No Script

خواطر قلم

مصريون في حياتي

تصغير
تكبير

«مصريون في حياتي» كان هذا عنوان المحاضرة الثقافية غير التقليدية، التي ألقيتها للجالية العربية في مدينة يلوا التي تبعد عن اسطنبول مسافة ساعتين.
لكل واحد منا ذكرياته وتجاربه وتفاعله مع الحياة والأحياء، وما تركوه من بصمات واضحة أو باهتة في وجدانه وصوره الذهنية.
لكن لماذا كان للمصريين بالذات، من دون الكثير من الأجناس والقوميات البشرية تأثير في حياتنا، سواء كان ذلك الأثر عبر التواصل المباشر معهم، أو من خلال الوسائط الحديثة الآخذة بالتطور؟
قلت للحاضرين في الندوة إن لمصر والمصريين مكانة خاصة في وجدان الأمة، لدرجة أن اللهجة المصرية في فترة من الفترات كانت هي لغة التفاهم بين أقطار الأمة العربية من مشرقها إلى مغربها، لا سيما في حقبة الاستعمار وما بعد الاستعمار، لما للثقافة المصرية الفنية والإعلامية والدينية من حضور مبكر جداً في الاعلام العربي وواقعه.
كما أن المصريين يتميزون بالقدرة على تبسيط الأفكار، ومهارة الإفصاح عنها وأيضا بـ(قفشاتهم) الرائعة ذات المذاق الخاص!
وأيضاً فإن لقوافل المعلمين المصريين - الذين عموا العالم العربي تدريساً وتعليماً في المراحل الدراسية الأولى إلى الجامعات والمعاهد - أثراً ملموساً.
وكان غالبية الخطباء وأئمة المساجد في بلدان عربية عديدة من المصريين.
وإني لأستغرب تصاعد الخطاب العنصري الفئوي البغيض تجاه أهلنا المصريين في الكويت، مع ما لهم من فضل وإحسان ووشائج قربى ومشاركة لنا في بناء الكويت على أصعدة عدة، ولئن وقع من بعضهم مخالفة للقانون وهي طبيعة بشرية تقع من المواطنين وباقي جنسيات الأخوة الوافدين، فإن هذا لا يمنحنا حق التقليل من شأنهم أو ازدرائهم أو الإساءة لهم، فكم من طبيب مصري أنقذ الله به، أرواحاً وكم من قاضٍ كان ظلّاً لعدالة السماء وكم من مهندس أفاء الله به علينا فضلاً وسكناً وكم من عامل بناء وفني كانوا سندا لنا في وقت الشدة، ولا يحدثني أحدكم عن أنهم لم يقدموا لنا شيئاً إلا لأجل المال، لأن هذا الطرح العنصري مردود على صاحبه، فهل نحن نذهب للعمل في وزارات الدولة مجاناً أم نتقاضى مقابل دواماتنا المال؟!
لكن الحقيقة أن هناك شعوراً لدى غالبيتهم بالحب للكويت وأهلها كما يتملكنا الولاء لوطننا.
أما على الصعيد الشخصي فلي مع المصريين قصص وتجارب، منذ كنت طالباً ابتداء من المرحلة الثانوية إلى هذا اليوم.
إن عنوان المحاضرة مستفاد من كتاب (عاشوا في حياتي) للمثقف المخضرم بين جيلين أنيس منصور صاحب القلم السلس، الذي يشعرك وهو يكتب أنه يحدثك وكأنه لجوارك تحتسي معه القهوة.
مع ملاحظة أن المحاضرة لم تكن مجرد سرد لمن تأثرت بهم إيجابياً، وإنما لمن انفعلت مع أفكارهم ومؤلفاتهم وخطاباتهم وأساليبهم، سواء كانوا من الذين أتفق معهم أو مع أكثر أطروحاتهم، أو الذين اختلفت مع توجهاتهم أو أساليبهم، لدرجة أن كثيراً ممن مروا في حياتي - كما في حياة الكثيرين - من المشتغلين في عالم الأفكار وحوار الاتجاهات المتضادة كانوا خصوما فكريين.
ثم من هذا الذي نتفق معه أو نرضى عن كل ما أنتجه من الفلاسفة أو الشعراء أو الأدباء أو الفقهاء أو العلماء أو المؤرخين أو الساسة؟!
والآن ما هي الأسماء التي اخترتها من الفضاء المعرفي المصري، التي عاشت في حياتي؟
هذا ما سأذكره في المقال المقبل.

@mh_awadi

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي