برغم العنوان، فالمقال لا علاقة له البتة بالحركات السلفية المنتشرة في أصقاع الأرض، وتلك الحركة الكويتية المسماة بالحركة السلفية العلمية - إن لم تزل موجودة - فالمقال يعرض لنظرتين أدعي بانطباق مفهوم السلفية عليهما اصطلاحا، ولو كانا على طرفي نقيض!
قبل الاسترسال، فالمقال ينطلق في دوافعه من خلال الاطلاع على العديد من البرامج التلفزيونية - واليوتيوبية - وما ينشر في الصحافة ووسائل التواصل الاجتماعي حول قضية الإلحاد وانتشارها في العالم ككل، وبداية تسربها على استحياء في مجتمعاتنا، أقول على استحياء، رغم أن العديد من الملحدين العرب قد بدأ ينشر أفكاره عبر اليوتيوب وغيره بكل جرأة ووضوح، خصوصاً إن كان غير مقيم في بلداننا.وأصارحكم بدهشتي الشديدة عند متابعتي لأطروحات الطرفين، المتشددين دينياً والمصطلح على تسميتهم بالسلفيين، والمتشددين إلحاداً أو في الاتجاه اللاديني، فالتشابه في طريقة تعاملهم مع النصوص والأحداث التاريخية الدينية لا تختلف شكلاً وإن اختلفت في التفاصيل، فالمتشددون لا يقبلون بغير نظرتهم الضيقة لتعريف الدين وحدوده وتطبيقاته، والمعسكر الآخر يتخذ من ذلك التشدد الديني والفهم الأوحد للدين والذي يقدمه المتشددون كدليل على تهافت فكرة الدين في أساسها معتمدين على نصوص المدرسة المتشددة والتي يختلط في أدبياتها الغث والسمين!
اللافت للنظر هو أن المتشدد في المعسكر اللاديني لا يقبل مني ومن غيري دفاعي عن التنوع في الأطروحات الدينية وتفسير وقائع التاريخ ويتهمني وأمثالي بتمييع النقاش واختلاق ما يناسبني لا علاقة له بالدين الحقيقي الذي ينتقده، وهو في ذلك يمارس ما يمارسه المتشدد الديني الذي لا يرى الجمال الذي أراه في تنوع أشكال الدين وطرائقه وصيغه المتعددة.