No Script

رواق

الشيخ الخالد

تصغير
تكبير

مفارقة أن يسبق حفل الفنان خالد الشيخ في الكويت احتفالات الكويت بأعيادها الوطنية، لكن المفارقة الأكثر غرابة أن يفرج موقع اليوتيوب قبل أقل من عام عن برنامج وثائقي تضمن «مقابلات مع أهالينا الموجودين في البحرين الشقيقة أثناء الغزو العراقي، ومع مواطنين بحرينيين»، كما جاء في عنوان البرنامج الذي قدمه علي الريس وفي منتصفه مقابلة مع الفنان خالد الشيخ، توضح الالتباس الذي غلف موقفه من غزو الكويت، بدأه بأغنية مطلعها «يا عبيد كلمني... نار تحرقني»، وختمه بالرد على سؤال: ما أول مكان ستزوره في الكويت بعد تحريرها، فأجاب بعفوية سريعة: بيت عبدالله المحيلان.
في الحفل التاريخي لخالد الشيخ - الذي حمل عنوان كشكول الكويت - تصدر غلافه صورته بعدسة المحيلان الذي قال في مقابلة حينما سئل فيها عن موقف صديقه من الاحتلال: لا أستطيع أن أتكلم بلسان أحد دعوه يتكلم.
وخالد الشيخ رغم أنه تكلم كثيراً في الكويت، لم يتطرق لا من قريب ولا من بعيد عن غزوها، مثلما لم يسأل مع أن الأسئلة كانت تكتب في السوشيال ميديا، ولا تطرح، ويواجه بها أثناء الحوار المفتوح معه، هل لأننا شعب يخشى المواجهة ويميل إلى المقاطعة؟


وعليه، اتخذنا موقفاً من مقاطعته الغناء، ولو كان مبررها الحزن، وقاطعناه لسنوات، قاطع خلالها الغناء بصوته تاركاً موسيقاه تنساب في حنجرة عبدالله الرويشد، حتى استعاد حنجرته في الكويت، فاستقبلتها بحفاوة متبادلة تهزم الثلاثين عاماً التي توقف فيها الزمن، لتخلد اللحظة التي غنّى فيها أغنيات لم تشخ، وإن كوّتها مستبدلاً لهجته البحرينية بالكويتية، كما لاحظت إحدى الحاضرات، في أغنية غيبة زمن التي أعادها، وهو يقول مازحاً إنه كان يقلد عبدالله الرويشد، وهو يقول وينك بكسر النون، رغم أنها مكتوبة بالبحريني بفتح النون.
بدا خالد الشيخ في الكويت - كما بدا في الفيلم الوثائقي عن الكويت - مرتبكاً متلخبطاً من فشل المحاولة الأولى في الغناء عن الكويت خلال الغزو، عندما لم يتمكن من تحويل قضية إلى أغنية، كما قال ومن تكرار الفشل في الحفل الذي خيّب كل التوقعات وأعاد الشيخ إلى شبابه.
الفنان قضية... وقضية فنان بحجم خالد الشيخ كانت أكبر منه، كونه شعر أنه ليس بحاجة أن يعبر عن حبه بأغنية شككنا في جدوى الحب فيها، ما لم يكن مقروناً بفعل، فحاكمناه وعاقبناه، وبعد أن أمضى مدة عقوبته ثلاثين عاماً محروماً من الغناء عن الكويت، رحنا ننبش تهمته، وبعد أن رفعنا الحظر عن الأغاني العراقية، وصرنا نستمع إلى كاظم الساهر وماجد المهندس وسعدون جابر... إن طربنا، من دون أن نشعر بتأنيب الضمير، وحده صوت خالد الشيخ يوقظ ضمائرنا، لأنه يغني بضمير الحاضر والغائب منذ شبابه حتى شاخ خالداً، في البلد الذي شهد شبابه وتبرع فيه أصدقاؤه بدمائهم كي يشتروا له أول عود عزف عليه في حياته، وعزف فيه نغما للبدر، لأنه حين عاد شاهدناه كيف صار من شوقه عوداً!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي