No Script

التدريب... رافعة النجوم ومحرقتهم

u062au064au064au0631u064a u0647u0646u0631u064a u064au062eu0648u0636 u00abu0627u0644u062au062cu0631u0628u0629 u0627u0644u0623u0648u0644u0649u00bb u0645u0639 u0645u0648u0646u0627u0643u0648
تييري هنري يخوض «التجربة الأولى» مع موناكو
تصغير
تكبير

السواد الأعظم من المتابعين لم يعتقد يوماً بأن زيدان يصلح ليكون مدرباً بعدما ارتبطت صورته بـ «نطحة ماتيراتزي» الشهيرة... فيما كان يُنظر إلى ماتيوس على أنه «مدرب المستقبل»


ليس من الضروري أن تكون لاعباً مميزاً كي تتحوّل لاحقاً إلى مدرب ناجح.
أمثلة كثيرة يمكن أن نسوقها تحت هذا «البند»، فالألماني يواكيم لوف الذي قاد منتخب بلاده كمدرب الى التتويج بكأس العالم 2014 بعد 24 سنة من «الحرمان» لم يكن بلاعب متألق، فيما برع مواطنه لوثار ماتيوس كلاعب وقاد الـ«ناسيونال مانشافت» إلى النقطة الأعلى من منصة التتويج في مونديال 1990 غير أنه لم يجد للنجاح سبيلاً في مضمار التدريب.
ونبقى في ألمانيا حيث نجد مثالاً في «القيصر» فرانتس بكنباور الذي جمع المجد من طرفيه، متألقاً مع منتخب بلاده لاعباً وقائداً في الرحلة المظفرة نحو كأس العالم 1974 قبل أن يعيد الكرّة كمدرب، هذه المرة، مع الفريق ذاته في 1990.
وينطبق الأمر، كي لا نبخس حق أحد، على كل من البرازيلي ماريو زاغالو (بطل العالم كلاعب في 1958 و1962 وكمدرب في 1970) والفرنسي ديدييه ديشان (1998 كلاعب و2018 كمدرب).
واللافت في هذه المعادلة أن ثمة لاعبَين طبعا كرة القدم بطابعيهما تاريخياً، البرازيلي بيليه والأرجنتيني دييغو مارادونا، وتألقا في الميدان، فحقق الأول كأس العالم ثلاث مرات (1958 و1962 و1970) والثاني مرة (1986) فضلاً عن تقديمهما أداء لم يسبق لـ«العشب الأخضر» أن استمتع بما هو أرقى منه إلا نادراً، غير أن الأول الملقب بـ«الجوهرة السوداء» آثر الابتعاد عن مهنة التدريب، فيما أثبتت الأيام بأن الثاني لا يملك مقومات المدرب الكفء على الرغم من تعدد تجاربه، وأبرزها مع منتخب بلاده في مونديال 2010 عندما ودّع من الدور ربع النهائي أمام ألمانيا إثر خسارة فادحة تاريخية برباعية نظيفة.
صحيح أن اللاعب المحترف في بلاد الغرب، يمر بمدربين كثر، سواء في الأندية التي يمثلها أو المنتخب، ومن شأن ذلك أن يشكل لديه «ذخيرة فنية» تكون متاحة إن شاء استغلالها في حال اقتحامه مجال التدريب، غير أن المسألة لا تتوقف هنا، بل ثمة أمور أخرى بعيدة عن «المستطيل الأخضر» يعتبر توافرها بمثابة الشرط الأساسي لتحقيق النجاح.
نتحدث عن الشخصية وكيفية التعاطي مع اللاعبين والسيطرة على غرفة تبديل الملابس، فضلاً عن حسن السير بين الألغام في مقاربة العلاقة مع الإدارة والإعلام.
الفرنسي زين الدين زيدان كان يملك «كاريزما» فريدة في الملعب، كان المحور بين زملائه، همزة الوصل، غير أن السواد الأعظم من المتابعين لم يرَ فيه مدرباً مستقبلياً، خصوصاً أن صورته ارتبطت بالذاكرة كلاعب فذّ يخرج في مناسبات عدة عن أعصابه، كما حصل في نهائي مونديال 2006 عندما «نطح» الإيطالي ماركو ماتيراتزي، فطُرد، حارماً فريقه من جهوده ليخسر في النهاية بركلات الترجيح.
في المقابل، كان ماتيوس بمثابة الظل لـ«بكنباور المدرب» في الملعب، وتوقع كثيرون بأن يسلك طريق التدريب بعد الاعتزال بالنظر الى صفات القائد التي يتمتع بها.
في النهاية، انقلبت الآية، إذ حقق «زيزو» نجاحاً منقطع النظير في بداية مشواره كمدرب مع ريال مدريد الاسباني تمثل بانتزاع لقب دوري ابطال اوروبا ثلاث مرات متتالية في انجاز فريد، في الوقت الذي خاض فيه ماتيوس تجارب عدة باءت بالفشل كمدرب مع فرقِ ظلٍّ من أمثال رابيد فيينا وريد بول سالزبورغ النمسويين وبارتيزان بلغراد الصربي ومنتخبي المجر وبلغاريا.
ولعل الرجل الذي منح المدربين حضوراً قوياً نافسوا من خلاله ألمع النجوم هو البرتغالي جوزيه مورينيو، بفضل شخصيته المثيرة للجدل وتصريحاته الصحافية التي خلقت نوعاً من المشاعر حوله، تراوحت ما بين التعاطف والكراهية.
يُعتبر «مو» علامة فارقة في «معشر المدربين»، إذ نادراً ما كان المدرب يستحوذ على عدسات المصورين وصدر الصفحات والعناوين بالشكل الذي فعله البرتغالي.
ويكفي التذكير بالصخب الذي رافق انتقاله من انتر ميلان الايطالي الى ريال مدريد في 2010، أو تعاقده مع مانشستر يونايتد الانكليزي في 2016 لنعي «أهمية» الرجل، أضف الى ذلك الاصداء التي تتركها تصريحاته والاهتمام الذي يحيط بالمؤتمرات الصحافية التي يعقدها.
وعندما نقلّب صفحات مسيرة مورينيو الذي ارتدى زي فرق مغمورة من أمثال ريو آفي وبيليننسيش البرتغاليين، ندرك مدى «فارق النجاح» الذي عاشه ما بين ماضيه كلاعب... وحاضره كمدرب.
يوم السبت الماضي، عيّن نادي موناكو الفرنسي المهاجم الدولي السابق تييري هنري مدربا له خلفا للبرتغالي ليوناردو جارديم بعقد يمتد حتى يونيو 2021.
موناكو سيشكل أول اختبار كمدرب لابن الـ41 سنة والذي عمل منذ 2016 كمساعد للمدرب الإسباني روبرتو مارتينيز في منتخب بلجيكا.
سيعود هنري الى الفريق الذي بدأ فيه مسيرته الاحترافية في 1994 وبقي في صفوفه حتى 1999 وأحرز معه لقب الدوري المحلي (1997).
يبدو أن هنري، بطل العالم 1998 وأوروبا 2000 وصانع مجد أرسنال الانكليزي (1999-2007)، أحسن في اختيار نقطة انطلاقته في مضمار التدريب، خصوصاً أن موناكو لن يطالبه باجتراح معجزات في ظل وجود باريس سان جرمان، الذي يسيطر، منذ وصول الملّاك القطريين، على مقدرات اللعبة محلياً. كما لن تشترط إدارة نادي الإمارة عليه تزعّم أوروبا من بوابة الـ«تشامبيونز ليغ» بالنظر الى الفوارق الفنية والمالية بين موناكو وأندية النخبة في «القارة العجوز».
هنري قدِم الى «فريق الصبا» في محاولة لإنقاذه من الغرق اذ يحتل حالياً المركز الثامن عشر في الدوري المحلي بين 20 فريقاً، متخلفاً بفارق 21 نقطة عن سان جرمان المتصدر.
في موسمه الأول، لن يُطلب من هنري أكثر من الصعود بالفريق نحو المنطقة الدافئة وتحاشي تهديد حضوره في  الـ«ليغ 1».
العارف بالأمور يدرك بأن موناكو لن يتمكن، في المدى المنظور، من منافسة سان جرمان، خصوصاً إذا استمر الأخير في نهج البذخ على ضم نجوم الصف الأول في العالم الى صفوفه.
لذا يطرح سؤال محوري نفسه هنا: ماذا ينتظر موناكو وهنري من بعضهما البعض؟
الإجابة يفرضها منطق الأمور والواقع. موناكو يريد من هنري تحسين وضعية الفريق في الموسم الراهن، على أن يجري العمل، في الموسم التالي، على تعزيز الصفوف واحتلال موقع مؤهل الى دوري ابطال اوروبا. أما هنري، فلا يريد من موناكو سوى اكتساب الخبرة وبناء شخصية «المدرب المستقل» تمهيداً للانتقال الى نادٍ بطموحات أكبر وحضور أكثر وقعاً على الخارطة الكروية.
هل سيصيب هنري نجاحاً كمدرب مثلما فعل كلاعب؟ الأمثلة التي سيقت آنفاً لا تحدد مؤشرات ثابتة، لتبقى الأيام، بما تحمله، خير من يعطي إجابة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي