No Script

تأملات...

تصغير
تكبير

عندما نتأمل كلام الله عزّ و جلّ في القرآن الكريم... وكلام النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - في سنته النبويه المطهرة، نجد أن العبد له مملكة سخرها الله عزّ و جلّ له، ومملكته هذه هي جوارحه من يد و رجل ولسان وأذن وعين، تلك التي سخرها الله عزّ و جلّ له.
فأنت تأمرها وهي تطيعك، لكن احذر أيها العبد من صرفها في المعصية لله عزّ و جلّ، ومخالفة أمره ونهيه حيث يقول الله عزّ و جلّ في كتابه الكريم: «يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون»، وهذا يعني أنها تطيعك في الدنيا، ولكن ستشهد عليك في الآخرة.
ومن رحمته سبحانه أن شهادة الجوارح ستكون على الأفعال والأقوال لا على الخواطر والأفكار، وهذا يؤكده رسولنا محمد - صلى الله عليه وسلم - في الحديث عن تطويع الجوارح لموافقة الشرع بعدم المخالفة، وذلك في أشد الحالات وهي الموت... فعندما قبض ابنه ابراهيم قال صلى الله عليه وسلم: «إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزنون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا».
فالشعور بالحزن ودمع العين لم يتبعه النبي بمخالفة شرعيه سواء كانت قولية أو فعلية فقال: «ولا نقول إلا ما يرضي ربنا»، ففصل السلوك عن الخواطر والمشاعر والأفكار، وعلى ذلك نجد أن السلوك الذي هو الخروج من الخواطر والمشاعر إلى دائرة وحير الكلام والأفعال.
وعند هذا الانتقال تبدأ المؤاخذة الشرعية وهذا ما يؤكده لنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - حيث يقول في الحديث: «إن الله تجاوز عن أمتي ماحدثت به أنفسها مالم تعمل أو تتكلم»، فلا تؤاخذ على حديث نفسك إلا بعد الانتقال به من الخواطر إلى السلوك، وبهذا يكون الإنسان موجها لجوارحه، فكما سخرها الله عزّ و جلّ لك سخرها أنت لله في الطاعة والإيمان والعمل، وجاهد نفسك بفصل الهم عن القصد، فإن هممت بسيئة فلا تقصدها بالفعل والعمل حيث يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - في ما يرويه عن رب العزة سبحانه للملائكة: «إذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها».
فجاهد نفسك واعلم أن ذلك هو الجهاد الأكبر حيث كان النبي إذا رجع من الغزو يقول رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر، وهذا الجهاد لن يكون الا بمخالفة النفس والشيطان والهوى واتباع أوامر الله ومتابعة سنة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - جعلنا الله ممن يشرب من حوضه الشريف يوم القيامة.

* كاتبة مصرية

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي