No Script

واشنطن لن تنسحب من سورية.. التحضير لمعركة إدلب وتغيير مناخ المفاوضات مع الأكراد

No Image
تصغير
تكبير

أعلنت واشنطن إنها لن تنسحب كلياً من بلاد الشام بل ستترك «قوات سلام» عسكرية مجهّزة بكامل أسلحتها تستطيع استخدام الطيران حين ترى الوقت مناسبا.

ورغم إعلان البيت الأبيض إن عدد الجنود الأميركيين الذين سيبقون في سورية هو نحو 200 عنصر وضابط، فإن هذا لا يدل على شيء، أولاً لأن أميركا لم تصرّح أبداً عن العدد الحقيقي لقوّاتها المنتشرة في سورية والعراق. وثانياً لأن العدد القليل أو الكبير يعتمد على القوى العسكرية الجوية والقوات البرية الموجودة في العراق القريب. وهذا ما كانت موسكو تخشاه لأنها - ومعها حلفاؤها في الحكومة السورية وإيران - لم تثق يوماً بخطة وتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي وعد فيها بالانسحاب النهائي من سورية.

وبعد انجلاء الغبار عن النية الأميركية، سيتوجب على روسيا وحلفائها إعادة ترتيب أولوياتهم وخططهم بشكل جذري سيعيد الأمور إلى مكانها الأول بالنسبة للمفاوضات مع الأكراد ومع تركيا. وهذا ينذر بتدهور الأمور مرة ثانية من الجانب العسكري وبين أميركا وتركيا وبين تركيا وروسيا وسورية.

فببقاء القوات الأميركية في سورية على الحدود مع العراق في التنف وفي الشمال - الشرقي السوري، هذا يعني أن أكراد الحسكة والقامشلي لن يغلقوا الاتفاق مع حكومة دمشق بإعتبار أن الوضع هناك لم ينجلِ بعد. إلا أن وضع هؤلاء غير مريح تماماً. فأكراد سورية قاتَلوا «داعش» وقُتل منهم عدد كبير لإنهاء احتلال هذا التنظيم. وفيما أميركا لا تزال بحاجة لهم لحماية قواتها ولاستخدامهم دروعاً بشرية لها، فإن ترامب يصر على مشاركة تركيا في بناء المنطقة العازلة بين تركيا وسورية، داخل الأراضي السورية وبالتحديد في مناطق الأكراد والعشائر العربية.

لكن هذا الإصرار يقابله شرط أميركي بالمحافظة على أمن الأكراد دون توضيح كيف سيتم ذلك ضمن مناطق وجود هؤلاء، وهم ألدّ أعداء أنقرة. وهذا يعني: إما أن تنسحب «وحدات حماية الشعب» الكردية لإفساح المجال للقوات التركية، وإما أن لا توافق تركيا على الخطة الأميركية وخصوصاً ان روسيا رفضت أي إنتشار تركي في المناطق السورية من دون الاتفاق مع حكومة دمشق وموافقتها أولاً. إلا أن أي توافق تركي - سوري لا يبدو سهلاً على الرغم من تبادل التنسيق الأمني بين البلدين، المباشر العملاني على الأرض والسياسي من خلال روسيا. وبالتالي فإن تحقيق رغبة ترامب في سورية متعثّرة وليست سهلة.

أما بالنسبة لمنطقة إدلب، فالقرار واضح: إما أن تغيّر (جبهة النصرة سابقاً) هيئة تحرير الشام ملابسها وترتدي ثياب «المعتدل» مثل أحرار الشام، وإما ستتحضر قوات سورية للتقدم وأخذ مواقع أمامية في منطقة إدلب ومحيطها بسبب تعذر قيام تركيا باقتلاع جذور المتشددين من المنطقة كما ينص اتفاق العام الماضي بين تركيا وروسيا بخصوص إدلب. وقد تبدأ التحضيرات لعملية عسكرية - ولو محددة - في محيط إدلب لإبعاد الخطر عن مدينة حلب التي تتعرض من حين إلى آخر لقصف المتشددين في الجهة المقابلة.

لن تترك أميركا سورية لأسباب عديدة أهمّها أنها حصلت على موقع قدم في بلاد الشام دون مقابل، وتتمتع بحماية محلية (الأكراد من «قوات حماية الشعب»). بالإضافة إلى ذلك فإن العراق يتحضّر لمضايقة الوجود الأميركي على أرضه، فالحكومة والبرلمان منقسمان بين مَن يريد لهذه القوات أن تبقى وآخرون يريدون رحيلها. وبطبيعة الحال فإن القيادة العسكرية الأميركية تريد خططاً بديلة دائمة، ولهذا فإنه لا توجد قوة في سورية تجبرهم على المغادرة إلا قوة المقاومة الشعبية وتكاثُر العمليات الأمنية ضد الجنود الأميركيين.

في النهاية «داعش» لم تعد باقية ولم تتمدد أبداً على عكس شعارها لأنها تخسر آخر كيلومتر مربع في سورية. إلا أن أميركا باقية وتتمدّد على حساب سورية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي