No Script

أصحابها متمسكون بها... طالما هناك أناس يريدون إصلاح أخذيتهم

«الخرّاز»... مهنة مازالت تقاوم وتأبى الاندثار

تصغير
تكبير



موجي:
ما يساعد المهنة  على البقاء أن الأحذية الجديدة أيضاً  تحتاج للتصليح

تلاتد:
أحب مهنتي ولو انقرضت لرأيتني جالساً في منزلي

موتشي:
لن أترك المهنة التي أتعامل فيها مع الغني والمسكين

لال:
أعمل في الشارع منذ 5 سنوات لأن إيجارات الدكاكين مرتفعة


في زاوية صغيرة داخل محل متواضع، يجلس رام موجي من الهند 10 ساعات متواصلة يصلح الأحذية دون تذمر أو ملل، تعلو وجهه ابتسامة صبورة، ويؤكد «أنا جالس هنا طالما أردا الناس تصليح أحذيتهم، وسأغلق دكاني حين يتوقفون عن ذلك».
الإسكافي «أو الخراز باللهجة الكويتية» صاحب مهنة تقوم على تصليح الأحذية، وقد كان قديما يصنع الأحذية ولا يصلحها فقط، إلا أن المصانع الكبيرة لم تترك له خيار تصنيعها فانكفأ ليصلح ما تتلفه أقدام الزبائن راضيا بذلك. وتعرف مهنة «الإسكافي» بتوارثها عبر الأجيال، وهي مهنة لا تحتاج رأس المال، إلا أنها تحتاج إلى الصبر والجلد وسعة البال ومشقة التحمل الكثير. وعلى الرغم من دخلها المادي المتواضع، فإن أصحابها تمسكوا بها ولم يهجروها منذ عشرات السنين، فلا تكاد تسأل أحدهم عن السنين التي قضاها في مزاولة المهنة إلا وكانت الإجابة منذ 10 أو 20 أو 25 سنة.
وعلى الرغم من ارتفاع إيجارات المحلات والدكاكين في الكويت، فإن أصحاب هذه المهنة الذين يعدون أنفسهم مساكين، ووصل إليهم تأثير الغلاء، يؤكدون أنهم صامدون يضاعفون ساعات عملهم بغية توفير ما يعينهم على غلاء المعيشة، حتى أن الحال قد وصل ببعضهم للعمل في الطرقات والتخلي عن تأجير محل، يحملون عدتهم ويجلسون على قارعة الطريق، رافضين أن يدفعوا بضعة الدنانير التي يخرجون بها لإيجار محل فقط.


رام موجي قال في حديثه مع «الراي» إنه يعمل في الكويت منذ 26 سنة، «وقد احترف المهنة منذ ذلك الحين، وانتقلت من محل لآخر، لكني لا أفكر بترك المهنة، بل جلبت أخي منذ 10 سنوات للعمل معي فيها أيضا»، مؤكدا «أنا جالس هنا طالما أراد الناس تصليح أحذيتهم، وسأغلق دكاني حين يتوقفون عن ذلك».
وأضاف «لم تعد تأتي الزبائن كالسابق، لكن زبونا واحدا يعني أن دكاني سيظل مفتوحا، قد يأتي في بعض الأيام 5 أو 10 زبائن، وفي أيام أخرى لا يأتي أحد، وما يساعد هذه المهنة على البقاء أن الأحذية الجديدة أيضا تحتاج للتصليح وليس القديمة فقط، وأتعامل مع الأسواق والشركات لتصليح بضاعتهم الجديدة وتعديلها وهذا ما يعين على البقاء».
وبيّن موجي أن «إيجار المحل الشهري يبلغ 150 دينارا، وفيما سعر أغلى قطعة أقوم بتصليحها 5 دنانير وأرخصها 750 فلسا، لقد تعودنا على التعب لأننا نعمل منذ الصغر، فالتعب أصبح عادة».
«مركز دقائق لتصليح الأحذية والشنط» يعمل فيه فيلومنيو تلاتد من الفيلبين منذ عام 1994، إلا أن مهنته في الفيلبين كانت صنع الأحذية وليس فقط تصليحها، ويقول «في الفيلبين الناس ما زالت تصنع الأحذية يدويا، أحب مهنتي منذ أن كنت هناك، ولست على استعداد للعمل بمهنة أخرى، ولو أنها انقرضت لرأيتني أجلس في بيتي الآن».
وأكد تلاتد أن «ما يقارب 25 شخصا يأتون لإصلاح أحذيتهم يوميا، أحيانا قد يصل العدد إلى 30 أو 35، ومنذ أن أتيت إلى الكويت وأنا أرى الناس تأتي لتصليح أحذيتها باستمرار دون تراجع في الأعداد»، مؤكدا أن «أغلب من يأتون لإصلاح قواعد الأحذية التي يصل سعر الواحدة منها لـ 7 دنانير ونصف الدينار، هم من يبتاعون الأحذية الغالية، وليس المساكين الذين يبلغ سعر حذائهم دينارا واحدا على الأغلب».
بدوره، يعمل راجو موتشي في محل الأندلس لتصليح الأحذية منذ عامين ونصف العام، وقد امتهن هذه المهنة منذ 20 عاما، وقال «تعلمت المهنة من والدي وأتيت إلى الكويت عام 2001 وبدأت العمل بها، أحبها وراض عنها، إلا أن الزبائن لم تعد كالسابق». وأرجع السبب إلى أن «القوانين الشديدة الآن لم تعد تسمح للمساكين من المخالفين الذين يصلحون الحذاء نفسه مئات المرات بالخروج من منازلهم» مؤكدا «أدفع 300 دينار شهريا للمحل، وعلى الرغم من أن الإيجارات الأخرى قد تصل لـ 600 و700 شهريا فلا أستطيع جلب عائلتي للعيش معي هنا» لافتا إلى أن «تصليح الأحذية للغني والمسكين على حد سواء».
قصة أخرى لإسكافي آخر قرر وعدته افتراش الشارع بجانب احدى الجمعيات، اسمه موهان لال، يعمل في الشارع دون تأجير محل منذ 5 سنوات، ويقول «أعمل في الكويت منذ 10 سنوات، وقد عملت في السنوات الخمس الأولى في شركات مختلفة، ولم أوفق بسبب سياسة التلاعب بالرواتب والحقوق، فاخترت أن أعمل بمهنة والدي التي علمني إياها إلا أنني لم أستطع تأجير أي محل بسبب غلاء الإيجارات».
وأضاف «يبلغ دخلي اليومي من هذه المهنة من 3 إلى 4 دنانير، أي أنني لا أستطيع توفير نصف ثمن إيجار المحل، ولذلك أجلس هنا بشكل يومي ولكن العمل خفيف، فالصين خرجت بأحذية رخيصة الثمن لا تكاد تصل للدينار والنصف، مما جعل من الأسهل على الناس رمي الأحذية القديمة وشراء أخرى جديدة».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي