No Script

استمرار عجوزات الموازنة يتطلّب إعادة إحياء ملفات للمواجهة

ماذا لو صار الاحتياطي العام «على الحديدة»؟

تصغير
تكبير

فهد الجوعان:  الخصخصة علاج  اقتصادي مزدوج بالقطاعين العام والخاص

نايف الشمري: نظرة مؤسسات التصنيف للكويت ستتأثر سلباً بتآكل «الاحتياطي»
 


تشكّل احتمالية نفاد صندوق الاحتياطي العام، تحت ضغط استمرار السحب منه لتغطية عجوزات الموازنة العامة للدولة، فرضية واردة، لا سيما أن أصول الصندوق تراجعت  خلال 5 سنوات 67.4 في المئة، وبنسبة 67.4 في المئة، من 63.4 مليار دينار إلى 20.645 مليار في نهاية سبتمبر الماضي.
وما يزيد الأمر سوءاً، العجوزات المستمرة في الميزانية، لا سيما بعد ما أعلنت وزيرة المالية وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية بالوكالة، مريم العقيل، أن موازنة السنة المالية المقبلة ستحقق عجزاً يقدّر بـ9.2 مليار دينار، ستتم تغطيته من صندوق الاحتياطي العام، في حال عدم إقرار قانون الدين العام.
ووسط تحذيرات متتالية من جهات دولية ومحلية، في شأن مخاطر نضوب الاحتياطي العام، وتوقعات وكالات تصنيف عالمية باستنفاده خلال العام المقبل، إذا لم يُقر قانون جديد للدين العام، يبرز التساؤل، ما الخيارات المتاحة أمام الحكومة حال وصلت الأمور إلى هذا الحد، مع استمرار العجز في الموازنة؟
ووفقاً لمختصين استطلعت «الراي» آراءهم، فإن الكويت قد تكون مجبرة على اللجوء إلى إحياء مشروعات قديمة كخيارات لمعالجة الوضع، من بينها ما شهد رفضاً نيابياً أو شعبياً، ويأتي على رأسها إقرار قانون الدين العام لتتمكن الحكومة من الاقتراض، إضافة إلى فرض ضرائب، وصولاً إلى تحريك المياه الراكدة لملف الخصخصة، ومعالجة ملفي التوظيف والدعوم بشكل جدي.

إحياء ملفات
من جهته، يرى عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة الكويت، فهد الجوعان، أن تآكل الاحتياطي العام يجب أن يدفع الحكومة نحو إعادة إحياء مشروع الخصخصة، منوهاً إلى أن الخصخصة خيار تمويلي للعجوزات، وأداة إصلاح مالي واقتصادي تحقق وفراً في نفقات الدولة، وتدعم الاقتصاد المحلي من خلال إثراء دور القطاع الخاص.
وأكد أنه يجب أن تتزامن الخصخصة مع معالجة حقيقية لأوجه الإنفاق المتزايدة والمبالغ فيها على التوظيف والدعوم، دون إغفال ضرورة زيادة الإنفاق الرأسمالي، مشيراً إلى فوائد على 3 مستويات، تجعل الخصخصة خياراً أساسياً للدولة حال استنفاد الاحتياطي العام، هي:
1 - السيولة: إذ ستوفر عمليات الخصخصة سيولة مالية يمكن إدراجها في الإيرادات العامة للدولة كرديف للإيرادات النفطية.
2 - ضبط الإنفاق: ستخفض الخصخصة معدلات الإنفاق الجاري للدولة على العديد من الجهات الحكومية، والتي يمكن أن يتحمل القطاع الخاص كلفة تشغيل خدماتها بدلاً من الحكومة.
3 - دفع الاقتصاد: إذ ستمنح الدولة الفرصة للقطاع الخاص لإثراء الوضع الاقتصادي المحلي عبر قيادته الأنشطة على اختلافها، فيما تستمر الحكومة كناظم رقابي.
ولفت إلى أن ذلك يضمن علاجاً مزدوجاً للوضع الاقتصادي والمالي على مستوى القطاعين العام والخاص، الأمر الذي كان يجب أن تلجأ له الحكومة مبكراً، بدلاً من أن تُجبر عليه تحت ضغط من استمرار العجز المالي في الموازنة، مبيناً أن مواجهة نضوب الاحتياطي العام يجب أن تتضمن فتح ملفات الإصلاح المالي المتعلقة بالارتفاع المستمر في الإنفاق على الدعوم وسياسات التوظيف، وتواضع معدلات الإنفاق الرأسمالي بالموازنة، وهو ما ترك آثاراً سلبية على الشركات العاملة في السوق المحلي، وخصوصاً ذات حجم الأعمال المتوسط، وغيرالمدرجة في البورصة.
وذكر الجوعان أن معدلات الإنفاق على الرواتب في القطاع الحكومي لا تزال في ارتفاع دون وجود آليات حقيقية تدفع المواطنين للعمل بالقطاع الخاص، لتخفيف الضغط على الموازنة، ناهيك عما يمثله ملف الدعوم من عبء كبير، سواءً كانت الموازنة في حالة عجز بسبب تراجع أسعار النفط، أو حتى في حال ارتفاع أسعار النفط، إذ إن فاتورة الدعوم تزيد مع هذا الارتفاع، ما يعني أن الدولة باتت مطالبة بمعالجة جذرية لملف الدعوم.
ونوه إلى أن نجاح الدولة في مواجهة نضوب الاحتياطي العام سيكون مقروناً أيضاً باللجوء إلى معدلات إنفاق رأسمالي أعلى، بما يثري السوق المحلي، ويولد نشاطاً يدعم نمو معدلات الناتج المحلي الإجمالي.

اقتراض وضرائب
أما أستاذ الاقتصاد بجامعة الكويت، رئيس الفريق الفني في اللجنة الوطنية للتنافسية، الدكتور نايف الشمري، فقال إن الكويت ليس لديها خيارات في مواجهة نفاد الاحتياطي العام، مع استمرار العجز في الموازنة، سوى العمل جاهدة لإقرار قانون الاقتراض بما يتيح لها اللجوء إلى إصدار أدوات الدين العام على اختلافها، على أن يكون ذلك متزامناً مع برنامج متكامل للضرائب، وفق مواصفات خاصة، على حسب تعبيره.
وشدد الشمري على ضرورة الوعي في البداية بأن تحقيق الموازنة للفوائض لا يعني استدامة المالية العامة وديمومة الاقتصاد الوطني، خصوصاً وأنه بالمقارنة مع الولايات المتحدة الأميركية، فإنها لم تحقق فوائض مالية إلا 7 مرات فقط في تاريخها، في حين يبلغ حجم الدين العام فيها 68 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، ورغم ذلك، فإن أميركا لا تزال تتمتع بالاستدامة المالية واقتصاد خلاق.
ونوه إلى أن ارتفاع مستوى الخطر سيكون مقروناً بنظرة مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية للكويت، والتي ستتغير سلباً بتآكل الاحتياطي العام، لأن ذلك يدل على عدم وجود سياسات إصلاح ناجعة تعمل عليها الكويت للمحافظة على مصداتها المالية المرتفعة، وهو ما سيرفع تكلفة الاقتراض بصوة كبيرة، حال نفاد الاحتياطي.
وأشار الشمري إلى أن وجود برنامج واضح للاقتراض حالياً يُعدّ إحدى آليات الدولة للحفاظ على تصنيفها السيادي المرتفع، إذ يتيح لها ذلك الاقتراض وفق معدلات فائدة معتدلة، تقل كثيراً في حال لجأت للاقتراض بعد نفاد الاحتياطي العام، إذ ستكون كلفة خدمة الدين حينها كبيرة مقارنة مع العوائد التي تحققها الدولة على استثمارات صندوق الأجيال القادمة.
وأكد أهمية لجوء الكويت لبرنامج ضريبي متكامل ومرن، بالتزامن مع الاقتراض، يتم من خلاله ربط مستويات الدين العام بالحدود القصوى للضرائب المحصّلة، ليستخدم في دفع الاقتصاد المحلي بنفس طريقة معدلات الفائدة، فيكون بمعدلات منخفضة في حالات الركود الاقتصادي لدفع السوق، وبمعدلات أعلى يتم تحديدها في حالات الرواج حتى يكون عنصراً رديفاً في تحقيق إيرادات بالموازنة العامة للدولة وتمويل تكلفة الاقتراض أيضاً، دون أن يشكل عبئاً على الاقتصاد الوطني، وبالتالي تتحقق المعادلة الصعبة.

مطالبات للإنقاذ:

1
الدفع بقوة نحو إقرار قانون الدين العام

2
 برنامج ضريبي متكامل مرن

3
 إعادة إحياء الخصخصة
 
4
 معالجة سياسات التوظيف وارتفاع الدعوم

5
 خفض الإنفاق الجاري وزيادة «الرأسمالي»

استطلاع «الراي»:

72.5 في المئة يحمّلون الحكومة مسؤولية العجز

ألقى 72.5 في المئة من المواطنين المشاركين في استطلاع للرأي، بمسؤولية أكبر عجز في ميزانية الكويت، الذي قدّرته وزارة المالية عند 9.2 مليار دينار في السنة المالية المقبلة (2021/‏2020)، على الحكومة وإجراءاتها.
ووجّه 18.8 في المئة من 3365 مشاركاً في الاستطلاع، الذي استمر ليوم واحد على حساب «الراي» في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، سهام مسؤولية العجز إلى مجلس الأمة، فيما حمّل 8.7 في المئة من المشاركين، المواطنين أنفسهم المسؤولية.

إعداد المواطنين للمساهمة بالإصلاح

قال الشمري إنه لابد أن تبرهن الحكومة على جديتها بعلاج الوضع، واستخدام الأدوات المتاحة، مع إدارة جيدة لمستوى تقبل المواطنين للتغيرات، وإعدادهم للمساهمة في الإصلاح، مبيناً أن الكويت لا تزال في النطاق الآمن لجهة الاستدامة المالية حالياً بتوافر سيولة تتجاوز الـ20 مليار دينار في الاحتياطي العام، بالإضافة إلى ما تملكه من مصدات مالية عالية في احتياطي الأجيال القادمة. واستدرك موضحاً أن الكويت ستدخل مرحلة الخطر حال تآكل الاحتياطي العام، إذ لن يكون أمامها سوى الاقتراض والضرائب كخيارات ناجعة، وإصلاح الإنفاق الجاري كنوع من الترميم للوضع، في ظل استمرار المعدلات المرتفعة للإنفاق على الرواتب والدعوم.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي