No Script

أصبوحة

هل فقدنا الذوق والأخلاق؟

تصغير
تكبير

استغرق حصولي على موعد مع الطبيب المختص بضعة أيام، بسبب أقبال المراجعين له صباحاً ومساء، وذهبت قبل الموعد المحدد بحوالي الساعة، كي لا أضيع الموعد الذي حصلت عليه بصعوبة، وانتظرت خارج عيادة الطبيب بكل سعة صدر.
ثم حان موعد دخولي على الطبيب، فدخلت وشرحت له الحالة من دون أن أهمل أي عرض من الأعراض التي أشكو منها، فطلب منى الاستلقاء على سرير الفحص، لكي يقوم بفحصي وتشخيصي، حتى يصف لي العلاج المناسب.
وما أن خلعت ملابسي واستلقيت على السرير، حتى اقتحم العيادة فجأة رجل دون موعد، مخاطباً الطبيب بصوت أشبه بالزعيق، «يا دكتور أنا كذا وكذا...»، فانزعجت لانتهاك خصوصيتي، وانزعج الطبيب وأمره بالانتظار، ولكن الرجل أصر بقوله: «بس خمس دقائق»، وعبر الطبيب عن غضبه قائلاً: ألا ترى فأنا لديّ مراجع، وبعد بعض الإصرار من الطبيب، خرج الرجل معبراً عن استيائه.


في تلك اللحظة انتابني شعوران سلبيان، شعور بالغضب وآخر بالخجل من الطبيب بسبب تصرف الرجل بهمجية وقلة ذوق، وكأن هذا الرجل الفظ كان أحد أخوتي أو أبنائي، ولم تكفني طمأنة الطبيب لحالتي، فعدت للبيت وأنا في غاية الحرج، والخجل من هذا الطبيب الزائر.
وتساءلت: ماذا حدث للكويت، حتى يتخلى الناس عن الذوق والأخلاق، ويمارسون الشطارة والفهلوة على الأنظمة واللوائح والقوانين، إذ أصبح من المعتاد أن تكون واقفاً بالطابور، عند مراجعة مصلحة ما، رغم الأحقية بأولوية كبار السن مثلاً، ويأتي شخص يتقدم كل الواقفين بالطابور، ممارساً الشطارة وأخذ الحق المزعوم بالذراع كما يقولون.
هناك تغيرات ملحوظة في سلوك الناس وأخلاقهم، حيث اختفى احترام حقوق الآخرين، واحترام النظم والقوانين، وممارسة الشطارة والتنمر، للحصول على ما يريدون سواء بحق أو غير حق، كما اختفى احترام كبار السن والمرضى المحتاجين، وسادت الواسطة والمحسوبية، واغتصاب الحق من أجل الأهل أو الجماعة، على حساب الناس الملتزمين بالنظم والقوانين.
وأتذكر قبل بضع سنوات أنني تعرضت لحادث مروري، عندما صدم شاب يقود سيارة رياضية سيارتي، فأخذت بياناته ولكنه رجاني بأنه كان مستعجلاً، لأنه كان يريد الوصول إلى الجامعة لتقديم الامتحان، فسمحت له بالذهاب وتقديم امتحانه، ولكن يجب عليه الاتصال بي، حتى نذهب إلى المخفر لإنفاذ القانون، وفوجئت به يتصل بي من مخفر غير المخفر المتفق عليه، فذهبت لأجد أن المحقق، يحملني الخطأ ويبرئ الشاب، لأكتشف لاحقاً بأن المحقق قريب أو من جماعة الشاب.
قلة الذوق وعدم الأخلاق تمارس في كل مكان الآن، في الشوارع أثناء القيادة، في مكاتب الإدارات الحكومية، وفي الأماكن العامة والأسواق، وفي المدارس والجامعات والمستشفيات، وكأننا دولة بلا قانون، ولا يمكن في ظني أن نحقق أي تقدم، أو تنفيذ تنمية أو خلق مواطن، يبني البلد بكفاءته ويدافع عن الوطن، ما دمنا بلا ذوق أو أخلاق.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي