No Script

عاينت «الفضيحة العقارية» وتقصَت «صندوقَها الأَسود»

«الراي» على «تلة الكويتيين» في عين بورضاي اللبنانية

تصغير
تكبير
  • الفضيحة العقارية  بطلها شقيقان لبنانيان  كانا مقيميْن  في الكويت  و«تَواريا» 
  • تلة عين بورضاي  موقع أخّاذ كأنها  في «عين السما»  تُفاخِر بعلوّها  ويلفها سكونٌ ثقيل 
  • مشروع التلة  على طريقةِ  تمخّض جبلٌ فولد  نحو 10 مبانٍ  متفاوتة الحال 
  • شخصية ذات سلطة  معنوية في المنطقة  مستعدة لـ «الوساطة»  ومعالجة القضية 
  • مصادر مسؤولة  في المجلس الشيعي  أبلغت «الراي» حرْصها  على لعب دور  يعيد للكويتيين حقوقهم 
  • «الصندوق الأسود»  للتلة يعود لديسمبر 2014  ولمهارة ترويجية...  فعلتْ فعلها 
  • أسئلة عن سرّ مشروعٍ  عقاري في منطقةٍ  يحكمها الفلتان والحرمان  ويصرخ أهلها... كفى 
  • تبخّر 70 ألف دينار  لبناء مسجد في التلة  جُمعت من أموال  الأيتام والجمعيات

ههنا «تلّةُ الكويتيين» في الربوعِ اللبنانيةِ ودهاليزِها الصعبة... اسمٌ على غير مسمى من «أشباه» مشروعٍ عقاري لم تكن فيه حصةُ كويتيين أكثر من بيوعاتٍ غامضة وبيوتاتٍ على الورق وأحلامٍ كأنها السراب ووعودٍ ذهبتْ غالبيّتها أدراج الرياح ومزيجٍ من عبقرياتِ الخيال والخداعِ في فن الترويج والتواري في بلادٍ سائبة... حتى إشعار آخر.
ههنا التلةُ الجميلة ذات الموقع الأخاذ في عين بورضاي، الهضبةُ المرتفعة كأنها في «عين السما» في إحدى نواحي بلدة بريتال الشهيرة، الشاكية دوماً من التشهير بها، جارة التاريخ المصابِ بذعرٍ يجعل هياكل بعلبك أشبه بهياكل عظمية من شدّة فلتانِ الحاضر... إنها أختُ الجبالِ مرفوعةِ الرأس فوق سهلِ البقاع المنبسطِ كالكفّ المزروع بتعبِ الفقراء وصيْحاتهم... كفى.
على مسافة 84 كيلومتراً من بيروت، تقع عين بورضاي التي تحوّلت يوماً «عاصمةً» لما عُرف بـ «ثورة الجياع» بقيادة الشيخ صبحي الطفيلي قبل ان يصبح الحرمانُ جمراً تحت الرماد. لم يسعفها وقوفُها على علو نحو 1200 متر فوق البحر في الاستمتاع بـ «الأفق المفتوح»، فاستمرّت كـ «أخواتها» في المنطقة مستودعَ عوزِ ويأسٍ وفوضى وهيمناتٍ في دولةٍ تُسَلِّم بعجْزها و... تدير ظهْرها.
وفي الطريق الى عين بورضاي ومشروعها المثير للجدل، وعلى خط العودة منها، وحدها المآسي في المرصاد... كثيرٌ من الدم والدموع سالا أخيراً في عزّ الفلتان والفوضى... طفلةٌ بعمر الورد (أربع سنوات) أَرْداها اشتباكٌ مروري، عمليةُ ثأرٍ أَوْدَتْ بعددٍ من الضحايا، وعصاباتُ خطْفٍ على طريقة أفلام «الأكشن»، وخطط أمنية موعودة لمطاردة 140 رأساً مافيوياً.
أول الحكاية تعود الى ديسمبر 2014، يوم وقف المدير العام لإحدى الشركات العقارية اللبنانية ع. ش في معرضٍ أقيم في الكويت، معلناً عن مشروعه السكني - السياحي الذي يضم 99 قسيمة مفرزة في ربوع منطقة عين بورضاي (بريتال) وبمساحة 192 ألف متر مربع، عارِضاً «لخصوصيته وخدماته المتكاملة للسائح الكويتي والمقيم اللبناني»، وكأن ثمة وحدة حال بين بورضاي وبروناي.
وبـ «مهارةٍ ترويجية» فعلت فعلها تحدّث ش. عن «لوحة الفصول الأربعة في عين بورضاي وموقعها البانورامي بالنسبة الى سلسلتيْ جبال لبنان الشرقية والغربية، وبينهما سهل البقاع، وبُعد المنطقة 3 دقائق عن قلعة بعلبك والسوق القديمة ومنتزه رأس العين ومطاعمه الفاخرة»، شارحاً كيف أن لبنان يحلّ بين أفضل 12 بلداً في الاستثمارات العقارية في العالم.
لم يستثنِ «الفخ» الذي نُصب لعددٍ غير محدَّد من الكويتيين في معرضِ «تجميلِ» المشروعِ الواقع على مرمى العين من مرقد السيدة خولا بنت الحسين على مدخل بعلبك، الكلام عن «الأسعار التنافسية للشقق السكنية المتعددة المساحة والفلل بحدائقها والإطلالات المميزة للأراضي المفرزة»، وعن الاستعانة بتقارير لـ «سافليس» و«كاندي اند كاندي» و«دويتشيه استس».
حَبْلُ الوعود كان طويلاً، كالطريق من بيروت الى بريتال، وما قيل في الـ 2014 بدا في غالبيّته مجرّد «حبرٍ على ورق» في الـ 2018... فها هي تلة الكويتيين، التي قصدتْها «الراي» وعايَنَتْها بأمّ العين بعدما تسلّقتْها عبر «مسودّةٍ» من الطرق الوعرة التي لم تعرف الزفت، مرْتفعٌ أجرد، شُيّدت فيه بضعة مساكن تقيم في غربةٍ وبين أحضانِ صمتٍ ثقيل يكسره أحد شهود العيان الذي روى «ما قلّ ودلّ مما يعرفه».
المشهدُ، المكشوفُ على جمالية الموقع والأوهام التي فَضَحَها الواقع، لم يكن مفاجئاً بعد الصراخ في الكويت والهمْس في لبنان عن فضيحةٍ عقارية أبطالها شقيقان لبنانيان كانا مقيميْن في الكويت و«تَواريا» في لبنان، فشركتهما لم تفِ بالتزاماتها وبتنفيذ العقود، المشوبةِ أساساً بـ «عيوبٍ»، فضاعت المفاتيحُ كما الأحلامُ بالبيوت الموعودة في الـ 2017.
ففي لحظة انطلاقنا الى البقاع، السهل الذي كان يوماً إهراءات لروما وصار اليوم عنواناً للحرمان والفلتان، لم نترك باباً إلا وطرقناه لمعرفة الخفايا من «مصادرها» من دون طائل. فالهاتفُ الصامتُ على سكوتِه، ومَن يعلم يُوارِب والعارفون من أصحاب النيات الحسنة يلمّحون الى رغبةٍ بـ «وساطةٍ»، فالجميع هنا ضنينون بالكويت وأهلها.
عمليةُ تَقصي الحقائق عن هذا الملف و«صندوقه الأسود» دفعتْنا الى الاستعانة بخبراء معنيين وبحقوقيين والى البحث في الدوائر العقارية اللبنانية التي تَبيّن في كشوفها الرسمية ان احد الأخوين (ع. ش) يملك في عين بورضاي 39 عقاراً، مساحة الواحد منها 2500 متر مربع، والآخر (ز. ش) باسمه عقار واحد بالمساحة عيْنها.
هذه الجرْدة الموثّقة تبيّن أن الأخوين يملكان مئة ألف متر مربّع وهي المساحة المصرَّح عنها باسمهما في الدوائر العقارية، وربما تكون هناك عقارات أخرى مملوكة منهما «مُوارَبةً» عبر شركاتٍ أفيد أن إحداها من الملّاك في التلة، في الوقت الذي يصعب إحصاء ما بيع الى الكويتيين من عقاراتِ الـ 99 قسيمةً مفْروزةً تشكلُ المساحةَ الإجمالية لمشروع «الحبر على الورَق».
لن يكون سهلاً إجراء «حصْر إرثٍ» لحجم المشكلة التي تنطوي، حسب خبراء ومعنيين، على ثلاثة ضروب من «الاحتيال والنصب وإساءة الأمانة»: تَقاضي أموال طائلة لبناء فلل وإنشاءات لم تُبن، عدم ردّ الأموال لأصحابها بعدما تبيّن أن الشركة لم تفِ بالتزاماتها وبمضمون العقود «الملغومة» أساساً، وإيهام الكويتيين بإمكان امتلاكهم مساحات تتجاوز المسموح به قانوناً وقيام الشركة ببيعها لأكثر من مستثمر في الوقت عيْنه.
ولم يكن في الإمكان انتظار الخطط الأمنية الموعودة لزيارة المنطقة والوقوف بـ «العين المجرّدة» على التلة وما يجري فيها. فالسجال كان على أشدّه في البلاد حول لمَن «الهيبة» في تلك النواحي: لمَن تَباهى بهم مسلسل تيم حسن الرمضاني - الذي أثار حفيظة أهالي بعلبك - الهرمل بسبب الإيحاء بان المنطقة خارجة على القانون تحكمها العصابات - أم للدولة التي استقالتْ أو أقيلت وما زالتْ فتبخّرتْ هيْبتُها ومعها الأمن والأمان؟
لم يَسْمع أهالي بريتال ومَن التقينا بهم في عين بورضاي بـ «تلة الكويتيين» إلا لماماً، وغالبيتُهم يجهلون موْقعها و«ملابساتها»، ما اضطرّنا للصعود «خبْط عشواء» الى أمكنةٍ افتراضية، الى ان نجحْنا في «القبض» على تلةٍ تفاخر بعلوّها عن نظيراتها في منطقةٍ تتمتّع بـ «أبّهةٍ» لجلوسها فوق جغرافيا كاشفة ومفتوحة على الملأ المترامي بعيداً.
عَبَرْنا بالقرب من مدرسة «الإيمان» (يرعاها الشيخ صبحي الطفيلي) واتجهنا نحو الأعالي عبر طرقٍ سرعان ما يفارقها الإسفلت لتصبح غير صالحة لعبور السيارات بسبب وعورتها. وكنا كلما ارتفعنا، انفتح المشهد على مساحاتٍ فسيحة من الجغرافيا «الشقية» الجرداء العارية إلا ان الشمس وغبار الكسارات تنهش الأرض وتنبش صخورها وتطحن تلك الطبيعة العذراء.
وفجأة تنقلب الصورة، بالانتقال من مقلب الى مقلب حين تقع العين على مجموعةٍ من البيوت المتفاوتة الحال على رأس إحدى التلال، كأنك بلغتَ واحةً من صحراء «لا حسّ ولا خبر فيها»... نعم إنها ما يسمى «تلة الكويتيين» بتأكيد أحد شهود العيان، الذي بدا كمَن يعرض المساعدة لتسهيل شراء قطعة أرض أو مبنى أو ما شابه.
حكايةٌ من هنا وروايةٌ من هناك، كلامٌ مموَّه وأحاديث على طريقة «اللبيب من الإشارة يَفهم»... كلها تؤكد المؤكد حول المشروع العقاري الذي توقّف في بدايته وتنصّل أصحابه من التزاماتهم وبيعهم أوهاماً والتصرّف بأراضٍ قبضوا ثمنها، فلا مشروع بالمعنى المتعارَف عليه ولا مَن يحزنون، وحتى من اشترى يريد أن يبيع.
وتتقاطع المعلومات التي أكدها أكثر من مصدر حول «فضيحة» ذات حساسية خاصة، فالقيّمون على المشروع قبضوا نحو 70 الف دينار لبناء مسجد في التلة، جُمعت من التبرعات وأموال الأيتام، فلم يتبيّن له أي أثَر... هكذا كان حال «بيت الله» فما أدراك ببيوت خلْقه، يعلّق أحدهم ممّن تسنى لهم سماع أخبار التلة بالتواتُر.
هذا بيتٌ لكويتي يريد بيْعه، هذه فيلا معروضة بمليون دولار، ذاك المسْكن اشتراه أحدهم اخيراً بـ 20 ألف دولار من احد «أخويْ» المشروع و... هكذا دواليك، وسط تَقاطُر أنباء عن دعاوى ووساطات وعروضِ تَدخُّلٍ من أكثر من جهة لـ «لمْلمة» هذه القضية التي يتعاطى معها البعض على أنها مسيئة للكويتيين واللبنانيين على حد سواء.
ومَن يقف على رأس التلة يكتشف وعن قُرب حقيقةَ الوعود الضائعة بين هذه التضاريس الجميلة... ما أُنجز لا يتجاوز الـ 10 مبانٍ، وبعض البيوت التي بوشر بتشييدها توقّف العملُ فيها قبل عامين لتتحوّل مجرد «ورش» عاطلة عن العمل، في حين أن العدد الأكبر من البيوت «الافتراضية» لم تَشهد «ضربة معول» واحدة، فالمشروع برمّته أحيل الى «التقاعد».
وعندما تسأل مَن تلتقيهم عن «الأخوين» اصحاب الشركة المتعهدة المشروع، غالباً ما تدفعك الإجابات الى الاستنتاج أنهما على طريقة «معلومين - مجهولين» او «موجودين وغير موجودين»، كأنهما «الشبح» تسمع عنه من دون ان تراه، فكل محاولاتنا للبحث عنهما لتمكينهما من عرْض وجهة نظرهما باءتْ بالفشل.
شخصيةٌ ذات سلطة معنوية في المنطقة أبدت استعدادها للمساعدة في حال تأمّنت معطياتٌ واضحة عن حجم المتضررين الكويتيين وطبيعة مشكلاتهم، «فما من أحد هنا (في المنطقة) يضمر الإساءة الى الكويتيين ونحن حريصون على المساعدة في التوصل الى حلّ من شأنه لملمة هذه القضية» بحسب هذه الشخصية.
وفي الاتجاه عيْنه، أبلغت مصادر مسؤولة في المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الى «الراي» حرصها على لعب دور الوساطة لمعالجة ما أمكن معالجته، ورغبتها في تَكوُّن ملفٍ للتحرك في ضوئه قضائياً أو عبر المساعي الحميدة، فالمهمّ في رأيها إحقاق الحق وحفْظ العلاقة الأخوية مع الكويتيين.
وبين النيات الحسنة لأطراف مستعدّة للعب دور الوسيط، وإمكان تحرُّك المتضررين قضائياً عبر المحاكم اللبنانية، ثمة أسئلة عن دور الدولة اللبنانية حيال قضيةٍ تمسّ حقوق رعايا دولة أخرى، وعن دور السفارة الكويتية في بيروت إزاء مشكلةٍ من هذا النوع طالت عدداً لا بأس به من مواطنيها.
فثمة انطباعٌ بأن «وضع اليد» على هذه القضية يحتاج «قراراً كبيراً»، خصوصاً ان التلة تقع في منطقة يشكو أهلها من غياب الدولة والقانون والأمن، وأن المَحاكم التي نصت العقود على أنها المرجع للبتّ في المنازعات القضائية تقع هي أيضاً في المنطقة عينها (بعلبك)، الأمر الذي يجعل الملف برمّته أسير «الأمر الواقع» المحكومِ بالفوضى والفلتان.هذه الصورة القاتمة، السلبية والمأسوية لا تضمر مبالغات... فمجلس الدفاع الأعلى كان انعقد خصيصاً أخيراً لمناقشة فائض الفلتان في المنطقة التي تشهد أحداثاً مريعة ووضع خطةً أمنية بوشر بتنفيذها قبل ساعات بعدما لوّح الأهالي بـ «انتفاضةٍ شعبية» ضدّ طغيان الفوضى والحرمان وتَفاقُم مظاهر التسيب.

 شركاتٌ تتعثّر أو «في الطريق» وتحذيراتٌ من «حافة الهاوية»

قطاع لبنان العقاري «يصْرخ»... فهل غادَر «منطقة الأمان»؟

يشكّل القطاع العقاري مرآةً للاقتصاد اللبناني، هو الذي يُعتبر ثاني أهمّ قطاع في «بلاد الأرز» بعد المصارف و«نقطة الجذب» الرئيسية للاستثمارات الخارجية المباشرة كونه «منطقة أمان» لطالما عزّزتْها «هالةٌ» اكتسَبَها على مرّ عقود على قاعدة إن سعر العقار في لبنان يرتفع ويجمد ولكنه لا يعرف «طريق النزول».
وفي الأسابيع الأخيرة، وعلى وقع انكشاف تَعثُّر أكثر من شركة للتطوير العقاري والتقارير المتزايدة عن صعوباتٍ تواجه عدداً آخر لا يُستهان به، خرجتْ الى العلن مؤشراتٌ كانت تعتمل في الكواليس حول أزمة يواجهها القطاع العقاري وقد تضعه على حافة الهاوية ما لم يتم تَدارُك المسار الانحداري المستمرّ منذ العام 2011 بفعل تأثيراتٍ متشابكة، بعضها بنيوي ذات صلة بـ «انتفاخه» في فترةٍ، أسعاراً وتَمدُّداً، مروراً بالبنية التشريعية والضريبية التي تحتاج الى تحديث وتعديل، وبعضها الآخر يتّصل بـ «كوابيس» السياسة و«الحرائق» المشتعلة في المنطقة و«موجات التوتر» في علاقات لبنان بدول الخليج والتي تَراجَع معها موقعه تدريجاً كوُجهةٍ استثمارية وسياحية.
واذا كان «جرس الإنذار» حيال ما يواجهه القطاع العقاري عموماً قُرع «على الملأ» بعد الكشف عن تَعثُّر شركة «سايفكو»، فإن معاودة ترتيب وضْع الأخيرة مع زبائنها في أعقاب ربْط ما تعرّضتْ له بتفاقُم الخلافات بين شركائها، لم يخفّف من وطأة المخاوف المتصاعدة حيال المسار الذي يسلكه قطاعٌ وصلت نسبة الاستثمارات الخارجية المباشرة فيه العام 2010 الى 70 في المئة وعَرَف «عصراً ذهبياً» امتدّ من العام 2000 ولغاية 2010، حيث شهد ارتفاعات كبيرة في الأسعار تعدّت أحياناً 25 في المئة، لتطلّ حال الركود والتراجع برأسها ابتداءً من العام 2011، اي مع بدايات الأزمة السورية، وتتزايد نسبتها في 2016 و2017 وصولاً الى الخشية على «صموده» في 2018.
وتتعدّد «مكوّنات» الأزمة في قطاع العقارات، والتي تشكّل عملياً واحدة من «عوارض» مجمل الركود في الاقتصاد اللبناني الذي بات رهينة مديونية بلغتْ 81.9 مليار دولار بعدما كان الدين العام 79.5 مليار نهاية 2017، وبنسبة 152.8 في المئة للناتج المحلي، وهي ثالث أكبر نسبة في العالم بحسب صندوق النقد الدولي الذي رَسَمَ قبل أيام قليلة صورةً قاتمة عن الواقع المالي والاقتصادي داعياً الى «ضبطٍ مالي فوري وكبير لتحسين القدرة على خدمة الدين»، ومعتبراً ان «المحرّكات التقليدية للنمو في لبنان تقبع تحت ضغط في ظل الأداء الضعيف لقطاعيْ العقارات والإنشاءات، ومن المستبعد أن يكون أي انتعاش قوي قريباً»، مجدداً تقديراته «لنمو اقتصادي منخفض بين 1 و1.5 في المئة في 2017 و2018»، مع توقُّعه للمستقبل «في ظل السياسات الحالية أن يزيد النمو تدريجاً صوب ثلاثة في المئة على المدى المتوسط».
ويمكن تحديد أسباب الأزمة التراكُمية في القطاع العقاري، الذي «يرفع الصوت عالياً» هذه الأيام داعياً الى حلولٍ تواكبها الحكومة العتيدة، بعد ولادتها التي يُراد لها ان تكون سريعة، والبرلمان، بالآتي:
• الوضع السياسي الداخلي الذي حكمتْه أزماتٌ متوالدة و«على دفعات» على وهج «الانفجار الإقليمي» وحتى قبله، بدءاً من الإطاحة بحكومة الرئيس سعد الحريري في يناير 2011، هو الذي يشكّل أحد مرتكزات «الثقة» بالواقع اللبناني، مروراً بالفراغ الرئاسي الذي استمرّ نحو 30 شهراً (بين 2014 و 2016)، وليس انتهاءً بتداعيات أزمة النزوح السوري (نحو 1.5 مليون نازح) الذي زاد الأعباء الاقتصادية والمالية على بلدٍ يعاني أساساً، الى مديونيته القياسية، من فسادٍ مستشرٍ يبدو غير قابل لـ «الترويض» هو الذي نال في فبراير الماضي معدل 28/100 على مؤشر مدركات الفساد لعام 2017 الصادر عن «منظمة الشفافية الدولية»، متراجعاً الى المرتبة 143 عالمياً من أصل 180 دولة يقيسها المؤشر، مقارنةً بالمرتبة 136 لعام 2016 من أصل 176 دولة.
• «العين الحمراء» الخليجية على لبنان، على خلفية أزمات المنطقة واتّهام دول الخليج لـ «حزب الله» بالتدخل في شؤونها عبر أدواره العسكرية والأمنية «العابرة للحدود»، الأمر الذي تَرافق مع منْع رعاياها من السفر الى لبنان وهو ما أثّر في حركة السياحة كما الاستثمارات.
وفي آخر تقاريرها السنوية عن تصنيف لبنان الذي نُشر قبل أيام، أشارت وكالة «موديز» الى حجم التأثير الخليجي في الاقتصاد اللبناني، اذ لفتت الى «ان الاستثمارات التي مصدرها الأساسي الإمارات والكويت والسعودية مثّلت 76 في المئة من مجمل التدفقات (التراكمية) البالغة 61 مليار دولار بين 2005 و2016»، وموضحة ان «دول الخليج لديها أكثر من 330 ألف مغترب لبناني وهي مصدر لتحويلات تمثّل بين 30 و40 في المئة من تحويلات المغتربين الإجمالية التي تمثّل بدورها نحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2016 مقارنة مع 25 في المئة العام 2004. وهذه التحويلات تشكّل مصدراً أساسياً لتعزيز دخل الأسر اللبنانية. وحصّة دول الخليج في السياحة اللبنانية تكاد تساوي حصّتها في التحويلات، إذ إن السياح من الدول العربية يعدّون المصدر الأساسي للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى لبنان، وهذا ما يجعل لبنان وثيق الصلة والأهمية مع دول الخليج والسعودية على وجه التحديد».
• تباطؤ النشاط الاقتصادي في لبنان على وقع تفاقُم مُشكلة الدين العام وتَسارُع نموّه وسط خلاصاتٍ تفضي اليها المقارنات بين نمو الدين ونمو الناتج المحلّي ومفادها أن النمو الاقتصادي لم يكن كافياً لامتصاص العجز في الموازنة ما أدّى إلى رفع الدين العام ومعه خدمة هذا الأخير، علماً ان رهاناً يسود على ان نجاح لبنان في تطبيق الإصلاحات التي تعهّد بها ونال على أساسها قروضاً ميسرة ومساعدات بقيمة نحو 11.5 مليار دولار في مؤتمر سيدر لدعم التنمية والاستثمارات الذي انعقد في باريس في ابريل الماضي سيضع البلاد على سكة النهوض المالي والاقتصادي.
• ارتفاع أسعار العقارات إلى مستويات غير مسبوقة في الفترة السابقة وبنسبة اعتبرها خبراء غير مبررة ما جعل قسماً كبيراً من اللبنانيين غير قادرين على التملك، وهو ما دفع البعض الى الحديث تباعاً عن ان لبنان قد يكون مقبلاً على «فقاعة عقارية» وأن «التصحيح آت».
• وقف القروض السكنية المدعومة من مصرف لبنان المركزي (عبر الهيئة العامة للإسكان ومصرف الإسكان) بفوائد منخفضة بعدما استنفدت المصارف سيولتها النقدية المخصصة لهذه القروض التي تستهدف الفئات المتوسطة والمحدودة الدخل، وهو ما يحذّر خبراء من انه ساهم الى حد كبير في توقف الشارين عن تسديد المستحقات للمطورين العقاريين وأصحاب العقارات، وخصوصا تلك التي لا تزال في طور الإنشاء ما يهدد بتعثّر شركات ويزيد من وتيرة الركود في قطاعٍ يشكل نحو ثلث الاقتصاد، إذ يبلغ حجمه نحو عشرين مليار دولار ويمثّل أكبر مكوّن في الناتج المحلي الإجمالي.
ووفق تقرير أوردته جريدة «النهار» قبل أيام فإن «70 شركة عقارية بدأ تعثّرها يظهر الى العلن و100 شركة تعاني التعثر بصمت في انتظارِ حلّ ينقذها».
• تَراجُع الطلب على الشقق الكبيرة التي تستهدف المغتربين أو الأجانب بسبب ارتفاع أسعارها وصعوبة جذْب المستثمرين في ظلّ ظروفٍ داخلية ترْفع نسبة «المَخاطر» المفتوحة على التحولات التي تقف على مشارفها الخريطة الجيوبوليتيكية للمنطقة.
• ما يعبّر عنه القيّمون على القطاع العقاري من مآخذ لجهة الحاجة الى تعديلات تشريعية وضريبية كفيلة بتحريك القطاع وبينها «إعفاء اللبنانيين الذين يحوّلون الأموال من المصارف الأجنبية الى المصارف اللبنانية من كلفة التسجيل وتسهيل إصدار الرخص» و«خفض الرسوم المرتفعة على التخمين والتسجيل»، داعين الى «سياسة إسكانية انقاذية للقطاع تشجع المغتربين والمقيمين على الشراء». علماً ان هؤلاء كانوا وراء اقتراح منْح إقامات دائمة لكل أجنبي (ولزوجته وأولاده القصّر) يتملّك وحدة سكنية ابتداءً من 500 ألف دولار في بيروت، و330 ألف دولار خارجها قبل ان يتم الطعن بهذا التشريع الذي جاء ضمن قانون موازنة 2018 بعدما قوبل بانتقادات وتحذيرات من ان يكون في سياق التمهيد لتوطين «مقنّع» للنازحين السوريين.
وفي حين يعتبر خبراء عقاريون ان هذا القطاع قد ينهار بسبب الأزمة الاقتصادية وليس العكس، داعين لترجمات سريعة للإصلاحات البنيوية والهيكلية التي تعهّد بها لبنان أمام مؤتمر «سيدر» لتفادي «الأسوأ»، ومحذّرين من «ان تعثر القطاع العقاري سينسحب على قطاعات أخرى، خصوصاً انه يشكل ما نسبته 35 الى 40 في المئة من الناتج المحلي (اصحاب العقارات والمطورون العقاريون والمقاولون)»، كما قال رئيس نقابة مقاولي الأشغال العامة والبناء مارون الحلو، فإن آخر الأرقام التي نُشرت حول نشاط هذا القطاع عكست تباطؤه المستمر.
وكشف التقرير السنوي لنقابة المهندسين تَراجُعاً في قابليّة المطوّرين العقاريّين تجاه الاستثمار في مشاريع عقاريّة جديدة في نطاق الأبنية السكنيّة في لبنان، اذ انخفضت حصّة الأبنية السكنيّة من مجموع الأبنية الجديدة في لبنان من 82.30 في المئة العام 2016 إلى 79.46 في المئة في العام 2017.
كما تراجعتْ مساحات رخص البناء للأبنية الجديدة والإضافات من 7.50 ملايين متر مربّع في العام 2016 إلى 6.85 ملايين متر مربّع في العام 2017. وانخفضت المساحات الإجماليّة لرخص البناء من نحو 9.94 ملايين متر مربّع إلى 9.27 ملايين متر مربّع، وهو أدنى مستوى لها منذ العام 2011 على الأقّل.
وبحسب «مهندسي الشمال» في لبنان فـ «إن قطاع المقاولات يشكّل نسبة تراوح بين 20 في المئة و25 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ويبلغ حجم القطاع العقاري ما بين 10 و14 مليارات دولار، إلا أن هذا الرقم مرشح للانخفاض مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية التي أدت الى تراجع رخص البناء، وتراكُم الشقق غير المباعة، وتضاعُف عدد المحال التجارية المعروضة للايجار. وقد شهدنا انخفاضاً لأسعار للشقق السكنية قيد الإنشاء لعام 2017 بـ1.8 في المئة».
وحسب تقريرٍ اقتصادي لـ «بنك الاعتماد اللبناني»، فقد انخفض عدد معاملات المبيع العقاريّة بنسب 20.45 في المئة خلال ابريل 2018 إلى 3470 معاملة، من 4362 معاملة في مارس. كذلك تراجعت قيمة المعاملات العقاريّة بنسبة 35.54 في المئة على أساسٍ شهريّ إلى 0.45 مليار دولار من 0.70 مليار دولار في مارس، لينكمش بذلك متوسط قيمة المعاملة العقاريّة الواحدة بنسبة 18.97 في المئة خلال ابريل من 159554 دولاراً إلى 129280 دولاراً.
أمّا على صعيدٍ تراكميّ، فقد انخفض عدد المعاملات العقاريّة بنسبة 23.14 في المئة سنويّاً إلى 17651 معاملة خلال الأشهُر الأربعة الأولى من العام الحالي، من 22966 في الفترة ذاتها من العام الفائت. كما تراجعت قيمة معاملات المبيع العقاريّة بنسبة 19.74 في المئة إلى 2.46 ملياري دولار.
ووفق التقرير نفسه فإن حصّة الأجانب من عمليّات المبيع العقاريّة زادت إلى 2.08 في المئة حتّى شهر ابريل من العام الحالي، من 1.85 في المئة نهاية 2017.
واستناداً إلى إحصاءات نقابة المهندسين، تراجعتْ مساحات البناء المرخّصة بنسبة 13.63 في المئة سنويّاً إلى 2849042 متراً مربّعاً خلال الأربعة أشهُر الأولى من 2018، مقابل 3298632 متراً مربّعاً في الفترة ذاتها من 2017.

«الراي» حاورتْه عن «المشكلة والحل»

تابت: المتضرّرون تعرضوا لـ «إساءة أمانة واحتيال»

«الراي» حملتْ ما تَيسّر من ملف «تلة الكويتيين» وملابساته الى أحد المحامين الأكفاء المشهود لهم بالمهنية والمصداقية في عالم القانون، في محاولة للإضاءة على الجوانب الحقوقية المتصلة بالمتضررين، وخريطة الطريق «الصعبة» التي يمكن اعتمادها على المستوى القضائي، فقصدت المحامي سمير تابت سعياً لتكوين صورة عن «المشكلة والحل» في قضيةٍ طرفاها في لبنان والكويت وملفّها يشتمل على عقود وعقارات وأموال وتعهّدات لم يَجرِ الوفاء بها.
في «ألف باء» هذه القضية، في رأي تابت انه «وفقاً لقانون اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان (وباستثناء الفلسطينيين الذين لا يحق لهم التملك وفق الدستور حرصاً على حقهم بالعودة الى ديارهم) يحقّ للعائلة الواحدة (المؤلفة من الأب والأم والأولاد القصر) تَملُّك ثلاثة آلاف متر مربّع في كل لبنان من دون ترخيص، وتَملّك ما يزيد عن هذه المساحة (3 آلاف متر مربع) يستوجب ترخيصاً من مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير المال يَصدر بموجب مرسوم».
ويلفت تابت الى انه يَظهر من أحد العقود (حصلت عليه «الراي») المتصلة بمشروع «تلة الكويتيين» ان المتضرّرين اشتروا من الشركة العقارية، «وحسب ما يُفهم ويُقرأ بين السطور ان الشركة لا تملك عقارات بينما الملكية هي باسم الأفراد (الشقيقان) الذين يملكون الشركة»، وتالياً في رأيه فإن الشارين تعرضوا لجرميْ إساءة أمانة واحتيال «فما دام هناك تسليم وتسلم أموال بغية شراء عقارات وتشييد مبانٍ، نكون أمام جرميْن: احتيال وإساءة أمانة سنداً لأحكام المادة 655 والمادة 670 من قانون العقوبات اللبناني».
وبإزاء هذا الواقع، فإن الدعوى، حسب تابت تقام في حال حصول نزاع أمام المحكمة الناظرة في مكان وجود العقار أو في المنطقة حيث يقيم المدّعى عليه ما لم يكن ينص العقد على خلاف ذلك «والواضح في أحد العقود التي تسنى لنا الاطلاع عليها انه تم تحديد محاكم بعلبك للنظر في أي نزاع».
وحيال ما يشاع عن انه جرى إقناع المستثمرين الكويتيين بشراء مساحات أكبر من تلك التي يسمح بها القانون اللبناني وترْكها في عهدة الشركة وأصحابها بأساليب معينة، يوضح تابت انه «إذا جرى التعاقد او شراء مساحة تزيد عما يسمح به القانون، فيُعدّ هذا العمل باطلاً بطلاناً مطلقاً وبحكم غير الموجود. وفي هكذا حال يُعاقب كل من شارك في العمل او أقدم عليه او تدخّل فيه كالسماسرة مثلاً، كما يشمل العقاب الموظفين الرسميين الذين قاموا بالتصديق او التسجيل في حال كانوا على علم بالأمر، وتنص العقوبة في مثل هذه الحال على الأشغال الشاقة الموقتة وغرامة تراوح بين قيمة المشترى وثلاثة أضعاف قيمته»، مشيراً الى انه «لا يجوز ايضاً التعاقد لمصلحة شخص أجنبي (غير لبناني) بواسطة شخص مستعار للتهرب من أحكام قانون اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان، ويُعتبر باطلاً كل بند او تعهّد يقوم به شخص لتنفيذ عمل مخالِف للقانون»، ولافتاً الى انه «إذا كان هناك أشخاص عدة غير لبنانيين، أكانوا اشخاصاً طبيعيين او معنويين (شركات)، فبإمكانهم عقد اتفاقات، كل واحد ضمن قيمة حصته لإنشاء حق عيني عقاري، أي أنه يمكن لستة أشخاص، على سبيل المثال، إقامة مبنى لكل واحد منهم حصته فيه».
وحين نسأل تابت عن الثغر القانونية التي تعتري نموذجاً عن احد العقود التي وصلتْنا بـ «التواتر»، يقول وبعد «قراءة اولية» سريعة لمضمونه: «بحسب الظاهر فهو عقد مقاولة، والطرف الأول (المشتري) تملّك العقار الذي أصبح باسمه ونظّم وكالة للطرف الثاني، اي للشركة، للقيام بمقاولة بناء ما اتفقوا عليه». ويضيف: «في الواقع لم يكن من لزوم لما ورد في العقد حول تسليم الطرف الأول العقار للطرف الثاني، فكلمة تسليم العقار في غير موقعها، وكان يفترض بالطرف الأول تنظيم وكالة للثاني تخوّله الحصول على الرخص اللازمة القانونية»، ناصحاً المستثمرين العرب والأجانب «التأكد من مضمون الوكالة ونصّها ومحتواها. وأنصحهم بضرورة مراجعة شخص قانوني قبل الإقبال على أي عمل من هذا النوع».
وتوقف تابت عند عبارة وردت في العقد عن ان «مدة العقد ثمانية أشهر من تاريخ الحصول على رخصة البناء (...)» قائلاً «الاشارة الى مهلة الـ 8 أشهر من تاريخ الحصول على الرخصة، مسألة مبهمة، فالحصول على الرخصة قد يستغرق أشهراً ويمكن ان يستغرق سنتين وثلاثة او خمس. كان يجب تحديد مهلة واضحة للحصول على الرخصة، وتالياً لإنجاز البناء في وقت معيّن وربْط الأمر بتسديد بند جزائي غير موجود في العقد ولم يؤتَ على ذكره».
ويتبين من السياق العام للعقد، في رأي تابت، «ان الطرف الثاني على بينة من الأمور كافة، أما الطرف الأول، أي المشتري فـ حَسَن النية وليست لديه اي خبرة في الموضوع، الأمر الذي كان يستلزم من الأخير الاستعانة بمكتب محاماة على دراية بقضايا من هذا النوع».
وهل في الامكان الحجز على أموال الشقيقين في إطار أي دعوى لمقاضاتهما؟ يجيب: «ما من إمكان لذلك لان عقد المقاولة موقّع من الشركة لا من الشقيقين، والشركة محدودة المسؤولية، اي أن الأعضاء او الشركاء فيها غير مسؤولين بأملاكهم الخاصة أو عن أخطائهم الشخصية، وتالياً فالشركة هي المسؤولة، وفي حال لم تكن لديها أملاك باسمها فكيف يمكن ملاحقتها؟ ويكون الأمر خلاف ذلك اذا تبيّن ان الشركة تملك عقارات او غيرها باسمها».
ويكشف المحامي عن مسألة في غاية الأهمية، في سياق ردّه على سؤال عما إذا كان المُستثمر الذي اشترى أرْضاً على أساس أن يتمّ تطوير بناء عليها ولم يُصَر الى إنجازه، هل يصبح عملياً مالك الأرض؟ اذ يقول انه «بحسب المادة 11 المعدّلة من القانون 296 تاريخ 3-4-2001، أي قانون اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان، يحق للشخص الطبيعي تملك عقار على ان يقوم بإنجاز بناء عليه في مهلة خمس سنوات من تاريخ التسجيل في السجل العقاري قابلة للتمديد مرة واحدة بقرار من مجلس الوزراء، وهو الأمر عينه الذي يطبق على الأشخاص المعنويين»، منبهاً الى انه «اذا لم يُنجز البناء على العقار في ضوء هذه المهل فإن الحقّ سيكون عرضة للسقوط اذ تقوم وزارة المال ببيع العقار وإعادة كامل الثمن لأصحابه مضافاً إليه النفقات القانونية، وما تعدى قيمته يُصادر لمصلحة الخزينة».
وفي إمكان المتضرّرين التقدم بدعاوى إفرادية او بدعوى جماعية بوجه الشرِكة المقاوِلة في حال كان العقار الواحد مملوكاً من مالكين عدة. وفي رأي تابت «يمكن ان يتحرّك المتضررون مالكو العقارات في دعاوى فردية تسهيلاً للبتّ بها، أي إذا كان المتضررون المشترون مجموعة أشخاص مالكين لنفس العقار بإمكانهم إقامة دعوى معاً ضدّ المقاول».
ويقترح تابت على المتضررين إجراءات استباقية ممكنة لحفظ حقوقهم «ففي حال كانت الشركة تملك عقارات يصار الى إلقاء الحجز على أملاكها، واذ لم تكن تملك ينبغي إقامة دعاوى جزائية عليها وعلى مديرها المسؤول بالتكافل والتضامن وذلك بجرم إساءة الأمانة والاحتيال».

حوار /  «الراي» تحدثتْ إلى أمين سر جمعية مطوّري العقار اللبناني

فارس: يمكننا أن نكون حكَماً بين الفريقين بموافقتهما

لفهْم المزيد من الجوانب السلبية التي يمكن ان تعتري القطاع العقاري والآليات التي يفترض اتباعها تجنُّباً لوقوع «ضحايا» جراء عمليات يحْكمها سوء الأمانة والاحتيال أو أي شوائب أخرى، كان لـ «الراي» الحوار الآتي مع منسّق التحالف العقاري اللبناني، أمين سر جمعية مطوّري العقار اللبناني REAL مسعد فارس:

• ما الملابسات القانونية لوقوع المستثمرين، كما في الحالة التي نحن بصددها، في فخ الاحتيال؟
- أفضّل أن يكون الجواب من محامٍ في ما يتعلق بالملابسات القانونية، مع أنني شبه متأكد من أن القانون يطول المحتالين، ولكن لا يحمي المشتري الذي لا يملك أي وثائق اثباتية. يُعاقب المحتال بالتأكيد شرط أن تتوافر الاثباتات. لذلك الأفضل أن يجيب محامٍ على الشق القانوني.
• ما الطريق الآمنة التي على المستثمر سلوكها تفادياً للمشكلات؟
- مثلما نقول دائماً، على المستثمر الاستعانة بمحامٍ للأمور القانونية، وبوسيط عقاري مسجّل في نقابة الوسطاء والاستشاريين العقاريين في لبنان REAL للاستشارات في الأمور التجارية، وللتقصّي عن تفاصيل أي عملية يودّ القيام بها. فالعمل مع الوسطاء المسجّلين يضمن للمستثمر صحّة ودقّة أي تفاصيل متعلقة بعملية الشراء من دعايات وكتالوغات وأفلام تشرح عن المشاريع، ودائماً العودة الى محامٍ للتأكد من صحة أي مستند قانوني.
• هل من دور لجمعيتكم في معالجة مشكلة من النوع الذي نحن بصدده؟
- لدينا مشروع قانون مقدّم الى مجلس النواب ونحن بانتظار البتّ فيه. ولسوء الحظ قبل حصول ذلك، ليس لنقابتنا REAL أي سلطة قانونية لمعالجة مشكلة كهذه. حالياً باستطاعتنا المساعدة الوديّة، يمكننا أن نكون حكَماً بين الفريقين اذا كان كلاهما موافقاً. انما أكرّر أنه لو كانوا قد استشاروا النقابة قبل العملية لكنّا أطلعناهم أن هناك مشكلة معيّنة أو أقلّه أخذنا لهم الضمانات اللازمة والوثائق الصحيحة لتكون قضيتهم الآن أقوى ممّا هي عليه.
• مَن يتحمل مسؤولية وجود ظواهر مسيئة في القطاع العقاري في لبنان؟
- القطاع العقاري اللبناني الذي عانى ولا يزال يعاني الضغوط منذ العام 2011 لم تَظْهر فيه سوى 3 الى 4 ظواهر قد تسيء اليه وتحزننا كثيراً، ولكن نؤكّد لكم أن هذا الضغط على سوقنا العقارية لو كان على السوق الأميركية أو أي سوق أخرى لكانت انهارت منذ زمن. وهذا تحديداً ما شهدناه في 2008. سنتان من الضغط على السوق الأميركية تسببتْ بانهيار عالمي. ومَن يتحمّل المسؤولية هو مُرتكب الاحتيال بنفسه وهو يُلاحق قانونياً، والقوانين اللبنانية تنصّ على عقوبات صارمة في هذا الصدد.
• ما حجم الاستثمارات الكويتية في القطاع العقاري في لبنان؟
- الاستثمارات الكويتية في القطاع العقاري اللبناني هي نحو 750 مليون دولار.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي