No Script

أصبوحة

المُنتَج الوطني

تصغير
تكبير

نحن ناجحون جداً في تدمير ماضينا، ومحو ذاكرتنا من الأشياء الجميلة، نحن ننجح وباستمرار بالتخلص من إرثنا المادي والمعنوي، وتغيير بيئتنا إلى الأسوأ، ففي الماضي كان لدينا ثلاث بيئات مميزة، بيئة بحرية وأخرى برية وثالثة قروية، وهذه البيئات تم تدميرها، فأصبح لدينا بحر ملوث بأسماكه النافقة، وبيئة صحراوية مليئة بالمخلفات قاحلة بلا نباتاتها الصحراوية ونويرها، وكانت لدينا بيئة قروية جميلة، تزرع فيها الخضروات والبرسيم وغيرها، ولكنها دمرت واختفت من الوجود والتاريخ.
وقد تم ردم الآبار وجرف المزارع، وبناء مساكن وأبنية اسمنتية مكانها، بينما كانت هذه المزارع تشكل اكتفاء ذاتياً لسكان الكويت، أو على الأقل تلبي الجزء الأكبر من الحاجات، ومثلما تم محو الأبنية التراثية، تم كذلك محو القرى الكويتية، وأصبحت الكويت مستوردة للخضار والفواكه.
لقد قضت العقلية التجارية السطحية على المدينة القديمة، والبيئة القروية التاريخية، لكن في خطوة لتشجيع تنمية الثروة الزراعية والحيوانية، وزعت الحكومة حيازات على المواطنين الراغبين، وبالفعل ومع مرور الوقت، أصبح المنتج المحلي من الزراعة، له مكانة في الأسواق والجمعيات التعاونية، ويلبي حاجات المواطنين من الخضروات بأسعار مناسبة، إضافة إلى أنه طازج حيث يزرع محلياً، ولا ينقل من بلدان ومسافات بعيدة.
ولكن عقلية الجشع التجاري، أهملت المنتج الكويتي وفضلت المستورد منه، بل وأغرقت السوق به، ووصل الجشع إلى مضاعفة سعر المنتج الوطني، رغم أنه يباع في المزادات بأفلاس قليلة، وهذا ما دعا المزارعين إلى توزيع الخضار مجاناً على الناس في خطوة احتجاجية.
وعلينا أن نتذكر أنه أثناء الاحتلال البغيض، أنقذت مطاحن الدقيق الأسر الصامدة، وأمدتهم بالخبز وهو سلعة لا يمكن الاستغناء عنها، والآن مع أجواء التوتر الإقليمي العالي، ونذر الحرب التي تلوح في الأفق، نحن بحاجة إلى دعم المنتج الوطني بتنوعه السمكي والزراعي والحيواني، فالمقلق ما أوردته الصحف، بأن المخزون الغذائي لا يكفي سوى لستة أشهر.
إذاً، كيف نصدق الشعارات المتعلقة بكويت جديدة عام 2035، والتوجه لتنويع مصادر الدخل، فهذه الشعارات لا تستقيم مع السلوك الجشع والسطحي لبعض التجار، ولا تستقيم مع تغافل الحكومة عن هذا السلوك، بل ويعكس عدم جدية الحكومة في وضع هذه الشعارات موضع التنفيذ.
إن بلدنا الكويت يملك الكثير من الإمكانات، إذا ما تم الاهتمام بالزراعة، وتكرير مياه الصرف الصحي لري المزروعات، واستصلاح الأراضي وتهيئتها للزراعة، وكذلك تشجيع تنمية الثروة الحيوانية والطيور، بما يناسب الاستهلاك المحلي والتصدير أيضاً.
لقد جحد الجشعون دور المزارع الكويتي، وقام الفاسدون من المسؤولين، بتوزيع الحيازات الزراعية والحيوانية، على جماعاتهم وأقربائهم، مع قلة المساحات الصالحة للزراعة، حتى أزكمت رائحة الفساد أنوف الكويتيين، وفقدوا الأمل في كويت جديدة.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي