم لم يمسكوا هذا الدفتر لأسباب وردت في تصريح المالح، ودونت في تقرير اللجنة.
بناء على ما تقدم، يكون المسؤولون عن «إنترا» قد أبرزوا دفاتر اليومية، وبالتالي فلم يخفوا هذه الدفاتر.
كما يكون المسؤولون عن البنك المذكور غير ماسكين لدفتر صور الرسائل ودفتر الجرد والموازنة.

الكويت
لجهة قيام المسؤولين عن إدارة «إنترا» كلهم أو بعضهم باختلاس أو بتبديد قسم من الأموال.
أولاً: هناك مبلغ مليون ليرة إسترلينية استعمله يوسف بيدس في حسابه السري رقم (4688) دون أن يكون عائداً إليه.
تبيّن للجنة الخبراء من دراستها أن حكومة الكويت كانت قد أودعت في «إنترا» مبلغا قدره مليون ليرة إسترلينية على شكل وديعة لاجل بفائدة 8 في المئة.
وقد قام بيدس بتوجيه كتاب إلى «إنترا» مؤرخ في 7 مايو 1962 يطلب بموجبه من البنك المذكور قيد مبلغ8.4 مليون ليرة لبنانية (مليون ليرة إسترلينية) في حسابه الخاص، وبالفعل فقد قيد هذا المبلغ لحساب بيدس.
وبعد أن أصبح بيدس دائنا بالمبلغ المذكور في حسابه أخذ يستعمل هذا المال لحسابه الخاص حتى أصبح بتاريخ الكشف على الحسابات مديناً.
وبذلك يكون بيدس قد تصرف بكامل قيمة المبلغ المودع لدى «إنترا» لحساب حكومة الكويت، دون أن يظهر لها حساب دائن بهذه القيمة.
وعندما قامت لجنة الخبراء المعينة بسؤال إسكندر أيوب (مدير مركز البنك في باب إدريس) عن الموضوع، أجاب بأن قيمة القرض المذكور التي أصبحت بعد ضم فوائد عليها 1.8 مليون ليرة إسترلينية قد قيدت في حساب بيدس بناء على طلبه، وأنه قد استعمل هذا المبلغ لشراء اسهم بنك «إنترا» وأسهم «اندرا» (باهاماس).
من جهة ثانية، فقد مدّد استحقاق القرض المذكور خلال السنوات السابقة، وبموجب التمديد الأخير سيستحق الأداء بتاريخ 7 مايو 1967 مع فوائده.
وقد وجه «انترا» بتاريخ 10 مايو 1965 كتاباً إلى وزارة المالية الكويتية يتعهد لها بدفع قيمة القرض مع فوائده بالتاريخ المذكور.
وبما أن «إنترا» وضع تحت تصرف رئيس مجلس إدارته يوسف بيدس أموالا مودعة لحساب الغير، وذلك عن طريق قيدها في حساب بيدس الشخصي، بحيث مكّن هذا الاخير من التصرف بها، يكون البنك المذكور قد اختلس تلك الأموال بالاشتراك مع رئيس مجلس إدارته.
 ثانياً: في تبديد واختلاس أموال بواسطة حسابات سرية خاصة بالبنك:
أثناء مراجعة حسابات «انترا» لفت نظر اللجنة وجود حسابات سرية مدينة بين الحسابات المذكورة قد جرت بشكل غير طبيعي، كما وجدت أن هناك مبالغ باهظة قد صرفت بشكل يدعو إلى الربية والشك.
وقد تبيّن للجنة بعد تحليل ما أمكنها تحليله من محتويات الحسابات المعنية ما يلي:
- في الحساب السري رقم (4994):
تبيّن أن هذا الحساب قد فتح بتاريخ 23 أكتوبر 1964، وأن أول مبلغ قيد مهمة المدينة منه هو مبلغ 21 ألف ليرة لبنانية على سند قيده الموقع من بيدس ما يلي:
دفعات حسب التعليمات المدفوع الى (MAR) قيمة «بويك» إلى أبو سعيد
1700 المدفوع إلى الربان: قيمة مطبوعات 4000.
وقد تبيّن أن كلمة «MAR» تعني محمد عبدالرحمن عضو مجلس الإدارة، وكلمة الربان للسفريات.
ثم أخلت إدارة «إنترا» تقيد على هذا الحساب مصاريف مدفوعة حتى أصبح حسابه المدين في آخر شهر أكتوبر 1964 بالغاً 2.3 مليون ليرة.
وبتاريخ 5 نوفمبر 1964 جرى تحويل هذا الحساب بأن حول إليه 8.5 مليون ليرة أخذت من حساب سري اخر رقمه (25 - 4788) تبين بعدها أن هذا الحساب الأخير هو الحساب المشترك لعلي عرب وهاني سلام.
تجدر الإشارة هنا إلى أن علي عرب وهاني سلام كانا قد حصلا من البنك الوطني في الكويت، وبكفالة «إنترا» على قرض تبلغ قيمته 1.2 مليون ليرة إسترلينية اودعاه لدى «إنترا» الذي قيده لهما في حسابهما السري المذكور أعلاه بتاريخ 23 ديسمبر 1963.
وبعد أن قيّد البنك على هذا الحساب بعض المبالغ، وبقي ما فيه مبلغ 105 آلاف ليرة إسترلينية قام البنك بإقفاله بأن حول رصيده المذكور إلى الحساب السري رقم (4994) ما يعني أن إدارة البنك سددت هذا المبلغ وقيدته في حساب يخصها للتصرف به. ولم نجد ما يفيد أن علي عرب وهاني سلام قد وافقا على ان يتصرف «انترا» بهذا المبلغ.
ثم أخذت إدارة البنك بتمويل الحساب السري رقم (4994) الذي سمي «انترا» بموارد معينة من جهة، وتنفق منه مبالغ باهظة من جهة أخرى حتى بلغ مجموع ما قيد الى هذا الحساب حتى تاريخ 14 - 10 - 1966 قيمة24.5 مليون ليرة لبنانية ومجموع ما قيد على هذا الحساب حتى التاريخ المذكور 24.85 ليرة لبنانية، حيث ظهر رصيده مدينا بتاريخ 14 - 10 - 1966 بمبلغ 302.9 ألف ليرة لبنانية.
وبعد تحليل هذا الحساب لمعرفة مصادر تمويله وأوجه الإنفاق بواسطته تبين ما يلي:
- إن الحساب المذكور مول بالمبالغ المقيدة في جانبه الدائن كما يلي:
- تحويل من حساب سري رقم (3593 - 4788) عائد لحساب قرض علي عرب وهاني سلام المقبوض من البنك الوطني في الكويت 8.4 مليون ليرة لبنانية.
- تحويل من حساب سري رقم 3673 - 4855 يخص «الوطني» 2.7 مليون ليرة.
- تحويل من حساب توفير رقم (4901) (حساب سري بمعرفة إسكندر أيوب) 51.1 ألف ليرة.
- تحويل من حساب إيسترن 1.7 مليون ليرة لبنانية.
- تحويل من حساب سري رقم (4692) عائد يوسف بيدس وجبران خليل 2.9 مليون ليرة لبنانية.
- المجموع وقدره 16.8 مليون ليرة لبنانية.

فضائح
كشفت التحقيقات أن هناك عشرات وربما مئات التحويلات التي تمت إلى حسابات بعضها معلوم وبعضها الآخر مجهول بملايين الليرات. وتضمنت القائمة مئات الأسماء التي تعود لرجال وسيدات أعمال التي تم تحويل أموال نقدية إلى حساباتهم في الداخل والخارج، إلى جانب هدايا عينية تحت بنود مختلفة: مكافآت، ومصاريف سفر، وسيارات، وأطقم سفرة، وتقديمات، وأجور، وحفلات، ورحلات، وتبرعات، وإكراميات وغيرها الكثير.
ويقول تقرير لجنة الخبراء «يتبين أن إدارة بنك (إنترا) قد نقلت من حساب مودعين لديها أموالاً، وضمتها في حسابات سرية، واستعملت تلك الأموال في سبيل دفع نفقات بمبالغ باهظة دون أن تدخل هذه النفقات في الحسابات المخصصة لها خصوصاً في حساب الأرباح والخسائر».
وخلصت اللجنة إلى أن «العمل الذي قامت به إدارة (إنترا) أو الذي أدى إلى إنفاق ملايين الليرات على النحو الذي سبق ذكره يشكل بنظر لجنة الخبراء تلاعباً في القيود يخفي وراءه اختلاسا أدى بالتالي إلى تبديد في الأموال».
وتابعت اللجنة «هذا مع الإشارة الى أن الإدارة العامة لبنك (إنترا) قد أنفقت مبالغ هائلة تعتبر تبذيراً في الأموال خصوصاً ما أنفقته في الحقل الذي سمي (الدعاية) والذي دفعت منه مبالغ سنوية مقطوعة إلى جميع أصحاب الصحف تقريباً». وقد تكون هناك حسابات أخرى تنبئ بأعمال تبديد أو اختلاس أموال أو الاعتراف مواضعة بديون غير متوجبة، غير أن اللجنة لم تتمكن نظرا لضيق الوقت المحدد لها، من البحث أكثر مما أوردته آنفاً.

عمليات حظ
لاحظت اللجنة أن هناك حساباً لشخص يدعى شارل اسين تضمن عمليات كبيرة في شراء وبيع أسهم في البورصة، ومن التدقيق في مستندات هذا الحساب عن طريق أخذ العينات لم تجد من شأنه أن ينبئ بحصول عمليات تشكل مضاربات وهمية في البورصة.

تلاعبات
تبيّن للجنة الخبراء أن بعض مسؤولي البنك بعد أن سجلوا عمليات جرت بتاريخ 14 أكتوبر 1966 وأظهروا ميزان الحسابات في دفاترهم في ذلك التاريخ أقدموا على إيفاد بعض الديون بواسطة صناديق البنك، ووضعوا في الصناديق بديلاً عن الأموال النقدية المدفوعة والشيكات المسحوبة على «إنترا» والإيصالات التي تم الدفع بموجبها.
ومن هذه الديون المسددة على النحو المذكور قسم يعود الى موظفين في بنك «انترا» دائنين قيد التسديد، وقسم آخر يعود إلى دائنين آخرين من غير الموظفين.
لاحظت اللجنة أن الشيكات والإيصالات الموجودة في الصناديق بديلاً عن الأموال النقدية المسحوبة هي مؤرخة بيوم 14 أكتوبر 1966 ولم تُقيّد في الدفاتر مع أن الدفاتر احتوت على جميع عمليات اليوم المذكور.
وبنتيجة التحقيقات تبيّن أن البنك بعد أن أقفل صناديق يوم الجمعة 14 أكتوبر 1966 عاد موظفوه يوم السبت إلى مكاتبهم حيث أكملوا القيود العائدة بالتاريخ المذكور، ما يدل على أن الشيكات والإيصالات الموجودة في الصناديق قد سحبت بموجبها المبالغ الظاهرة فيها يوم السبت أو اليوم الذي يليه بالرغم من أنها مؤرخة بوقت سابق، وليس هناك ما يبرز عدم قيدها في الدفاتر إلا أنها مسحوبة بعد إقفال القيود.

الدفاتر
تعود دفاتر «انترا» اليومية تعود للسنوات 1963 و1964 و1965 و1966 هي مرقمة وممهورة بختم لمحكمة التجارة المختصة ومسجلة حسب الأصول.
وقد تبين أن القيد في دفاتر اليومية يجري يوماً بيوم وفقاً لطريقة القيد المزدوج وبشكل إجمالي لكل فئة من الأعمال التي يقوم بها البنك المذكور.
غير أن اللجنة لاحظت وجود بعض التشطيبات الواردة في هذه الدفاتر تبحث عن أخطاء في نقل بعض الأرقام وتشكّل بنظرها مخالفة قانونية، كما لاحظت وجود حك ومحو في استعمال مواد كيماوية للمحو، ما يشكّل مخالفة قانونية.

لا ختم ولا أرقام
رأت لجنة الخبراء أن تطور الأساليب الحديثة في تنظيم وحفظ الرسائل بعد انتشار الآلات الكاتبة من شأنه أن يغني عن استعمال دفتر صور الرسائل خصوصا، وأن كثرة الرسائل وطريقة حفظها بشكل فني متحول دون حصرها في سجل واحد إنما درجت المؤسسات خصوصاً الكبيرة منها على استعمال سجلات للرسائل الصادرة يدون فيها بحسب تسلسل التواريخ موضوع الرسالة والجهة المرسلة إليها وعلى استعمال سجلات مماثلة للرسائل الواردة.
ووجدت اللجنة لدى اطلاعها على بعض الملفات أن رسائل مختصة بأصحاب هذه الملفات محفوظة فيها كما وجدت أن «إنترا» سيستعمل سجلات للرسائل الصادرة والرسائل لم تسجل لدى المحكمة التجارية، كما أن كثيراً من الرسائل الواردة التي اطلعت عليها اللجنة في الملفات العائدة لها لا تحمل ما يفيد بأنها سجلت عند ورودها، فلا تاريخ الورود، ولا خاتم البنك ولا رقم الوارد مدون عليها.

من هو الأدهم؟

كمال الأدهم الذي ورد اسمه في لجنة التحقيق على اعتبار أنه عضو مجلس إدارة في «إنترا» هو سعودي الجنسية، ومؤسس المخابرات العامة السعودية، وكان مستشاراً خاصاً للملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، وأخ غير شقيق للملكة عفت الثنيان آل سعود.
وتشير التقارير إلى أنه كان لكمال أدهم تأثيراً كبيراً في عدد من الملفات السياسية في منطقة الشرق الأوسط، والمنطقة العربية على وجه الخصوص.

التوصية النهائية

خلصت اللجنة إلى أنه بمقتضى المادة (692) من قانون العقوبات ينال العقاب المنصوص عليه في المادة 689 (المتعلقة بالإفلاس الاحتيالي) كلا من المديرين وأعضاء مجلس الإدارة والوكلاء المفوضين، وأعضاء مجالس المراقبة، ومفوضي المحاسبة، وعمال الشركات المساهمة كونهم وزعوا أنصبة وهمية.
وقالت إن «ما هدف إليه المشرّع من تطبيق العقاب المذكور أعلاه هو معاقبة الأشخاص ذوي المسؤولية عن توزيع أنصبة أرباح على المساهمين بالرغم من عدم توافر أرباح حقيقية، وبالتالي تكون كلمة وهمية عائدة للأرباح الموزعة، وليس للأنصبة».
وأضافت إن «ما يبرر العقاب هذا هو كون الأشخاص المسؤولين عن توزيع الأنصبة الوهمية قد ألحقوا أضراراً بالمساهمين وبالغير نتيجة تضليلهم بإعطائهم فكرة غير حقيقية عن أوضاع الشركة، وحملهم بالتالي على شراء أسهم هذه الأخيرة، وبأسعار قد تفوق سعرها الحقيقي باعتبار أن توزيع الأنصبة من شأنه في معظم الأحيان أن يرفع أسعار الأسهم بالأسواق المالية».
وتعتبر وهمية الأنصبة التي تكون قد وزعت بالاستناد إلى ميزانية عمومية غير حقيقية أظهرت أرباحاً وهمية.
وعليه، فيكون العنصر الجزائي متوافراً بحق الشركة التي تظهر في ميزانيتها أرباحاً وتوزع على المساهمين أنصبة من حساب هذه الأرباح، الأمر الذي تكون معه الشركة ضللت الغير وأوهمتهم أنها حصلت على أرباح هي في الواقع غير حقيقية.
وقالت «لو فرضنا أن الشركة قامت بتوزيع أنصبة من الأرباح الوهمية في الوقت الذي فيه لديها مال احتياط يوازي أو يوافق قيمة الأنصبة الموزعة فيبقى العنصر الجزائي بحق هذه الشركة التي تكون في مثل هذه الحالة قد أخذت في الواقع الأنصبة من مال الاحتياط، وأبقت هذا المال الاحتياطي ظاهراً في ميزانيتها، ما يضلل المساهمين والغير ويوهمهم بوجود أرباح إلى جانب المال الاحتياطي».

قيل عن بيدس... والإفلاس!

يوسف خليل بيدس هو رجل أعمال فلسطيني حقق نجاحاً باهرا في لبنان على رأس بنك «إنترا» حتى انهياره سنة 1966 في ظروف ما زالت إلى الآن مثيرة للجدل.
ولد عام 1912 في مدينة القدس لعائلة أورثوذكسية أصيلة من مدينة الناصرة. والده هو العلامة والمناضل خليل بيدس. عمل لفترة في مصر في «باركلس» والبنك العربي. هاجر سنة 1948 إلى لبنان حيث أسس هناك عام 1951 «إنترا» على قاعدة مكتب «التجار العالميون». أصبح البنك في خضم سنوات قليلة أكبر بنك في لبنان.
تدور حوله شبهات كثيرة بعد أن توسّع بعمله في البنك للحد الذي أوصله للتعذر عن الدفع ما تسبب بإفلاس «إنترا» مع أنه كان يملك الكثير من الأصول والعقارات منها في باريس، وفي شارع الشانزلزيه على وجه الخصوص، كما تسببت في ملاحقته قانونياً وسجنه.
يقول البعض إن قضية بنك «إنترا» كانت عبارة عن مؤامرة صهيونية، حيث كان العمل الفدائي الفلسطيني قد بدأ، وكان ياسر عرفات (أبوعمار) قد كلف بيدس بالإدارة المالية للثورة الفلسطينية، وكان يعتبر «إنترا» الذي أسسه كوزارة مالية للثورة، ما تم تدبير مؤامرة وإشاعات بإفلاس البنك أثناء غيابه عن لبنان ووجوده في أوروبا، حيث ذكرت الإشاعات أنه قد هرب، فتدافع صغار المودعين إلى البنك للحصول على أموالهم، فأمر إدارته في بيروت بدفع أموال المودعين دون أي تأخير، وبعد نفاد الأوراق النقدية من البنك، رفض البنك المركزي اللبناني إمداده بالأوراق النقدية لدفع الودائع لأصحابها، رغم أنه قدم مقابل ذلك كفالات عينية عبارة عن أملاك وشركات يمتلكها البنك حول العالم، وأهمها شركة صناعة المراكب الكبرى في مارسيليا والتي كانت، ولا تزال، فخر الصناعات الفرنسية، حيث كانت أحد أملاك البنك.
قدم للمحاكمة وثبت تجاوز ممتلكات البنك عن مستحقاته، ولكن سيف المؤامرة كان قد مّر. مات ودفن في سويسرا. قال عنه الجنرال شارل ديغول إنه كان يتمنى أن يكون لديه وزير مالية بقدراته وطاقاته.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي