No Script

حوار / دربتُ وفداً من شرطة الكويت على «حبل المشنقة»

عشماوي لـ «الراي»: لا أتعاطف مع المجرمين... وأرفض إلغاء «الإعدام»

تصغير
تكبير
  • فخور بأنني موجود  في موسوعة «غينيس»  بـ 1070 حكماً 
  • تزوجتُ من 6 نساء  لم تتبق منهن إلا واحدة ولديّ 7 أولاد و17 حفيداً  
  • وظيفتي كانت سبباً  في شهرتي ودخولي السينما  وشاركت مع فريد شوقي  في «لعنة الزمن»

«عشماوي»... آخر ما يراه المجرمون قبل ملك الموت!
 فهو صاحب النظرات الحادة، ومُنفذ أحكام الإعدام في السجون المصرية، الذي يظنه الكثيرون شخصا عديم الرحمة وفاتر المشاعر، خصوصاً بتحركاته الجامدة وثباته اللافت عندما يلف حبل المشنقة حول أعناق المحكومين.
إنه الحاج حسين قرني حسين الفقي، صاحب لقب «أشهر عشماوي مصري»، وهو أقدم منفذي أحكام الإعدام في مصر، بل وفي الوطن العربي بأسره. نشأ في أسرة ميسورة الحال، بمدينة «سمنود» التابعة لمحافظة الغربية، وسط دلتا مصر، والتي كانت مسقط رأس رئيس وزراء مصر في حكومة الملك فاروق النحاس باشا، حيث كان والده يعمل تاجر غلال، ومحاصيل زراعية.


«الراي» التقت الفقي، حيث شدد على أن سبب إطلاق اسم «عشماوي مصر» عليه، نسبة لأول منفذ لحكم الإعدام في مصر، والذي كان يدعى أحمد عشماوي، لافتاً إلى أنه يؤمن بما يقوم به من عمل تنفيذاً لقضاء الله وإرادته، قائلاً: «إن ما أقوم به من وظيفة هو لتخليص المجتمع والناس من الأعضاء المارقين، وهذا ما يجعل ضميري مرتاحا». وكشف الفقي عن أنه نفذ طوال فترة عمله في قطاع مصلحة السجون 1070 حكماً بالإعدام، موضحاً أنه كان يتقاضى مكافأة عن كل حالة إعدام قدرها 20 جنيهاً لاغير، ثم زاد المبلغ بعد ذلك ليصبح 120 عن الحالة الواحدة. وألمح إلى أنه درب وفداً من شرطة الكويت، قبل سنوات طوال، وكانوا قد أتوا إلى مصر لتدريبهم على تنفيذ حكم الإعدام شنقاً.

• نعود إلى بدايات التحاقك بالعمل في وزارة الداخلية؟
- في العام 1967، عندما بلغت 17 عاماً، التحقت بالخدمة العسكرية وتم قبولي، وكنت راغباً في ذلك فأصبحت جنديا تابعاً لوزارة الداخلية. وقد كنت حريصاً على أداء واجبي على أكمل وجه، ولمدة خمس سنوات من الانضباط، وهذا ماجعل أحد قادتي الضباط يقدم لي نصيحته بأن أتقدم بالعمل بعد انتهاء فترة التجنيد كمتطوع في الشرطة.  
• وهل كان هناك إقبال على هذا العمل؟
- على الرغم من أنه في تلك الفترة كان الكثير من الشباب لايقبلون على مثل هذه الوظائف، وأحيانا يتهربون منها لقسوتها، إلا أنه كانت لديّ تطلعاتي الخاصة، وعملت بهذه الوظيفة وفضلتها على بقية الأعمال.
وهنا اندمجت في وظيفتي الجديدة وأحببتها، وكان مقر عملي الأول في مقر سجن الاستئناف بالقاهرة، وهو مازال وسط القاهرة حتى الآن.
• وعقب تقاعدك من عملك، هل تمت الاستعانة بك في تنفيذ أحكام الإعدام؟
- عادة ما تتواصل معي مصلحة السجون المصرية لأخذ الرأي في أمور الإعدام أو تقديم النصيحة للمكلفين الجدد. وأتذكر بالخير أن وفداً من شرطة دولة الكويت الشقيقة قد زارنا، وكانوا قد أتوا إلينا لتدريبهم على تنفيذ حكم الإعدام شنقاً، وأنا اليوم أحمل لهم ذكريات طيبة، وأتوجه إليهم بالتحية من خلال جريدة «الراي»، وأبعث لهم السلام حتى الآن.
• وما واقعة اللقاء بوزير الداخلية الأسبق اللواء حبيب العادلي... وما مناسبتها؟
- شهرتي الواسعة، حين كنت في عملي هي ما دفعتني لمقابلته، أكثر من مرة. وأول لقاء، كان تنفيذ حكم بالإعدام في حق خمسة ذئاب بشرية كانوا قد اغتصبوا بائعة مناديل بأتوبيس نقل عام، فقابلته عقب تنفيذ الحكم. ومرة أخرى قابلته عقب تنفيذي لحكم الإعدام في حق عشرة متهمين أجانب في قضية مخدرات كبرى، فطلب مقابلتي لمكافأتي بالذهاب لأداء شعائر الحج لتفاني في أداء واجباتي.
• وما سر نجاحك في هذه المهنة التي يراها الناس قاسية؟
- انني أؤمن بأن ما كنت أقوم به هو تنفيذ لقضاء الله وإرادته، وإن ما أقوم به من وظيفة هو لتخليص المجتمع والناس من الأعضاء المارقين، وهذا ما يجعل ضميري مرتاحا.
• هل مازلت تتذكر ما كنت تتقاضاه نظير تنفيذ حكم الإعدام؟
- كنت أتقاضى مكافأة عن كل حالة اعدام وهي مبلغ مالي زهيد يقدر بـ «20» جنيها، ثم زاد ليصبح 120 للحالة الواحدة، في نهاية فترة خدمتي.
• يقولون إنك تزوجت كثيراً... كم مرة تزوجت؟
- تزوجت 6 مرات وكلها زيجات ناجحة، وزوجاتي الخمسة توفاهن الله جميعهن، وأعيش حالياً مع السادسة عيشة مرضية والحمد لله، ولدي من الأبناء الذكور أربعة، ومن الإناث ثلاثة، ولي سبعة عشر حفيداً، وأعيش بينهم سعيدا.
• متى التحقت بهذه المهنة؟
- كان ذلك في مطلع السبعينيات، وبعد فترة وجيزة أمضيتها في بداية التحاقي بوظيفتي تم نقلي من سجن الاستئناف إلى سجن (قنا) في صعيد مصر، وفي تلك المحطة بدأوا في إعدادي لكي أنضم إلى الفريق الذي كان ينفذ أحكام الإعدام أو الشنق. ولأنني كنت أحب التميز، انخرطت في هذه الوظيفة حيث رأيت أن لها وقارها الخاص، وعرفت أنني لن أجد من ينافسني فيها من زملائي في الشرطة،  خصوصاً أنني رأيت أن مأمور السجن لا يقف لأحد إلا لمنفذ حكم الإعدام أو «عشماوي» كما يطلق عليه. وكنت في بداية اشتغالي بهذه المهمة أعمل على جلب المحكوم عليهم بالإعدام شنقاً حتى أوصله إلى منصة الإعدام، وكانت في تلك الفترة لا يوجد سوى خمسة «جلادين» هكذا كان يطلق على كل من شغل وظيفة المنفذ لحكم الاعدام.
• وهل يمكن أن نقول إن وظيفتك سبب شهرتك... وما سبب اختيارك في الأدوار الفنية؟
- كانت وظيفتي هذه سبباً في شهرتي ودخولي مجال السينما حيث من ضمن مشاركاتي بالافلام والتي كان اولها فيلم «لعنة الزمن» بطولة وحش الشاشة الفنان الراحل فريد شوقي، وكان يشاركه البطولة الفنان صلاح السعدني، إلى جانب مشاركتي في فيلم «امرأة آيلة للسقوط» بطولة الفنانة يسرا، وكذلك فيلم «القاتلة» للفنانة فيفي عبده. وكانت كل أدواري التي اقوم بها هي انني أجسد شخصيتي الحقيقية كعشماوي أو منفذ لحكم الإعدام في حق هذه الشخصيات. ومن المسلسلات والأعمال الدرامية التي شاركت فيها أيضا مسلسل «مريم» بطولة هيفاء وهبي، وشاركت أيضاً في أعمال درامية أخرى بطولة النجمة روبي، وشاركت الفنان هاني سلامة في أحد أعماله.
• ما أهم المواقف التي أثارت تعاطفك؟
- من المواقف التي تعاطفت معها وشعرت بأنها ظلمت، حين أتى أحد المتهمين، وكان يعمل مساعد شرطة بالإسكندرية، وكان قد جاء من صعيد مصر حديثاً، فباع أرضه، وبدأ يبحث عن قطعة أرض يشتريها ليبني عليها منزلاً له ولأسرته، ليستقر بجانب عمله الجديد، فوقع الاختيار على إحدى القطع واشتراها وكان عليها نزاع بين جيران.
وفي أحد الأيام توجه إلى عمله بقسم الشرطة، فجاءته رسالة من أحد جيرانه يخبره بأن جيرانه الذين يضايقونه تمكنوا من اختطاف ابنته وقاموا بإلقائها ببئر قريب من المنزل وأغلقوا عليها البئر في محاولة منهم لتهديده، وأرادوا أن يقتلوه على حين غرة.
لكنه تذكر أنه يحمل مسدسه الخاص بعمله، فاستله وأطلق عياراً نارياً منه في الهواء لإخافتهم لكنهم لم يتركوه، فقام باطلاق طلقة نارية أخرى في محاولة منه للدفاع عن النفس فاستقرت في رأس الشخص الذي كان يقوم بخنقه فوقع صريعاً.
وبدأت القضية يتم تداولها في المحكمة حتى حكم عليه بالإعدام شنقاً، بالرغم من أن ما قام به يعد دفاعاً عن النفس، فحين سمعت منه قصته قبل تنفيذ الحكم عليه شعرت بأنه مظلوم لكن هناك عمل سأقوم به لا محالة وهو تطبيق القانون.
وكانت هذه الحالة التي نالت تعاطفا كبيرا مني تجاهها وتم تنفيذ حكم الإعدام فيه، وبعدها بكيت لإحساسي بالظلم الواقع عليه.
• كم عدد الأحكام بالإعدام التي نفذتها؟
- نفذت طوال فترة عملي بقطاع مصلحة السجون 1070 حكماً بالإعدام، ونفذت منها حكماً بالإعدام في حق 2 من جيراني كانا متهمين في قضية ارهاب، لتفجيرهما «أتوبيس» لنقل السياح بمنطقة المتحف المصري في قلب ميدان التحرير، خلال التسعينات.
وقد طلبا مني أن يصلي كل منهما ركعتين قبل تنفيذ الحكم عليهما، وقد سمحت لهما فقمت بتوضئتهما وصلى كل واحد منهما وحده والعادة المتبعة في هذه الظروف أني أضع راحة يدي على الأرض ليضع جبينه عليها، في حالة سجود المتهم حتى لايؤذي جبينه أو يرطم رأسه بالأرض، مخافة أن ينتحر قبل تنفيذ الحكم عليه. وبعد الصلاة نفذت الحكم الصادر في حقهما.
• وبالنسبة لعدد النساء اللاتي نفذت بحقهن أحكام إعدام؟
- نفذت أحكاما بالإعدام بنسبة عشرين في المئة في حق سيدات من إجمالي عدد 1070حالة اعدام، وكن قد وُجهت إليهن تهماً بخطف وقتل الأطفال وخيانات زوجية وقتل عمد.
• ما أغرب أحكام الاعدام التي نفذتها في مسيرتك المهنية؟
- نفذت حكما بالإعدام في حق شابة جميلة جداً من محافظة الشرقية، كانت تعيش في رغد، لكن الشيطان سوّل لها قتل زوجها فقتلته، لاكتشافها خيانته لها.
• صف لنا حال المتهمين قبل تنفيذ الحكم عليهم؟
- الذين يساقون إلى منصة الإعدام البعض منهم يصاب بالخرس وأحيانا يصاب بالعمى من هول ما هو فيه من صدمة ومصير ينتظره لا محالة من ملاقاته.
• وما أشهر الأحكام التي نفذتها؟
- تنفيذ حكم الإعدام في حق الجاسوسة هبة سليم، وقد أتى طارق سليم ليأخذ جثتها عقب تنفيذ الحكم عليها، وهو شقيق الكابتن صالح سليم، فعلى مايبدو أنها كانت ترتبط بصلة قرابة معهما. حيث جاء طارق سليم وطلب بغسلها داخل السجن وأخرجها في التابوت ليدفنها مخافة أن يفتك بجثتها مشيعو جنازتها، لما ارتكبته من خيانة في حق وطنها.
ومن بعض الذين جاؤوا لينفذوا أحكاماً بالإعدام هم سيدة وزوجها وأخوها، قاموا بتشكيل عصابة لخطف الأطفال عقب خروجهم من المدرسة فيغرونهم بالشيكولاتة المخدرة، ثم يأخذون ضحاياهم إلى البيت ويقومون بقطع رؤوسهم ثم دفن أجسادهم بأحد الأماكن القريبة لبيوتهم، وكان ذلك باحدى المناطق التابعة لقسم شرطة طنطا التابع لمحافظة الغربية. أيضاً، كان أفراد العصابة يقومون بوضع رؤوس الأطفال في الماء المغلي حتى ينفصل الجلد واللحم عن عظام الجمجمة، وبعدها يقومون بتحميص الجمجمة بالفرن وبعدها يقومون بطحنها بالخلاط، حتى تصبح مسحوقاً ويقومون بإضافة هذا المسحوق إلى المواد المخدرة.
وكانوا يشترطون في هذه العملية الإجرامية الأطفال الصغار، لأن ادمغتهم تحتوي على كمية من المواد المخدرة التي لا توجد في غيرهم من الكبار، فقبض عليهم بعدما اكتشفت جريمتهم، وقمت بتنفيذ حكم الإعدام في حق الثلاثة وبيوم واحد. كما أتذكر إحدى قضايا الاغتصاب والقتل في حق أحد المتهمين الذي كان يعمل حارس أمن على مواد البناء بإحدى البنايات واغتصب طفلة ثم ألقاها من سطح بناية كانت قيد الإنشاء، وحين اكتشف أن الطفلة لاتزال على قيد الحياة قتلها بحجر، وقام بإلقائها بمجاري الصرف الصحي.
• هل اعترض ابناؤك على العمل بهذه المهنة؟
- بناتي نصحوني كثيراً بضرورة ترك مهنتي، خشية عدم زواجهن، لكننّي أقنعتهن أنني أعمل بمهنة شريفة، وتدر علي دخلاً جيداً، لتوفير حياة كريمة لنا، والحمد لله أنهن اقتنعن بكلامي، وقد تزوجن الواحدة تلو الأخرى.
• وهل هناك أخطاء يقع فيها المنفذ لحكم الإعدام؟
- نعم هناك أخطاء لكن بلا قصد، وهي أنه وعقب تنفيذه للحكم يصاب المحكوم عليه بالإعدام بالاختناق فيزرق جسده لاحتباس الدم به، وإن الصحيح هو ما إن يتدلى جسده من المشنقة يقطع الحبل الشوكي من الرقبة وتلك العملية لا تحدث إلا بعد كسر حبل المشنقة لرقبته فيفارق الحياة بالطريقة السليمة للشنق. ومن ضمن الأخطاء الفادحة والمزرية والتي حدثت بالفعل أمامي واستطعت بفضل الله معالجتها والتعامل معها هي حينما يكون المحكوم ضخم الجثة أو سمينا فإنه يتعرض أحياناً لأن تقطع رقبته لثقل جسده، ويظل المشنوق معلقاً قرابة ربع الساعة في الصيف بسبب ان الدماء تكون حارة وتتدفق كثيرا، إلى أن تتجمد دماؤه. أما في الشتاء ولبطء حركة الدماء فإنه يترك ما يقارب نصف الساعة متدلياً في حبل المشنقة.
• هناك نداءات عالمية لوقف أحكام الاعدام، هل تؤيد هذا القرار؟
- لايمكن إلغاء تلك العقوبة فهي عقوبة رادعة للمجرمين والأشقياء، لأن هناك مجرمين لايتوبون وأن عقابهم لابد أن يكون رادعاً، وإن العقاب الشافي هو تخليص المجتمع والناس من شرورهم.
• من الشخص الذي لمست فيه الثبات، وظهر كأنه غير مهتم؟
- الأكثر ثباتاً على منصة الإعدام قبيل وأثناء تنفيذ الحكم عليه هو عزت حنفي صاحب القضية المشهورة امبراطور النخيلة بمحافظة أسيوط في صعيد مصر. فلم تبد عليه علامات القلق أو الاضطراب، إنما كان واثقاً وكان يتكلم معنا وأحيانا يبتسم، إذ رفض أن أضع على وجهه شيئا يخفيه ونطق بالشهادتين. أما أخوه حمدان حنفي فقد كان عكسه تماماً، حيث بدا الخوف والارتباك على ملامحه، وكان يهذي قبيل الإعدام كأنما ذهب عقله.
• ماذا عن ترشيحك لموسوعة غينيس للأرقام القياسية؟
- لأنني نفذت عدد 1070 حكماً بالإعدام، فقد حققت رقماً قياسياً على المستويين العربي والعالمي، فأهلني بدخول موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي