No Script

لماذا يخسر وارن بافيت في كل مرة يتجاهل فيها نصيحة معلمه؟

u0648u0627u0631u0646 u0628u0627u0641u064au062a
وارن بافيت
تصغير
تكبير
  •   الاستحواذ  على «بيركشاير»  أول خطأ ارتكبه  في حياته الاستثمارية  لأنه بعيد عن تخصصه 
  • لم يُلدغ مرتين  بل 3 مرات...  اشترى شركتي تجزئة متعثرتين ولم تفلحا معه 

«ما يحتاج إليه المستثمر هو القدرة على تقييم الشركات المختارة بشكل صحيح. وانتبه جداً لهذه الكلمة (المختارة)، فأنت لست مضطراً لأن تكون خبيراً في كل الشركات أو في عدد كبير منها، بل يكفي فقط أن تكون قادراً على تقييم تلك الواقعة ضمن دائرة اختصاصك، وحجم تلك الدائرة ليس مهماً أبداً وإنما المهم هو أن تعرف حدودها».
وردت العبارات السابقة في الخطاب الذي أرسله المستثمر الأميركي الشهير وارن بافيت إلى مساهمي شركته «بيركشاير هاثاواي» في عام 1996 في معرض نصحه للمستثمرين بأن يركزوا فقط على الصناعات والقطاعات التي يفهمونها بشكل أفضل لأن هذا سيجنبهم مشكلات كثيرة لا داعي لها.
ولكن المثير للاهتمام هو أن بافيت نفسه تعلم تلك القاعدة بالطريقة الصعبة، فعلى الرغم من أن معلمه وأستاذه بنيامين غراهام نصحه ألا يستثمر إلا في الشركات الواقعة في دائرة اختصاصه وبالتالي يفهم أعمالها جيداً إلا أن بافيت تجاهل تلك النصيحة أكثر من مرة، وفي كل مرة يندم على ذلك.


في عام 1965 لاحظ بافيت أن هناك شركة نسيج أميركية تدعى «بيركشاير هاثاواي» يتم تداول سهمها في السوق بسعر 7.5 دولار في حين أن تحليلاته تشير إلى أن نصيب السهم الواحد من القيمة الدفترية لأصول الشركة يبلغ 19.46 دولار. وعلى هذا الأساس تحمس بافيت وقرر أن يستحوذ على الشركة ومن ثم إغلاقها وبيع أصولها لجني الأرباح.
بدأ بافيت في شراء السهم على دفعات، وفي العاشر من مايو 1965 اكتملت عملية استحواذه على حصة الأغلبية في الشركة، بعد أن دفع ما مجموعه 14 مليون دولار بواقع 14.86 دولار للسهم في المتوسط، ولكن قبل أن يشرع بافيت في تنفيذ بقية الخطة تسرب خبر عزمه إغلاق الشركة التي يعمل فيها نحو 6 آلاف موظف إلى الصحف المحلية، وهو ما جعله يحجم عن الخطوة.
واضطر بافيت للخروج بتصريح علني تعهد فيه بعدم تصفية الشركة، وهو التعهد الذي سرعان ما تسبب في اصطدامه بالحائط، بافيت الذي لم يكن يفهم شيئا في صناعة المنسوجات وكيفية عملها اكتشف أن مصانع الشركة المتركزة في إقليم نيو إنغلاند بالولايات المتحدة قديمة جداً ومتهالكة وتعتمد على أساليب وآلات إنتاجية تقليدية، وأن المصانع الحديثة المنافسة لها تتجاوزها بشكل كبير.
واستمرت أعمال «بيركشاير» كما هي واستمر أيضا سهمها في التراجع، وزاد الأمر سوءاً عندما انتهى العمر الافتراضي لآلات النسيج وكان لابد من استبدالها، ولأن المصائب لا تأتي عادة فرادى، لم يمر الكثير من الوقت قبل أن تدخل الصناعة الأميركية بشكل عام في حالة من الركود بسبب الواردات الآسيوية الرخيصة.
في النهاية، اضطر بافيت إلى طي الصفحة وإيقاف عمليات الشركة في عام 1968، وعن هذه التجربة كتب بافيت في خطابه السنوي لمستثمري شركته القابضة – التي أطلق عليها نفس اسم شركة النسيج الفاشلة – في عام 1989 قائلًا: «أول خطأ ارتكبته في حياتي الاستثمارية كان بالطبع شراء بيركشاير».
ولم يلدغ مرتين بل ثلاث مرات ففي الفترة ما بين عامي 1966 و1967، اشترى بافيت شركتين متعثرتين تعملان بقطاع التجزئة، وكانت الأولى تمتلك مجموعة من المتاجر الشاملة وتسمى «هوكشيلد كون آند كو»، في حين أن الثانية كانت عبارة عن سلسلة متاجر لبيع الملابس النسائية تدعى «أسوشيتد كوتون شوبس».
كان المتجر الرئيسي التابع لـ«هوكشيلد» قديماً ويقع في موقع سيئ في وسط مدينة بالتيمور، وتطلب إيقاف الشركة على قدميها رأسمال كبير. وفي النهاية كان الاستثمار سيئاً بالنسبة لمعايير بافيت الذي اكتشف أن صناعة التجزئة صعبة جداً ومليئة بالتفاصيل وتتطلب خبرة كبيرة في التسويق لا يملكها، ليقوم ببيع الشركة في النهاية بعد بضع سنوات.
أما بالنسبة لشركة «أسوشيتد» فقد كان من حسن حظ بافيت أن الرئيس التنفيذي لهذه الشركة كان شخصاً ماهراً جداً تمكّن من الحفاظ على ربحية الشركة حتى تقاعده، ولكن بمجرد تركه لمنصبه انهارت الشركة وباعها بافيت بنفس السعر الذي اشتراها به تقريباً.
ومرت الأيام وقام وارن بافيت في عام 1989 بشراء ما قيمته 358 مليون دولار من الأسهم الممتازة القابلة للتحويل في شركة الطيران الأميركية «يو إس إيرويز» أو خطوط الولايات المتحدة الجوية والتي تعمل في صناعة لا يعلم عنها الكثير، وبمجرد أن تمت عملية الشراء بدأت قيمة الشركة في التراجع.
وفي عام 1995 اضطرت «بيركشاير هاثاواي» لشطب ما يقرب من 75 في المئة من القيمة الأصلية لاستثمارها في شركة الطيران لتصبح 89.5 مليون دولار فقط، وهو ما يعادل 25 سنتا عن كل دولار استثمرته الشركة في «يو إس إيرويز».
بافيت الذي أغرته المؤشرات الإيجابية التي توضحها البيانات المالية الخاصة بالشركة فضلاً عن العائد السخي على حيازاته من الأسهم الممتازة والبالغ 9.25 في المئة اكتشف لاحقاً أن صناعة الطيران باعتبارها سلعة أساسية تعاني من حروب الأسعار الوحشية التي تخوضها الشركات باستمرار ضد بعضها.
في خطاباته السنوية لا يكف بافيت عن إبداء ندمه على كل مرة خرج فيها من دائرة اختصاصه واستثمر في صناعات ومجالات لا يعرف عنها الكثير.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي