No Script

ما الذي يحسن من انطباعهم الأول عنك؟

No Image
تصغير
تكبير

تساءلت مراراً عن السر الذي يثير اهتمام الطرف الآخر في أول لقاء لكما، حين قرأت كتاب (كيف تؤثر على الآخرين وتكتسب الأصدقاء)، ذكر ديل كارنيغي كيف أن ويلام فيليب كاتب المقالات واستاذ مادة الأدب في جامعة ييل تعلم كيفية إثارة اهتمام الآخرين في وقت مبكر من حياته.
كتب في مقال له عن «الطبيعة البشرية» قائلاً: «عندما كنت في الثالثة من عمري، كنت وأسرتي في زيارة لعمتي ليبي لينسلى نقضي إجازة نهاية الأسبوع في سنتراتفورد على الهاوساتونيك، وأثناء ذلك زارها مساء يوم رجل في منتصف العمر، وبعد نقاش مهذب بينهما أولاني اهتمامه وطالني الحديث معه عن القوارب، حيث إنني كنت مولعاً بها، فتناقش الزائر معي في الموضوع بشكل بدا لي ممتعاً جداً، وبعد أن غادر تحدثت عنه بحماسة قائلاً: ياله من رجل!، فأخبرتني عمتي بأنه كان محامياً من نيويورك، وأنه لا يهتم أدنى اهتمام بالقوارب، وهذا ماترك عندي فضول التساؤل لماذا إذاً تحدث معي طوال الوقت عن القوارب؟» لأنه شخص لطيف قالت عمتي، فقد قدر اهتمامك بالقوارب فتحدث عن الأشياء التي عرف أنها تهمك وتسعدك وجعل من نفسه شخصاً مقبولاً، ويضيف ويلام فيليب: «لن أنسى أبداً كلام عمتي».
إن التحدث في إطار اهتمامات الطرف الآخر يثيره دائماً، وبالنسبة إليه أهم من أي شيء آخر، سيتحدث عن اهتماماته لساعات عدة بتواصل ومتعة لم يسبق لها مثيل، وسيسمعك ويستمتع معك إذا كنت لا تخرج عن إطار اهتماماته، بل سيحبك أكثر ويراك ألطف شخص التقى به في حياته. لك أن تتخيل معي لو أنك كنت تحب الكلاب على سبيل المثال، وتحدث معك أخوك عنها، وعن أنواعها وطباعها ومعلومات لم يسبق أن سمعتها من قبل، وفي نهاية حديثه يقدم لك أجمل الكلاب رمزاً لمحبته، فهل ستكف عن حبه؟ أنا أجزم أنك ستحترم أسلوبه المشوق وستحب الكلب وتميل لرغبات أخيك أضعاف المرات، ولن تنسى تلك المحادثة أبداً.


تخيل أن يكون يومك مشرقاً، السماء زرقاء والورود زاهية، برائحتها الزكية، مع صوت العصافير التي تبعث الروح فينا، يوم رائع فعلاً عندما لا يعكر نقاءه أحد، بل يجعلك تعيش أيامك كلها مثل ذلك اليوم، حينما يرفع أحد المقربين منك من معنوياتك، ويجعلك تشعر تماماً كشعورك وأنت وسط حديقة ممتلئة بالأزهار، فإنك على الأرجح ستحب قربه أكثر.
الإنسان بطبيعته التكوينية يتوق باستمرار لأن تكون حالته النفسية والمزاجية جيدة، ولا شك أنه يستمتع بالضحك ويحب أن تكون معنوياته مرتفعة، يبحث دائماً عن كل ما يجعله في حالة شعورية رائعة، لذلك فهو يحب القرب والجلوس مدة أطول مع من يدعم قدراته الذاتية ويقوي من عزائمه، ويُشعره بقدر أكبر من الراحة النفسية، ويحب معاشرة من يشعره بأن الحياة ملونة، وذلك لا يتطلب منك أن تكون خفيف الظل أو مهرجاً، بل بإمكانك أن ترفع من معنوياته بطرق أخرى كالمدح الصادق، كالابتسامة في وجهه والتحدث عن الأمور الإيجابية فيه وفيمن حوله، ونرى إحدى الطرق في الحوار التالي بين نانسي وديين كما ذكرته الكاتبتان الدكتورة آن ديماري والدكتورة فاليري وايت في كتابهما المشترك (الانطباعات الأولى):
نانسي: يبدو الجو شديد الحر في الخارج، كم أكره هذا الطقس، وكأنني أشعر أنني لن أشعر بالدفء أبداً!
ديين: أعرف ما تقصدينه، كأننا أصبحنا في القطب الشمالي! ولكنك ستحبين الثلوج المتساقطة فهي غاية في النقاء، ومنعشة للغاية، كما أن المدينة تصبح غاية في الهدوء عندما تتساقط الثلوج، ألم يكن الجو جميلاً ليلة أمس عندما كانت تمطر؟
ابتسم في وجه الآخرين، واحفظ بعض النكات والطرائف، اخبرهم بمزاياهم وامدحهم بصدق، شجعهم على التحدث عن تلك الأيام الرائعة من حياتهم، واخبرهم عن طفولتك المضحكة، حلق معهم في سماء تشرق بأشعة ساطعة، ليكونوا مستعدين للتحليق معك أينما تريد وأينما اتجهت.
sahar.gh.b.a@hotmail.com
Instagram: @saharbnali

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي