No Script

الذكرى الـ 14 لرحيل الشيخ جابر... استلهام للقوة والثبات في خدمة البلاد

... ويبقى «أمير القلوب» خالداً في القلوب

تصغير
تكبير

أحب أبناء شعبه فأحبوه... ورؤيته الاقتصادية كانت شاملة لنهضة الكويت

حينما تقلد وزارة المالية بدأت البلاد عهداً جديداً من التطور والازدهار بمختلف الميادين

مهندس الاستثمار الكويتي واعتماد موارد أخرى للدخل غير النفط

من أبرز إنجازاته إنشاء ديوان المحاسبة وتأسيس صندوق الأجيال والبنك المركزي

أنشأ ميناء الشويخ و«البترول الوطنية» ومحطة لتكرير وتحلية مياه البحر

نظم «التأمينات» للأسرة الكويتية وصرف المعاشات التقاعدية للموظفين


كونا- «إن عمر جابر الأحمد مهما طال الزمن، هو عمر إنسان يطول أو يقصر.. ولكن الأبقى هو عمر الكويت، والأهم هو بقاء الكويت، والأعظم هو سلامة الكويت»... بهذه الكلمات الموجزة والمعبرة في معناها اختزل «أمير القلوب» الشيخ جابر الأحمد أمير البلاد الراحل طيب الله ثراه عشقه لهذا الوطن وخوفه عليه.
وفي ذكرى رحيله الـ14 نستحضر روح كلماته، فنستلهم منها القوة والثبات على حب هذه الارض والتفاني في خدمتها.
فقد فجع أهل الكويت في 15 يناير العام 2006 بخبر أليم اعتصر قلوبهم كباراً وصغاراً، حيث فقدوا رجلاً لطالما أحبهم وعمل من أجل رفعة وطنهم فبادلوه الحب والعمل حتى غدت الكويت «عروساً للخليج».
 وتولى المغفور له الشيخ جابر الأحمد مقاليد الحكم في البلاد في 31 ديسمبر العام 1977 بعد وفاة سلفه الشيخ صباح السالم الصباح، الابن الثالث للشيخ أحمد الجابر الصباح والحاكم الـ13 للكويت منذ تأسيسها قبل أكثر من قرنين من الزمان.
وقد بزغ نجم الشيخ جابر الأحمد منذ توليه أولى مهامه الادارية والسياسية في البلاد العام 1949، عندما عيّنه والده حاكم الكويت آنذاك الشيخ أحمد الجابر الصباح نائباً له في مدينة الأحمدي، حيث برزت جهوده وعقليته المنظمة في الاهتمام بالتخطيط العمراني المميز للمدينة الى جانب اهتمامه بحفظ الأمن وبناء علاقات مميزة مع شركات النفط.
وعلى مدى عشر سنوات من العمل في محافظة الأحمدي، تبلورت لدى المغفور له الشيخ جابر الأحمد رؤية اقتصادية شاملة لنهضة الكويت ظل يعمل على تحقيقها طوال حياته الزاخرة.
وأدرك حكام الكويت ممن سبقوه تميّز فكر هذا الشاب لاسيما في المجال الاقتصادي ونظرته المستقبلية للأمور التي تنبع من حبه للكويت وأهلها وحرصه الدائم على توفير سبل العيش الكريم لهم.
وعهد إلى الأمير الراحل بمهمة إدارة دائرة المال والاملاك العامة للدولة، إضافة الى مسؤوليته عن مكتب شؤون النفط والاسكان العام 1959، إذ بدأ في عملية تثمين البيوت بأعلى الأثمان ليستفيد المواطن ولتبدأ الكويت نهضة عمرانية شاملة.
وفي العام نفسه، عيّن المغفور له الشيخ جابر الأحمد أيضاً رئيساً لمجلس النقد الكويتي حيث عمل جاهداً على صدور أول عملة كويتية بعد الاستقلال والتي صدرت في 1 ابريل 1961 لتحمل صورة أمير البلاد آنذاك الشيخ عبدالله السالم وتوقيع سمو الشيخ جابر الأحمد رحمهما الله.
وفي ثاني تشكيل وزاري في كويت ما بعد الاستقلال الذي شكل في 28 يناير 1963، عين الشيخ جابر الأحمد نائباً لرئيس مجلس الوزراء ووزيراً للمالية والصناعة، لتبدأ البلاد منذ ذلك اليوم عهداً جديداً من التطور والازدهار السريع في مختلف الميادين، لا سيما الاقتصادية، بفضل إرادته وإصراره على بناء كويت حديثة يشار لها بالبنان.
وعمل رحمه الله خلال تلك المرحلة على إنجاز العديد من المشاريع المهمة، كتأسيس ميناء الشويخ وإنشاء محطة تكرير مياه البحر وتأسيس شركة البترول الوطنية الكويتية.
 كما كان سموه مهندس الاستثمار الكويتي حيث أسهم بنظرته الثاقبة في وضع مبادئ الاستثمار الاساسية لفوائض البلاد النقدية من مبيعات النفط ساعيا الى توسيع القاعدة الاقتصادية الضيقة للكويت باعتماد موارد أخرى غير النفط.
 ومن هذا المنطلق جاء إنشاء مكتب الاستثمار الكويتي العام 1950 الذي تطور على يده من مكتب صغير يعمل فيه 11 موظفاً العام 1965 الى هيئة عامة للاستثمار تشرف على صندوق الاحتياطي العام وصندوق احتياطي الاجيال وجميع الاستثمارات الكويتية الهائلة في الخارج.
ولعل إنشاء ديوان المحاسبة يعد من أبرز إنجازات الأمير الراحل التي ما زالت صرحاً شامخاً إلى اليوم، فقد حرص منذ اللحظات الاولى لانشاء ديوان المحاسبة العام 1964 على متابعة كل ما يقع تحت مسؤولياته من مهام وفقا لما حدده الدستور والقانون لاسيما ما يتعلق بالاستثمارات الكويتية في الخارج.
وواصل الأمير الراحل العمل في منصبه وزيرا للمالية حتى 30 نوفمبر 1965، حينما اختاره الشيخ صباح السالم ليكون رئيسا لمجلس الوزراء. وفي 31 مايو 1966 بويع من مجلس الأمة وليا للعهد بعد تزكية الأمير له.
ولم تتوقف طموحات المغفور له الشيخ جابر الأحمد وانجازاته بعد توليه تلك المسؤولية الجسيمة بل زاده ذلك إصرارا وعزيمة على تحقيق المزيد من النجاحات في مسيرة التقدم الاقتصادي للكويت.
ومن ابرز انجازاته خلال فترة ولايته للعهد التي لن ينساها الكويتيون، جيلا بعد جيل تلك الفكرة العظيمة والرائدة على مستوى الوطن العربي ككل، إنشاء صندوق احتياطي الاجيال القادمة.
وبرهنت الاحداث على مدى صواب هذه الفكرة العظيمة وبعد نظره، حيث شكلت أموال صندوق احتياطي الاجيال الركيزة الأساسية التي مكنت القيادة السياسية الكويتية، خلال فترة الاحتلال العراقي الغاشم عام 1990 من دعم ابناء الكويت في الداخل والخارج والمساهمة الفعالة في تحرير الكويت واعادة الاعمار.
 وكان للاسرة الكويتية نصيب كبير في اهتمامات المغفور له فقد صدر القانون (رقم 61 لسنة 1976)، الذي نظم عملية التأمينات الاجتماعية في البلاد وكفل معاشا تقاعديا لجميع العاملين في القطاعين الحكومي والخاص والقطاع النفطي بمختلف فئاتهم وحالاتهم محققا بذلك حالة عامة من الشعور بالاستقرار والامان للموظف الكويتي.
 وكان إنشاء بنك مركزي في الكويت أحد تطلعات الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد منذ أن كان وزيرا للمالية ليقوم بمهمة تنظيم سياسة النقد الكويتي الذي تحقق بافتتاح المقر الجديد للبنك في أبريل 1977 لتبدأ الكويت مرحلة جديدة في بناء اقتصاد راسخ وثابت.
وبعد وفاة الأمير الشيخ صباح السالم، أصبح الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح أميرا للبلاد في 31 ديسمبر 1977 حيث شهدت الكويت في عهده نقلة كبيرة على مختلف الصعد.

«استطاع أن يحول الكويت إلى دولة قوية بنهضتها المتسارعة»

مبارك الدعيج:  رمز بارز لمسيرة حافلة بالإنجازات

كونا - قال رئيس مجلس الادارة والمدير العام لوكالة «كونا» الشيخ مبارك الدعيج، إن أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح طيب الله ثراه سيظل رمزاً بارزاً لمسيرة خالدة حافلة بالانجازات الكبيرة والتحولات القوية التي حققت للكويت تواجداً وتأثيراً كبيراً في العالم.
وأضاف الشيخ مبارك الدعيج، في بيان صحافي، بمناسبة الذكرى الـ14 لوفاة المغفور له بإذن الله الشيخ جابر الأحمد، التي تصادف اليوم أن سموه تغمده الله بواسع رحمته استطاع خلال مسيرة حكمه التي استمرت 28 عاماً من العطاء أن يحفر في قلوب أبناء الكويت مكانة كبيرة فاستحق بجدارة أن يكون أمير القلوب.
وأوضح أن سموه أسكنه الله فسيح جناته استطاع أن يحوّل الكويت من دولة صغيرة بمساحتها الجغرافية وعدد سكانها الى دولة قوية بنهضتها المتسارعة التي شملت كافة الاصعدة والمجالات ذات دور محوري في صياغة مفردات الأحداث الإقليمية والدولية.
وأشار الى أن الشيخ جابر الأحمد، طيب الله ثراه أدرك منذ تسلمه مهام الحكم العام 1977 ان مكانة الدول تقوم على قوة شعوبها، فحرص على تعزيز وحدة الصف وتوطيد النسيج الاجتماعي وعلى حكمة قادتها والتي تجسدت في رفيقي دربه سمو الأمير الوالد الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح رحمه الله وحضرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظه الله ورعاه والاستعانة بإخوانه الحكماء وأصحاب الخبرات والكفاءات من أبناء الكويت الأوفياء.
وذكر الشيخ مبارك الدعيج أن الكويت بدأت في عهد الأمير الراحل مرحلة جديدة من النهضة والبناء حيث تسارعت المشاريع العمرانية والتنموية وتطورت المرافق والمنشآت وامتد التطوير ليشمل الصحة والتعليم والثقافة والفنون وغيرها من المجالات التي ازدهرت ازدهارا كبيرا.
وقال إن سموه طيب الله ثراه أولى اهتماماً كبيراً ببناء المواطن باعتباره الركيزة الاساسية في البناء والتطوير وتحقيق التنمية الشاملة فحرص على رعاية كافة شرائح المجتمع من الاطفال والشباب والمرأة والمتقاعدين وتوفير مخصصات مالية لكفالة الأيتام والأرامل والمطلقات ومحدودي الدخل وذوي الاحتياجات الخاصة.
وأكد أن الكويت كانت دائماً في ضمير أمير القلوب تغمده الله برحمته وفي وجدانه فحرص على تعزيز تواجدها في محيطها الدولي والاقليمي مستثمرا خبرة وحنكة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد حفظه الله وقدراته ومهاراته في الانفتاح على العالم وإقامة علاقات قوية ومتوازنة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة بل قام أمير الديبلوماسية رعاه الله بالعديد من المبادرات والمساعي والوساطات التي حولت الكويت الى دولة محورية وداعم أساسي لارساء السلام والاستقرار في العالم.
وأشار الى أن سموه رحمه الله كان صاحب فكرة انشاء مجلس التعاون الخليجي الذي جسد اللحمة الخليجية والتعاون الوثيق بين دول المجلس كما كان صاحب قرار تعزيز دور الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية لتشمل مشاريعه التنموية مختلف دول العالم الفقيرة والنائية ولا تقتصر على الدول العربية فقط وكان ذلك القرار اضافة حكيمة لمكانة الكويت وتأثيرها في العالم.
وأوضح الشيخ مبارك الدعيج في ختام بيانه أن كل هذه الانجازات والمبادرات كانت الحصن المنيع للكويت والسياج المتين الذي يحميها من العواصف والهزات والتحديات الاقليمية والدولية كما كانت القوة التي استثمرها سموه طيب الله ثراه مع رفيقي دربه في مواجهة الغزو العراقي عام 1990 والتي نجحت في حشد تحالف عسكري دولي لطرد قوات الاحتلال وتحرير الكويت وإعادة إعمارها.

مهندس فكرة إنشاء مجلس التعاون الخليجي

على المستوى الخليجي، كان الشيخ جابر الأحمد رحمه الله مهندس فكرة إنشاء منظومة مجلس التعاون الخليجي العام 1981 النابعة من قناعته بأن العصر المقبل هو عصر التكتلات السياسية والاقتصادية.
ورغبة منه في أن تكون قرارات دول مجلس التعاون منسجمة مع تطلعات شعوبها، اقترح في قمة الدوحة العام 1996 فكرة انشاء مجلس استشاري من 30 عضواً من مواطني الدول الست الاعضاء توكل إليه مهمة تقديم النصح والمشورة والرأي للمجلس الاعلى الذي يعتبر السلطة العليا في مجلس التعاون.
أما على الصعيد العربي فقد كانت القضايا العربية بمختلف ابعادها السياسية والاقتصادية الشغل الشاغل للأمير الراحل منذ اللحظات الاولى لاستقلال الكويت، فكان صاحب فكرة انشاء الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية في 31 ديسمبر 1961.

مساهماته في تنمية الدول الفقيرة  وإسقاط فوائد ديونها

تولى الشيخ جابر الأحمد، رحمه الله، رئاسة أول مجلس لادارة الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، لتصبح الكويت في طليعة الدول التي تقدم المساعدات في مجال التنمية للدول الأخرى حتى وصل حجم تلك المساعدات إلى أكثر من 8 في المئة من الناتج القومي الاجمالي للكويت.
ولن ينسى العالم مبادرة الأمير الراحل العام 1988 من على منصة الامم المتحدة عندما وقف مخاطباً دول العالم بأن تسقط فوائد الديون المستحقة على الدول الفقيرة، وتخفيض أصل الدين على الدول الأشد فقراً، في هدف سامٍ لتقريب الفجوة بين الاغنياء والفقراء.
ولم تثنه أشد الازمات التي مرت عليه وعلى أهل الكويت عن أن ينسى شعوب العالم الفقيرة، فوقف الشيخ جابر الأحمد مرة اخرى على منصة الأمم المتحدة في 27 سبتمبر 1990 في عز كارثة الاحتلال العراقي الغاشم للكويت، ليعلن أن الكويت قررت إلغاء جميع الفوائد على قروضها، كما ستبحث أصول القروض مع الدول الأشد فقراً وذلك من أجل تخفيف عبء الديون التي تقع على كاهل تلك الدول.

 

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي