No Script

معامل صناعة اللحوم الأوروبية بؤر لانتشار عدوى كورونا

No Image
تصغير
تكبير
  • "اتحاد النقابات الأوروبي للتغذية": الأسباب تكمن في ظروف العمل والعيش السيئة التي يعاني منها آلاف العاملين في القطاع

بعدما أصيب عدد كبير من العاملين لدى شركة إنتاج اللحوم "تونييس" بفيروس كورونا، يواجه أحد أكبر المسالخ الألمانية انتقادات قوية ليس فقط بسبب إهمال قواعد التباعد، بل أيضا ظروف الحياة المتردية لكثير من العمال الأجانب الذين قدموا إلى المانيا وساهموا في الانتشار السريع للفيروس. فشركات إنتاج اللحوم كبؤر عدوى ليست مشكلة ألمانية بحتة، "الأسباب تكمن في ظروف العمل والعيش السيئة التي يعاني منها آلاف العاملين في قطاع اللحوم في كثير من بلدان أوروبا"، كما كتب اتحاد النقابات الأوروبي للتغذية والزراعة والسياحةEFFAT في تقرير أخير.

موجة عدوى في كثير من البلدان الأوروبية

وقد سجل العديد من منتجي اللحوم في دول الاتحاد الأوروبي مثل بلجيكا وفرنسا وايرلندا واسبانيا وبولندا وهولندا منذ بداية أبريل 2020 في صفوف عمالهم موجات عدوى. وكانت صناعة اللحوم الايرلندية بعد ألمانيا، أكثر دولة في الاتحاد الأوروبي معاناة من الوباء داخل المسالخ. ففي 19 شركة أصيب ما مجموعه 950 عاملا بالفيروس وفي بعض الحالات مرض ربع مجموع العاملين. وبالرغم من ذلك لم يتم إغلاق واحد من تلك المصانع. وعندما أصيب داخل مسلخ هولندي في غرونلو بالقرب من الحدود الألمانية أكثر من 20 في المائة من العاملين، تم إغلاق معمل إنتاج الأغذية فيون في نهاية مايو. ولم يتم إجراء التجارب إلا بعد ممارسة الضغط من قبل السلطات الألمانية لأن عددا كبيرا من العمال يعيش في المانيا ويتنقل عبر الحدود. وفي فرنسا طالت العدوى في منتصف مايو مسلخين في غرب البلاد حيث تم إلى حد الآن تسجيل 180 عاملا كمصابين بالفيروس. وواحد فقط من المسالخ في منطقة فال دو لوار الذي مرض فيه 10 في المائة من العاملين تم إغلاقه من طرف السلطات المحلية.

تدني الرواتب وظروف عيش سيئة

ويأتي الكثير من العاملين عبر شركات وسيطة للعمل لصالح شركات إنتاج لحوم ألمانية وأوروبية. وتقدر نقابة EFFAT أن نحو 80 في المائة من إنتاج اللحوم في ألمانيا يتولاه عمال مهاجرون من أوروبا الشرقية. وفي هذا الإطار يتفق مثلا المسلخ مع شركة وسيطة لإبرام عقود للذبح والسلخ. أما عدد العمال الذين توظفهم الشركة الوسيطة وماذا تدفع لهم وكيف يتم تنظيم العمل، فهذا لا يدخل رسميا في اختصاصات صاحب المسلخ. وبما أن العمال لا يتم تشغيلهم مباشرة من طرف الشركات، فهم قلما يتوفرون على أي نوع من أنواع التأمين  ويتحملون عملا طويلا بالقطعة  بدون استراحات. ويتم إيواؤهم في مساكن جماعية ضيقة لا تفي بقواعد النظافة. ومقابل سرير في غرفة مع عشرة أشخاص آخرين يدفع عمال الشركة حتى 200 يورو. "جميع إجراءات التباعد الاجتماعي المتخذة في مكان العمل لا تنفع العمال في شيء عندما يصابون في مساكنهم"، كما يرى النقابي براغاسون. والبعض منهم يذهب مريضا إلى العمل خوفا من التعرض للتسريح. وتسهل المكيفات داخل المسالخ انتشار الفيروس في الهواء والعمال يُصابون بالمرض بسرعة في درجات البرودة المنخفضة. وعلى هذا النحو تتحول المسالخ الأوروبية إلى مراكز لانتشار الفيروس.

قوانين ضد استغلال الشركات الوسيطة

ولا يمكن ضمان احتواء هذا الوضع الأوروبي حسب نقابة EFFAT إلا بمراقبة ظروف السكن غير المقبولة للعمال المهاجرين. ففي الدنمارك حيث لم تظهر إلى حد الآن حالات عدوى هناك ربع العاملين فقط من المهاجرين. وحتى في اسبانيا تقلصت الظاهرة في السنوات الأخيرة. والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أعلن بعد انتخابه في 2017 عن تقليص التشغيل عبر شركات وسيطة. فالأعمال التي تتجاوز سنة يجب تنظيمها بعقود ثابتة لدى شركات فرنسية. لكن إلى حد الآن لم يحصل شيء في سن القوانين. وفي المانيا يُراد حتى يناير/ كانون الأول 2021 في أسرع وقت ممكن سن قانون جديد بهذا الشأن. وأعلن وزير العمل الألماني هوبيرتوس هايل عن منع العقود القصيرة المدى في قطاع اللحوم الألماني.

صناعة اللحوم متأثرة عالميا

"الوضع الوحيد المشابه يوجد في مسالخ خارج الاتحاد الأوروبي"، يقول النقابي الأوروبي براغاسون، "وذلك في الولايات المتحدة الأميركية". وقد ارتفعت أعداد العدوى في شركات اللحوم بشكل مشابه لألمانيا، والعديد من الشركات في الولايات المتحدة كانت مجبرة على وقف الانتاج موقتا، بعدما تم تسجيل 5000 عامل مصاب بالفيروس. 

وتتشابه الوسائل التي يستخدمها منتجو اللحوم في إغراق الرواتب والزج بالعمال في ظروف عمل وعيش سيئة على مستوى العالم للحفاظ على تكاليف إنتاج وأسعار متدنية. وتكشف تقارير إعلامية من بريطانيا وكندا والبرازيل وأستراليا عن تكاثر حالات العدوى بكوفيد 19 في صناعة اللحوم.

(DW)

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي