No Script

حوار / بعد قرار هجره للمسلسل الأكثر مُشاهَدة

عباس النوري لـ «الراي»: «باب الحارة» صدّر الكثير من النجوم «بطعمة وبلا طعمة»

u0639u0628u0627u0633 u0627u0644u0646u0648u0631u064a
عباس النوري
تصغير
تكبير
  • «باب الحارة» صنع لي مخفراً واعتقلني 
  • أُجريتْ بعض التعديلات على «ترجمان الأشواق» للتعسّف الرقابي 
  • لا نريد أن نتحوّل دراما موالاة ودراما معارضة

أعلن الممثل السوري عباس النوري أنه هجر المسلسل الأكثر شهرة «باب الحارة»، مؤكداً أنه اعتذر بهدوء من المُنْتِج الجديد الذي بات يملك كل حقوقه، وبعد إقصاء بسام الملا عنه بقرار قضائي، معتبراً إلى أن المسلسل «صدّر الكثير من النجوم... بطعمة وبلا طعمة».
ولكن النوري سيطل في رمضان 2019 من خلال مسلسل «ترجمان الأشواق» الذي سيبصر النور، بعد معركة قاسية مع الرقابة، انتهت بإعادة منْتجته وإجراء تعديلات عليه، لن تحول دون أن يتصدّر السباق الرمضاني المقبل.
وفي الحوار الآتي مع «الراي»، يتحدّث النوري عن «إقفاله الباب» على «باب الحارة» وعن مشاريعه المستقبلية وعناوين أخرى:

? أعلنتَ غيابك عن مسلسل «باب الحارة» بشكل صريح. ما الأسباب التي دفعتك الى اتخاذ هذا القرار؟
- «باب الحارة» عمل تراثي فولكلوري وليس عملاً تاريخياً، وهو يحاكي الوجدان العام والعادات والتقاليد التي كانت موجودة. ولكن تكرارها أَفْقَدَ المسلسل روْنقه، وكان يجب أن يعتمد على حكايا تتضمّن جاذبية مختلفة، وهذا كان مطلبي الرئيسي من الجهات المُشْرِفة عليه، ولذلك غبتُ عنه في فترة من الفترات بسبب خلافي مع المُنْتِج الرئيسي بسام الملا.
الملا، الذي هو صاحب العمل قطعاً، بالرغم من أنه تم الاستيلاء عليه من قبل مُنْتِج آخر بعدما حصل على حقوقه القضائية والقانونية. وهذا المُنْتِج عرض عليّ المشاركة فيه بالطريقة التي أريدها، وفتح لي الأبواب، ولكنني رفضتُ واعتذرت بهدوء، لأنني كنت قد اتفقتُ مع بسام الملا، وهو الأجدر بالعمل، أن يسير باتجاه تقديم ما هو جديد أكثر مما هو مدهش، ولكنني لم أنجح معه بتحقيق هذه المعادلة، فكيف الحال مع المُنْتِج الآخر.
? ولكن المُنْتِج الثاني قَبِل بشروطك كافة؟
- نعم، ولكنني لا أثق بهذا العمل، لأنه أصبح عبارة عن فخّ لإثبات الجدارة، وباباً لتحقيق النجومية على أكتاف اسمه. «باب الحارة» صدّر الكثير من النجوم «نجوم بطعمة ونجوم بلا طعمة»، وهو تحوّل ماكينة إعلامية لتصدير النجوم قبل أن يكون عملاً فنياً. وأنا خارج «باب الحارة» نهائياً.
? وكم تدين إلى «باب الحارة» بصناعة لقبك الفني «أبو عصام»؟
- هو صنع لي مخفراً واعتقلني. أنا قدّمتُ الكثير من الأدوار المهمّة خارج شخصية «أبو عصام»، ولكن الناس يتمسّكون بها ويقولون «أبو عصام الطبيب» أو «أبو عصام المحامي» أو «أبو عصام المُناضِل».
? وهل يُزْعِجك ذلك؟
- بل أحترم المزاج الشعبي الذي يحب شخصية «أبو عصام»، الذي تأكد حضوره بالرغم من غيابه. هو غاب في الجزء الثالث والرابع والخامس عن «باب الحارة»، ولكنه بقي البطل الأوحد. ثم غيّبه بسام الملا تماماً في الجزء العاشر، قبل أن يحصل الخلاف القضائي مع المُنْتِج الآخر الذي أخذ حقوقه، والذي له معادلة تجارية معينة وأَسْقطه من حساباته. وربما يبرّر غيابه بالموت أو المرض أو السجن.
? وماذا تحضّر لرمضان 2019؟
- مسلسل «ترجمان الأشواق» الذي تم تصويره قبل نحو عام ونصف العام، ولكنه لم يُعرض بسبب التعسف الرقابي الكبير عليه، وحصل حوار ساخن مع الرقابة، ونجح المُخْرج بإعادة المونتاج وأجرى بعض التعديلات عليه.
? وهل يمكن أن تُفْقِد هذه التعديلات من قيمته؟
- مهما كانت التعديلات فإنه سيكون من أفضل الأعمال التي ستُعرض في رمضان. هو عمل متميز جداً بالرغم من أن جمهوره خارج ثقافة المُشاهِد الرمضاني. هو عمل دسم، يحكي قصة سجين سياسي، وعملياً يتناول المسلسل كيفية قراءة الثقافة للواقع المرير للأزمة السورية.
? وكيف انعكستْ تداعيات الأزمة السورية على الدراما؟
- مَن ينظر إلى الدراما السورية قبل الأزمة، سيرى حجم الانحدار الذي وصلتْ إليه، ولكن هذا لا يعني أنه لا توجد استثناءات. هناك محاولات، وهي جديرة بالاحترام، رغم أنني أختلف بالرؤية معها مع أنني أحد صنّاعها. المسؤولية كبيرة على الفنان والمثقف، والفنان الذي لا يتمتع برؤية ثقافية، هو كمَن يحفر بحثاً عن الماء في بئر جافة، لا ينتج عنها سوى الرمال.
بعد التشظي الذي حصل في المشهد الفني السوري، غادر الكثير من الفنانين لدواعٍ أمنية أو سياسية أو شخصية، وأنا أسمّيها دواعي وطنية، بصرف النظر سواء كانوا مع النظام أو ضده. قبل الأزمة، الكل في سورية كانوا مع الدولة ومؤسساتها، يحافظون عليها ويعملون فيها، ويحترمون القوانين والنظام العام للدولة وإن كانوا يختلفون معه، وأنا كنت واحداً ممّن كانوا يختلفون مع عمل المؤسسات ويطالبون بالأجْود والأفضل ومحاربة الفساد وما زلتُ كذلك. نحن لا نريد أن نتحوّل، بعد فقدان مجموعة وجوه مهمة من الفنانين، إلى دراما موالاة ودراما معارضة، بل نريد تقديم رؤية للتاريخ، وليس للدولة أو المعارضة. نحن أمام التاريخ ولسنا أمام حُسن سلوك هذه الجهة أو تلك، وشهادتنا في هذه المرحلة ستقدّر قيمتنا أو تنفيها. ومع أن الدولة فتحت صدرها للجميع، ولكن لا يوجد في سورية حتى الآن عمل نشط على الصعيد الثقافي لاستيعاب هذا الاختلاف عند الكثير من المثقفين والفنانين الذين غادروا لدواعٍ وطنية. نحن بحاجة لاستيعاب هؤلاء، وأنا قبل الأزمة كنت أختلف مع الكثيرين قبل أن يغادروا البلد، وكان خلافنا طبيعياً، ويحمل رؤى وينضج بالأجْود، أما اليوم فتحولت الخلافات من فنية إلى شخصية.
? «باب الحارة» مسلسل بسيط ولكنه يحقق نسبة مشاهدة عالية جداً، فكيف يمكن تحقيق المعادلة بين تقديم عمل بمستوى جيد، ويجنّب في الوقت نفسه المُنْتِج الخسارة؟
- «باب الحارة»، يعيد إنتاج قيَم وعادات وتقاليد كانت سائدة في زمن معيّن، وارتفاع نسبة مشاهدته تشير إلى أن ثقافة المُشاهد تريد استعادة هذه القيم والتقاليد بطريقة من الطرق. لكن المُشاهد نفسه يشاهد أعمالاً أخرى هي كالحلم بالنسبة إليه، كما يحصل في الأعمال التركية، عندما تخبر الفتاة والدَها «أنا حامل من دون زواج» ويكون رده «عالجي أمورك مع حبيبك». هناك مشكلة حقيقية تتعلق بثقافة المُشاهد، وتحقيق المعادلة يكون بتقديم فن راق وسهل يصل إلى فئة كبيرة من الناس. أعمال البيئة هي فخّ، لأننا لو أردْنا مناقشتها لتطوير القيم فيها، فسينقلب الناس لأن الغالبية تريد العادات والتقاليد المُحافِظة.
? بعد «ترجمان الأشواق» لم تصوّر أي عمل، فهل هذا يعني أنك لا تهتمّ لمشكلة الابتعاد؟
- بل أعاني من مشكلة كبيرة. الخيارات هي التي تتحكم بي، وقد اعتذرتُ عن الكثير من الأعمال، وكنت أختار أفضل السيئ. أما الآن، فيفرض علينا ما هو أسوأ من السوء.
? والحل؟
- الحل يأتي مع الزمن، لأن التطور موجود ولو بشكل بطيء.
? ما أكثر ما يعصبّك في الفن؟
- الأمية. وأتجنب كل محاجَجة مع الأميين. لا يجوز أن يتخلى الفنان عن مسؤولياته، وفي الوقت نفسه لا يجوز أن يغرق فيها إلى درجة أن يصبح مشروعاً سياسياً أو فكرياً. هو فنان وعليه أن يقدّم متعة في قراءته لأي شيء في الواقع.
? وهل نجحتَ في ذلك؟
- لا أعرف. أرى ملامح النجاح في بعض الأعمال، وأهمّها بالنسبة إلى الجمهور الأعمال البيئية. الناس لا يريدون أن يُخْرِجوني من شخصية «أبو عصام»، وأعتقد أنها من علامات النجاح، وأيضاً شخصية «محمود الفوال» في «أيام شامية» و«المعلم عمر» في «ليالي الصالحية»، لكنني قدّمت أيضاً العام 2008 عملاً بمستوى عالمي هو مسلسل «الاجتياح»، وهو المسلسل العربي الوحيد الذي فاز بالجائزة الذهبية الأولى في «إيمي أواردز». لكنني لست «لعّيب» إعلام وإلا كنتُ تحدثت عنها كثيراً لكنها موجودة.
? مسلسل «الهيبة» يشكل حالة جماهيرية فهل يمكن القول إن الأعمال الأكثر مُشاهدَة هي بالضرورة الأعمال الأفضل؟
- يجب أن نعترف بأن شباك التذاكر هو الحَكَم وهو الذي يؤسس لإقامة علاقة بين المُنْتِج الفني وبين الجمهور. هذا في السينما، لكن المشكلة مع التلفزيون أنه لا يوجد شباك تذاكر، وشباك التذاكر فيه هو نسبة المُشاهَدة التي تحتل المرتبة الأولى في تحديد نجاح العمل من عدمه، مهما كان مستواه الفني. «باب الحارة» مسلسل بسيط وسهل وربما «الهيبة» مثله. وهذه الأعمال تعتمد على عوامل مختلفة في نجاحها. مثلاً «باب الحارة» اعتمد حالة بلاد الشام وبيئتها والشخصيات والكاركتيرات، فأحبها الناس وحققت نسبة مشاهدة، ولكن الناس يمكن أن يحبوا كاركتيرات أخرى، كالذي يقدّمه تيم حسن في «الهيبة».
تيم نجم محبوب ويملك قاعدة جماهيرية، والناس يعرفون أن خياراته ستكون محط جذب، ولكن هذه تُعدّ واحدة من الأفخاخ التي يمكن أن يقع فيها الفنان، ولذلك عليه أن يتجنّب التكرار. ربما العمل يزيد من شهرته ويحقق نسبة مُشاهدَة، ولكن في لحظة ما، يمكن أن يمنعه من تقديم ما يشتهيه.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي