No Script

اجتهادات

مئة في المئة الوافد و99 في المئة البدون!

تصغير
تكبير

أكثر قضيتين تشغلان الشارع الكويتي هما قضيتا الوافدين والبدون. فالوافدون يشكلون أكثر من 70 في المئة من التشكيلة السكانية «المعفوسة» في البلد، غالبيتهم من العمالة السائبة أو المنخفضة الأجر وممن يمتهنون مهناً غير مرغوبة لدى الكثير من الكويتيين، أما قضية البدون، فمن المؤمل ايجاد الحل الشامل لها حتى يأخذ كل ذي حق حقه ويُكشف عن جناسي باقي المزورين منهم.وأنا هنا لست بصدد طرح هاتين القضيتين اللتين اشبعتا نقاشاً وجدلاً في جميع وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وفي الدواوين وغيرها، وأنا متأكد كذلك لدى صناع القرار السياسي، ولكن بطريقة غير التي نفكر بها، لأن الحديث فيهما أصبح مملاً وعقيماً، خصوصا إذا ما لاحظنا ردة الفعل السلبية لدى الجانب الحكومي في ظل مخاوفنا المستمرة من تفاقم هاتين المشكلتين!
في كل بلدان العالم، تتبنى حكومات الدول أصحاب العقول والمفكرين والباحثين والمتميزين أياً كان جنسه أو عرقه أو دينه، تحتضنهم وتنمي قدراتهم وتستوعب طاقاتهم وبما يتناسب مع حاجات المجتمع، كل ذلك بهدف استخدام هؤلاء في تقديم خدمات في مجالات اختصاصاتهم لإثراء الوطن وزيادة التحصيل العلمي والعملي للمجتمع وتنمية البلد، والأمثلة على ذلك كثيرة في الدول المتقدمة!
في الكويت، شهدنا قبل شهر نتائج الثانوية العامة، وللمرة الأولى في التاريخ يحصل طالب من الجنسية السورية على نسبة 100 في المئة بالتمام والكمال، وعدد لابأس به ممن حصلوا على نسبة 99 في المئة، وكذلك الحال بالنسبة للطلبة البدون، سيكون مصيرهم بالطبع الدراسة في الخارج، والبحث عن فرص العمل الوظيفية المناسبة التي تساعدهم في الحصول على لقمة العيش الشريف.


إنني متأكد وعلى يقين تام، أن عدداً لا بأس منهم، وحتى إن كان واحد فقط، سيشق طريقه في التحصيل العلمي وسيحصل على شهادات عليا من جامعات مرموقة، إن كان باستطاعته المادية فعل ذلك، وستحتضنه إحدى الدول للاستفادة من طاقاته وقدراته لخدمة مجتمعها!
أتساءل هنا لماذا لا نكون كذلك في الكويت؟ لماذا لا نتبنى هؤلاء الفائقين من الوافدين والبدون ذوي العقول الذكية وأصحاب الشهادات العليا، أو ممن نتوسم فيهم الوصول إلى التحصيل العلمي المناسب الذي قد يخدم في يوم من الأيام هذا البلد؟ لا شك أن كل عاقل سيدرك أن المصلحة مشتركة، فالدولة ستستفيد من هؤلاء كغيرها من الدول التي جذبت الخبرات من أجل مجتمعها وأبناء وطنها، وفي المقابل سيستفيد هذا الوافد أو البدون من مميزات قد لا تنطبق على مثلائه!
ما زلت أتذكر رحلة والدي مع المرض في بريطانيا، فالدكتور المعالج كان ذا أصول هندية، والطبيب الذي أجرى له العملية الجراحية كان من أصول باكستانية، كلهم رحلوا من بلدانهم وتابعوا تحصيلهم العلمي في مجال الطب، وحصلوا على الجنسية البريطانية، وهم اليوم يعالجون آلاف المرضى من جميع أنحاء العالم ويدرون على بريطانيا ملايين الباوندات، والله من وراء القصد!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي