No Script

رواق

أردانه دانة

تصغير
تكبير

عندما كتبت مقالاً بعنوان «درس خصوصي»، انتفض عليّ القراء والمتابعون، لتصحيح أن المقطع الوارد في المقالة مو من مسلسل «خرج ولم يعد»، متهمين مقالي بأنه شوه تاريخ الفن الكويتي!
وعندما كتبت مقالاً عن اسم العمود «رواق» مشيرة إلى أن المعنى مرتبط بالعمود: عمود الخيمة وليس عمود الجريدة الذي ارتبط في أذهانكم بالروقان، وكان يروق لي هذا الارتباط فتركته مرتبطاً بشخصيتي بطريقة «الصيت ولا الغنى»، إلا أن فك الارتباط ذاك كاد أن يؤدي إلى فك ارتباط من نوع آخر، عندما اتهمني الزميل العزيز - الذي اقترح الاسم - عبدالعزيز الرشيد بأنني «جبت العيد»، في التوضيح الذي ارتدى ثياب التضليل مفسراً «رواق» الراحل أحمد الربعي بأنه «‏الرُّوَاقُ: رُكْنٌ في نَدْوة أو مُنَظَّمة للتَّلاقي والتَّشاوُر»، أي بمعني سقيفة للدراسة في مسجد، ولما كانت الأمانة الأدبية تقتضي أن أوضح صواب ما نسب لغيري خطأ بنقلي استكملت مسلسل المقالات الواضحات، إلا أني آثرت تأجيلها لصالح ما يستجد من أخبار تتعلق بزمن «كورونا».
إلا أنه وبعد مرور مئة يوم من «كورونا»، عالمياً لا محلياً - كي لا يلتبس الأمر وأضطر إلى هدر وقت قراءتكم الثمين في كتابة مقالات تصويبية لأخطاء ما ورد في المقالات السابقة - وبعد كتابة مقال بعنوان: «عقل بيتوتي» مستشهداً بأكبر خائن في التاريخ «الذاكرة»، في الإشارة إلى مقطع أغنية تحمل عنوان المقال في كلماتها حتى جاءني التوضيح التالي من إحدى القارئات تقول فيه: مع أن القصد من المقال جميل، إلا أن كلمات الأغنية ليست كذلك بل هي: لا تهزي كبوش التوتة (من شجرة التوت وليس الرموش) ما بحبك لو بتموتي، انا يا ستي مجوز، زلمي عاقل بيتوتي (يعني مقتنع بزواجه ويحب بيته)!


الذي لا يكتب لا يخطئ، فالأخطاء الشفوية لا توثّق ويسهل نُكرانها، وكفى بالأرشيف دليلاً على كل كاتب، فمن كتاباتهم ندينهم، وهكذا كان حالي، أكتب لأخطئ، وأعتذر وأصوّب، وأتعلّم كي لا أشيخُ عملاً بالمثَل الياباني «الشيخوخة تبدأ عندما نتوقّف عن التعلّم»!
وأخيراً، ليس التعلّم بكثرة الأخطاء بل بالاعتراف بها، خصوصا أن بعضها جميل ويرسخ في الذاكرة، طالما النيّة سليمة ولم تقصد الإساءة إلى أحد، ورُبّ خطأ شائعٍ كان أجمل من صواب غامض، طالما أمضينا عُمرنا نردّد واحدة من أشهر أغاني شادي الخليج: يمشي على الدانة وهي في حقيقتها: يمشي على أردانه القبقب، أردانه دانة في ذاكرتنا أجمل، وفي ذاكرتنا أخطاء جميلة كثيرة أكثر من أن تُرصد في عمود ملتبس في عنوانه!

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي