No Script

كلمات ناطقة

أسمع كلامك تعجبني...

تصغير
تكبير

ما بين عجز الموازنة العامة للدولة التي أعلنت الأسبوع الماضي، وبرنامج عمل الحكومة للدور الأخير من الفصل التشريعي لمجلس الأمة، الذي أعلن بعدها بيوم، عجائب وغرائب، يمكن أن ترتفع معها الحواجب تعجّبا حتى تلتصق بشعر الرأس، لا سيما ما نجده من تناقض وتباين بين ميزانية تسجل عجزاً وصف بأنه الأكبر في تاريخ الكويت، وصل إلى 9 مليارات دينار، وبرنامج عمل حمل الكثير من الأمنيات والاحلام الوردية، وصلت إلى وضع خطة لإنشاء جهاز لرفاهية المواطن، وكأن المواطن لم يبق هناك ما يكدر صفو حياته سوى البحث عن سبل الرفاهية التي تعمل الحكومة على تشكيل هيئة ستختص بتأمينها له!
فالإبحار وسط سطور الميزانية وجداولها ورسومها البيانية، سيصيب بالدوار، حتى لو كان المبحر حدّاقاً ماهراً احترف مهنة الإبحار، ولأن الحديث في هذا الامر قُتل مناقشة وتفنيداً، لا سيما من قبل النواب الذين وجدوها فرصة ليعلنوا - على رؤوس الأشهاد - أنهم سيقفون سداً منيعاً أمام أي محاولات حكومية للاقتراب من جيب المواطن والمساس بحياته المعيشية اليومية، فإن ما سنناقشه اليوم يتعلق بحقيقة تأثر المواطن من الميزانية الجديدة، مع تضخيم موضوع العجز وارتداداته، حيث تطرح في الكواليس مسألة فرض نوع من الضرائب أو رفع بعض الرسوم، وهي أمور ستمس بشكل مباشر حياة المواطن، وإذا ما قررت الحكومة فرض تلك الضرائب والرسوم، فلن يكون بوسع نواب الأمة فعل شيء، لا سيما أن كل ما أخذناه ونأخذه منهم تصريحات وتهديدات لا تتجاوز صفحات الصحف أو منصة التصريحات في مجلس الأمة، وأما شعارهم عن الوقوف سداً منيعاً أمام أي إجراء حكومي يستهدف جيب المواطن، فسيسقط عند صدور القرارات المعنية، ولعل أحد النواب لخص علاقة السلطتين عندما أشار إلى أن الحكومة تحتمي بجيش من النواب يؤمن لها غطاء لتمرير ما تريد، وقد يكون هؤلاء النواب عرفوا أنهم لن يعودوا إلى الكرسي الأخضر مرة ثانية، فيعملون على استغلال الشهور المتبقية من عمرهم البرلماني للاستفادة بأقصى حد، ثم يحزمون حقائهم مع انتهاء الدور الأخير للمجلس ليعيشوا بقية حياتهم متنعمين بغنائم العضوية، والأمثلة على ذلك كثيرة ممن سبقهم في هذا الاتجاه.
وأما برنامج عمل الحكومة «الوردي» بكل ما تضمنه من توجهات ومبادرات، فينطبق عليه - عندما نربطه بالميزانية - المثل المشهور «أسمع كلامك تعجبني أشوف عمايلك أتعجب» فالبرنامج وردي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأعتقد جازماً أنه لن يتحقق منه نصفه أو أنقص منه قليلاً، فالحكومة ربطت البرنامج بالمدة المتبقية لمجلس الأمة التي لن تتجاوز 10 أشهر في حدّها الأقصى، فيما البرنامج على واقعه المطروح يحتاج إلى سنتين إذا أرادت الحكومة تنفيذه بحذافيره، ففيه كم كبير من المبادرات والأهداف التي يصعب وربما يستحيل تنفيذها في وقت قصير، لا سيما في محوري تعزيز النزاهة وتطوير الأداء الحكومي، أضف إلى ذلك التشريعات التي تطلبها من المجلس لإقرارها والتي وصلت إلى 8 قوانين، بعضها سيكون هناك جدل عليه في المجلس وقد لا يقر، مثل قانون إعادة هيكلة نظام الرواتب في القطاع العام. لذلك فإن لدينا اقتناعاً تاماً بأن البرنامج إنشائي يحلّق في فضاء أفق واضعيه، فيما الميزانية هي المحك للواقع، والضرائب الآتية ستفرز الغث من السمين في المواقف النيابية.



h.alasidan@hotmail.com
@DAlasidan

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي