لدى كل من البنك والصندوق الدوليين سياسة ثابتة لإنعاش اقتصاد الدول تقوم على برامج للتقشف، مصحوبة بتنفيذ الحكومات لحزمة من الاجراءات تكفل تحقيق دخل للدولة، وأهم برامجهما التقشفية وقف الدعوم التي تقدمها الدول لمواطنيها، مثل دعم الكهرباء والماء والمواد الاستهلاكية وبعض برامج المساعدات الاجتماعية وخفض الرواتب، أما تحقيق العوائد للدولة فيكون برفع الرسوم وفرض الضرائب وبرامج الخصخصة.
في الحالتين فإن البنك الدولي يفترض وجود حكومات منتخبة ذات أهداف وطنية وكفاءة عالية، ويمكنها فرض هذه الإجراءات لثقة الشعوب بها، كونها هي من وضعها في سدة الحكم ولإمكانية تغييرها بسهولة عبر البرلمان، وهو لا يضع اعتباراً لصيغ الحكم غير الديموقراطية ولا لتفشي الفساد في أركان حكومات العالم الثالث ولا لضعف أدائها، وتردي إدارتها لثروات بلادها والتقصير في الحفاظ عليها، فغالباً ما تكون الإدارة غير الرشيدة لهذه الحكومات وغياب الإستراتيجية الشاملة والرؤية المستقبلية هي أسباب أزمات هذه الدول المالية والاقتصادية.
عندما يرفض الكويتيون حزمة الإنقاذ التي يعرضها الصندوق الدولي، فإنّهم لا يرفضونها من حيث المبدأ، وإنما يرفضونها لأنهم يرون إمكانية لإصلاح اقتصاد البلاد بإصلاح الإدارة الحكومية كإصلاح الخلل في التركيبة السكانية، والارتفاع بالمستوى المتواضع لخدمات الدولة، والمستوى الذي تنفذ به مشاريعها، والحرص على خفض تكلفة تنفيذها التي قد تتجاوز أضعاف مثيلاتها في دول الخليج، والتوقف عن تصميم البعض لبرامج الخصخصة، لتكون في حقيقتها بيعاً مبرمجاً لمؤسسات الدولة الناجحة لبعض المنتفعين مما تعتريه شبهة المخالفة الدستورية، ومن باب التمثيل لا الحصر على منظومة الفساد التي تحيط ببعض هذه المشاريع، ما عاناه الكويتيون من الطرق الخربة وتطاير الحصى منها و كثرة الحفر فيها.