No Script

هل تكفي الكفاءات الحالية لإنجاز إستراتيجية 2040؟

إدارة نصف تريليون دولار في «النفط» بين تقاعد الخبرات... وطموح الشباب

تصغير
تكبير
  • بوقريص: سلاح ذو حدين التمديد للخبرات والتعامل معه يتطلب الحذر والرويّة 
  • بخش: إعادة النظر في الاستفادة  من المتقاعدين... وعضوية مجالس  الإدارات غير كافية 
  • الخشتي: للأسف التطوير  على رأس الترشيد ولذا تتراجع الخبرات

خبرات وكفاءات كويتية نفطية في مهب رياح التغيير، بعد ان كلفت الدولة مئات الالاف من الدنانير للتدريب واكتساب الخبرات والمهارات لإداراة القطاع، ما يطرح السؤال واسعاً، هل يصبح تقاعد القيادات هدراً للمال العام؟ أم أن التغيير ضرورة تحتاج لضوابط؟ وهل التقيد بمدة الخدمة أفضل؟ أم بلوغ 65 سنة مثل بعض القطاعات الأخرى؟وفي النهاية هل الخبرات الحالية تكفي لإنجاز استراتيجية 2040 والمقدرة بنصف تريليون دولار؟.
أسئلة عديدة طرحتها «الراي» على خبراء ومهتمين بالنفط، (لم يكن لهم علاقة بأي أحداث سابقة في القطاع)، حيث اتفقوا على أن رحلة العطاء لا تنتهي، بيد أنه ليس بالضرورة أن يكون جميع أصحاب المدد الطويلة على نفس الدرجة من التميز.
ودعوا إلى أن يكون هناك معايير واضحة، ومسطرة واحدة يتم من خلالها التعامل مع هذه الخبرات سواء بالتمديد أو التقاعد، على أن يراعى إتاحة الفرصة للشباب للتطور، واكتساب الخبرات اللازمة، كما تم نقله من الخبرات السابقة.


وأضافوا أن القيادات النفطية التنفيذية أمام تحد كبير ويسابقون الزمن لتأهيل الصفوف الثانية، في ظل عمليات الترشيد وخفض الميزانيات التي طالت بند التدريب والتطوير، ما تسبب لفقدان القطاع للخبرات الفنية مع مرور الزمن.
وأكدوا أن التفريط في الخبرات ليس في صالح أي قطاع، فرغم أن التغيير مطلوباً، إلا أنه يجب ألا يكون سلبياً على الاداء العام أو النتائج ولا يخل بتجانس الفريق، وتحقيق الاستقرار لضمان استكمال الانجازات في ظل استراتيجيات طموحة وصعبة في الوقت نفسه، أما التفريغ المباشر لأي فريق من خبراته فسيؤثر سلباً على الأداء العام.
تطوير الكفاءات
من جانبه، اعتبر القيادي السابق، والرئيس التنفيذي الحالي لشركة ايكاروس للصناعات النفطية سهيل بوقريص أن عملية الابقاء على قيادات امضت 30 أو 35 عاماً للاستفادة من خبراتهم النفطية سلاح ذو حدين يتطلب التعامل بحذر وروية، لافتاً إلى أن هناك مميزات وعيوباً للابقاء على الخبرات الطويلة.
وبين أنه ليس شرطاً أن يكون جميع من أمضى 35 عاماً أو بلغ 60 عاماً متميزا أو ناجحا في القيادة، وبالتالي استمرارهم قد يؤثر على الصفوف التالية، منوهاً إلى أن استمرار من أمضى مدة خدمتهم سيخلق لدى الشباب نوعاً من الاحباط، خصوصاً ان نسبة التكويت في بعض القطاعات بلغت نحو 90 في المئة، ما يتطلب إعطاؤهم الفرصة والثقة لاستلام الدفة، مشيراً إلى أن يتعين على المسؤولين تجهيز وتطوير الكفاءات الشبابية وهو ما يتم حالياً.
وعلى الجانب الآخر قال بوقريص «بعض المجالات تعتبر خبرات ناجحة ومتميزة وهذه التي نتحدث عنها ويمكن استثناؤها والاحتفاظ بها إلى حين تجهيز البديل لكنها تبقى حالات استثنائية وليست قاعدة، وفي النهاية يظل الابقاء على كم من الخبرات هدفاً للاتهامات بالمحاباة، وبالفعل هذا ما حدث في القطاع النفطي أخيراً».
وأضاف «الأفضل أن يكون التمديد للخبرات استثنائياً وفي حالات خاصة، وليس قاعدة عامة مع وجود مسطرة لتنظيم ذلك».
وعن ما تم صرفه على القيادات رأى بوقريص ان هؤلاء القيادات أعطوا لعملهم طوال 30 أو 35 عاماً ويبقى ان يكون هناك معيار لقياس تجهيزهم للكوادر التالية.
ولفت بوقريص إلى أن من استحدثوا أكبر شركات في العالم هم من الشباب والإبداع ليس شرطا بخبرات السنين أو العمر، قائلاً، (لكل زمن رجال).
ورأى انه لا مشكلة في تطبيق تقاعد من أمضوا 30 و35 سنة أو بلغوا 60 عاماً، اما إذا كان هناك مشكلة في تجهيز صفوف ثانية وثالثة فهذه مشكلة أخرى مسؤوليتها على القائمين عليها خصوصاً انه لا يمكن اجبار قيادات على الاستمرار.
وعن النظام الحالي المنظم لتقاعد القياديين قال بوقريص إنه نظام جيد ومقبول بشرط ان يتم تطبيقه على الجميع ويبقى التمديد استثناء وليس قاعدة عامة، وهذا ينطبق على الوزارات والهيئات الحكومية الأخرى أيضاً، قائلاً (هناك خبرات إدارية وفنية في كل جهات الدولة ومنها الاستثمار والبنك المركزي والاشغال وغيرها وبالتالي الأمر ليس مقصوراً على النفط).
وأكد بوقريص أن هناك طاقات شبابية جيدة في القطاع تنتظر الفرصة، ومن الضروري تسليمهم القيادة تدريجياً للانطلاق، رغم النظرة إليهم على انهم لم يكتسبوا الخبرة بعد.
تطوير العمل
أما القيادي السابق بدر الخشتي فلفت إلى أن مسألة تقاعد القيادات تتطلب نظرة أخرى، على أن ترتبط بالسن أكثر من سنوات الخبرة أو مدة العمل.
وإعتبر الخشتي ان مسألة 30 أو 35 سنة ليست معياراً وأن قرار تقاعد القيادات خلال الفترة السابقة وفق مدة الخدمة لم يكن موفقا، خصوصاً أن تأهيل الكوادر التالية لم يكن مستعداً له بالشكل المناسب، موضحاً انه من المهم ان يكون التغيير للتطوير وليس بغرض التغيير فقط مع مراعاة أن عملية تأهيل وتطوير القيادي تكلف الدولة أموالاً طائلة على مدار عشرات السنين. وقال «من الأفضل الاستفادة من الخبرات السابقة في مجالس إدارات الشركات والمجالس الاستشارية لأنها في النهاية خبرات وطنية كلفت الدولة الكثير ومن المهم إعادة الاستفادة منهم بشكل آخر بما يسهم في تطوير العمل النفطي والمساهمة في اتخاذ القرارات المناسبة».
وحول سبب عدم تأهيل القيادات النفطية للصفوف التالية أوضح الخشتي أن المشكلة في عملية الترشيد وتخفيض الميزانيات التي تأتي على رأس البنود قطاعات التدريب والتطوير للعاملين، وبالتالي يتأخر التأهيل وعلى مر الأيام يصبح هناك تراجع في الخبرات القيادية، في حين المشاريع الرأسمالية مستمرة ولا تخفيض فيها وهو أمر جيد بالطبع لكن المطلوب عدم المساس بالتدريب والتطوير للعنصر البشري ايضاً.
وتساءل الخشتي قائلاً، لماذا يتم التمديد لغير الكويتي بعدما يتخطى سن 65 ويتم التجديد له في حين أنه عندما يمضي الكويتي 35 سنة خدمة يقال له «في أمان الله»!، معتبراً ان مشكلة القطاع في ان بعض الصاعدين أمضوا مدة معتمدة لكنهم ليسوا مؤهلين ولم يكتسبوا خبرة كافية تؤهلهم لتولي مشاريع بمئات الملايين أو المليارات، وفي هذه الحالة صحيح تمت ترقية مديرين كمثال لكن في الحقيقة لا يوجد خبرات حقيقية فكيف يديرون قادة غير قادرين على القيادة؟.
وأضاف على الجانب الآخر هناك خبرات ومدراء مشهود لها وتستحق الترقية وبشهادة الجميع لكن مهم ان يكون هناك معايير وضحه مبنية على القدرة على القيادة للترقية وان تكون المقارنة وفق أساليب موحدة وليست للفوز بجائزة وهو تحدٍ أمام المسؤولين ومن المهم ان تكون آلية الترقية واضحة.
ورأى الخشتي ان الترقيات من جانب آخر المواقف والخبرات لا تحكمها مدة خدمة بقدر القدرة على التعامل مع الأزمات والمواقف والقرارات الضرورية التي تحقق إضافة مناسبة للقطاع أو الشركة التي يعمل بها.
من ناحيته يرى القيادي السابق حمزة بخش أن هناك ضرورة لإعادة النظر في قرار تقاعد القيادات النفطية وربطها بمدة 30 أو 60 عاماً، مضيفاً أنه إذا كان القيادي متميزاً يصبح تطبيق قرار الـ 35 سنة خسارة لخبراته، خصوصاً انه كان لهذا القرار اهدافه في مرحلة سابقة والان انتهت اسباب الاستمرار في تطبيقه.
أما بالنسبة لتقاعد من بلغ 60 عاماً، قال بخش «إذا كان قادراً على العطاء يجب الاستفادة منه، وأن يكون تقاعد الخبرات هو الاستثناء وليس القاعدة في ظل الحاجة إلى تدعيم وتعميق الخبرات المتراكمة لدى القيادات الشبابية المستقبلية»، مطالباً بضرورة إعادة النظر في كيفية الاستفادة من خبرات المتقاعدين، خصوصاً أن الاستفادة منهم في مجالس الإدارات فقط، ليست كافية، ويمكن الاستفادة من خبراتهم في أدوار أهم من ذلك.
وأضاف «بعض القيادات كلفت الدولة مئات الالاف من الدنانير لتدريبهم وتأهيلهم ومن ثم للاستفادة منهم وبالتالي يمكن رفع سن التقاعد إلى 65 سنة شرط ان يكون الوضع الصحي للقيادي سليما وقادرا على العطاء، وكذلك يمكن الاستفادة من القيادات السابقة كمستشارين، ورغم ما يواجهه هذا التوجه من اتهامات تخوفاً من الهجوم على المسؤولين بالمحاباة، إلا انه في ظل معايير وضوابط موحدة سيكون الأمر أكثر قبولاً على اعتبار ان التطبيق على الجميع.
ورأى بخش انه حتى مع التوجه لهيكلة القطاع النفطي سيظل هناك حاجة للخبرات ولو في مجالس استشارية كما تفعل الشركات العالمية، خصوصاً إذا اصبحت مؤسسة البترول مؤسسة ضخمة ولديها قطاعات، مشيراً إلى انه النهاية حتى لو هناك مجلس إدارة واحد سيكون هناك حاجة لمجالس استشارية في هذه التخصصات أو بالقطاعات.
وقال بخش»هناك هدر لقدرات المتقاعدين وعدم الاستفادة منهم مرجعاً ذلك لعدم وجود آلية أو رؤية محددة لكن بالنهاية لابد من وجود قرار للتعامل مع هذه الأوضاع عبر رؤية ومعايير محددة على أن تتم مناقشتها للوصول إلى أفضل آلية للتطبيق فالعبرة بالنهاية على الانجاز وتحقيق المستهدف والمحاسبة وفق الانجاز.
ولفت بخش إلى أن بقاء القيادي في منصبه يحمله تحديات انجاز مشاريع كبرى واستراتيجية جديدة ومتطلبات كثيرة وجهد كبير وسيكون هناك مقابل مناسب، في ظل أن تقاعد القيادات له سلبيات سواء مادية أو خسارة خبراته.
ورأى بخش، أن بقاء القيادي في منصبه سوف يصاحبه تحد كبير، في ظل أن عضوية بعض مجالس إدارات الشركات الخاصة لا تساوي وجع دماغها.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي