No Script

التلاعب في الميزانيات يتطلّب إعادة النظر بقوانين التدقيق خصوصاً أن اسم المراقب من الوزن الثقيل

«المركزي» يفتّش في دفاتر شركة صرافة محلية تتبع... مسؤول «ان ام سي» الهندي

No Image
تصغير
تكبير

مكتب تدقيق المجموعة  كان يفترض أن يبلّغ البنوك الكويتية المنكشفة بموقفها المالي الحقيقي 

الجهات الدائنة قبلت  تمويل «ان ام سي» بناء  على تقرير مدققها الذي  أكد متانة وضعها المالي

القوائم المالية أحد  المعطيات الرئيسية  التي تعتمد عليها المصارف  في تحديد قرارها الائتماني



أشعلت مجموعة «ان ام سي» للرعاية الصحية الإماراتية أخيراً نقاشاً واسعاً في العديد من الأسواق، ومنها الكويت، ليس فقط لوقوع بنوك وشركات خليجية، من بينها كويتية، ضحية استيلاء رجل الأعمال الهندي الشهير في الإمارات على 6.6 مليار دولارعلى شكل ديون غير مصرح بها لمجلس إدارة، لكن لجهة من يتحمل مسؤولية التلاعب بالقوائم المالية، لا سيما أن حادثة المجموعة الإماراتية تذكّر بتلاعب إحدى شركات المقاولات المحلية ومدققي حساباتها في بياناتها المالية.
وفي هذا الخصوص، كشفت مصادر ذات صلة أن فرقاً تفتشية من بنك الكويت المركزي قامت منذ أول أمس بحملة تفتيشية موسعة في دفاتر شركة صرافة محلية تابعة لرجل الأعمال الهندي الدكتور بي آر شيتي الذي يتردد أنه هرب بأموال «ان ام سي».
وأوضحت أن فرق «المركزي» لا تزال تفتّش على بيانات الشركة، لكنها بينت أن التقارير الأولية تفيد بأنها لا تتجاوز مليوني دينار، موضحة أن التفتيش الميداني على أعمال الشركة يشمل الأوضاع المالية والبيانات والعقود وكل أنشطة الشركة، والتأكد مما إذا كان لديها أي مخالفات أم لا.
وإلى ذلك، استعرضت مصادر محاسبية مع «الراي» السيناريوهات الافتراضية للتلاعب في القوائم المالية، حيث أوضحت أنه يمكن للإدراة التنفيذية، خصوصاً في الشركات الكبرى، أن تتلاعب في الميزانيات الضخمة وفقاً لـ3 فرضيات:
الأولى، أن يكون مدقق الحسابات متواطئاً مع الإدارة التنفيذية، واتفق مغها مسؤوليها على إخفاء بعض الأرقام التي لها دلالات مالية مهمة، سواءً للمساهمين أو للمستثمرين، أو للجهات التمويلية التي تبني قرارات قروضها مع الشركات الكبرى عادة بناءً على واقع جودة الميزانية، فيكفيها في ذلك أن تعتمد على تقرير المدقق الذي ينتهي بأنه لا توجد لديه أي ملاحظات، وأنه دقق على جميع عمليات الشركات وقوائمها المالية وخلص إلى أنها تعكس ملاءة ومتانة.
ثانياً، يعتمد هذا السيناريو على فرضية أن المدقق مضلَّل، وأن تكون الإدارة نصبت عليه وقدّمت له أرقاماً غير حقيقية، وبخلاف الواقع، وهذا مستبعد في حالة «ان ام سي»، باعتبارها مجموعة كبيرة، ومشاريعها ضخمة، ولا يمكن إسقاط بعض المعلومات الجوهرية، أقله ليس عدم ملاحظة قرض على الشركة بنحو 3 مليارات دولار، كما أنه معلوم أن مدقق حسابات هذه المجموعة من المكاتب المحاسبية الأربعة الرئيسية التي تعتمد عليها مختلف الجهات المصرفية محلياً وخارجياً في إعداد بياناتها المالية، ما يُسقط فرضية أن يكون المدقق في هذه الحالة مضلَّلاً، أو أن يكون غير مؤهل للتدقيق مستقبلاً على أي جهة كبرى.
ثالثاً، أن يكون المدقق غير كفء، وأهمل في عمله، وهذا عادة يصعب حدوثه من المكاتب الكبرى، وفي الشركات الصغرى، أما مع اسم محاسبي معروف إقليمياً وعالمياً، يصعب قبول هذه الفرضية، إلا إذا ثبت العكس.
وإلى ذلك أكدت مصادر مسؤولة أن التلاعب في القوائم المالية يمثل آفة تعصف ببعض الشركات المدرجة في الأسواق المالية من حين الى آخر، ويشمل ذلك أموال المستثمرين والمدخرين على مختلف تصنيفاتهم، علاوة على سمعة السوق المالية، وسمعة الجهات الرقابية، ويؤدي إلى هزات مالية تنعكس على العديد من الشركات المرتبطة بالحالة المنكشفة واسم مدقق حساباتها، لا سيما أن قائمة دائني الشركة تشمل أكثر من 80 شركة إماراتية وخليجية وأجنبية أقرضت المجموعة مبالغ مختلفة.
وعملياً، تسلط مثل هذه التلاعبات الضوء على دور الجهات الرقابية، وتحديداً المعنية بمراجعة البيانات المالية الفصلية والسنوية، في حماية المساهمين والمستثمرين المحتملين، وكذلك الأطراف ذات العلاقة، من تكرار مثل هذه المخالفات.
من حيث المبدأ، تؤكد مصادر معنية أنه كان يفترض من مكتب تدقيق المجموعة أن يُبلغ البنوك الكويتية المنكشفة عليها بالموقف المالي الحقيقي لـ«ان ام سي»، خصوصاً أنه نفس مدقق هذه البنوك في الكويت، مبينة أن أخلاقيات العمل والأمانة المهنية تستدعي من المراقب أن يخطر جميع عملائه ذي الصلة بالوضع الحقيقي لعميله الذي يواجه مشاكل مالية فعلية، وإلا يكون المراقب سبب الخسارة ويتحمل مسؤوليتها.
وبينت المصادر أن طبيعة عمل البنوك والشركات الكبرى تسمح بمعدل مخاطر مقبول، خصوصاً في الحالات التي يتم إقراضها بناءً على ميزانيتها المدققة، وليس بسبب الضمانات المقررة.
وأوضحت، أنه في هذا الحال يكون قبول البنك المموّل والجهة الرقابية المحلية من خلفه معتمداً على تقرير مدقق الحسابات، وتحديداً الأسماء المعروفة، على اعتبار أنه مطّلع على جميع بيانات الجهة، حيث تعد القوائم المالية إحدى المعطيات الرئيسية التي تعتمد عليها المصارف في تحديد قرارها الائتماني مع العميل، ما يجعل دقة بياناتها مطلباً فنياً وقانونياً يتعين الاهتمام به من الأنظمة الرقابية.
وهنا لا يمكن للبنك أو الرقيب أن يطلب من الجهة الطالبة للتمويل أو المدقق أي بيانات إضافية إلا في حال عدم وضوح الأرقام بالنسبة له، أما في حال وضوحها فلا يحق له التشكيك، ويكون قرار لجنة القروض بالتبعية متوافقاً مع مسار التدقيق الذي يؤكد قوة الجهة التي تسعى للاقتراض، ما يعني أن تقرير مدقق الحسابات، يصنف الشركة وسمعتها.
وقالت المصادر إن حالات التلاعب المالي في بيانات مجموعة «ان ام سي»، وفي حضور الاسم الكبير للمكتب الذي دقّق على بياناتها، يستدعي إعادة النظر في قوانين وأنظمة استخدام مبادئ التدقيق المحاسبي، التي يتعين أن ترتكز على مزيد من مبادئ الحوكة والعقوبات الرادعة، خصوصاً أنه يُبنى على تقاريرالمدققين العديد من القرارات المصيرية، ومنها إمكانية منح تمويلات بالمليارات قد تتحول لاحقاً إلى ديون مشكوك في تحصيلها، مثل حالة «ان ام سي».

«التجارة» و«الأسواق» و«المركزي» مسؤولة عن التحقيق مع المدقق

حول الجهات الرقابية المسؤولة عن التحقيق مع مدققي الحسابات في الكويت، حال خالفوا التعليمات والمعايير المحاسبية المقررة، أفادت مصادر معنية بأن وزارة التجارة والصناعة وهيئة أسواق المال وبنك الكويت المركزي تراقب على المدققين، وتعد مسؤولة عن التحقيق في هذه النوعية من المخالفات في حال وقوعها محلياً، باعتبارها تصنف ضمن المسؤولية التأديبية بشأن تنظيم مهنة مراقبي الحسابات.
وقالت المصادر إن اللجنة التأديبية تبحث المخالفات المحاسبية من الناحية الفنية والقانونية، للتأكد إذا ما كان الفعل يخالف الأصول المحاسبية بشكل محدود أو متوسط أو كبير، وبحسب المخالفة يتم تحديد العقوبة التي تتدرج إلى حد إلغاء الترخيص، إذا ثبت تواطؤ مدقق الحسابات في تقديم بيانات مالية على غير حقيقتها.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي