No Script

تاريخ / تخطيط وتنمية الماضي الجميل (7)

تصغير
تكبير
دخل الحفيد على جده فوجده ممسكا بجهاز التحكم الخاص بالتلفاز، وهو يقلب في القنوات الفضائية المتعددة، ولم يقرر اي برنامج وأي فيلم أو مسلسل يستطيع أن يختار حتى تتم المتابعة.

الحفيد: اراك حائرا يا جدي؟!

الجد: نعم يا بني... لكثرة وتعدد القنوات بالأفلام والمسلسلات.

الحفيد: جدي للتو شاهدت أحد الافلام الجميلة في السينما، وهناك تذكرت بأنك لم تحدثني عن قسمي السينما والمتاحف التابعين لوزارة الارشاد والأنباء... حدثني يا جدي العزيز كيف كانا القسمان في زمانكم؟

الجد: نعم يا بني... كان هناك قسم للسينما الذي شكل عنصرا اساسيا في ميدان الاعلام والتثقيف، وسعت وزارة الارشاد وقتها جاهدة لتوفير الامكانات اللازمة له. وفي زمن النهضة العمرانية توافرت لنا لنهاية الثمانينات دور سينما عدة كانت تشهد عددا كبيرا من الزوار لما فيه من متعة رؤية الافلام العربية والهندية آنذاك، منها سينما الفردوس وسينما الحمراء في منطقة شرق، وسينما السيارات التي كانت الأولى في منطقة الخليج آنذاك. كم كانت متعتنا ونحن نقف في صفوف الطابور الطويل من دون كلل وملل حتى نشتري تذكرة أو تذكرتين.

الحفيد: هل تعلم يا جدي بأن الآن لدينا العديد من دور السينما ناهيك عن دور عرض تتجاوز الـ10 في كل مجمع تجاري، إضافة إلى دور عرض خاصة، أصبحنا نحجز التذاكر وأماكن الجلوس بكل سهولة بسبب الشبكات الالكترونية المباشرة.

الجد: نعم يا بني... فزمانكم غير زماننا.

الحفيد: حدثني يا جدي العزيز عن المتاحف ودور الآثار في زمنكم الجميل؟

الجد: نعم... كانت دولة الكويت تضم مناطق كثيرة تحوي آثارا في غاية الأهمية، وكانت تتركز قيمتها في كونها الآثار الوحيدة التي تعكس حضارة أهل الخليج. وكان المتحف الوطني بما يتضمنه من آثار محدودة آنذاك لا يعكس تماما أبعاد الصورة الحضارية للمنطقة.

الحفيد: لماذا يا جدي؟!

الجد: نعم يا بني... كان ذلك بسبب عدم توافر المسوحات الأثرية أولا، وقلة الخبرات الفنية اللازمة للتنقيب عن الآثار وصيانتها ثانيا.

الحفيد: جدي هل كان لوزارة الارشاد والأنباء أهدافا عامة في الستينات؟

الجد: بالتأكيد يا بني... في الستينات... كان لقطاع الاعلام والارشاد الذي تم اضافة كلمة الارشاد الوطني عليه في ما بعد أهداف عامة واضحة منها:

1- اقامة مجمع للاذاعة والتلفزيون وتوفير الاستديوهات اللازمة لدعم نشاط الاخراج الاذاعي والتلفزيوني.

2- التوسع في تدريب وتوفير الكفاءات والخبرات الفنية في جهازي الاذاعة والتلفزيون، وذلك حتى يتم زيادة الانتاج المحلي ورفع مستواه كما وكيفا.

3- دعم النشاط السياحي محليا وخاصة بالنسبة لجدزيرة فيلكا، وتعزيز المرافق العامة المتعلقة بقطاع السياحة.

4- دعم ادارة المتاحف والآثار وتطويرها واستكمال احتياجاتها من القوى البشرية والخبرات الفنية.

5- تطوير البرامج التلفزيونية وتبادلها عن طريق الأقمار الصناعية وادخال التلفزيون الملون في الكويت.

الحفيد: جميلة جدا تلك الأهداف، هل كان هناك مشاريع بارزة سعت لتنفيذها وزارة الارشاد والأنباء وقتها؟

الجد: نعم يا بني... كان من أهم المشروعات في قطاع الاعلام والارشاد الوطني مشروع إقامة مبنى مجمع الاذاعة والتلفزيون، وقدرت تكاليف المشروع الاجمالية وقتها 32.440 مليون دينار حيث تضمن المشروع مبنى كبير يضم جميع موظفي الاذاعة والتلفزيون، وتوفير أماكن مناسبة للأجهزة والمعدات الحديثة سواء للإذاعة أو التلفزيون.

إضافة إلى مشروع إنشاء استديو للصوت وآخر للتصوير السينمائي والذي بلغ تكلفته تقريبا 179 ألف دينار، واعتبر هذه المشروع وقتها بمثابة البداية لإرساء أول دعامة في صناعة السينما بالكويت والتي حرصت دوما الوزارة على تشجيعها تماشيا مع متطلبات النهضة الشاملة. كما تم رصد مبلغ 380 ألف دينار لعملية مسح المناطق الأثرية والتنقيب عنها.

الحفيد:جدي هل هناك من سياسات لهذا القطاع؟

الجد: بالفعل يا بني... كانت هناك العديد من السياسات التي تم وضعها لقطاع الاعلام والارشاد الوطني، وسأذكر لها أهمها:

- تنسيق مهام اختصاصات وزراتي الارشاد والأنباء والشؤون الاجتماعية والعمل وذلك لمنع الازدواجية في الاختصاصات المتعلقة ببعض الادارات والمؤسسات ذات الصفة الاعلامية والاجتماعية.

- منح وزارة الارشاد والأنباء بعض الصلاحيات لـتأمين استيراد ما تحتاجه من قطع الغيار للأجهزة الفنية بصورة مستعجلة لـتأمين الصيانة المطلوبة.

- دراسة إمكانية توحيد جميع المطبوعات التي يمكن توحيدها بين الوزارات الادارية أو المالية، وتنظيم سير العمل في مطبعة الوزارة بشكل يحقق زيادة الانتاجية الفعلية.

- تغطية منطقة الخليج العربي اعلاميا للمساهمة في نشر المد الحضاري وانسجاما مع الخط العام لسياسة الدولة في توفير جميع المساعدات لأبناء المنطقة وعلى مختلف المستويات.

- التوسع بنشر المخطوطات العربية والتراث العربي، وتشجيع الكتاب والمؤلفين ونشر انتاجهم واتباع طرق تبادل المخطوطات مع البلاد العربية الشقيقة.

- وأخيرا وضع تشريعات خاصة تهدف الى تشجيع زيارة دولتنا الحبيبة ودراسة إمكانية تخفيف بعض الاجراءات التي قد تسبب العراقيل والصعوبات، اضافة الى وضع برامج لإقامة مهرجانات عامة دورية وعقد المؤتمرات التي قد تدعم القطاع السياحي.

الحفيد: كم كان زمنكم جميل يا جدي.. كنتم تفكرون في الستينيات في تشجيع المستثمر الأجنبي وتسهيل اجراءاته وتشجيع السياحة التي باتا كلتاهما في صندوق أسود في زماننا لا نعلم لهما طريق مستقبل.. كم كانت العقول وقتها أفكارها ذات أبعاد طويلة.. ليت تلك السياسات في زمننا الحالي... ليتنا عشنا في ذلك الزمن الجميل.

* كاتبة وباحثة كويتية
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي