No Script

من حكايات الهرب من الموت... إلى الموت أحياناً

السوريون الهائمون... «فوبيا» تقرع أبواب العالم

تصغير
تكبير
• محمد الحاج: كنا 125 شخصاً ... وعندما رأيتُ القارب شعرتُ بأنه ذاهب إلى التحطم

• المجر تأخذ البصمة من أجل الحصول على أموال من الأمم المتحدة ولا تعطي اللاجئين على أراضيها شيئاً

• أبو عصام: ما يدفع السوريين للهجرة هو رغبة الحياة والوضع السيئ الذي يعيشونه خارج وطنهم

• أنجيلا ميركل أجبرت كل الاجهزة في بلادها على مساعدة اللاجئين فتغيّرت السياسات المتشدّدة حيالهم

• طارق الكردي: سبب هجرة السوريين إجرام الأسد والتطهير العرقي الذي يمارسه النظام على الشعب السوري

• السلطات الأوروبية تفتقد للآلية للتحقق من جنسية طالب اللجوء فيدعي عدد لا يستهان به أنهم سوريون
بعد أكثر من أربع سنوات استغرق خلالها في ما يشبه اللامبالاة حيال المأساة التي تشكّلها أزمة النازحين السوريين، استفاق «العالم» في الأسابيع الأخيرة على أسوأ كارثة إنسانية منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية جراء تشرُّد نحو أربعة ملايين سوري خارج بلادهم ونحو 8 ملايين داخل «ملعب النار».

وحتى في «استفاقته»، بدا العالم مهتماً بهذه «الكارثة» بمقدار ما أنها طرقت بابه عبر البحار التي ركبها عشرات آلاف اللاجئين الهاربين من الموت... إلى الموت أحياناً.

... دول استنفرت، واجتماعات عُقدت، وكمّ هائل من البيانات صدرت، وقادة أوروبيون تحركوا في اتجاه الدول الأكثر استضافة للنازحين كلبنان والأردن، في محاولة لإبعاد «شبح» انتقالهم إلى «القارة - الحلم» بالنسبة إلى سوريين يائسين ضاقت بهم السبل فإذا بهم يعيشون كوابيس لا تنتهي.

«... كانت رحلتي جداً صعبة وشاقة»، بهذه الكلمات لخّص محمد الحاج (وهو من مدينة السلمية في سورية) لـ «الراي» قصة لجوئه... كرّ وفرّ من دولة أوروبية إلى أخرى، قبل أن يستقرّ أخيراً في ألمانيا.

البداية كانت من تركيا، عندما انطلق على ظهر قارب صيد مغامِراً من أجل تحقيق غايته في بلوغ «شاطئ الأحلام».

ويقول: «عندما رأيتُ القارب شعرتُ بأنه ذاهب إلى التحطم، كنا 125 شخصاً على متنه، أي كان عددنا كبيراً جداً قياساً لحجم القارب الصغير. استغرقت مدة الرحلة 5 ساعات عشناها مع كثير من الضغط النفسي والخوف، فالقارب لم يكن مستقراً طوال الرحلة. وعند الوصول اصطدم بالصخور البعيدة عن شاطئ حزيرة رودس اليونانية نحو 200 متر. غرق الركاب ومات 3 أشخاص ولم يأت خفر السواحل للإنقاذ إلا بعد فوات الأوان، وأنا نجوت ولم أصدّق أنني بقيتُ على قيد الحياة».

ويضيف: «في اليونان استقررتُ بعض الوقت، فتجربة ذلك القارب جعلتني أفكر بسلوك طريق البر الشاق، بعدما فشلتْ محاولة المرور التي قمت بها عبر طريق ألبانيا الذي يؤدي إلى دولة مونتينيغرو ومنها إلى صربيا، إذ ألقت الشرطة الألبانية القبض علينا عند حدود مونتينيغرو بعد ثلاثة أيام من النوم في العراء تحت المطر الغزير ومن السير على الأقدام لمدة 9 ساعات. ذهبنا إلى مقر الشرطة في البداية، وحصلنا على دعم كبير من شعب ألبانيا فوراً، اتصلوا بمنظمات لمساعدتنا، وجاءت لجنة من الكنيسة تحمل مساعدات غذائية وطبية. وأنا كنتُ من بين الذين عولجوا من الجروح. وبعد ذلك نقلتنا الشرطة إلى موقع مغلق للموقوفين وبقينا فيه أيضاً ثلاثة أيام، حتى عرفنا أننا قد نبقى من شهر إلى ثلاثة أشهر لدى الشرطة، وبعد إعلاننا الإضراب عن الطعام لثلاث وجبات، ما كان من السلطات إلا الاستجابة والإفراج عنا على الفور».

النتيجة «العودة الى نقطة الصفر»، إذ يشير محمد إلى إعادتهم إلى اليونان «تاركين لنا حرية الاختيار بين أن نسلّم أنفسنا للشرطة اليونانية، أو نعود كما دخلنا».

بعد مرور عشرة أيام على هذه المحاولة، يقول محمد: «توجهتُ مع رفاق من السلمية إلى حدود مقدونيا التي يكاد منظر المهاجرين لا يختفي عن أي رقعة منها. لم ننتظر، وصعدنا فوراً الجبل ومشينا لنحو 7 ساعات متوغلين داخل عمق البراري المقدونية وتعرضت لنا الكلاب، لكننا استطعنا الوصول إلى ضيعة مقدونية شاهدَنا أهلُها نمشي باستغراب ودهشة، إلى أن وصلنا إلى طريق استرحنا إلى جانبه الترابي، قبل أن نكمل المشي حتى وصلنا إلى مدينة جفجيليا، ولسوء الحظ ألقت الشرطة القبض علينا وسمحت لبعض العوائل من نساء وأطفال بالبقاء، والبقية وأنا منهم أعادونا بكل إذلال واحتقار إلى البراري وأجبرونا على المشي لساعات عدة أخرى للعودة إلى اليونان، وأثناء ذلك ضربونا بالعصي. وبعدها عدنا إلى قرب فندق الهارة الذي يقع على حدود مقدونيا، مقابل مدينة جفجيليا، فنمنا في العراء ثم انطلقنا غرباً نحو السكة الحديد وبقينا هناك أياماً عدة في البرية، وقام اللاجئون هناك باعتصام على السكة الحديد مانعين القطارات من الحركة بكل شجاعة».

رغم ذلك، فإن هذا الاعتصام لم يفض إلى أي نتيجة ما أجبر جميع المهاجرين على الاستعانة بالمهربين، وهنا يتابع محمد الحكاية: «ذهبتْ كل مجموعة مع مهرّب، وبالفعل وصل غالبية المهاجرين إلى وسط مدينة جفجيليا. في محطة القطار كانوا ينتظرون في طابور طويل من أجل ورقة الطرد التي تسمى (خارطية)، فلم يعطوا أيّ أوراق، وفجأة وضعتنا الشرطة في قطار متوجه نحو أوروبا، فصعدنا به وأُنزلنا على حدود صربيا مباشرة، لكن المعاناة لم تنته وصورة التشرد بقيت ملتصقة بنا».

ويضيف: «في اليوم التالي توجّهنا إلى حدود صربيا، فوجدْنا الجيش الصربي لنا بالمرصاد ما أجبرنا على صعود الجبل، كان الأمر متعِباً جداً. وحتى على الجبل وجدونا، فقمنا بالهرب نزولاً في وادي الجبل كله، حتى أصبحنا بين بيوت إحدى البلدات الصربية قبل أن نتجه إلى بلدة ثانية مشياً على الأقدام لساعات عدة، من أجل أن نحصل ورقة الطرد. كان الامر شاقاً. هناك كانت تصطفّ طوابير ضخمة جداً للمهاجرين، وعلى الشخص الوقوف من الصباح الباكر حتى المساء. وأخيراً حصلنا عليها (ورقة الطرد)، وتوجهنا إلى بلغراد العاصمة لمدة يومين لنستريح قليلاً قبل أن نبدأ الرحلة الأصعب عبر طريق المجر (هنغاريا)، إذ توجهنا إلى الضيعة القريبة من هنغاريا واضطررنا للنوم بالعراء وسط البرد الشديد. وبسبب رقابة الشرطة كنا لا نخرج من الحديقة. ثم اضطررنا في اليوم التالي للذهاب مع مهرّب أخذَنا مشياً على الأقدام لمدة 12 ساعة كاملة تعبنا خلالها تعب العمر، حتى وصلنا إلى سيارات أخذتنا وألقتنا على قارعة الطريق قرب عاصمة النمسا فيينا. وطبعاً أصدقائي الذين لم يذهبوا مع المهرب تفرقوا عن بعض داخل هنغاريا وأضاعوا بعضهم بسبب ملاحقة الشرطة، ومنهم مَن سلّم نفسه وبصم بصمة اللجوء كي يرتاح من تعب العودة مشياً على الأقدام، ومنهم مَن هرب واستقلّ سيارة أجرة نحو العاصمة المجرية بودابست، ومن هناك ركب سيارة أجرة عادية او دخل عن طريق مهرب إلى النمسا ومن النمسا استقلّ قطاراً إلى ألمانيا. أما أنا، فعند وصولي إلى النمسا دخلت العاصمة لحسن الحظ، وزاح عنا الخطر فتوجهنا إلى المانيا».

ويوضح محمد أنه سافر «لتفادي خطر نيران الحرب التي التهمت جميع البلاد أو الهرب من الاعتقال من أجهزة النظام القذرة بسبب موقفي في دعم الثورة»، مشيراً إلى أن «ليس هناك مَن يتابع أوضاع اللاجئين سوى منظمة الأمم المتحدة التي تساعد اللاجئين على طول الطريق من اليونان وحتى المانيا، بالإضافة لبعض المنظمات مثل (أطباء بلا حدود) التي يأتي متطوّعوها ليتفقدوا أوضاع اللاجئين العالقين تحت عيون الجهات الرسمية في مقدونيا التي كانت تمنع مرورهم».

ويؤكد محمد أن «الوطن أصبح بالنسبة للسوريين هو المكان الذي يؤمّن لهم الحياة الكريمة ويسمح لهم بالاندماج داخل المجتمع»، ويقول: «الشعوب الأوروبية في غالبيتها، وفي مقدمتها ألمانيا، إنسانية لأبعد الحدود بل وتحبّ السوريين»، مشدداً على أن «قضية اللاجئين السوريين إنسانية، ومنذ البداية دعمتْها منظمات وشعوب وسط تعتيم إعلامي، لكن إجراءات الحد من عبور اللاجئين سبّبت أزمات إنسانية أجبرت هذه الدول بحكوماتها على الاعتراف بإنسانية هذه الهجرة، وطبعاً الأزمة الإنسانية في سورية هي ما يسبب هذه الأزمة في أوروبا، وعلى الدول إدراك ضرورة حل الأزمة من مسببها».

وفي رأيه أن «الانتهاكات المذلة هي في إجبار اللاجئين على الاستعانة بمهربين مجرمين، وتعامُل الجيش في بعض الدول على الحدود إذ يجري ضرب اللاجئين، وكل ذلك يزيد المعاناة»، مضيفاً: «الإجراءات الأوروبية الأكثر صعوبة هي قانون البصمات حيث إن كل مهاجر يقصد بلداً ما يضطر للبصم في المجر التي تأخد البصمة من أجل الحصول على أموال من الأمم المتحدة من دون أن تعطي اللاجئين على أراضيها شيئاً، وهو ما يجبر اللاجئين الباصمين في هنغاريا على التوجه نحو ألمانيا التي تكسر تلك البصمة، ولكن بعد إجراءات مطوّلة أكثر، وهذا أحد أسباب ازدحام اللاجئين في المانيا. فاللاجئون يتوجهون إلى دول اسكندنافيا الباردة في الشمال وهولندا وألمانيا والنمسا، وقلة منهم إلى فرنسا وإسبانيا، أما بريطانيا فهي الحلم الذي يصعب تحقيقه، ولكن يذهب قسم من المهاجرين إليها بعد دفع أموال طائلة للمهربين».

ويلفت محمد إلى «أن ما يسبب أزمة اللاجئين في ألمانيا هو استقبال مهاجرين من ألبانيا تحديداً وبعض الدول التي تقوم بتقليد هجرة السوريين للحصول على مبلغ يعادل 2000 يورو هو بدَل لاجئ، قبل أن تتمّ إعادتهم لاحقاً إلى بلدانهم، ومنهم الكثير من الجزائريين الذين يقومون بسرقة السوريين. والأكثر من ذلك سوءاً هو جعل الأولوية في بعض الأحيان للألبان الذين هم أصلاً ستتم إعادتهم إلى بلدانهم، فيتم التضييق على السوريين من قبل المهاجرين من الدول الأخرى. فالسوريون هم قلة قليلة جداً، وفي رأيي كما رأي الكثيرين، فإن على ألمانيا اتخاذ إجراءات صارمة بإعادة المهاجرين من غير السوريين من حيث أتوا لانهم أصلاً لن يحصلوا على الإقامة انما على مبلغ 2000 يورو يعودون به إلى بلدانهم وهم من دول آمنة ومستقرة».

ويوضح أن «الكثير ممن كانوا سابقاً عناصر في (الجيش السوري الحر) أصبحوا في ألمانيا بالإضافة إلى كثير من الشخصيات المعارضة وناشطين، وهناك قسم من المؤيدين في اللاذقية يسافرون أيضاً للاستفادة، بالإضافة إلى أغنياء هم أصلاً في الخارج وليسوا في الداخل».

وعما إذا كان بين اللاجئين متطرفون يقلقون الأوروبيين، يؤكد محمد أنه «لم تبرز أي ظواهر اعتداء أو فرض دين، فلا وجود للإخوان أو السلفيين، وكل المسلمين أحرار في دينهم ويذهبون إلى مناطق الأتراك في ألمانيا للصلاة»، ويضيف: «بعض السوريين انتقلوا بحرفهم إلى المانيا. فأصحاب المطاعم عاودوا افتتاح مطاعم خاصة بهم في ألمانيا، والقسم الأكبر من الشباب يفضل الدراسة والاختلاط بالمجتمع والحصول على وظيفة، والمواطنون الأوروبيون يعاملوننا كأننا منهم، بل عند علمهم أن هذا الشخص سوري يتم دعمه وخصوصاً في الريف حيث إن أهالي القرى يساندون اللاجئين السوريين، وأحيانا يطهون لهم الطعام طوال اليوم، ولا يجعلونهم يواجهون أي نقص في الحاجات. علماً أن هذه الظاهرة غير موجودة في المدن، ولكن المواطنين شديدو الحرص على مساعدة السوريين وأحيانا لا يتركون اللاجئ حتى يضمنوا أنه حصل على ما يريده».

بدوره يشير احد المهاجرين إلى المانيا ويدعى «أبو عصام» إلى أن «المانيا كانت تتخذ إجراءات خاصة بها تساند من خلالها اللاجئين السوريين، لكن هذه الإجراءات كانت تختلف بين مقاطعة وأخرى. إلى أن أجبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل كل الاجهزة في بلادها على مساعدة اللاجئين وسط دعم شعبي وضغط من العديد من شعوب اوروبا على الحكومات وهو ما ادى الى تغيير السياسات المتشددة حيال استقبال اللاجئين».

ويؤكد أن «ما يدفع السوريين للهجرة هو رغبة الحياة، فمنهم مَن يهاجر ليس فقط من سورية بل من مخيمات تركيا والاردن ولبنان، إذ إن الوضع السيئ جداً الذي يعيشونه خارج وطنهم يجبرهم على تجربة الموت في البحر من أجل الوصول إلى برّ الأمان والاستقرار».

ويقول: «الطبقة التي تهاجر طبعاً غالبيتها من الشباب في البداية، وذلك مردّه إلى التجنيد والاعتقال. ولكن اليوم أصبحت الهجرة موضة تشمل حتى مؤيدي النظام والأغنياء والسوريين في الخارج، وهناك فئة ثانية من العوائل التي تبيع كل ما تملكه وتهاجر هرباً من الحرب، وهذا يشكل خطراً ديموغرافياً في سورية. ولكن المعادلة التي فرضتها الحرب على أهل سورية هي: إما الهرب وإما الموت، فإذا بالسوريين يجدون في أوروبا وشعبها لا سيما في دول ألمانيا والنمسا وهولندا وصولاً إلى دول اسكندنافيا، حاضنة لهم تستقبلهم بالورود والمحبة. والأوروبيون هم من أرقى الشعوب الإنسانية، إلا أن هذا لا يمنع وجود بعض العنصرية كحالات شاذة داخل هذه المجتمعات، وأكثرها يوجد في دول صربيا ومقدونيا والمجر التي تشكل عقبة أمام اللاجئين للوصول نحو شعوب وحكومات أكثر انسانية».

من جهته، يعيد الناشط الحقوقي والسياسي طارق الكردي أزمة اللاجئين السوريين حالياً وانفجارها في أوروبا إلى كون «المجتمع الدولي لم يتعاط بجدية مع الأزمة في سورية على كل المستويات السياسية والاجتماعية والإنسانية، إذ ظل عاجزاً عن إيجاد حلول لمعاناة السوريين التي أثقلت السوريين كما دول الجوار لا سيما تركيا ،لبنان والأردن من حيث إن هذه الدول تحملت وما زالت العدد الأكبر من اللاجئين»، موضحاً أنه «خلال الأعوام الماضية كانت هناك استجابة خجولة من بعض الدول الأوروبية حيث استقبلت بضعة آلاف من اللاجئين ولكنني أثمّن القرارات الأوروبية الجديدة حتى لو جاءت متأخرة من حيث إن هكذا قرارات تساعد في إيجاد حلول حتى لو كانت جزئية لقضية اللاجئين السوريين».

وعن سبب التعاطي الأوروبي الجديد مع ملف لجوء السوريين يقول الكردي: «هو جاء نتيجة الضغط الذي تمارسه منظمات المجتمع المدني الموجودة في هذه الدول وأيضاً لم يعد بإمكان الحكومات الأوروبية تجاهل معاناة اللاجئ السوري وإيجاد تبريرات أخلاقية تُقدم للرأي العام في دولها».

ويشير إلى أن «سبب هجرة السوريين الأول والأخير هو إجرام (الرئيس) بشار الاسد والتطهير العرقي والطائفي الذي يمارسه النظام والميليشيات الطائفية التي تشنّ حربها على الشعب السوري»، مضيفاً: «أما داعش، والفقر أو أي شيء آخر، فهي أسباب ثانوية لأن إجرام الأسد في حربه ضد الشعب السوري هو الذي أوجد بيئة خصبة للخراب وبقية ملحقاته على الأرض السورية».

ويعرب الكردي عن اعتقاده بأن «المجتمع السوري اليوم بمجمله هاجر أو يطمح إلى الهجرة، فنرى لاجئين من مختلف الطبقات والفئات كما أن هناك تنوعاً في المناطق التي خرجوا منها، فالمجتمع السوري ككل يشعر بالخطر نتيجة استمرار الحرب وإجرام النظام وشبيحته».

ويضيف: «المواطن السوري في هجرته يبحث عن الأمان أولاً له ولأسرته. وصحيح أن السوري يستطيع التأقلم مع محيطه حيث إن له تجارب سابقة في الهجرة والتوطين سواء في أميركا اللاتينية أو أوروبا، لكن لا شك في أننا اليوم أمام أعداد أكبر وفئات متنوعة من المهاجرين».

وإذ يتخوّف الكردي من بروز حركات عنصرية في أوروبا ضد السوريين، إلا أنه يرى أن الأمر يُضبط من الحكومات «ولكن علينا الانتظار للمستقبل لنرى أبعاده».

ويشير إلى أن «السوريين اليوم يخشون من تحويل قضيتهم، من كونها ثورة شعب يريد الكرامة والحريّة والحقوق الاجتماعية والسياسية من نظام مستبدّ وحاكم مجرم ارتكب أفظع الجرائم بحق شعب أعزل، إلى مجرد مساعدة للاجئين والحديث عن عدد وجبات الطعام وهل هي وجبتان أم ثلاث»، مشدداً على أن «قضية الشعب السوري هي الحرية وستبقى كذلك حتى ينال حريته، مع التقدير والاحترام لكل مَن يساعد في حل المشكلة الإنسانية للاجئين. ولكن لو تحرك المجتمع الدولي في أوائل أيام الثورة عام 2011 لإزاحة الأسد لَكان وفّر علينا وعلى العالم أجمع ما نشاهده اليوم من ويلات ومشكلات».

ولا يجد في استقبال أوروبا لأعداد من اللاجئين «مؤشراً إلى إمكان التقسيم في سورية، ولكن هو دليل على ما هو أخطر، وأقصد هنا أن الحرب في سورية والمنطقة مستمرة ويمكن أن تتسع وتستمرّ لفترة ليست بقصيرة».

ويؤكد أن «اللاجئين هم من الضعف بمكان، الأمر الذي دفع المجتمع الدولي إلى إحاطتهم باتفاقيات خاصة ترعى شؤونهم وتؤمن لهم الحماية القانونية والإنسانية اللازمة»، مضيفاً: «لا شك أن اللاجئين السوريين في رحلتهم الخطرة إلى أوروبا يتعرضون للكثير من الانتهاكات، أوّلها من المهرّبين وليس آخرها الممارسات العنصرية التي تطالهم في بعض الدول التي يعبرونها للوصول إلى بر الأمان، هذا بالإضافة إلى انهم لقمة سهلة لدى عصابات الاتجار بالبشر والرقيق الأبيض. ومع الأسف المنظمات الحقوقية تقوم بتوثيق بعض هذه الانتهاكات إذ ليس من الممكن حصرها كلها وذلك نتيجة ارتفاع أعداد اللاجئين وتَعدُّد الدول التي يعبرونها بطرق غير شرعية».

ويشير الكردي إلى بعض المشكلات القانونية التي يواجهها اللاجئ «من حيث طول الفترة الزمنية التي يستغرقها للحصول على إقامة ووثيقة سفر موقتة، كما أن هناك مشكلة أخرى هي إدعاء عدد لا يستهان به من اللاجئين بأنهم سوريون، وهم ليسوا كذلك حيث تفتقد السلطات الأوروبية للآلية للتحقق من جنسية طالب اللجوء».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي