No Script

قيم ومبادئ

الشفافية تحولت جداراً سميكاً؟

تصغير
تكبير

تنشد جميع الدول المتحضرة مبدأ الشفافية لقناعتها بأهميتها للتنمية وبتعثرها أيضاً، ولقد تعددت الأسباب التي جعلت صورة الشفافية ضبابية او قاتمة وبعجالة مختصرة سأشير إلى أهمها:
أولاً - السبب العام:
 تساهل الناس في الرشوة وتسويغهم لها بشتى الأعذار مثل «خذْ ما اتّخذْ»، حتى أصبحت جزءا من التراث!


وما كان هذا ليكون إلاّ بسبب اتباع الهوى، وهو آفة تعتري المسلم فتفسد عليه معتقده ودينه وأخلاقه، بميلانه إلى ما تستلذه نفسه من الشهوات، بسبب كلام الناس وينبسط إليهم من أمور الدنيا، ما يخالف شرع الله وقلما يسلم الإنسان منه وهذا الداء استشرى في الإنسانية جمعاء، ولهذا قال الله تعالى: «تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ». إن اتباع الهوى ذريعة إلى الضلال والانحراف عن الجادة، وقد ذمه الله تعالى وذمه الرسول صلى الله عليه وسلم.
 قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «وصاحب الهوى يعميه الهوى ويصمُّه، فلا يستحضر ما لله ورسوله في الأمر ولا يطلبه، ولا يرضى لرضا الله ورسوله، ولا يغضب لغضب الله ورسوله، بل يرضى إذا حصل ما يرضاه بهواه، ويغضب إذا حصل ما يغضب له بهواه».
ثانياً - الأسباب الخاصة:
1 - الجهل: وهو صفة تُزري بالإنسان، والجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، فيحمله جهله على رد الحق وعدم قبوله وكما قيل الناس أعداء ما جهلوا.
2 - بغض من أمره بالحق، وهذا سبب نفسي آخر يضاف إلى الأسباب المانعة من قبول الحق، فإن انضاف إلى ذلك إلفه وعادته ومرباه على ما كان عليه آباؤه ومن يحبه ويعظمه قوى المانع من قبول الحق، وهذه من مداخل الشيطان في مكنونات القلوب.
3 - فإن انضاف إلى ذلك توهمه أن الحق الذي دُعي إليه يحول بينه وبين جاهه وعزه وشهواته وأغراضه قوى المانع من القبول جدا، وهذه أشد من سابقتها وهي تكثر في أصحاب النفوذ والرياسات، قال تعالى مبيناً حالهم يوم القيامة مع متبوعيهم «وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلا  رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا».
4 - فان انضاف إلى ذلك خوفه من أصحابه وعشيرته وقومه على نفسه وماله وجاهه، كما وقع لهرقل ملك النصارى في الشام على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم، ازداد المانع من قبول الحق قوة، فان هرقل عرف الحق وهمَّ بالدخول في الإسلام فلم يطاوعه قومه وخافهم على نفسه فاختار الكفر على الإسلام بعد ما تبين له الهدى، وهكذا كل من قدم رأي القبيلة على حكم الله ورسوله أو حكم الحزب أو الطائفة على كلام الله.
5 - الحسد... فانه داء كامن في النفس ويرى الحاسد المحسود قد فضل عليه وأوتي ما لم يؤت نظيره، فلا يدعه الحسد أن ينقاد له ويكون من اتباعه، وهل منع إبليس من السجود لآدم إلا الحسد؟! «قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ». ومما يؤسف له حقاً أن السبب الأوحد لتعطل مشاريع التنمية عندنا ليس هو قلة الموارد؟ أو غياب التخطيط؟ أو نقص الأيدي العاملة؟ ولكنه الحسد والجشع والرغبة في الاستحواذ وإقصاء الغير تحت شعار المنافسة وشرف الخصومة أحياناً؟
الخلاصة:
هذه الموانع ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها!
فاصبحت الشفافية عندنا جداراً.

dr.aljeeran2017@gmail.com:

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي