No Script

موروث ثقافي جذوره ضاربة في أعماق التاريخ

من اليد إلى الفم... «اتيكيت» الطعام الخليجي

تصغير
تكبير
  • لطيفة اللوغاني:
    - تناول الطعام باليد ارتبط بديننا ورسولنا وسنته التي تعد أكبر مثالاً للرقي

    - الإنسان يعيش حياته بطريقة تتوافق مع الظروف والعادات والتقاليد

    زينب القلاف:
    - تناول الطعام من صحن واحد كبير وبلا أوانٍ يعود إلى تراثنا الأصيل

    - علينا تعليم أطفالنا العادات ذاتها لغرس روح الجماعة لديهم

يعتبر البعض أن تناول الطعام باليد طريقة غير لائقة في وقتنا الحالي، لكنها كانت ولا تزال تقليدا يوميا في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط ومعظم دول آسيا وأفريقيا وتشمل جميع طبقات المجتمع، ولايقتصر التناول باليد على الأكل في المنزل فقط، بل متبع أيضا خلال الأعراس والمناسبات الاجتماعية.
(اتيكيت) الطعام في دول الخليج العربي تحديدا، ينص على أن يجلس جميع المدعوين بطريقة موحدة على الأرض، بقدم واحدة مطوية، ويستخدمون أصابع اليد (الإبهام والسبابة والوسطى) لتناول الطعام، حيث يكورون الأرز واللحم بأصابعهم ويقذفونه في الفم مباشرة، مع الحرص على تنفيذ العملية باليد اليمنى حصرا خلال الأكل من (الجدر) الكبير، وسط غياب أي أوانٍ أو أطباق على المائدة.
وبالرغم من تطور وسائل وأدوات وطرق الأكل أو مايسمى في وقتنا الحاضر (اتيكيت) الطعام، بقي تناول الطعام باليد محافظا على بقائه، لا سيما أن جذوره ضاربة في أعماق التاريخ، والتاريخ العربي وتحديدا البدوي، بينما يعتبره البعض أنه موروث ثقافي.
«الراي» استطلعت أراء المتخصصين في مجال اتيكيت الطعام، للاطلاع على سر تمسك المجتمعات الخليجية وغيرها بطريقة الأكل باليد، رغم تطور الطرق والوسائل المستخدمة في الطعام حاليا.
وتؤكد مدربة الاتيكيت لطيفة اللوغاني، أهمية هذا الموروث الثقافي الخليجي، الذي حافظ على استمراره وتطوره وارتباطه أساسا بديننا الإسلامي، ورسولنا وسنته التي تعد أكبر مثالا للرقي، موضحة أن «الإنسان يعيش حياته بطريقة تتوافق مع الظروف المعيشية والعادات والتقاليد السائدة في المجتمع، لذلك حافظ الكثير من الناس على هذا الاتيكيت في المناسبات والأعراس».
وأضافت اللوغاني، أن العادات والتقاليد تعد جزءا لا يتجزأ من حياة الإنسان، ويظل يتعامل معها و يستذكرها ويحافظ عليها، ويصعب عليه التخلي عنها، كما أنها موروث ثقافي ورثناه عن أجدادنا وآبائنا، وتابعت: «الدليل على ما أقوله هو أن جميع الزائرين لدول الخليج يلتزمون بهذا الاتيكيت كنوع من المجاملة والتقدير والحفاظ على البروتوكول الخليجي الخاص بكل دول».
من جهتها، تقول الباحثة في تراث المرأة والطفل زينب القلاف، إن تناول الطعام من صحن واحد كبير، وبلا أوانٍ يعود إلى تراثنا الأصيل، حيث كان الناس يعيشون على سجيتهم أوعلى البركة كما يقولون، ولم يكن لديهم سابقا أثاث وأوان منزلية، بل كانوا يعتمدون على صناع الخوص في مائدتهم، والتي تم استبدالها بالنايلون اليوم.
وأرجعت القلاف سبب الحفاظ على عادة تناول الطعام من (الجدر) في المجتمع الكويتي حتى اليوم إلى قانون الجماعة وروح التضحية السائدة في ذلك الوقت، مضيفة «كان تناول الطعام من صحن واحد أمر بالغ الأهمية لديهم، وكان يعزز روح الجماعة والتضحية، حيث لا يسبق أحدهم أحدا ولا يأكل أحدهم أكثر من غيره، كما كانت كل الأيادي ممدودة إلى الصحن ذاته، حتى إذا بقيت لقمة واحدة تركها الجميع لبعضهم البعض من باب الإيثار».
وتابعت أن «تناول الطعام باليد يعود إلى سنة نبي الله (عليه الصلاة والسلام)، وكانوا يقولون سابقا (اللي ياكل بإيده عسى الله يزيده)، وامتدت العادة حتى اليوم لأن المجتمع استطاع الحفاظ على أصالته وترابطه، وعلينا أن نعلّم أطفالنا على العادات ذاتها لغرس روح الجماعة لديهم، واحترام الغير وإيثاره على نفسه».

على الهامش

• لماذا يعتبر تناول الطعام باليد صحيا من الناحية الطبية؟
- نشر موقع indiatimes تقريراً عن فوائد الأكل باليد، تم تلخيصها في 4 مميزات نفسية وبيولوجية على رأسها الحفاظ على الرشاقة، والفوائد هي:

1 - نظام إنذار
لمس الأكل باليد قبل وصوله إلى الفم، يبعث برسائل عصبية إلى الدماغ تحمل معلومات عن طبيعة المواد المصنوع منها، وصلابتها وكثافتها ونسيجها وحرارتها، فيرسل الدماغ بدوره رسائل إلى الجهاز الهضمي من أجل تجهيز العصارات الهضمية، والأنزيمات الملائمة، كما لا يمكن إغفال المعلومة المعروفة، بأن اكتشاف حرارة الأكل مبكراً يقي من إصابة الفم بحروق.

2 - نظام مناعي
في الجسم بكتيريا نافعة تعمل على حماية الجسم من البكتيريا الضارة، وهي متواجدة بكثافة في الأمعاء والحنجرة والفم ومناطق أخرى من الجهاز الهضمي، وكذلك في اليد، وهذا يعني أن الغذاء يتم تطهيره بملامسته لليد من قبل البكتيريا النافعة الموجودة فيه، وطبعاً لا يتم ذلك دون غسل اليدين بشكل جيد، لإبقاء المنافع الصحية، والوقاية من الأضرار.

3 - الحميمية
الملاعق تجعل الأكل عملية آلية وميكانيكية خالية من أي ألفة، الأكل باليد يرتبط بعلاقة نفسية أسلم وأكثر طبيعية، ما يولد مزيداً من المتعة واللذة.

4 - نظام حمية
من أسباب السمنة طبياً، عدم الوعي بكمية الأكل التي تدخل الجسم حتى يرسل الدماغ رسالة الشبع إلى الجسد، والأمر يصبح أصعب عند استعمال الملاعق، لهذا يساعد تناول الطعام باليد على الإحساس أكثر بمحتوى الأكل وكميته.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي