No Script

مسار عمل 96 يوماً لم يؤدِّ سوى لقرارات ظلت حبراً على ورق

لهذه الأسباب استقال المحافظ «المحافظ» من رئاسة اللجنة التحفيزية... فجأة

u0645u062du0645u062f u0627u0644u0647u0627u0634u0644
محمد الهاشل
تصغير
تكبير

التردد والبطء أخطر ما هدّد برنامج التحفيز

3 مشاريع قوانين مقدمة من اللجنة لم تصل مجلس الأمة  

دعم العمالة تحوّل لـ «قميص عثمان» ... كل العلاوات أم بعضها؟ 

برنامج القروض الميسرة أُطلق مرتين وتمويلاته حتى الآن... صفر

إعفاءات رسوم الإيجارات والجمارك لا تزال تناقش رغم استعجالها 

العودة للحياة تأخرت رغم المطالبات بتقليل التكلفة الاقتصادية

المسؤولون الحكوميون... كلٌَ يتأبط ملف وزارته كأولوية 

 

يتذكر الجميع جيداً محافظ بنك الكويت المركزي الدكتور محمد الهاشل عندما ظهر، وبخلاف العادة، على شاشة تلفزيون الكويت، عقب اجتماع لمجلس الوزراء عقد في 20 أبريل الماضي، مقدماً شرحاً مرئياً بعنوان «الحياة والمحيا معركة على جبهتين»، قاصداً بذلك ضرورة الموازنة في مواجهة فيروس كورونا صحياً واقتصادياً.
وقتها بدا واضحاً أن الهاشل متسلّح بالأرقام، ووجاهة الخطط التي يفترض أنها تقدّم معالجات تستقيم مع تطور الأزمة، وبحكم خبرته بعمل لجان الطوارئ الاقتصادية العالمية اعتقد أن لديه الصلاحية لتوجيه جميع الجهات الحكومية المعنية بالاستجابة السريعة لقرارات اللجنة، ممنياً النفس بأن الظروف التي تمر بها البلاد، مفصلية، وتحتاج لقرارات جريئة على غرار المتخذة من قبل دول الجوار والعالم.
إلا أنه بعد 96 يوماً من تشكيل اللجنة التحفيزية العليا للاقتصاد قرر الهاشل الذي يترأس اللجنة الاستقالة، ما فتح جدلاً واسعاً حول الأسباب التي دفعت المحافظ إلى الغضب للدرجة التي دفعته إلى الاعتذار وعدم الاستمرار برئاسة اللجنة، وهو يعلم أنه بحكم القانون مستشار الحكومة.

تأسيس اللجنة
من حيث المبدأ، يمكن القول إنه منذ تأسيس اللجنة التحفيزية في الأول من أبريل الماضي، أصدرت اللجنة جملة توصيات ومشاريع قوانين مستعجلة، مؤكدة في كل مرة أهمية اتخاذ خطوات وتدابير فاعلة وعملية وسريعة بالوقت ذاته لمواجهة التداعيات والآثار الاقتصادية والاجتماعية التي سببتها أزمة كورونا للشركات والكيانات والأفراد، حتى لا تتفاقم الكلفة.
لكن على أرض الواقع لا يذكر الهاشل من هذه الإنجازات سوى الملفات والدراسات التي باتت تزحم مكتبه لكثرتها، وطول انتظاره للتعاون المرجو من المسؤولين الحكوميين، لتظل مع ذلك مجرد حبر على ورق، رغم التعرض لأزمة غير معتادة بهذا الاتساع والعمق والخطورة.
ولعل أول هذه التوصيات التي أقرها مجلس الوزراء ما تم الإعلان عنه في 15 من الشهر الماضي، حيث تم إطلاق برنامج للقروض الميسرة، يفترض أن يكون بتمويل يبلغ 80 في المئة من الصندوق الوطني للتنمية والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، و20 في المئة من البنوك المحلية.
وبعد أكثر من 3 أسابيع تفاجأ الهاشل وأعضاء لجنته أن «الصندوق» غير موافق على المشاركة في تمويل البرنامج، بحجة أنه لم يؤخذ رأيه، ولم يشارك أصلاً في اللجنة التي أقرت هذا التوجه، ناهيك عن عدم وجود سيولة كافية لتمويل 80 في المئة من قروض المشاريع الصغيرة المتضررة من كورونا، كما أن فلسفة البرنامج لا تتطابق مع قانون إنشاء الصندوق.
الجهات المعنية
وبعد أخذ ورد، لجأ مجلس إدارة الصندوق إلى إدارة الفتوى والتشريع والجهات المعنية لاستشراف رأيها بخصوص مشاركته، لا سيما أن المشاركة ستكون مجانية بدون أي رسوم، ما قد يضع عليه ملاحظة رقابية من ديوان المحاسبة، حيث خلص في النهاية إلى عدم موافقته على المشاركة، وهنا كانت بداية أزمة اللجنة التحفيزية، التي كانت تراهن كثيراً على سرعة الاستجابة في مواجهة كورونا بتحركات حكومية استثنائية.
فمعلوم أن الهدف من تشكيل لجنة مثل «التحفيز العليا» أن تعمل بآليات الطوارئ، سواءً في مخرجاتها الإجرائية، أو لجهة الاستجابة الحكومية لتوصياتها من جميع المعنيين، لكن ذلك لم يتطابق حتى الآن مع واقع عمل اللجنة التحفيزية، التي قررت أن تستمر في النقاش مع الصندوق، وفي الوقت نفسه تعمل على إعداد برنامج جديد للقروض الميسرة، حتى أعلنت عن برنامج آخر بتمويل مصرفي 100 في المئة، على أن تضمن الحكومة 80 في المئة من قيمة المحفظة.
ومن نافل الإشارة أن الضمانة الحكومية تحتاج إلى قانون يُقر من مجلس الأمة، حيث سرعان ما تم رفع مشروع القانون إلى الفتوى والتشريع في 7 يونيو الماضي، لكن المفارقة أن المشروع لم يصل حتى الآن لمجلس الوزراء، حتى يتسنى بعده رفعه إلى نواب مجلس الأمة الذين يفترض أن يكونوا أكثر مقاومة لهذا المشروع.

نتائج ملموسة
وبالطبع، لم يؤدِّ مسار عمل اللجنة خلال الأشهر الثلاثة الماضية إلى أي نتائج ملموسة على أرض الواقع، حيث قدمت اللجنة مشروعين بقانونين، أحدهما يخص تعديل قانون العمل الحالي، والثاني بخصوص تعديل قانون الإيجارات، وسيراً على العادة لا يزال المشروعان حبيسي الأدراج حتى الآن، رغم أن مثل هذه المشاريع تأخذ صفة الاستعجال والضرورة، باعتبار أن الهدف منها إطفاء تداعيات نيران الأزمة المشتعلة في العالم أجمع.
وإلى ذلك، وقبل شهر ونصف الشهر تقريباً، وافق مجلس الوزراء على توصية من اللجنة تقضي بمضاعفة دعم العمالة وصرفها للمواطنين الموظفين المسجلين على البابين الثالث والخامس.
ورغم التأكيد على سرعة صرف المستحقات، إلا أن القرار تحوّل لحالة جدال تشبه الخلاف التاريخي حول «قميص عثمان»، من أين سيتم تمويل هذا البند في ظل العجز الحالي، وهل يسري القرار على كل العلاوات أم على بعضها، رغم أن القيمة محسوبة ومقدرة رقمياً ومحاسبياً من قبل اللجنة بـ240 مليون دينار، ورغم ذلك لم يعلن سوى قبل يومين عن تحويل هذه المبالغ لحسابات المستحقين في 25 من الشهر الجاري.
وحتى تزداد الصورة قتامة، وجدت اللجنة أن المسؤولين الحكوميين ليسوا هم فقط غير المتعاونين إن صح التعبير مع اللجنة، لكن الحكومة نفسها بدت غير مقتنعة بضرورة سرعة تقديم المعالجات، وفي مقدمة الدلائل على ذلك عدم تنفيذها بالكامل لقرارات إعفاءات الرسوم الحكومية بمختلف أنواعها، وغيرها من رسوم الدولة على القطاعات المتضررة.
حتى إعادة الحياة إلى الأسواق من خلال السماح بعودتها للعمل تدريجياً وحسب ضوابط كافية تراعي المقتضيات الصحية، لم يكن سهلاً، فحسب مصادر مقربة طالب الهاشل غير مرة بالعودة مبكراً للحياة الاقتصادية، باعتبار أن الإبقاء على الإغلاق شبه الكامل بالغ التكلفة، إلا أن الاستجابة الحكومية لرأيه تأخرت أيضاً، تحت ضغط المخاوف الصحية.

كفاءة حكومية
في المقابل، يقتنع الهاشل وأعضاء لجنته أن أزمة كورونا تتطلب كفاءة حكومية استثنائية في إبداء مرونة غير تقليدية، يمكن من خلالها مواجهة تداعيات خطر كورونا، على غرار البنوك التي أظهرت كفاءة مرنة في مواجهة الظروف الضاغطة على نحو فعال ومستقل، ما عزّز نهج السياسات التحوطية الحصيفة، ومكّن القطاع من المساهمة في تقديم الحلول.
وربما لا يجافي الحقيقة القول إن مواجهة جائحة كورونا كانت تتطلب تعاوناً حكومياً أوسع من جميع الجهات المعنية، التي بدا كل مسؤول فيها منشغلاً أكثر بملفاته الثقيلة أيضاً، لكن من الواضح أن الجميع ركّز على وزارته أو مؤسسته، للدرجة التي يمكن القول معها إن المسؤولين الحكوميين أظهروا خلال الأزمة أن كلاً منهم يتأبط ملف وزارته كأولوية، ما أظهر فقداناً للعمل الجماعي، ترتّب عليه تأخر المعالجات الملحة التي يفترض أن تكون برسم الطوارئ، وليست طويلة أو متوسطة الأجل.
ولعل ما زاد من تعقيدات أزمة كورونا، واستدعى سرعة التجاوب الحكومي، أنها داهمت دول الخليج ومن ضمنها الكويت مُردفة بتدهور أسعار النفط التي وصلت إلى مستويات تاريخية من الانخفاض، ما كان يتطلب عقلية حكومية جماعية تتحلى بالمرونة وتعتنق سرعة تنفيذ المعالجات، خصوصاً في القطاعات الأكثر تضرراً من الأزمة.
في المقابل، يؤمن المحافظ بضرورة تسريع الخُطى والإجراءات، لأن الظروف الصعبة والاستثنائية التي نمرُّ بها تقتضي بالضرورة سرعة استثنائية في اتخاذ القرار، فأي تأخر في هذا الصدد سينعكس تفاقماً في الأزمة وارتفاعاً في صعوبة وتكاليف معالجتها، وقد أثبتت التجربة العالمية فعلاً أن الفارق الرئيس بين الدول التي استطاعت تطويق الأزمة الاقتصادية وتلك التي لم تسجل نجاحاً في هذا المضمار هو سرعة القرار وسرعة التنفيذ.
الخلاصة: يبدو أن رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت محمد الصقر لم يكن مبالغاً عندما قال في لقائه مع «الراي» والمنشور قبل شهرين، وتحديداً في عدد 8 مايو الماضي، إن «التردد والبطء أخطر ما يهدّد برنامج (التحفيز)».

ماذا عن بقية أعضاء اللجنة؟

بمجرد أن انتشر خبر اعتذار الهاشل عن الاستمرار في رئاسة اللجنة التوجيهية العليا للتحفيز الاقتصادي، تنامت التكهنات حول موقف بقية أعضاء اللجنة، وما إذا كانوا سيحذون حذوه، في مسعى لإيصال رسالة احتجاج جماعية، أم سيتم الإبقاء على اللجنة بأعضائها مع تعيين رئيس جديد.
وتشكلت اللجنة لمعالجة التداعيات الاقتصادية الناتجة عن أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، وتستهدف تنفيذ الركائز التحفيزية للاقتصاد المحلي من خلال حزمة الإجراءات التي وردت في قرارات مجلس الوزراء، وتضم في عضويتها، وكيل وزارة المالية صالح الصرعاوي، والعضو المنتدب للهيئة العامة للاستثمار فاروق بستكي.
واستعانت اللجنة في عضويتها برئيس اتحاد المصارف ونائب رئيس مجلس إدارة بنك بوبيان عادل الماجد إضافة الى نائب المحافظ الأسبق نبيل المناعي، وأحمد الصقر، لمعاونتها في إنجاز مهمتها على النحو المنشود.

ويتحدد هدف اللجنة بتنفيذ حزمة التوصيات التي أقرها مجلس الوزراء واقتراح التدابير اللازمة لمواجهة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية، في إطار الأهمية الحاسمة لعنصر الوقت، بحيث لا تتفاقم الأوضاع الحالية للمؤسسات والقطاعات الاقتصادية المتضررة من أزمة سيولة قصيرة الأمد إلى أزمة ملاءة مالية، وكذلك لمنع تداعيات الأزمة من أن تطول استمرارية الأعمال على مستوى جميع شرائح الشركات والقطاعات.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي