No Script

جودة الحياة

نتعايش بوعي مع التغيير حتى نعبر بنجاح

تصغير
تكبير

لا تسير الحياة على وتيرة واحدة وليس ثمة ضمانات لأحد بحياة مزدهرة ومستقرة تخلو من المتاعب، فلا بد إذاً من التأقلم مع المتغيرات التي تطرأ على حياتنا أو تُداهمنا فجأة دون مقدمات، لنستطيع مواصلة العيش والحياة ضمن المجتمع الإنساني. عُرف الإنسان منذ القدم بالخوف من المجهول وما يخبئه المستقبل والتوجس من كل جديد، وفي محاولاته للسيطرة على ظروف حياته سعى بلا كلل في تعلم المهارات والحرف التي تساعده على استكشاف المستقبل والتحكم في ظروف بيئته.
وطالما أن نهر الحياة لا يكف يوماً عن الجريان وهو زاخر بكل جديد فإن الأيام حبلى بالكثير، فقد تكون المتغيرات مثلاً في محيط بيئة العمل كالانتقال إلى درجة أعلى أو تغير مكان العمل أو حتى فقدان الوظيفة، أو ربما يكون تغييراً في الأفكار والخيارات الحياتية، وهنا يلزمني القول إن التغيير في الأفكار يستدعي جهداً ومرونة في التعاطي معه فهو من أصعب أنواع التغيير التي يمكن أن يمر بها أي إنسان، لأن تغير الأفكار بسبب اكتشاف خلل بالفكرة التي كنا نعتقد في صحتها مثلاً يتوقف على تجاربنا الحياتية ودرجة انفتاحنا على الأفكار الأخرى.
فإذا اكتشفت في لحظة ما أن المال ليس سبب السعادة في الحياة وأن ثمة أسباباً جوهرية أخرى، فإن ذلك يستدعي أن نغير أفكارنا المتعلقة بارتباط السعادة بالمال. إذاً ينبغي أن تكون لدينا خياراتنا في كل الأحوال لنستطيع التعامل بوعي مع التغيير لنكسب جولتنا مع الحياة، ويخسر كثيراً من لا يدرك أن الحياة أخذ وعطاء، وأن فيها لحظات الفرح والسعادة، والحياة مفتوحة دوماً على الاحتمالات النقيضة.
تقبل التغيير بوعي، وعش حياتك بحلوها ومرها، وتعامل مع محيطك بذكاء فتلك هي سنة الحياة، لا تهدر وقتك وسارع للاندماج في معترك الحياة ولا تلفت أبداً للماضي إلا لأخذ العبرة والدروس، فالحياة لن تتوقف لانتظار أحد، وهي ليست سهلة لتعيشها هكذا دون مُنغصات.
يعيش العالم الآن في خضم أزمة صحية كونية غيرت حياة الملايين وأفقدت آخرين حياتهم، من كان يصدق أن العالم سيعاني طويلاً من فيروس كورونا بعد التقدم الهائل في حقول الطب والصناعات الدوائية، لقد عشنا طوال الشهور الماضية لحظات عصيبة من الترقب والخوف جراء الفيروسات الخطيرة التي أطبقت على أنفاسنا فجأة دون مقدمات.
ربما ما زال الوقت مبكراً للقول إن العالم قد تجاوز أزمته الراهنة وغادر محطات الخوف والترقب، ولكن الأمل موجود دوماً بأننا سنعبر مهما كانت الصعاب وستعود حياتنا تدريجياً، فقط علينا توخي الحذر، وأن نتعايش مع الفيروس بوعي أثناء ممارستنا لحياتنا الطبيعية، فقد بدأ العالم يدرك ضرورة استئناف النشاط الاقتصادي حتى لا تسقط المجتمعات الإنسانية ضحية لأزمات أخرى ذات أبعاد معقدة جراء الاغلاق لأوجه الحياة.
إذاً لتستمر بنا الحياة علينا التكيف والتعايش بوعي مع المتغيرات المفاجئة التي تفرضها ظروف الحياة المعاصرة التي نعيشها حتى نعبر بنجاح، وألا نستسلم، فلا أحد يستطيع أن يدير عقارب الساعة إلى الوراء ليصحح أي قصور أو أخطاء، ولكن يمكننا البدء من جديد على أسس صحيحة.

Twitter : t_almutairi
Instagram: t_almutairii
talmutairi@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي