No Script

نسمات

المواطنون... «البدون»!

تصغير
تكبير

قال لي صديقي العزيز بنبرة حزينة: «أشعر بأننا في هذا البلد لا قيمة لنا، بل نحن أصفار على الشمال!».
قلت له: «كلامك غريب، لماذا تقول هذا الكلام؟!».
قال: «ألا ترى بأننا بالرغم من مؤهلاتنا العالية وخبراتنا الطويلة إلا أننا لا مكان لنا في هذه الدولة، ولا تتم استشارتنا في أي شيء ولا أخذ رأينا حتى في القضايا العامة التي تهم المواطن؟!».


وأضاف: «هناك المسؤولون الذين يأتون بهم بالبراشوتات من دون اشتراط خبرة ولا كفاءة، ولا يحاسبونهم على ما يفعلون، ثم يقوم هؤلاء المسؤولون باتخاذ قرارات (قرقوشية) من دون مشاورة لأحد، فيقربون مَن يشاؤون ويبعدون مَن يشاؤون، وينتظرون من الناس الوقوف على أبوابهم لتقديم شعائر الولاء والطاعة!
وإذا جاء موعد الترقيات والعلاوات، تدخّل هؤلاء المسؤولون بكل ثقلهم لمكافأة ربعهم - حتى وإن لم يكونوا من أهل الثقة - بينما المخلصون الذين يفنون أعمارهم في خدمة أوطانهم يتم استبعادهم وتقديم الآخرين عليهم»!
وتابع: «حتى إبداء الرأي والنقد المهذب للمسؤولين يعتبرونه طعناً فيهم ويبعدون الذين يتجرأون على ذلك النقد ويعاقبونهم أشد العقوبات»!
قلت لصديقي: «ولكن هنالك تكافؤ فرص في تعيين المناصب العليا!» فرد عليّ غاضباً: «هل أنت مقتنع بهذا الكلام الفارغ؟! دعنا نستعرض كل من تم تعيينه في غالبية المناصب القيادية خلال العشرين سنة الماضية لتتأكد بأن سياسة (هذا ولدنا) تنطبق على 90 في المئة من المناصب القيادية في الدولة!
بل حتى التشكيل الوزاري الذي أصبح يتكرر بشكل شبه سنوي أصبح محطة تجارب للحكومة، وكثيراً ما نفاجأ بوزراء جدد ليس لديهم أي خبرة أو مواصفات تبرهن على كفاءتهم»!
وأكمل: «وكثيراً ما يأتي الوزير الجديد لينسف كل ما بناه من قبله ويعيّن مجموعة من أصدقائه الذين وعدهم سابقاً بتلك المناصب!
أما قوانين (من أين لك هذا؟) ومحاسبة القياديين، فكلها مازالت وعوداً منذ عشرات السنين ولا يجرؤ المجلس ولا الحكومة على إقرارها لأن الجميع مستفيد من عدم إقرارها!
بل حتى آلاف الحالات التي تم إرسالها للعلاج السياحي في الخارج كانت في أغلبها لمصلحة مجموعة من النواب، بينما المستحقون لتلك الخدمات يقفون بعيداً ليستجدوا المسؤولين من دون نتيجة»!
قلت لصديقي: «ولكن لماذا لا نقوم بمخاطبة نوابنا للحصول على حقوقنا؟!».
أجابني: «عن أي نواب تتحدث؟! وهل لدينا نواب يمثلوننا حقاً أم أننا قد أصبحنا كالأيتام على مائدة اللئام؟!.
إن غالبية النواب لا يمثلون إلا أنفسهم ولا يعملون إلا لمصالحهم، وقد ساندتهم الحكومة بتغيير النظام الانتخابي بحيث لا يملك المواطن غير صوته الذي يتحيّر لمن يعطيه في الانتخابات!
ثم زادت الحكومة بركاتها بمحاولات شراء النواب وذممهم عن طريق الأعطيات الكثيرة، ومنعت محاسبتهم بحجة عدم وجود تشريع يجرّم ذلك!
إذاً هل صدقت أخي العزيز أننا في هذا البلد لا نمثّل إلا فئة (المواطنين البدون؟!)».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي