No Script

نفسياسي

بين فسطاطي الحكومة... والحراك!

تصغير
تكبير

من منكم يتذكر ذلك الخطاب الشهير للرئيس الأميركي الأسبق، جورج دبليو بوش، عندما قال في 20 سبتمبر 2011، ان أميركا لا تقبل المواقف الوسط في حربها ضد الإرهاب، وان على الدول جميعا أن تعي انها، إما أن تكون مع بلاده، و اما مع الإرهاب!
هذا الموقف، ويا للطرافة، يقابله موقف زعيم تنظيم «القاعدة» السابق أسامة بن لادن، والذي كان في خطاباته يركز على تقسيم العالم إلى «فسطاطين»، فسطاط الحق والايمان ودار الإسلام، وفسطاط الباطل والكفر ودار الحرب، وكانت رسالته واضحة للـ «مؤمنين» بضرورة تحديد موقفهم من أحد الفسطاطين!
هذه الثنائيات القسرية، التي يخلقها الواقع السياسي في لحظة ما، ليست مقصورة على بوش وبن لادن، بل نراها في الكثير من الساحات ومنها ساحتنا الكويتية، ففي ظل السجال الدائم، تطل علينا دائما عملية التصنيفات الاقصائية، بحيث نعتقد أحيانا أن من لا تنطبق أفكاره معنا، فهو خصمنا ومحسوب بشكل أو بآخر على المعسكر المناقض لنا تماما، ومن بعد عملية التصنيف الثنائي هذه... يبدأ القصف... وأحياء... ومن حيث لا يشعرون... بنيران صديقة!


قضية اقتحام مجلس الأمة، هي إحدى تلك القضايا التي قسمت المجتمع الكويتي، وكان موقفنا منذ البداية ناقداً ومدينا لذلك الفعل، ولسنا وحدنا من قام بذلك بل أصدرت كتلة العمل الوطني في مجلس الأمة أيامها، بيانا شديدا ضد الاقتحام لمحت فيه إلى أن الاقتحام كان خطيئة تهدف لمعالجة خطأ، نقول ذلك رغم إدراكنا التام بصدق نوايا «الكثير» من الشباب الوطني الذي قام بذلك الفعل السيئ والمدان!
بالأمس وعند الافراج «الموقت» عن المدانين بهذه القضية لحين صدور حكم التمييز بخصوصها، انقسم الشارع كالعادة بين مؤيد تام للمدانين وفعلهم، وبين من صب جام غضبه عليهم من دون اعتبار للظروف الموضوعية لواقعة الاقتحام وما سبقها من قضية الايداعات، ومعارضة الكثيرين لمرسوم الصوت الواحد، والذي عارضناه أيضا... بالمناسبة!
في ظل حالة الاستقطاب والصخب الذي حدث بالأمس، فرضت تلك الثنائيات القسرية نفسها على المجتمع، فلم يكن الكثيرون ليستوعبوا وجود خط ثالث وربما أكثر من المراقبين السياسيين وعموم المجتمع، ممن لا يفرح البتة لسجن خصومه السياسيين، بينما «يصملها» في ما يراه من موقف مبدئي رافض لأفعال خصومه وانتقادها ولو بشدة أحيانا!
أيها السادة من الفريقين:
يجب أن تعلموا أن الشعب حر في تشكيل فكره وقناعاته، وقد حان الوقت لتقديم خطاب سياسي جديد يتسامى على هذه الثنائيات القسرية ولا يجبر الناس على الاختيار بين «فسطاطي» الحكومة... أو الحراك!
 
alkhadhari@gmail.com
Twitter: @dralkhadhari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي