في لعبة كرة القدم عندما يكون المهاجم خلف مدافعي فريق الخصم يعتبر متسللاً، وفي حال تم تمرير الكرة له يحتسب خطأ ضده، ويكون قد وقع في مصيدة كشف التسلل. كذلك الحال في السياسة، فهناك الكثير من الناشطين والبرلمانيين ممن وقعوا في مصيدة التسلل، ولا يقتصر الأمر على بعض الساسة ممن رفع راية الحريات والدستور، وانقلب على تلك المبادئ بمجرد وصوله لقبة البرلمان، كمن قدم مشاريع تنقيح المادة 79 من الدستور، أو قانون إعدام المسيء، أو المطالبة بمنع الكتب والوصاية على حياة الناس...
بل هناك أيضاً من ظهر بمظهر المنفتح المناهض للقوى الرجعية والمطالب بتطوير التعليم وتنقيح المناهج الدراسية من الأفكار التكفيرية، والمدافع الشرس عن الحريات الشخصية كحرية الاعتقاد والقراءة وشراء المجسمات ثلاثية الأبعاد أو ما أطلق عليه البعض «أصنام الكويت»، لكنه وقع في مصيدة كشف التسلل في أول اختبار حقيقي، فبعد تفاقم الأزمة الخليجية واضطراب الوضع الاقليمي وجدناه أول المطالبين بوقف العمل بالدستور الذي يعتبر الضمان الأول والأخير لحريات الشعب الكويتي، وما أن اختلف مع أحد الناشطين ممن عبر عن رأيه بالتراجع الكبير على مستوى الحريات في الكويت حيث أصبح لدينا سجناء رأي بسبب تغريدات، حتى وجدناه يطالب الحكومة بانزال أشد العقوبات عليه، في مفارقة مضحكة مبكية!
مثل هذه الشخصيات السياسية والبرلمانية تسللت للسلطة وتصدرت المشهد السياسي على مر السنين، وهي تساهم بشكل أو بآخر في استمرار الوضع السياسي السيئ في الكويت من خلال افقاد الناس للثقة في المؤسسة البرلمانية والعملية الديموقراطية، فكيف للشعب أن يثق بشخص يخرج لهم بصورة الشخصية الوطنية التي تنادي بالعدالة والمساواة وبعد وصوله لقبة البرلمان يتحول خطابه ليصبح خطاباً عنصرياً ضد بعض فئات المجتمع؟، وكيف للشعب أن يثق بنائب كان يتصدر المسيرات ليدافع عن الحريات والمكتسبات الدستورية، ثم ينادي بقمع الحريات وتهميش الفئات الأخرى من المجتمع؟ في وقت نجد فيه السلطة من دون رقابة شعبية حقيقية، فهي التي تلعب على مبدأ فرّق تسد وهي المستفيد الأول والأخير من كل تلك الخلافات ومن فقدان الشعب لثقته بالعملية الديموقراطية.