No Script

رسائل المشاهير 11 / فقد بصره «حسداً»... وغنّى الشعر القديم

الشيخ محمد رفعت... رسائل الرجل الذي رأى القرآن بقلبه

تصغير
تكبير
| اعداد طارق ضاهر ومفرح حجاب |

نعرفهم عبر صفحات وشاشات ومواقف... دخلوا التاريخ فسجّل لهم وشهد عليهم. هم مشاهير كل في مجاله، السياسي، الفني، الأدبي وحتى الديني، قلّب الكاتب سامي** كمال الدين في أوراقهم «الخاصة» جداً، ليعرّفنا الى الوجوه الأخرى «الحقيقية» لكل منهم... فكانت «رسائل المشاهير» الباب لنكتشف ما لم يكن يخطر في البال يوماً.

أسماء كثيرة تحملها صفحات كتاب كمال الدين... وان كانت «الأوراق» - كما أحبّ أن يصنّف أبوابه - مختصرة في 8 شخصيات، الا أنها تحمل أسماء الكثيرين ممن لعبوا دوراً في حياتهم.

في حلقات متتالية، سنكتشف معاً رسائل بعضها بخط اليد، والبعض الآخر مطبوع، لكل من الرئيسين المصريين الراحلين جمال عبدالناصر وأنور السادات، رئيس المخابرات المصرية السابق صلاح نصر، سعاد حسني، احسان عبدالقدوس، ماجدة، الشيخ محمد رفعت، الشاعر أمل دنقل، روز اليوسف، يوسف صديق، يوسف وهبي ومحمد كريم وغيرهم.

رسائل قد تغيّر في مفاهيم كانت راسخة في ذاكرة الكثيرين، كاشفة عن طفل ربما داخل أقسى الشخصيات، وعن مرارات وعذابات رغم الابتسامات الدائمة... فبين اليد والقلم والورقة، تنشأ علاقة لاارادية من الواقعية.



إنها قصة من رأى القرآن الكريم بقلبه وأوصله بصوته إلى بقاع الأرض كافة... هو الشيخ المصري الراحل محمد رفعت، الضرير الذي طوّع المصاعب ولم يجد لـ»المستحيل» مكاناً في حياته.

في السطور الآتية، يفتح الكاتب سامي كمال الدين كتاب حياة من كوّن «جماهيريته» بقراءة للقرآن، وصنع لنفسه أصدقاء كثراً لم يغب عنهم أهل الفن.

قال عنه نزار قباني يوماً: «يفتح صوت الشيخ رفعت أمامي أبواب السماء»..

إنه الصوت الذي إذا غرد سكتت كل أصوات مقرئي القرآن في العالم، وهو الذي يصيب الجسد بالقشعريرة، والروح بالصفاء والنفس بالسمو وهو ذات الصوت الذي جعل الأقباط يطالبون بإعادة صاحبه الشيخ رفعت إلى قراءة القرآن في الإذاعة حين تم منعه منها لأنهم يحبون الاستماع إلى سورة « مريم» بصوته.

وتبدأ السيرة الذاتية لقيثارة السماء الشيخ رفعت من حي المغربلين بدرب الأغوات في 9 من مايو عام 1882، وقد ذكرت كل المصادر الموجودة تحت أيدينا وهي عديدة أن والده كان مأموراً لقسم الخليفة، لكن حفيدته هناء حسين محمد رفعت وزوجها اللواء محمد سعد ذكرا لي أن والده كان يعمل تاجراً، ومعهم الحق في ذلك فلو كان مأموراً لكان ترك معاشاً لأبنائه، بدلاً من خروج ابنه محمد لقراءة القرآن في المآتم لينفق على إخوته.

وأثناء ولادة محمد رفعت كانت عيناه هما أروع ما فيه، وقد قيل إن امرأة رأته ووالده يحمله على كتفه، حيث لم يكن يتركه يمشي على الأرض من فرط حبه له، فقالت «ده رمشه نايم على صحن خده» ففقد بصره، حيث ذهب به والده إلى طبيب أجرى له جراحة فقد على إثرها البصر، وهو في الخامسة من عمره وهنا اتجه به والده إلى نور كتاب الله فحفظ محمد رفعت القرآن لدرجة أنه راجع والده حين كان يقرأ إحدى الآيات، وكان في الخامسة من عمره وكان والده يمشي ويرتل والطفل على كتفه، وهنا أنزل محمود رفعت ابنه محمدا ولطمه على وجهه، وعاد الأب إلى منزله غاضباً ليفتح المصحف ويجد ابنه على حق في الآية التي صححها له.

لقد حفظ الطفل القرآن في هذه السن الصغيرة وفي التاسعة من عمره رحل الوالد تاركاً له والدته وخالته وأخويه في دنيا خئون لا ترحم، وهنا انطلق الفتى يقرأ القرآن في المآتم ليوفر لقمة العيش لهم.

وحين أتم الخامسة عشرة من عمره عين قارئاً بمسجد فاضل باشا جامع بشتك بدرب الجماميز بالسيدة زينب، الذي كانت المواصلات تتعطل بسبب تزاحم الناس للاستماع إليه، وظل محمد رفعت ثلاثين عاماً في هذا المكان يرتل القرآن دون أن يغير موضعه.

وذاع صيت الشيخ رفعت حتى جاء يوم 31 مايو عام 1934 عام افتتاح «الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية» ليعرض عليه سعيد لطفي باشا مستشار الإذاعة أن يفتتح الإذاعة بصوته، وهنا ثار الشيخ رفعت وغضب وقال: إن كلام الله وقار نزل من السماء لا تليق بمقامه أن تذاع إلى جانبه الأغانى الخليعة التي تقدمها الإذاعة.

ولكن الشيخ كان قد كوّن جمهوراً يريد الاستماع له بأي شكل، وقد عرضوا عليه أن يسجل الأغاني المأخوذة من الشعر القديم المحترم قبل ذلك في الإذاعة الأهلية، ووافق محمد رفعت شريطة عدم ذكر اسمه، فغنى «أراك عصي الدمع» و«حقك أنت المنى والطلب» وقد عمل الشيخ رفعت قبل ذلك لجمال صوته منشداً للمدائح النبوية، كما أنه كان صديقاً لمحمد عبدالوهاب وزكريا أحمد وصالح عبدالحي ونجيب الريحاني وبديع خيري لدرجة أن عبدالوهاب قال إنه عندما كان طفلاً واستمع إلى صوت الشيخ رفعت يرتل القرآن بعد صلاة الفجر كانت البلابل والعصافير وعناقيد الكروانات تسبح كجوقة في خلفية صوته.

والشيخ رفعت في جلساته الخاصة كان يتناول العود ويعزف عليه ببراعة، وكانت نغمات «العجم» و«الصبا» و«البياتي» أقرب النغمات إلى نفسه، وكان يلقي النكتة المهذبة في براعة يحسد عليها من منطلق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإنها إذا كلت ماتت».

في عام 1934 ذهب الشيخ رفعت إلى الشيخ السمالوطي أحد أعضاء هيئة كبار العلماء ليقول له إنه بعد الإذاعة الأهلية أنشأوا إذاعة يريدوننى أن أقرأ القرآن فيها وقد قلت لهم إن القرآن لم يخلق ليرتل أمام الميكروفونات الصماء، فقال له السمالوطي: إن قراءة القرآن حلال في الإذاعة، وأخذ الشيخ رفعت يلح في سؤاله ويؤكد له السمالوطي أكثر من مرة أنها حلال وعليه أن يذهب إلى الإذاعة ويقرأ القرآن، فأعاد رفعت الكرة قائلاً إنه سيقرأ القرآن والناس سيستمعون إليه في المقاهى والحانات وصالات القمار، فقال له السمالوطي أنت ستتلو القرآن في مكان طاهر.. أليس كذلك؟

فقال له: نعم.. فقال له: لا تخش شيئا،ً لكن الشيخ رفعت امتلك ضميراً لا تأخذه سنة واحدة، فذهب إلى شيخ الأزهر نفسه الشيخ الظواهري فقال له: «أعرف ما جئت تسأل عنه يا شيخ رفعت وتعال معي وأمسك الشيخ الظواهري بيد الشيخ رفعت وجعله يتحسس جهازاً في ركن بالبيت إنه الراديو أجل يا شيخ رفعت لقد جئت به لأستمع لك».. وهنا توجه الشيخ رفعت إلى الإذاعة وصدح بصوته ليستمع إليه الملايين لدرجة أن طياراً كندياً التحق بالجيش الأيمريكى ليأتي إلى مصر ليشاهد الشيخ رفعت بعد أن استمع إليه عبر إحدى الاسطوانات التي سافرت إلى

كندا.. رغم أن الرجل كان يجهل العربية فقد كان صوت محمد رفعت يتجاوز البلاد واللغات واللهجات.

لكن الشيخ رفعت لم يرتح لتلاوة القرآن في الإذاعة، حيث كانت تحت سيطرة الاحتلال الإنجليزى، لدرجة أنه تم منع الرجل من أن يشرب قهوته داخل الاستديو، رغم أنه يظل ساعة كاملة على الهواء يقرأ... كما أن هناك أحد الإنجليز حاول منعه من الصلاة داخل الاستديو قائلاً له «الإذاعة ليست جامعاً لتصلي فيه»..

وفي عام 1938 أو 1939 توقف الشيخ رفعت عن القراءة للإذاعة لأن سعيد لطفي باشا رفع أجر الشيخ عبدالفتاح الشعشاعي من 12 جنيهاً إلى 14 جنيهاً في التلاوة الواحدة، ولم يرفع أجر الشيخ رفعت إلى الرقم نفسه رغم أن الشيخ رفعت افتتح الإذاعة بصوته ونحن لا نتكلم من فراغ فلدينا العقود التى تمت بين الشيخ رفعت و«الإذاعة اللاسلكية للحكومة المصرية» ووكلائها «شركة تلغراف ماركوني اللاسلكية لميتد لندن» و«شركة راديو هوس شارع علوي بمصر» (...).

والغريب أن الشيخ رفعت ظل يقرأ للإذاعة دون أن تسجل له، لذا حين مرض الشيخ لم تجد الإذاعة شيئاً تقدمه له إلا أنه كان هناك أحد الباشوات ويدعى زكريا مهران كان كلما استمع لصوت الشيخ رفعت قام بتسجيله دون أن يعرف الشيخ رفعت، حيث لم تكن هناك أي علاقة بينهما، ذلك لأن محمد رفعت كان يرفض التسجيل، لذا تعب أولاده محمد محمد رفعت الابن الأكبر وأحمد محمد رفعت وحسين محمد رفعت في جمع هذه التسجيلات والتي كان زكريا باشا مهران قد نقلها إلى موطنه الأصلي في القوصية محافظة أسيوط، وحين ذهبوا إليه قال لهم: هذا ما أملكه من تسجيلات الشيخ رفعت وقد بلغ عددها (278 أسطوانة) تضم (19 سورة) مدتها (21 ساعة).

ورغم الأموال العديدة التي عرضت على الشيخ رفعت فإنه كان يرفض رفضاً باتاً التكسب أو السعى وراء المادة، حتى إنه تلقى دعوة من «حيدر آباد» بالهند، ليسافر لكنه رفض رغم الوساطات العديدة ومنها وساطة الموسيقار محمد عبدالوهاب ولم يسافر إلا إلى المسجد النبوى الشريف.

أما بالنسبة للحياة الشخصية للشيخ رفعت فقد تزوج وعاشت معه زوجته الأولى مع أمه وخالته وإخوته الأربعة لكنها طالبته بالاستقلالية وأن يشتري لها مسكناً بمفردها لأن هذا حقها كزوجة، وثار محمد رفعت ورفض في بادئ الأمر لكنه استجاب لها بعد ذلك واشترى لها بيتاً وجمعوا الأشياء الخاصة بهما لكن محمد رفعت لم يستطع أن يكمل نزول درج السلم ولم يستطع أن يفارق أهله ورجع إلى البيت، فكان الطلاق هو الحل الوحيد ثم تزوج للمرة الثانية ولم يكن قد أنجب من الأولى.

وقد ظل محمد رفعت يقرأ في جامع فاضل حتى اللحظات الأخيرة لنهاية صوته، فبعد كل الشهرة التي حققها ووصول صوته إلى معظم أنحاء العالم عبر الإذاعة ظل وفياً للحصيرة والكنبة في جامع فاضل.

ويروي كمال النجمي اللحظات الأخيرة لصوته بقوله: في سنة 1943 رأيت مشهداً مبكياً من مأساة القارئ العبقري محمد رفعت صاحب أرقى حنجرة وأسمى فن غنائي في عصرنا يعتمد على بديهة الارتجال.

رأيت مأساته في لحظات رهيبة تشبه الحلم المرعب، وقد أحاط به مئات المستمعين وكانت عادتي أن أقصد يوم الجمعة مبكراً إلى مسجد فاضل باشا بالجماميز لأجد مكاناً قريباً من الشيخ، فقد كان صوته على تعدد مقاماته واكتماله صغير الحجم لا يستوعب دقة نبراته إلا القريبون من مجلسه.

وفي المرة الأخيرة التي سمعت فيها الشيخ كان يتلو سورة (الكهف) في المسجد كعادته فقاوم الفراق أو «الزغطة» التى غص بها حلقه، وقرأ ما سمحت به نوباتها المتكررة ثم سيطرت «الزغطة» على الموقف وملأت حلق الشيخ وحبس صوته تماماً.

حنى الشيخ العظيم رأسه جريح القلب لا يدري ما يصنع.. ثم أخرج من جيبه زجاجة صغيرة فيها سائل أحمر يبدو أنه دواء وصفه له بعض الأطباء فأطاعه صوته في آيتين أو ثلاث ثم قهره الداء وتوقف حائراً لبعض الوقت ثم غادر مجلسه تاركاً إياه لشيخ آخر.

في تلك اللحظة المأسوية انفجر الناس في المسجد بالبكاء وعلا نحيب المقرئين الشبان الذين كانوا يلتفون حول الشيخ رفعت كل أسبوع ليتعلموا طريقته وصناعته.

وتحول الموقف إلى مأتم رهيب للصوت العبقري الذي ضاع.

وهنا نادى الكاتب أحمد الصاوي محمد بعمل اكتتاب شارك فيه مواطنون من مختلف الأديان وقسس ليسهموا في نفقات علاجه، لكن أبناءه رفضوا قبول الاكتتاب الذي وصل إلى خمسين ألف جنيه، فزاد إكبار الناس وإجلالهم له، وظل الشيخ رفعت طريح الفراش 9 سنوات مردداً «أراد الله أن يمنعني.. ولا راد لقضائه.. الحمد لله.

لقد ولد في مايو وافتتحت الإذاعة بصوته في مايو، وفي مايو ويوم ميلاده التاسع من الشهر نفسه رحل أجمل صوت ترنم بآيات الله عام 1950.

وحاولت أن أجد أحداً من أسرته، لكن تعرضت للعديد من النصابين الذين يدعون قرابتهم للشيخ.. حتى هداني الله إلى حفيدته السيدة هناء حسين محمد رفعت وزوجها اللواء محمد سعد الذي كانت علاقته الروحية قوية بالشيخ رفعت، وحين دخلت البيت أحسست بأن روح الشيخ رفعت ترفرف حولي.. وسألت حفيدته: متى بدأ اكتشافك للشيخ محمد رفعت فقالت: «لها قصة تبدأ من والدي، حيث حكى لي أنه لم يكن يدرك أن أباه هو الشيخ محمد رفعت المقرئ المشهور ذو الصوت الجميل ووالدي كان الرابع حيث كان مع جدي عمي محمد محمد رفعت وهو بمثابة سكرتيره ودليله الذي يصطحبه في كل مكان، ولم يعمل في أي مهنة سوى عين أبيه التي يرى بها.. ثم عمي أحمد محمد رفعت ثم عمتي ثم والدي فأبي لم يكن ينظر له على أنه الشيخ رفعت المقرئ رغم توافد الفنانين وإقبالهم عليه مثل: أم كلثوم ورامي وعبدالوهاب والريحاني والشيخ السمالوطي كلهم كانوا يجيئونه في مندرة البيت ولم يدرك هذا إلا حين توفى الله الشيخ رفعت فبدأ أبي يبحث ويستمع وينصت لصوته باهتمام وتحول من ابن للشيخ رفعت إلى «مجنون الشيخ رفعت». كان والدى حين يستمع إلى الشيخ رفعت يخبط برأسه في الوسائد إعجاباً وكان لوالدي الفضل في تجميع الشرائط التي طبعت.. قاطعتها قائلاً: لكني اشتريت أحد هذه الشرائط من الشركة التي طبعتها فوجدتها سيئة الصنع؟

فأجابت: ذلك لأن هذه الشركة لم تقم بتنقية الصوت لكنها حملت الصوت من على الأسطوانة على الشرائط مباشرة بضوضائها وما بها من شوائب دون إجراء أية عملية تنقية.

. هل هناك من سجل للشيخ رفعت خلاف زكريا باشا مهران؟

-نعم هناك صديق تاجر اسمه محمد خميس وقد كانت إمكانياته محدودة، لكن زكريا مهران كان غنياً وكان لديه جهازان كبيران كان يسجل بهما كل ما يسمعه من الشيخ رفعت، وبعد وفاته ذهب إلى الإذاعة وقال إنه على استعداد لأن يهديهم التسجيلات التي لديه شريطة أن يخصصوا معاشاً شهرياً للشيخ رفعت لأنه رجل رفض الاكتتاب الذي اقترحوه له.

لم تجيبيني عن اكتشافك بالشيخ رفعت؟

- مثلما اكتشفه والدي بعد وفاته وأنا أكتشفه بعد وفاة والدي، لأني كنت مرتبطة بوالدي جداً لذا دخلت هذه الحجرة التي تجلس فيها والتي كان والدي لا يتركها إلا لينام، وأخذت أبحث وأفتح الأوراق الخاصة فأرتبط أكثر بالشيخ رفعت، وبدأت أسمعها بأذن جديدة غير التي كنت أسمعها به من قبل، ومن فرحتي بصوته اليوم حيث وجدته يقرأ في معظم محطات الإذاعة بكيت فرحاً.

. هل عرض زكريا مهران بيع الاسطوانات؟

- لا لم يحدث ولكن الباشا حين توفي ذهب بالاسطوانات إلى عزبته، ولما ذهب والدي وإخوته له وجدوه وقد خبأها عند ناظر العزبة، ولا نعرف هل هي كل ما أعطاه لهم أم لا، لكنه قال لهم هذا ما سجلته، وفي الحقيقة لم يعرض بيعها إطلاقاً حتى إن زوجته كانت ابنة علي باشا مبارك، وهي «هانم» ذات نشأة طيبة قالت لأبي «يا حاج حسين زكريا باشا مهران رغم أنه رجل اقتصاد ورجل قانون، وعضو مجلس الشيوخ لكن ما شهره أنه جامع لتراث الشيخ محمد رفعت.

. ماذا تريدين أن تفعلي إزاء تراث الشيخ رفعت؟

- أناشد وزير الثقافة أن يمنحنا مكاناً لإقامة متحف للشيخ رفعت يضم مقتنياته الخاصة مثلما حدث مع أم كلثوم خصوصاً أننا كونا جمعية محبي الشيخ رفعت، ومعنا الدكتور محمد محمد غزالي الذي تبرع لنا بألف جنيه لإشهار هذه الجمعية، وهو طبيب بمستشفى المنصورة، وفكرنا أن يكون مقر الجمعية في مدفنه لكننا رأينا أن هذا لا يليق بالشيخ رفعت.

وقد منحتني السيدة هناء حسين المدير العام بوزارة الثقافة هدية رائعة وهي الخطابات التي أرسلت إلى الشيخ رفعت من معجبيه فهذه رسالة مكتوب في أعلاها «محمد صابون تاجر حدايد وصاحب ورشة ميكانيكية ومسبك معادن بالمنصورة بشارعي الكخيا والسلخانة، وتليفونه رقم 2671» ويقول نص الرسالة:

«هذا هو السحر الجلال، إنه يقرأ القرآن كما أنزل بقراءته هذه كأنه يفسر لنا القرآن.. حضرة الأستاذ محمد رفعت، هذا قليل من كثير مما كان يردده الناس مساء الجمعة 13 الجاري، وفي الحق يا سيدي أنك كنت مبدع كل الإبداع وموفقاً كل التوفيق فقد ملكت القلوب وجعلت الناس يخرون للأذقان سجداً وكأنهم ما سمعوا القرآن من قبل..»

وتمضي الرسالة في الثناء على الشيخ، وهناك رسالة أخرى من الأقصر في 5 من ذي القعدة سنة 1354 هـ من محمد حقي محمود يهنئه فيها بالشفاء حيث يقول: «لقد سمعت فضيلتكم بالأمس بالراديو من سورة مريم، فوالله لا يملكني أن أصف ما حصل عندي من الطرب والفرح الشديد خصوصاً لتمام صحتكم وشفاء

كم الكامل حيث بعد شفائكم من المرض في الأربع قراءات السابقة لم ترى قوتكم كالمعتاد إلا أمس».

عن قراءتكم (كهيعص) هذا شيء من العجائب والغرائب (فالله أكبر) وقراءتكم (فكلي واشربي وقري عينا) (فسبحان الفتاح العليم).



في الحلقة المقبلة



نتناول سيرة الشاعر المصري أمل دنقل الذي شهدت حياته العديد من المحطات المتناقضة والممتزجة بالعذاب والمرار والدموع.

- قالت له أمه: «إن كنت تعتقد أن التدخين عيب فلا تدخن إطلاقاً

- تحدى العقاد في قصيدة عمودية وانتصر عليه

- كان يكتب بكبريائه الذي لا يملك سواه
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي