No Script

رؤية ورأي

الوسمي واتفاقية المنطقة المقسومة

تصغير
تكبير

شارك النائب السابق الدكتور عبيد الوسمي في المؤتمر الصحافي الذي عُقد حول «الاتفاقية الملحقة باتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة والمنطقة المغمورة ومذكرة التفاهم»، مساء الأربعاء من الأسبوع الماضي في ديوان النائب السابق صالح الملا. كعادة الوسمي كلمته كانت ممتعة ومقنعة، ولكن من ناحية أخرى لم تكن متزنة. فقد تضمنت بعض التفاصيل غير الدقيقة، وكانت أقرب إلى حملة إعلامية لإحراج الحكومة في حيثيات نعلم طبيعتها.
فعلى سبيل المثال، انتقص الوسمي من أهمية ورود «السيادة الكاملة» صراحة في الاتفاقية الملحقة، بحجة أن اتفاقية التقسيم الاصلية (1965) كافية لتأكيد السيادة الكاملة، متناسياً أن أزمة وقف إنتاج النفط في المنطقة المقسومة منشؤها اختلاف في تفسير مفهوم السيادة في المنطقة المقسومة، من دون المساس بحق تمكين الطرف الآخر من حصته في الثروات الطبيعية.
 كما نفى الوسمي وجود اتفاقية تقسيم حدود تنص على كلمة «السيادة»، واستشهد باتفاقيات تقسيم الحدود بين السعودية وبين كل من عمان والإمارات وقطر، ولكنه لم يشر إلى اتفاقية تقسيم المنطقة المحايدة بين السعودية والعراق، التي جاء في البند الرابع من محضر اجتماع وفدي الدولتين في مدينة الرياض في 1975 - المحضر المرفق بالاتفاقية الموثقة بالأمم المتحدة - أن كلا الطرفين يمارس السيادة الكاملة (shall enjoy full sovereign rights) على الإقليم التابع له من المنطقة المحايدة.


من جهة أخرى، استغرب الوسمي عدم تفعيل الكويت المادة (22) من الاتفاقية الأصلية في معالجة الخلاف، الذي تسبب بوقف الإنتاج في المنطقة المحايدة. وهي المادة التي تنص على أنه «إذا نشأ خلاف في تفسير هذا الاتفاق أو في تطبيقه أو في الحقوق والالتزامات الناشئة عنه والمترتبة في ذمة أي من الطرفين المتعاقدين، فإنهما يسعيان لتسوية ذلك الخلاف بالطرق الودية لتسوية المنازعات بما في ذلك الالتجاء لجامعة الدول العربية. وإذا ما تعذر التوصل إلى تسوية للخلاف بالطرق السابقة يعرض الخلاف على محكمة العدل الدولية». وبيّن أن اللجوء إلى محكمة العدل الدولية سيكون خيارا مقبولا للطرفين، «ولا تزعل مني ولا أزعل منك»، لأن التحكيم سيقتصر على الجوانب الفنية.
الواقع هو أن الحكومة الكويتية في تعاطيها مع أزمة وقف انتاج المنطقة المقسومة، سارت في مسار التحكيم الدولي، واستعانت بمكتب استشاري عالمي، وأعدّت الملفات اللازمة لتعزيز موقفها في محكمة العدل الدولية. وقد نشرت جريدة «الجريدة» بتاريخ 12 مايو 2015: «أن الكويت طلبت رسمياً اللجوء إلى تحكيم دولي وفق ما تنص عليه الاتفاقية بين الطرفين في حال النزاعات». ولكن الوسمي لم يشر إلى تلك الجهود، فاعتقد البعض أن الحكومة كانت غافلة أو متقاعسة عن خيار التحكيم الدولي.
وأضف إلى ما سبق، أن تفعيل أحد الطرفين خيار اللجوء إلى محكمة العدل الدولية من دون موافقة الطرف الآخر، سيكون له تبعات خارج نطاق الجوانب الفنية، وقد «تزعل مني وأزعل منك». وهذا بالتأكيد لا يبرر التنازل عن هذا الحق، ولكنه يظهر أنه خيار مركّب وحساس، وليس بالبساطة التي عرضها الوسمي.
معظمنا تقاعس عن دعم موقف الحكومة عندما أعلنت نيتها اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، فلم ندعمها بتغريدة أو مقال أو لقاء أو ندوة أو خلافها، لأننا كنا نعلم طبيعة وحساسية الأزمة. فلا يليق بمن تقاعس في ذلك اليوم، أن يتناسى اليوم طبيعة الأزمة عند تقييمه الاتفاقية الملحقة... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي