No Script

ببساطة

تزوير إرادة الأمة

تصغير
تكبير

تنص المادة السادسة من دستور الكويت على أن نظام الحكم في الكويت ديموقراطي ، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً... هذه المادة المهمة في الدستور هي حجر الزاوية الذي يرتكز عليه الشعب عندما يطالب بحقه في إدارة شؤونه، وهي المادة التي حاولت ولا تزال تحاول السلطة وقوى الفساد تهميشها وتشويهها، فالنظام الديموقراطي الذي يعني الأخذ برأي الغالبية عند اتخاذ القرارات تم تخريبه عبر السنين من خلال العبث في النظام الانتخابي، وما نظام الصوت الواحد المجزوء إلا مثال صارخ على العبث في النظام الديموقراطي وعدم تمكين الشعب من حقه في وجود برلمان يمثل إرادة الغالبية الساحقة من أبناء الشعب، فأنت يا عزيزي المواطن لك الحق اليوم في اختيار نائب واحد فقط من أصل عشرة نواب يمثلون دائرتك ومن بين خمسين نائباً، ما يعد التفافاً على إرادة الأمة.
التزوير اليوم في الانتخابات لم يعد تزويراً فجاً وواضحاً كما حدث في انتخابات العام 1967، بل هو تزوير غير مباشر من خلال العديد من القنوات، أولها النظام الانتخابي الحالي الذي لا يسمح بتمثيل الغالبية، بل على العكس تماماً فهو نظام يعطي الأفضلية للأقليات على حساب الغالبية، وبالتأكيد هناك أساليب أخرى مثل استخدام المال السياسي، وشراء الأصوات، وعدم وجود قانون يحدد سقف الإنفاق الانتخابي للمرشحين، كذلك هناك الابتزاز السياسي للناخب من خلال فتح المجال أمام بعض المرشحين المحسوبين على السلطة لتخليص المعاملات التي يفترض أن تنجز ببساطة عبر القنوات القانونية من دون أن يكون لها أثر على صوت الناخب، أما الموضوع الأساسي في هذا المقال فهو التلاعب الذي يتم حالياً في إرادة الأمة بعد فتح باب التسجيل للقيود الانتخابية من نقل «وهمي» للأصوات بين الدوائر الانتخابية!
نعم هو نقل وهمي لأن ما يحدث هو تحويل عناوين سكن الناخبين من دائرة إلى أخرى بهدف نقل القيد الانتخابي! وهذه العملية ليست حالة فردية أو استثنائية بل أصبحت اليوم عملية ممنهجة يقوم بها العديد من المرشحين لتعزيز حظوظهم في الانتخابات، فحسب ما ورد في وسائل التواصل الاجتماعي، فقد كشفت أنظمة صلاح الجاسم المختصة بالقيود الانتخابية والإحصاءات أن عدد المسجلين على منزل واحد فقط بلغ في أحد الدوائر 524 ناخباً! هذه العملية التي تزداد وتيرتها في العام الأخير من عمر مجلس الأمة لتصل نسبة نقل الأصوات فيه لما يقارب العشرة في المئة تعطيناً مؤشراً واضحاً لحجم ونفوذ الفاسدين ممن يريدون تزوير إرادة الأمة، فعندما يقوم مرشحان أو ثلاثة بنقل الأصوات من دائرة لأخرى ويؤدي هذا النقل لنجاحهم فهذا يعني بأن هناك تزويراً للإرادة الحقيقية لأبناء الدائرة بنسبة 20 إلى 30 في المئة، وهي نسبة ليست ببسيطة، لذلك فعملية التزوير هذه لا تقل خطورة عما حدث في 1967 من تزوير لنتائج الانتخابات، وهي بالتأكيد تحتاج إلى وقفة جادة منا نحن كمواطنين أولاً، فبإمكان أي مواطن أن يتأكد من عدد المسجلين على عنوان سكنه «من دون علمه» ويقوم بشطبهم، أما دور البرلمان فيفترض أن يتحقق عبر إقرار قانون الهيئة العليا للانتخابات بحيث تدير العملية الانتخابية باستقلالية تامة عن سلطة مجلس الوزراء.
وكما قلت في بداية المقال، فإن هناك تهميشاً وتشويهاً ممنهجين للعملية الديموقراطية، وبالتأكيد فإن الخلل كبير ولا يقتصر فقط على نظام تسجيل قيود الناخبين أو النظام الانتخابي، وأنا على قناعة تامة بأن الإصلاح الشامل يبدأ بإصلاح المنظومة السياسية، وكوننا اليوم في فترة تسجيل قيود الناخبين فعلى الجميع أن يقوم بدوره لوقف هذا التزوير لإرادة الأمة.

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي