No Script

«أهل الدار» يرفعون الصوت تحذيراً من مغبة الخطف والقتل والاغتصاب

المسيحيون العرب بين شرق مأزوم وغرب يدير ظهره

تصغير
تكبير
• «سرقة» المسلمين في لبنان حقوق المسيحيين الدستورية لتبرير فلسفة البلد - الرسالة هو مشروع تهجير للمسيحيين بامتياز

• سكان المنطقة الأصليون تاريخياً هم المسيحيون وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن لأحد نقضها

• مسيحي العراق والأردن وسورية وإيران عندما يرى أن مسيحي لبنان بخير يشعر بالاطمئنان

• السلاح ثبّت المسيحيين في أرضهم في بعض الأماكن لكن في أماكن أخرى اقتُلعوا منها

• المطلوب من المملكة العربية السعودية المساعدة على تحقيق وفهْم حقيقة الدور المسيحي

• «الربيع العربي» هدف إلى تعميم الفوضى وتفتيت المنطقة بشكل مدمّر
«ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان»، ولا بالترهيب والمواطنة المنقوصة تعيش الفئات غير المسلمة في ديارها وأرضها. في العالم العربي، وحين أُلبست ثورات الربيع لباساً متشدداً يسعى للتوسع والهيمنة تحت راية «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، التي تعيث في المنطقة دماراً وبطشاً، طفت على بحر الدم الهائج الذي لا يقف عند حدود دين، ممارسات التنكيل بحق المسيحيين في الموصل والايزيديين في سنجار والأكراد في سورية والعراق.

المسيحيون سكان المنطقة و«أهل الدار» رفعوا الصوت تحذيراً من مغبة الخطف والقتل والاغتصاب. هم لا يريدون الرحيل عن بلادهم، لكن بلداً مضيفاً خير من ألف وطن لا يقدّر لهم ماضيهم، يحفظ لهم حاضرهم ويضمن لهم مستقبلهم... من هنا برأيهم كان النزوح وفُرض التهجير...

فمَن يحميهم؟ هو السؤال الوجودي الذي ردّ عليه «لقاء سيدة الجبل» الذي أكد أن «الحل بالنسبة للمسيحيين، هو في العمل جنباً إلى جنب مع المسلمين من أجل عالمٍ عربي متنوّر، ديموقراطي وتعددي»، فيما جاء مؤتمر واشنطن في الولايات المتحدة الأميركية تلبية لدعوات طالبت بالحماية الدولية للوجود المسيحي في المشرق العربي.

«الراي» عرضت واقع المسيحيين العرب وعرّجت على تاريخهم في المنطقة، مستشرفة مع نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي السبل التي تضمن لهم في هذه المنطقة مستقبلهم.

نائب رئيس مجلس النواب اللبناني السابق اعتبر أنه بزرع الكيان الإسرائيلي في المنطقة بدأت مؤامرة استهداف الوجود المسيحي نهائياً

إيلي الفرزلي: تجربة الدولة في لبنان فشلت والمسيحيون يقولون «لنا الله... ما من أحد يحمينا»

أكد نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي لـ «الراي»، أنه «بزرع الكيان الإسرائيلي في المنطقة، بدأت مؤامرة استهداف الوجود المسيحي نهائياً»، معتبراً أن «المسيحيين دفعوا أثماناً هائلة في ما سمي بالربيع العربي».

ورأى أن «المطلوب من المسلمين في لبنان هو دور واحد، إعادة إنتاج الدور المسيحي في البلد»، مشيراً إلى أن «مسيحي العراق والأردن وسورية وإيران، عندما يرى أن مسيحي لبنان بخير يشعر بالاطمئنان».

واعتبر ان «الطوائف الأخرى هناك دول تحميها، والمسيحيون يقولون (لنا الله، ما من أحد يحمينا)»، مشيرا إلى ان «السلاح ثبت المسيحيين في أرضهم في بعض الأماكن، لكن في أماكن أخرى اقتُلعوا منها. وهذا الأمر بسبب أخطاء بعض القيادات المسيحية».

• هل ما يحصل اليوم يعيد إلى دائرة الضوء المسألة المسيحية أم أن في الأمر مسألة خيارات لا يتعلق فقط بالمسيحيين؟

- أولاً لنتحدث عن مسألة أساسية وهي أن سكان هذه المنطقة الأصليين تاريخياً هم المسيحيون، وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن لأحد نقضها. فالمسيحي أمامه تاريخ يبدأ منذ ظهور الدعوة المحمدية حتى يومنا هذا. وأثناء ظهور هذه الدعوة كان عدد المطرانيات في حوران وحدها يبلغ 33 مطرانية. وفي اليمن 12 مطرانية. هذا في التاريخ القديم، حيث كانت أيضاً الجزيرة العربية مليئة بالمسيحيين إلى درجة قيل انه «لولا الإسلام لأكلت تغلب العرب».

هل هذا ولد نظرة عدائية للإسلام من المسيحيين؟ أبداً. فعندما ظهر الإسلام في الجزيرة، نظرة النصرانية للإسلام كانت نظرة قريبة جداً. ونظرة الإسلام للنصرانية كانت نظرة قريبة جداً؛ بدليل ورود آيات عديدة في القرآن الكريم منها: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ). وورد في سورة الانبياء (وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً لِّلْعَالَمِينَ).. وعندما شاء الرسول الأكرم أن يبعث جماعته ليحميهم، أرسلهم إلى الحبشة حيث المسيحية لإدراكه أن هذه بيئة حليفة ومتجانسة وتشكل امتداداً طبيعياً لدعوته.

أتت الحروب الصليبية التي كانت أكبر شرّ على المسيحيين، وسبّبت أضراراً أثناء انسحابهم (الصليبيين) فكانت الإمبراطورية العثمانية التي شهدت استقراراً بالرغم من الوضع المتدني والثانوي للمسيحيين في المنطقة من باب تطبيق الذمية عليهم، لكن عاش المسيحيون في المنطقة وتراكم هذا العيش وتزايد.

نصارى الشام والمنطقة تعاطفوا مع الفتوحات الإسلامية كي يتخلصوا من الجور البيزنطي، وبالتالي نظرة المسيحية للإسلام ليست نظرة عدائية بل على العكس، كان من الممكن تأسيس حالة تعايشية. والدليل الأكبر على ذلك، التجربة اللبنانية حيث ان بعض أحبار الموارنة خيّروا وكان بإمكانهم القيام بذلك وقد أغراهم الفرنسيون لإقامة دولة مسيحية، لكنهم رفضوا وأصرّوا على دولة متعدّدة الإنتماءات والتي هي صيغة لبنان الكبير اليوم. إذ كان لديهم مراهنات ضمنية على أن بالإمكان بناء صيغة فريدة وان نتعايش مع إخوتنا المسلمين ونبني صيغة فريدة في هذا الشرق.

وبالعكس، كان الصراع المذهبي المسيحي ـ المسيحي أقوى بدليل أن معظم المجازر التي حدثت في سورية تاريخياً جرت بين المسيحيين أنفسهم على خلافات إيديولوجية ولاهوتية، منها ما يتعلق بطبيعة المسيح هل هي واحدة أم اثنين هل هي إنسانية وإلهية. وقد حصلت مجازر حقيقية في هذا الإطار سقط خلالها المئات والآلاف.

بزرْع الكيان الإسرائيلي في المنطقة، بدأت مؤامرة استهداف هذا الوجود نهائياً. وأكبر دليل على ذلك، أن فلسطين مركز ولادة السيد المسيح كانت نسبة المسيحيين فيها 22.5 في المئة وباتت اليوم 0.5 في المئة. المسلمون لم يقتلوا المسيحيين في فلسطين ولم يضطهدوهم، بل هجّرتهم خطة ذكية ومبيتة ومضمرة وفيها مضايقات اقتصادية واجتماعية وسياسية، وتلاوين عديدة من التفنن في التآمر.

وكنا نرى بشكل واضح أن هناك مخططاً لاستهداف هذا الوجود. رب متسائل يسأل عن أسباب هذا المخطط. أول سبب لاهوتي، هو أنه عندما تفرّغ المنطقة من المسيحيين يصبح مكان ولادة السيد المسيح من دون مسيحيين، ويصبح حالة أثرية ولا وجود لشهود على ولادته. وهذا ما يخدم الفكر الصهيوني واليهودي، لأن نقيضهما الحقيقي هم المسيحيون.

ثانياً، عندما تفرّغ المنطقة من المسيحيين تزول الكنيسة المشرقية، لأن الكنيسة هي جماعة المؤمنين. وحين تزول الكنيسة المشرقية يقول اليهود للمجتمع الدولي انه كما للمسيحيين مرجعية في الفاتيكان وللمسلمين مرجعيتهم في مكة المكرمة، فإن أورشليم القدس هي مرجعيتنا فتعالَ واعترف بنا.

ثالثاً، إن اليهود عبر التاريخ المعاصر في القرن الماضي، استفادوا من التناقضات الكبرى في العالم. فعلى سبيل المثال، الحرب العالمية الأولى أنتجت وعد بلفور، والحرب العالمية الثانية أنتجت زرع الكيان الإسرائيلي، الحرب الباردة بين الشيوعية والرأسمالية أنتجت توسع هذا الكيان واستدرار الاعتراف به. عندما سقط الاتحاد السوفياتي خافت إسرائيل على وظيفتها الاستراتيجية في الشرق بنظر الغرب، وخصوصا الولايات المتحدة التي تعتبرها آخر معقل لها والمعقل الأساسي، لذا كان لابد من إنتاج صراع عالمي جديد أسمته حرب الحضارات وعبّر عنه اليهودي صامويل هانتنجتون. وكي يتم هذا، يجب تفريغ المنطقة من المسيحيين وبصورة مأسوية كريهة مقززة تنتج في الغرب حالة عدائية لهذا الشرق بأكثريته الإسلامية وتترك في الأذهان صورة إسلام سيئ لا تمتّ بصلة الى حقيقة الإسلام كما أعرفه شخصيا معرفة دقيقة، وبالتالي تُعزز صورة الإسلاموفوبيا في الغرب وصورة العداء في الشرق، خصوصاً وأن ظواهر غريبة برزت في الغرب منها قسيس يقوم بتمزيق القرآن الكريم، والغاية من ذلك إحداث ردة الفعل في الشرق. كذلك إقدام رسام كاريكاتور في السويد على رسم كاريكاتور للرسول الأكرم منحته ميركل جائزة أفضل كاريكاتور وذلك في إطار عملية حقن للمشاعر وتعميق الانقسام كي يصبح عمودياً بين شرق بأكثرية إسلامية وغرب بأكثرية مسيحية بما يؤدي إلى تصادم هذه الحضارات تصادماً فعلياً وعملياً، وبالتالي تستقر اسرائيل على هذا التناقض. وهذا يتطلب إحداث فوضى في المنطقة؛ فكان ما سُمي بالربيع العربي، الذي ثبت الآن أن غاية إنشائه ليست الإصلاحات ولا الديموقراطية والتغيير الديموقراطي، بل تعميم الفوضى التي حدثونا عنها وإعادة تفتيت المنطقة تفتيتاً مدمراً يقوم على أنقاض المكونات، لأنني لا أقول بالأقليات في المشرق. ففي المشرق العربي الكل أقليات.

المسيحيون مدركون لهذا الواقع، لكنهم كانوا يراهنون على تيار عند المسلمين يجهض هذا المخطط، فلا يجد هذا المخطط لنفسه أدوات لتنفيذه. وكان هناك وجهتا نظر عند المسيحيين؛ إحداهما تقول ان العروبة هي الضامنة لأنها تصهر كل المكونات في بوتقة واحدة، والأخرى تقول «فالج لا تعالج» ويجب عدم تجاوز الحقيقة الطوائفية لتركيبة المنطقة ومكوناتها، وهذا لا يعني عدم التعايش.

صحيح أن كل المكونات في العراق تتعرض للخطر، لكن إن وُجد سبب لتعرض المكونات الأخرى، فما من سبب لتعرُّض المسيحيين. المكون الآخر بالملايين فإذا ذهب عشرة آلاف يبقى الملايين، ولكن هذا المكون عديده عشرة آلاف إن ذهبت العشرة آلاف لا يبقى أحد. هذا ما حدث في سورية والعراق وإسرائيل وما يحدث في مصر، اضافة الى وضع الاستنزاف في الأردن بالرغم من ان بعض المراعاة للمسيحيين الأردنيين قائم. وهذا ما حصل في لبنان بأسلوب التعاطي مع المسيحيين في مسألة الدور، لأن الفارق بين الوجود المسيحي في لبنان والوجود المسيحي في الشرق أن الوجود الثاني كمّي فيما الأول هو وجود قائم على دور، وبمجرد استهداف الدور يرحل المسيحيون.

• في هذا الإطار تتنازع المسيحيين فكرة الحماية الدولية وفكرة أن الدولة القوية والإسلام المعتدل يحميان الوجود المسيحي ويحافظان عليه. ما رأيكم بهذا الأمر؟

- الدولة القوية والعيش المشترك ليست فكرة جديدة، على العكس كان هناك موقف متقدم. جَدّي كان أمين سر مؤتمر الوحدة العربية الأول الذي عقد في العام 1926 ومؤتمر الساحل اللبناني، الذي رفض فصل لبنان عن سورية. فأنا بمنشئي قومي عربي بامتياز وما زال يراودني الحنين إلى هذا الموضوع. إنما حقيقة الوضع، ان التجربة تقول انه تجب إعادة النظر بأمور كثيرة تحت سقف الحفاظ على وحدتنا، لأن التفتيت هو خدمة للمخطط الصهيوني في المنطقة.

• ما الذي يحمي المسيحيين إذاً؟

- لا أعلم. هذا سؤال كبير وباتت هناك أزمة ثقة كبيرة جداً عند المسيحيين.

• أزمة ثقة بمن، المسلم الآخر... بالدولة؟

- المسلم الآخر مطالَب بدور كبير طبعاً، فتجربة الدولة فشلت. ما من دولة في لبنان، بل كيانات مذهبية، كل كيان له حدوده وإعلامه وماليته ومؤسساته وثقافته وطقوسه وعلاقاته بالخارج وعلاقة الخارج به. الطوائف الأخرى هناك دول تحميها، المسيحيون يقولون «لنا الله، ما من أحد يحمينا». تُطلق آراء ترى أنه كما أن الآخرين هناك مَن يحميهم، ربما تكون هناك إمكانية لتتم حمايتنا أيضاً. كلنا في بحث عن حماية الذات.

• هل تراهنون على الحماية الدولية؟

- إطلاقاً، فتخلي المجتمع الدولي واضح. حيث يتهجر آلاف المسيحيين من العراق، فيقول أوباما سنتدخل لحماية الأيزيديين والأكراد ولم يأت على ذكر المسيحيين. الفرنسي يقول عن المسيحيين: «أهلاً وسهلاً، فليأتوا إلينا»... هو يسهّل عملية ترحيل المسيحيين.

• لماذا برأيكم يؤمنون عملية الرحيل؟

- لأنهم خاضعون للسيطرة الصهيونية، وقد تمكنت اسرائيل والصهيونية من الإمساك بمفاصل القرار الغربي والأوروبي. لذلك يُلاحظ أن كل المسيحيين بمَن فيهم غير الأرثوذكس تطلعوا بأمل صوب روسيا، فهم يبحثون عن أحد.

• أي دور مطلوب من المملكة العربية السعودية وقادة دول الخليج... من المسلمين في لبنان، للتمسك بالوجود المسيحي؟

- المطلوب من المسلمين في لبنان هو أمر واحد، إعادة إنتاج الدور المسيحي في البلد. فالتصرف الذي يقوم به المسلمون اليوم على قاعدة سرقة حقوق المسيحيين الدستورية وتزوير اتفاق الطائف وحرمانهم حقهم في المناصفة الفعلية لتبرير فلسفة لبنان الرسالة هو مشروع تهجير المسيحيين بامتياز، لأن المسيحيين غير مستعدين للعيش في البلد على اساس دور ثانوي. من غير الوارد أن يعيش المسيحي في لبنان كاتباً في بيت المال أو غير شريك في صناعة القرار تحت سقف الدستور. أنا حاربت المارونية السياسية عندما كان يخيّل أنها مستبيحة روح النظام والدستور. لكن هذا لا يعني أبداً القبول بنوعيات من الحكم على الشاكلة التي نراها اليوم، والتي هي أسوأ بكثير بما لا يقاس على الإطلاق.

أما بالنسبة للشرق، فان شاء الله أن تبقى هناك إمكانية لبقائهم. إذ ليس المهم فقط الأحداث، المهم إذا هدأت الأوضاع، هو أزمة الثقة بالبقاء والاستمرار.

• لماذا نجد المسيحي مستعداً دائماً للرحيل، لماذا لا يهبّ للدفاع عن مكانه في هذا الشرق؟

- هم يعتبرون أن لا أفق لديهم وأن لا حول لهم في هذا الصراع. حاكم الموصل في بداية القرن الماضي كان مسيحياً من آل الجليلي، وكانت كنائسهم منتشرة في كل العراق، ولم تعد موجودة اليوم. اليوم يسأل المسيحيون هناك لماذا أقاتل؟ فأنا أعمل في أرضي ولا أؤذي أحدا. لماذا سيتبادر إلى ذهنه أنك ستقتلينه.

في سورية، حين أدرك المسيحيون في بعض المناطق أنهم مقتولون لا محالة قرروا القتال دفاعاً عن النفس.

• البعض يرى في كلام الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله وكأنه يقدّم الحزب أو المقاومة كحام للمسيحيين. هل أنتم من هذا الرأي؟

- لا ولا أعتقد أن السيد حسن نصرالله يحب أن يلبس هذا اللباس، لأنه يعتبر نفسه مدافعاً عن ذاته الشبيهة لذات الآخرين. وبالتالي موضوعياً المصلحة ملتقاة في تحوُّل طاقته إلى أحد عناصر القوة للدفاع عن ذات الآخرين وليست مسألة تقديم جيشه للدفاع عن المسيحيين ووضعهم في كنفه.

• أي شرق يمكن الحديث عنه اليوم من دون مسيحيين؟

- عملياً يتم تفريغ الشرق من مسيحييه. وعملياً تبقّى مركز واحد يمكن من خلاله توجيه رسالة تمسُّك بهذا الوجود المسيحي وهو لبنان وذلك عبر إعادة إنتاج الدور المسيحي، من خلال إعادة إعطاء المسيحيين حقوقهم التي تم الاتفاق عليها في اتفاق الطائف. فمسيحي العراق والأردن وسورية وإيران، عندما يرى أن مسيحي لبنان بخير يشعر بالاطمئنان.

دفع المسيحيون أثماناً هائلة في ما سمي بالربيع العربي. وأين ستُترجم مرحلة ما بعد انتهاء هذه الموجة، والاعتراف بوجودهم غير في لبنان؟ ردّي الى المسيحيين في لبنان حقوقهم كي تبعثي برسالة إلى كل المسيحيين في المشرق.

• هل هذا الأمر من شأنه تثبيتهم؟

- يساعد على بقائهم بالطبع. وعن دور المملكة العربية السعودية، فإلى جانب الدور المطلوب منها على مستوى المنطقة ككل في لعبة ما يدور حالياً على مستوى التطرف وغيره، ينبغي المساعدة على تحقيق ما اشرتُ اليه في لبنان وفهْم حقيقة الدور المسيحي. وكل كلام آخر لا قيمة له.

• وفي ما يتعلق باستحقاق الانتخابات الرئاسية، ألا تعتبرون أن الفراغ الرئاسي والتعطيل فيه نوع من الاستسلام؟

- في رأيي لا قيمة لوجود رئيس «كيف ما كان». فبالنظر إلى برنامج العمل الذي دخل على أساسه الرئيس ميشال سليمان والحصيلة التي خرج بها ترين الكارثة، والمغطاة بوجوده. كانت هناك عملية تصفية ممنهجة تتم في ظل وجود اسم رئيس بلا صلاحيات وبلا حيثية، لا بل بالعكس يأتي وفق موازين قوى مرتهناً للآخرين.

• ما الحل إذاً اليوم... ألا تحمي الدولة المدنية عموم اللبنانيين؟

- أهلا وسهلا، هل أقاموا الدولة المدنية ونحن رفضناها؟ لن يقبلوا بإقامتها. نعيش أوهاماً. هل تريدين معاملتي على أساس أن أعيش وهْم الدولة المدنية، وإلى حينها - إذا حصلت ولن تحصل - تسرقين لي حقوقي وتغتصبينها وتجعلينني أعيش حالة تبعية واستتباع واستيلاد في كنف هذا وذاك. لماذا؟

• إلى حينه... اليوم هناك دعوات لتسليح المسيحيين في لبنان لحماية أنفسهم ما رأيك بهذا التطور؟

- لست مطلعاً على هذا الأمر، فأنا بطبعي ونمط تفكيري ودوري وثقافتي لا علاقة لي بالسلاح. لكن الضيعة التي تشعر بأنها تحت الخطر الداهم، هل تريدين من أهلها أن يبقوا مكتوفي الأيدي؟ في لبنان الأمر ليس كما في الخارج، والمسيحيون يحملون السلاح بشراسة وإن دمّروا أنفسهم به.

أنا كنتُ ضد الميليشيات التي حملت السلاح العام 1975، وذلك للحفاظ على وحدة لبنان وعروبته، وفي نهاية الأمر الحرب أخذت صلاحيات المسيحي. فربما كنت حينها مخطئاً لا أعلم.

• هل السلاح قادر على تثبيت المسيحيين في أرضهم؟

- السلاح ثبت المسيحيين في أرضهم في بعض الأماكن، لكن في أماكن أخرى اقتُلعوا منها. وهذا الأمر بسبب أخطاء بعض القيادات المسيحية.

• بالعودة إلى المؤتمر الذي سيعقد في الولايات المتحدة الأميركية؟

- أنا لا أراهن على هكذا مؤتمرات. فهذه المؤتمرات لا تعنيني؛ المؤتمر عبارة عن كلمة واحدة في لبنان: إذا كان لبنان رسالة وتعايش فيا أخوة في الدين والإسلام والمسيحية في لبنان طبِّقوا الدستور.

• وفي الشرق؟

- في الشرق أصيب المسيحيون بضربة قاتلة، المؤتمر فولكلور. فليذهبوا إلى البابا ليقيم تظاهرات في أوروبا وأميركا... ما الذي تفعله هذه المؤتمرات؟
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي