No Script

طريقتها التقليدية في إدارة الأزمة أنهكت الموازنة... وجيب المواطن

ارتفاع أسعار السكن... تعددت الأسباب والحكومة مسؤولة

تصغير
تكبير

العوضي:
السكن العامودي في «كمبوندات» بالمناطق الداخلية... الحل الأمثل

استمرار الحكومة  في طريقتها النمطية يفاقم الأزمة ويزيد جنون الأسعار 

السميط:
1000 متر في مناطق داخلية  تصل لمليوني دينار

الطلب عند المستويات السعرية نوعي... ولا يشمل المواطنين كافة

الشرهان:
ضرورة تغليظ الحكومة لعقوبات الشركات  التي تتملك سكناً خاصاً

تحرير الأراضي التي تقع تحت السلطة النفطية والعسكرية



فيما يعدد المعنيون بالشأن العقاري أسباب انفجار أزمة ارتفاع أسعار السكن الخاص وعدم قدرة الكثير من المواطنين على تملك بيت العمر، يتفقون على تحميل الحكومة المسؤولية الكاملة، لأكثر من سبب أبرزها احتكارالدولة للأراضي.
وحسب هؤلاء المعنيون تظهر مسؤولية الحكومة عن ارتفاع أسعار المنازل في إدارة الملف الإسكاني بالتقليدية والنمطية التي تكلف الدولة أموالاً طائلة، وتعمّق الأزمة بدلاً من أن تحلها، فيما يمكن للحكومة العمل بطرق أخرى مبتكرة تحقّق المعادلة الصعبة، وتركّز على تحفيز المواطنين على تملك الشقق السكنية، ما يخفف عبء الملف الإسكاني بتقليل حجم الإنفاق على إنشاء المدن الجديدة، ويطفئ نار القروض التي اشتعلت جيوب المواطنين.
وتمتد مسؤولية الحكومة إلى أعمالها الرقابية على السوق العقاري، خصوصاً وأن عدم تفعيل بعض القوانين وعدم تشديد الرقابة من قبل الأجهزة المعنية، دفع إلى ممارسات احتكارية من قبل بعض الشركات التي تمسك الأراضي في أماكن بعينها، بالتحايل على القانون.
ويأتي ذلك وسط مطالبات بضرورة أن تغلّظ الحكومة عقوبات تملك الشركات للسكن الخاص تحت أي غطاء كان، وذلك للمحافظة عليه بعيداً عن الممارسات التجارية الصماء التي لا تركّز إلا على الربح على حساب حاجة المواطن.

أساليب العلاج
من ناحيته، يرى عضو مجلس إدارة اتحاد العقاريين، الرئيس التنفيذي في شركة أعيان العقارية، إبراهيم العوضي، أن الحكومة السبب الرئيسي في الأزمة الإسكانية باتباعها أساليب العلاج النمطية غير المبتكرة في هذا الملف الحساس، إذ تعمل وفق إستراتيجيات تُثقل كاهلها وكاهل المواطن في آن واحد.
ولفت إلى أن قدرة الدولة على تنفيذ المشروعات الإسكانية وطريقة تفكيرها النمطية التي لم تتغير منذ تأسيس المؤسسة العامة للرعاية السكنية، ولا تتواءم مع عدد الطلبات المتاحة التي يتضاعف عددها بمرور الوقت، زاد من حدة الأزمة، خصوصاً وأن عدد الشركات المتخصصة القادرة على إنجاز المدن الإسكانية بشكل نموذجي ضئيل، ما يستدعي الاستعانة بشركات وخبرات عالمية من خلال وكلاء محليين.
وأشار العوضي إلى أن الطريقة التقليدية للدولة في إنجاز مشروعاتها الإسكانية باتت مرهقة للموازنة العامة من جهة إعداد البنى التحتية للمناطق الجديدة والتي تتكلف أموالاً طائلة، سواءً للتقسيم أو تجهيز الأرض وتوصيل المرافق من ماء وكهرباء، كما أنها مرهقة أيضاً لجيب المواطن ذي الدخل المحدود المثقل بالديون والملزم بسداد قرض الإسكان من جهة أخرى، وهي الطريقة التي تتنافى والاستدامة المالية للدولة.
ونوه إلى أن الحل الأمثل في تلك الحالة هو لجوء الحكومة إلى السكن العامودي (عمارات)، من خلال إنشاء «كمبوندات» بمواصفات خاصة في المناطق الداخلية كبديل عن إنشاء المدن الجديدة البعيدة عن مناطق التمركز العمراني، الأمر الذي سيحقق منفعة مشتركة للمواطنين وللدولة.
وذكر أن المنفعة الأولى تتحقق للدولة، إذ لن تكون مطالبة بإنشاء مدن جديدة ذات تكلفة مليارية للبنى التحتية ويستغرق تنفيذها سنوات طويلة، موضحاً ان من فوائد ذلك  تمكين الدولة من تلبية حاجة المواطنين بصورة أسرع من إنجاز المدن، كما ستحقق وفراً مالياً يضمن استمرارها في توفير تلك الميزة للمواطنين، ناهيك عن أنها لن تكون مطالبة في تلك الحالة بتوفير الدعم للمواد الإنشائية أو القرض الاسكاني، مع توفير فرص تجارية داخل «الكمبوندات» تحقق عوائد إضافية للدولة، سواء عبر التأجير أو طرحها كاستثمار للمواطنين.
وأشار العوضي إلى أن المواطن سيتمكن من الحصول على وحدة سكنية بمساحة مناسبة في وقت قياسي، ستتوافر لها ما يتمتع به السكن الخاص من خصوصية، إذ ستكون كافة الخدمات متوافرة بـ«الكمبوندات»، كما أنه لن يدخل في دائرة دَين أخرى ولن يتحمل عناء الانتظار حتى تخصيص الأرض وبدء عملية البناء.
وقال إن الدولة مطالبة بتقديم مزايا تشجيعية للمواطن للسكن في البناء العامودي من خلال إلغاء قرض الإسكان، بحيث يتمكن المواطن من تملك السكن بدون تحمل سداد القرض الإسكاني، مع توفير دعومات أخرى للمواطن الراغب في السكن العامودي، وآلية لتشجيعه على ذلك، لأن الأمر بالنهاية سيكون أقل تكلفة على الدولة.
وحذر من أن استمرار الحكومة في العمل بطريقتها التقليدية سيتسبب في تفاقم الأزمة وجنون الأسعار، بدفع من تضاعف عدد الطلبات الإسكانية التي قد تصل إلى 250 ألفاً خلال الـ10 سنوات المقبلة، منوهاً إلى أن الحكومة يجب أن تعمل على محور آخر يتمثل في تحرير الأراضي، ليعمل السوق وفق معطياته الطبيعية، لا سيما أنه يشهد حالة غير عادية من الطلب في ظل قلة المعروض، في حين أنه مع تحرير الحكومة للأراضي سيصبح هناك وفرة في المعروض، الأمر الذي سيقود بالتبعية نحو انخفاض أسعار العقارات القائمة والأراضي الموجودة في الأماكن السكنية المأهولة.

وعود الحكومة
أما رئيس مجلس الإدارة في شركة الأبراج المتحدة القابضة، أحمد السميط، فيرى أن احتكار الأراضي من قبل بعض التجار، وإمساك العديد من الجهات الحكومية لأراض شاسعة من دون تحريرها، إضافة إلى عدم التزام الحكومة بوعودها في الملف الإسكاني، على رأس العوامل التي ساهمت في وصول أسعار الأراضي السكنية إلى قيم مبالغ فيها.
وأشار إلى أن هناك نوعا من التميز للمناطق ما بعد الدائري الرابع وصولاً إلى العاصمة، إذ يرتكز هذا التميز بصورة رئيسية على ابتعادها عن الزحام، وسهولة الوصول إلى أماكن العمل في العاصمة بسهولة، مستدركاً «الأمر لا يعني أن يتجاوز متوسط سعر قطعة الأرض بمساحة 1000 متر فيها المليون دينار وصولاً إلى مليونين حسب موقع ومميزات القسيمة».
ونوه إلى أن بلوغ الأراضي في تلك المناطق هذا المستوى السعري نتيجة وجود طلب عليها، لكنه طلب نوعي لا يشمل كافة المواطنين، إذ يأتي من بعض الفئات التي تتوافر لديها الإمكانيات المادية للتملك عند هذه المستويات السعرية، لأغراض مختلفة سواء بعضها سكني، وآخر بغرض تحقيق عائد إيرادي من خلال التأجير، وثالث بهدف الاستثمار متوسط وطويل الأجل، الذي يعتمد على تعظيم القيمة الرأسمالية للعقار، الأمر الذي يساهم في إمساك الأراضي والعقارات في تلك المناطق من قبل تلك الفئة القليلة من المواطنين.
وقال السميط إن ذلك يأتي إلى جانب تداولات التجار في تلك المناطق، والتي تدخل فيها فئات محددة منهم، يتمتعون بتوافر معدلات سيولة عالية جاهزة لاقتناص أي فرصة، إذ تُعد أكثر ربحاً بالنسبة لهم، ما دفع بصورة طبيعية إلى وجود عمليات احتكارية للكثير من الأراضي في تلك المناطق من قبل تجار بصورة غير معلنة.
وأكد أن المناطق ما بعد الدائري الرابع، وخصوصاً مناطق جنوب السرة تشهد فرقاً سعرياً كبيراً مقارنة بمناطق مثل الخالدية والعديلية والشويخ وغيرها، مبيناً أن تشريع القانونين 8 و 9 لسنة 2008 وإلزام ملاك الأراضي بدفع رسوم للأراضي المحتكرة جاء مقابل التزام الحكومة بإطلاق 3 مدن اسكانية في ذلك الوقت، لكن الحكومة لم تف بوعودها، ما ساعد في تضاعف عدد الطلبات الاسكانية من 50 ألف طلب إلى ما يفوق الـ100 ألف خلال سنوات قليلة.

ممارسات احتكارية
بدوره، أكد رئيس مجلس إدارة الاتحاد الكويتي لوسطاء العقار، فيصل الشرهان، أن عدم تفعيل بعض القوانين المتعلقة بقطاع العقار وتشديد الرقابة عليه، دفع نحو ظهور ممارسات احتكارية من قبل بعض الشركات التي تحتكر الأراضي في أماكن بعينها، تحت غطاء من أفراد
ولفت الشرهان إلى أن لهذه الطريقة أثرها السلبي على الأسعار، إذ إن أغراض الشركات بصورة تلقائية ستكون استثمارية بحتة هادفة لتحقيق الربح، ما يعني أن همها الأول والأخير هو تعظيم قيمة استثمارها بارتفاع سعر العقار المستحوذ عليه، وهو الأمر الذي ينعكس سلباً على الأفراد الراغبين في تملك تلك العقارات بغرض السكن، ويوجد حالة من تضارب المصالح بين ممارسات الشركات غير القانونية وحاجات المواطنين العاديين، إذ سيجدون الأسعار ترتفع بصورة دائمة وغير مبررة.
وشدد على ضرورة ألا يكون هناك ملكية لأرض فضاء تتجاوز الـ5 سنوات، فإما الاستفادة منها من خلال البناء، أو تحريرها من خلال عملية إعادة البيع، ليستفيد منها مواطن آخر يريد بناء السكن الخاص به.
ونوه الشرهان إلى أن العامل الأهم في علاج أزمة السكن يتمثل في تحرير الأراضي الحكومية التي تقع تحت سلطة القطاعين النفطي والعسكري، إذ يستحوذان على نسبة كبيرة من الأراضي بعضها يتواجد داخل المناطق الداخلية المأهولة بالسكان، وسيكون من الأجدى أن يُعاد تنظيمها بطريقة أخرى.
وحول إعادة التنظيم، لفت إلى أن القطاع العسكري لا يحتاج للتواجد في المناطق الداخلية نظراً لطبيعة عمله الخاصة، مبيناً أن تحرير هذه الأراضي وتحويلها لمدن مناسبة يزيد من حجم العقارات المعروضة بالسوق، ما يقلل معدلات الطلب العالية، ومن ثم انخفاض الأسعار.
وأكد ضرورة قيام الحكومة بتغليظ عقوبات تملك الشركات للسكن الخاص تحت أي غطاء كان، مع تحقيق المعادلة الصعبة من خلال ضمان حرية تداول تلك العقارات بين المواطنين وعدم تقييدها بحدود تملك لجهة عدد العقارات المملوكة لشخص واحد، طالما أنها لا تستخدم كنشاط استثماري بحت.

4 مرتكزات للحل

أشار العوضي إلى أنه يتعين ابتكار حلول سهلة وبسيطة، ترتكز على 4 عوامل رئيسية:

1 - التحفيز بإيجاد عرض مغر للمواطن يحقق من خلاله ما يريده من تملك وحدة سكنية تلبي تطلعاته.
2 - خفض التكاليف، إذ يجب أن يتضمن الحل خفضاً للتكاليف التي تتحملها الموازنة العامة للدولة ضماناً لاستدامة السكن للأجيال المقبلة.
3 - جيب المواطن، حيث يجب أن يراعي الحل المبتكر أن غالبية الشعب من الموظفين ودخولهم معروفة ومحددة، ناهيك عن أن نسبة ليست بالقليلة مدينون.
4 - تغيير الثقافة، فلا بد أن يغير العديد من المواطنين ثقافتهم تجاه السكن ونوعيته.

مزايا للسكن العمودي

1
يمكّن الحكومة من تلبية حاجة المواطنين بصورة أسرع وتحقيق وفر مالي

2
ضمان استمرار توفير الميزة للمواطنين... فتكلفة الشقة أقل بكثير من البيت

3
المواطن لن يدخل في دائرة دَين أخرى أو يحمل عناء انتظار التخصيص والبناء

 

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي