No Script

وزير الخارجية يترأس جلسة مجلس الأمن الدولي في الأمم المتحدة

No Image
تصغير
تكبير

صباح الخالد:

- الوتيرة المتصاعدة للأزمات التي تعصف بعالمنا باتت أكثر تعقيدا وتشابكا 

- الديبلوماسية الوقائية تشكل ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الكويتية 

- الكويت ستبقى داعمة للسلام عبر ديبلوماسيتها المرتكزة على التدابير الوقائية

 

ترأس نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد جلسة مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة التي عقدت صباح اليوم الأربعاء، وتأتي في إطار رئاسة الكويت لأعمال مجلس الأمن للشهر الحالي تحت بند «حفظ السلم والأمن الدوليين» لمناقشة مسألة منع نشوب النزاعات والوساطة.
واستمع مجلس الأمن خلال هذه الجلسة إلى إحاطات قدمها كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ورئيسة ايرلندا السابقة ورئيسة مجموعة الحكماء ماري رونسون والأمين العام الثامن للأمم المتحدة ونائب رئيس مجموعة الحكماء بان كي مون.
وقدمت الكويت خلال أعمال الجلسة ورقة مفاهيمية في هذا الإطار أبرزت خلالها الأهمية الحتمية لهذه المقاصد التي تعتبرها الكويت ركائز أساسية لسياستها الخارجية.
وكان الشيخ صباح الخالد ألقى كلمة خلال أعمال الجلسة جاء نصها على النحو التالي:

«بسم الله الرحمن الرحيم،،،
أصحاب المعالي والسعادة،،،
أتقدم في البداية بالشكر إلى معالي أمين عام الأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريس على إحاطته القيمة وأؤكد لكم يا معالي الأمين العام بأن الكويت تدعمكم بشكل كامل في جهودكم الهادفة لتحسين آليات الأمم المتحدة وتعزيز فعاليتها للحد من المخاطر والتهديدات التي تواجه عالمنا اليوم وخاصة عبر رؤاكم لإيجاد»طفرة في الدبلوماسية«وتعزيز تدابير منع نشوب النزاعات والوساطة وذلك ضمن إصلاحاتكم لركيزتي السلم والأمن لتكونا أكثر اتساقا وشمولا.
كما لا يفوتني تقديم الشكر إلى مجموعة الحكماء (Elders The) على تواجدهم معنا اليوم فلن نجد أجدر منهم للاستفادة من حكمتهم وخبرتهم المكتسبة عبر عقود من الزمن من خلال عملهم الدؤوب في مواقع صنع القرار المختلفة بهدف تحسين حياة الملايين من البشر في شتى بقاع العالم فبينهم مناصرة لحقوق المرأة وحقوق الإنسان ورئيسة سابقة لبلادها وأمين عام سابق للأمم المتحدة نجح في وضع أهداف التنمية المستدامة حتى عام 2030 واتفاق باريس لتغير المناخ وقائد استطاع أن يصنع السلام وينهي خمسون عاما من النزاع في بلاده وحاز على جائزة نوبل للسلام.
أرحب بكم جميعا معالي السيدة ماري روبنسون ومعالي السيد بان كي مون ومعالي السيد خوان مانويل سانتوس وأتقدم بالشكر للسيدة ماري روبنسون والسيد بان كي مون على إحاطتهما القيمة والنيرة حول موضوع مناقشتنا اليوم.

أصحاب المعالي والسعادة،،،
يجدر بنا أن نستهل اجتماعنا لهذا اليوم حول (منع نشوب النزاعات والوساطة) تحت بند (صيانة السلم والأمن الدوليين) باقتباس الفقرة الأولى من المادة الأولى من ميثاق الأمم المتحدة والتي حددت مقاصد الأمم المتحدة على النحو التالي:
»حفظ السلم والأمن الدولي وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها وتقمع أعمال العدوان وغيرها من وجوه الإخلال بالسلم وتتذرع بالوسائل السلمية وفقا لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها«.
إن دعوة دولة الكويت لعقد هذه الجلسة اليوم تتيح لنا الفرصة لتقييم دور مجلس الأمن في منع نشوب النزاعات والوساطة والنظر في كيفية تعزيز هذا الدور من قبل المجلس بغرض معالجة الأزمات الأمنية والسياسية والإنسانية في مراحلها الأولية قبل أن تتعقد وتتفاقم إلى أن تصبح تهديدا للسلم والأمن الدولي.
إن الوتيرة المتصاعدة للأزمات التي تعصف بعالمنا في السنوات الأخيرة باتت أكثر تعقيدا وتشابكا مما كانت عليه في السابق. والأمر المؤكد أنه كان بالإمكان معالجة بعضها ومنع تفاقمها من الأساس لو تم استخدام الوسائل المتاحة للمجلس بشكل فعال.
إننا نجد في ميثاق الأمم المتحدة العديد من الأدوات التي تشجع على حل النزاعات عبر الطرق السلمية وتحديدا الفصل السادس من الميثاق الذي وضع الخطوات لحل أي خلاف بين أطراف متنازعة عبر»المفاوضات والتحقيق والوساطة والتوفيق والتحكيم والتسوية القضائية أو باللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية أو غيرها من الوسائل السلمية التي يقع عليها اختيارها«.
كما أكد الميثاق في فصله السادس على أهمية اضطلاع مجلس الأمن بدور وقائي حيث أعطى المجلس الأحقية بدعوة أطراف النزاع لتسوية ما بينهم عبر الطرق المذكورة للتو و»أن يفحص أي نزاع أو أي موقف قد يؤدي إلى احتكاك دولي أو قد يثير نزاعا لكي يقرر ما إذا كان استمرار هذا النزاع أو الموقف من شأنه أن يعرض للخطر حفظ السلم والأمن الدولي«.
وفي فصله الثامن شجع على الحل السلمي للنزاعات المحلية عبر الترتيبات مع المنظمات الإقليمية وذلك لما تمتلكه هذه المنظمات الإقليمية ودون الإقليمية من معرفة تاريخية وقرب جغرافي لهذه النزاعات المحلية.
وفي هذا الصدد لابد أن أشيد بالتعاون الهام الذي يجمع مجلس الأمن مع الاتحاد الأفريقي في معالجة عدد من قضايا القارة الأفريقية. وسعيا منا أن يكون هناك نموذج مماثل للتعاون القائم ما بين مجلس الأمن والاتحاد الأفريقي ستعقد دولة الكويت جلسة يوم غد حول التعاون ما بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية ونؤمن بأن عقدها يأتي في وقت محوري نظرا لما تشهده عدد من دولنا العربية من اضطرابات وعدم استقرار.

أصحاب المعالي والسعادة،،،

لابد أن نتطرق إلى الدور المهم للأمين العام في موضوع مناقشتنا وفقا للمادة 99 من الميثاق وهي بمثابة أداة تعطي الأمين العام دورا وحقا أصيلا مثلما تلقي على عاتقه مسؤولية في منع نشوب النزاعات من خلال مساعيه الحميدة أو من خلال مبعوثيه وممثليه الخاصين في مختلف مناطق النزاع. وترجمة للأولوية التي يوليها الأمين العام لمسألة الوساطة قام مشكورا بإنشاء مجلس استشاري رفيع المستوى معني بالوساطة والدبلوماسية الوقائية كأداة لمنع نشوب النزاعات يتعين علينا جميعا دعمه لأنه بدون شك سيوفر علينا كثيرا من الجهد والأحزان والآلام ناهيك عن الموارد بما فيها الموارد المالية حيث يتم إنفاق المليارات سنويا على احتواء الأزمات عبر بعثات حفظ السلام أو معالجة آثار وتداعيات تلك الأزمات – بما فيها الآثار الإنسانية.
إن التحديات التي تقع أمام كثير من الوساطات هي تحديات محلية وإقليمية ودولية وأحيانا جميعها في آن واحد مما يتطلب أن تكون الوساطات ذو طابع شمولي وأن تتعاطى مع الأسباب الجذرية للنزاعات بشقوقها المختلفة السياسية والأمنية والتنموية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والحكم الرشيد وتلك المتعلقة بضمان احترام حقوق الإنسان وغيرها من الأسباب.
ولذلك فإن جهود الوساطة بحاجة إلى تفاعل سريع لضمان عدم تفاقم الخلاف وفي ذات الوقت تفهم وجهات النظر المختلفة والعمل بهدوء أحيانا خلف الكواليس وكسب ثقة جميع الأطراف المتنازعة بتبني نهج صادق وحيادي وصريح خال من الأجندات الخاصة وذلك لضمان تحقيق حل شامل ومستدام للنزاع.
وهنا لابد لي أن أشيد بالأمين العام ومبعوثيه وممثليه الخاصين وفرقهم لما يقومون به من جهود لتسوية النزاعات حول العالم في كثير من الأحيان بعيدا عن وسائل الإعلام.

أصحاب المعالي والسعادة،،،

إن الخبرات المتراكمة والدروس المستفادة كفيلة بتمكين مجلس الأمن لاتخاذ تدابير وخطوات مبتكرة تساهم في صيانة السلم والأمن الدوليين فليس هناك ما يمنع أن يكون له مبادرات وتدابير مبتكرة في مجال منع نشوب النزاعات والوساطة كذلك. لقد حددنا في الورقة المفاهيمية التي تم تعميمها على أعضاء مجلس الأمن بعض هذه التدابير التي يمكن أن تدعم جهود منع نشوب النزاعات والوساطة ومنها إيفاد وفد مصغر من أعضاء مجلس الأمن للقيام بجهود الوساطة ما بين أطراف متنازعة وهي ممارسة سبق أن قام بها المجلس في الماضي.
كما يمكن أن تكون الزيارات الميدانية التي يقوم بها المجلس إلى مناطق النزاع ذات صلة بالوقاية والوساطة فضلا عن إمكانية استغلال المجلس وبشكل أفضل نوعية وأطر الاجتماعات المختلفة والمتاحة له لمناقشة القضايا التي قد تهدد السلم والأمن الدوليين. كما لدى المجلس أدوات تقليدية مثل عمليات حفظ السلام والعقوبات على الأفراد والكيانات بالإمكان استخدامها بشكل أكثر فعالية لغرض الدبلوماسية الوقائية.
بعد استعراض هذه الأدوات الوقائية أمام أعضاء مجلس الأمن لابد لي أن أتساءل.. كم من أزمة كان بإمكان مجلس الأمن أن يتفاداها أو يمنع نشوبها أو تفاقمها لو تم استغلال الأدوات المتاحة له في ميثاق الأمم المتحدة وتفعيل الدبلوماسية الوقائية كما ينبغي؟ وهو ما يدفعني للسؤال الأصعب وهو كم من خسائر في أرواح البشر كان بالإمكان إنقاذها وكم من الموارد كان بالإمكان تجنب هدرها لو وضعنا الحسابات السياسية والمصالح الضيقة على جنب ووضعنا نصب أعيننا مسؤوليتنا في صيانة السلم والأمن الدوليين وفعلنا تلك الأدوات الوقائية؟.
إن نجاح استخدام الأدوات المتاحة للمجلس سيبقى رهينة وحدة وتوافق أعضاء مجلس الأمن فلقد شهدنا وفي نزاعات عديدة تعذر التوصل إلى حل لهذه الأزمات نتيجة للفجوة الكبيرة في المواقف بين أعضاء المجلس واستخدام حق النقض (الفيتو) ولعل أبرز قضيتان عانتا من انقسام المجلس واستخدام حق النقض هما القضية الفلسطينية والأزمة السورية. إن وحدة مجلس الأمن خاصة فيما بين أعضائه الخمسة الدائمين أمر هام لكي يتمكن المجلس من أداء مهامه واتخاذ القرارات بشكل فعال وحاسم.
إن مواجهة التحديات السياسية والأمنية والإنسانية التي تعصف بعالمنا اليوم تتطلب منا جميعا العمل معا في إطار تعددية الأطراف، فالتحديات الدولية تحتاج إلى حلول دولية.

أصحاب المعالي والسعادة،،،
تشكل الديبلوماسية الوقائية ركيزة أساسية في السياسة الخارجية الكويتية كدولة صغيرة وأصغر دولة عضو حاليا في مجلس الأمن من حيث مساحة الأرض حيث أننا نؤمن بأن الحوار هو أفضل وسيلة لحل النزاعات محتكمين بذلك لقواعد القانون الدولي ومبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة.
كما نؤمن بأن التحديات التنموية والاقتصادية والاجتماعية تعد أسباب جذرية لكثير من النزاعات في العالم ولذلك تنتهج دولة الكويت دبلوماسية إنسانية وتنموية تهدف إلى تحسين الأوضاع المعيشية لملايين من الناس حول العالم والمساهمة في تحقيق الاستقرار للمجتمعات والدول.
وأؤكد لكم جميعا بأن دولة الكويت ستبقى كما عهدتموها داعمة للسلام كعضو غير دائم في مجلس الأمن أو من خارج المجلس عبر دبلوماسيتها المرتكزة على التدابير الوقائية ومنع نشوب النزاعات وتسويتها بالطرق السلمية.
شكرا لكم،،،.»
وحضر الجلسة مساعد وزير الخارجية لشؤون مكتب نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية السفير الشيخ الدكتور أحمد ناصر المحمد الصباح ومندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة السفير منصور العتيبي ومساعد وزير الخارجية لشؤون المنظمات الدولية الوزير المفوض ناصر الهين وعدد من كبار المسؤولين في وزارة الخارجية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي