No Script

«كورونا» يخلق تضامناً أممياً ومحلياً

تصغير
تكبير

بدأتْ مرحلة الهبوط في الإصابات بفيروس «كوفيد - 19»، للمرة الأولى في إيطاليا مع تسجيل حالات بنسبة 13 في المئة أقلّ من اليوم الفائت، وهو الرقم الأقل منذ 17 مارس الماضي.
كذلك أظهرت الإصابات في المناطق الشمالية، أقل عدد منذ بداية انتشار الفيروس. إلا أن المناطق الأخرى لا تزال تسجل صعوداً، ما يدلّ على أن السيطرة على الانتشار تتم من خلال الحجْر المنزلي الذي فُرض بصرامة في الشمال الإيطالي، البؤرة التي انتشر فيها الوباء في منطقة لومبارديا.
وفيما لا يزال المؤشر يسجل صعوداً مستمراً في إسبانيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، فإن هذا يؤكد أن التدابير تحدّ من الانتشار إذا التزم بها المجتمع وأن مؤشر الاصابات لا بد أن يبدأ بالتراجع بعد الانتشار الكثيف والصعود الذي لا مفرّ منه.


إلا أن للفيروس حسنات غير تنقية البيئة التي تلوثت على يد الإنسان على مر العقود. فقد بدأت طائرات روسية عملاقة بنقْل أكثر من 100 طن من المواد الطبية والأقنعة من الصين لدعم المستشفيات الفرنسية، في إطار جسر جوي، لمدة 15 يوماً.
وقد تذمّر عدد كبير من أطباء فرنسا من نقْص المعدات الطبية والأقنعة الواقية التي يجب استبدالها كل بضع ساعات من الاحتكاك مع المرضى. وهذا ليس كل شيء، فقد قال البروفيسور فيليب شارليي، مدير مركز الأبحاث الفرنسي، إن «الطبيب يعمل ليلاً ونهاراً ويُقدَّم إليه طبق بسيط من السميد ممزوجٌ بالتونا المعلّبة وقطعة صغيرة من الحلوى وخليط بسيط من الفواكه بعد ساعات طويلة من العمل في مستشفى «بيتييه سالبيتريير» الباريسي.
وأرسلت تركيا، أمس، تجهيزات طبية الى اسبانيا وايطاليا، البلدان الأوروبيان الأكثر تضرراً من التقشي.
وفي السياق، تبرع بنك إيطاليا بمبلغ 4 ملايين يورو لشراء معدات خاصة بالعناية الفائقة. وأعلنت الحكومة أنها ستقدّم بطاقات تموينية لشراء مواد غذائية بقيمة 400 يورو.
وأخطأت أوروبا بحق إيطاليا في الأسابيع الأولى لإصابتها بقوّة بالفيروس وتأخرت حتى الأسبوع الفائت - أي بعد أربعة أسابيع - قبل أن تبدأ بمساعدتها بعدما قدّمت الصين وكوبا وروسيا المساعدة الطبية لمناطقها الأكثر إصابة في الشمال.
وتتربّع إيطاليا على عرش الدول الأوروبية الأكثر إصابة، وتليها إسبانيا وفرنسا وإنكلترا وهولندا وبلجيكا ليبلغ إجمالي عدد الإصابات في القارة العجوز أقلّ من نصف مليون مصاب وأكثر من 32 ألف وفاة من أصل نحو 44 ألف وفاة عالمية طاولت 191 دولة.
وستصل فرنسا وإسبانيا وبلجيكا، إلى مستوى الانفجار أو الذروة في نهاية الأسبوع الجاري والأسبوع المقبل. وبدأت بلجيكا تستعدّ للأسوأ: فقد طلبت من الصين 16 مليون قناع طبي بعدما تسلمت خمسة ملايين. وأعطت الضوء الأخضر لمصانع الجعة والمقطرات وصانعي الكحول المعترف بهم لإنتاج معقّم يدوي بعدما ارتفع الطلب عليه بشدة.
وطوّرت بروكسيل تطبيقاً على الهاتف يُبْلِغ المواطنين بأعداد المنتظرين خارج مراكز الأغذية تحت اسم SHOP SAFE يُحَدَّث كل 5 دقائق. كذلك فعَّلت تطبيقاً على الإنترنت يطلب من كل فرد يعتبر نفسه مصاباً بالفيروس ويعاني عوارض طفيفة التبليغ عن عوارضه تدريجاً ويومياً ليصار إلى فحصه إذا اشتدّت العوارض عليه.
ولن تستطيع بلجيكا إخضاع كل المواطنين للفحوصات لأنها لا تملك 11 مليون اختبار لجميع سكانها. وكذلك فإن الاختبار صالح ما دام لم يخرج أي مواطن من المنزل لأي سبب من الأسباب. فإذا خرج حتى لشراء حاجياته فإن إعادة الفحص تصبح ضرورية. ولهذا اعتمدت فقط في الوقت الراهن فحص الذين تظهر عليهم عوارض شديدة تتطلّب الرعاية إلى أن ينخفض مستوى الذروة.
وقد أُحصيتْ في بلجيكا إصابات في أكثر من 53 منزلاً لكبار السن (دار العجزة) من أصل 146 منزلاً وبناء. وقد تغيّب نصف الممرّضين عن عملهم في هذه المباني لأن بعضهم أصيب والبعض الآخَر يخشى العدوى.
وسجلت بلجيكا إصابات تخطت 13 ألفاً، بينهم نحو 900 وفاة لأشخاص تبدأ أعمارهم من 25 عاماً، وتزداد نسبتهم بين مَن هم في الـ45 عاماً، لتكون النسبة الأعلى في الوفيات لمَن هم فوق الـ75 عاماً.
لقد أوجد الفيروس تضامناً أممياً تخطى العقوبات عند بعض الدول، وأقيمت الجسور الجوية بين البلدان وظهر التضامن المحلي بين الناس والمتموّنين لدعم أولئك الذين جلسوا في بيوتهم من دون عمل ليقدَّم لهم الطعام على الأقلّ إلى أن تنحسر العاصفة التي لن تطول.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي