No Script

خواطر صعلوك

ما دلالة الـ 2 في المئة إنسانياً؟

تصغير
تكبير

تُعرض علينا كل يوم إحصاءات «كورونا»، عالمياً ومحلياً، فنجد أنفسنا ننظر لأصحاب الرقم الكبير المصابين بالفيروس ونلقي عليهم الضوء أكثر من غيرهم، ثم نذهب لحالات الشفاء، مفعمين بالأمل... أما الرقم الصغير فلا نلتفت إليه كثيراً، رغم أنه الرقم الأكثر دلالة... لأنه رقم الوفاة وما يصاحبه من حزن.
ما هي دلالة الـ2 في المئة إنسانياً والتي لم نشعر بها؟
عزيزي القارئ...في ظل الحظرين الكلي والجزئي وإجراءات الدفن والعزاء والمشاركة في الصبر والسلوان، نجد أننا أمام صرخة مكتومة، وانسحاق للداخل من أهالي الذين توفوا جراء فيروس كورونا، الذين ودّعوا أحبابهم مبكراً، وكل شيء عند الله بقدر، ولكن يا له من ألم... أب وأم يموتان... أم وابنتها ترحلان بعد معاناة في العناية المركزة... اختفاء المُعيل... الجد... الأحفاد والأبناء الذين يُتّموا... أبناء يموتون في دول غربية وأمهاتهم في دول عربية... غرباء يموتون بعيداً عن أرضهم... وأهل لهم يموتون في بلادهم وإحساس بالعجز حتى في دفنهم.


تسليط الضوء على 2 في المئة هي قمة الإنسانية... أما المصابون، فالناجون منهم أكثر من غيرهم، والذين عبروا أكثر بكثير من الذين خُطفوا.
ولديّ مجموعة أسئلة...
الـ2 في المئة هل هم شهداء؟ هل يستحق أهاليهم معاملتهم معاملة الشهيد؟
وهل فقط يعتبر شهيداً مَن مات من الطاقم الطبي أم أنها شهادة للجميع؟
والناس الذين ملأوا الشرفات والشبابيك بالغناء والرقص والزينة والإبداعات العالمية... هل كانوا يشعرون بالأمل في الحياة ونزعة أنانية من دون أن يشعروا بنهر الحزن المنساب تحتهم ويمثله أهالي الـ2 في المئة؟
والأغاني التي غناها فنانون عن «كورونا»، هل كانوا يشعرون أنهم يعزفون على جراح آخرين؟
لماذا انتشرت السخرية من «كورونا» وليس الدعاء؟
ماذا يحدث مع أهالي الـ2 في المئة؟
إن الموضوع برمته مثل تعرّض رجل لحادث سيارة في الشارع... فقطعت ذراعه، وحين اجتمع الناس حوله أثناء انتظار وصول سيارة الإسعاف، أخرج الرجل منديلا لكي يحجب ذراعه المقطوعة من نظرات الآخرين إليه.
إن عدم ظهور الحزن والأسى من أهالي الـ2 في المئة الذين توفاهم الله، لا يعني عدم وجود هذا الحزن، ولكنه محجوب عن نظرات الآخرين... لأن الآخرين مفعمون بالأمل.
كل ما أطلبه... هو أن ننظر إلى الرقم الكبير والصغير معاً... فكلنا معرّضون لأن نكون ضمن الـ2 في المئة أو حولهم.
وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله... أبتر.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي