No Script

تباين آراء ذوي الشأن بين مؤيد ومعارض بشأن الأول... وإجماع على رفض الثاني

ظواهر طبية جديدة... تشخيصٌ بالمراسلة والتسوّق!

تصغير
تكبير

بدر المهدي: «التشخيص بالمراسلة» يصلح للاستشارات القانونية أو الدينية... لا الطب

عماد الحمر: تسوّق المرضى للأطباء سيكبدهم خسائر كبيرة

شهاب أكروف: مستشفيات عالمية تقدم الاستشارات عبر مواقعها الطبية

محمد العتيبي: ذهاب المريض إلى أكثر من طبيب سيضره

فواز الرفاعي: التشخيص والعلاج يستلزمان رؤية المريض

طلال الخضر: التشخيص عبر وسائل التواصل ظاهرة غير صحية


لم يعد هناك شيء مستبعد، في ظل ما نشهده من بدع جديدة تنتشر في المجتمع، سواء كانت مستوردة أو من اختراع محلي، حتى وصل الأمر إلى الطب الذي شهد ظاهرتين لم تكونا موجودتين سابقا، الاولى تتعلق بالتشخيص عبر المراسلة بين الطبيب والمريض والثانية تتمثل في تسوق المرضى للأطباء، من خلال التنقل بينهم وعرض حالتهم عليهم والحصول على آراء طبية مختلفة.
أما التشخيص الطبي بالمراسلة، فقد تباينت الآراء الطبية حوله، بين رفض وقبول مشروط، أما وجهة النظر الرافضة فرأت ان الاستشارة بالهاتف او عبر وسائل التواصل الاجتماعي أمر طبيعي في الاستشارات القانونية أو الفتاوى والأحكام الدينية، فيما «التشخيص في الطب يشترط فيه مقابلة المريض وسماع شكواه والتعرف على التاريخ المرضي، والقيام باجراء الفحص الإكلينيكي إلى جانب طلب بعض الفحوصات الاخرى.
 ورأت وجهة النظر الاخرى بإمكانية التشخيص الطبي بالمراسلة اذا كان الطبيب مستعدا للتواصل مع المريض بطريقة سلسة، وكانت الاعراض واضحة وبسيطة، لافتة الى ان هناك مستشفيات عالمية باتت تقدم خدمات الرأي الطبي الثاني والاستشارات الطبية عبر مواقعها الطبية.


وفي الظاهرة الثانية، أجمعت الآراء الطبية على رفض ظاهرة تسوق المرضى للاطباء، وزيارة عشرات الاطباء بهدف الحصول على رأي طبي اخر، معتبرين ان أخذ رأي طبي آخر أمر حق للمريض، لكن ان يتحول الأمر الى آراء وزيارات لعشرات الاطباء ووصف ادوية مختلفة في كل مرة فهذا امر من شأنه ان يضر بالمريض.
استشاري القلب والقسطرة القلبية الدكتور بدر المهدي أبدى برأيه في التشخيص الطبي بالمراسلة، فقال ان «بعض المهن تعتبر فيها الاستشارة بالهاتف او وسائل التواصل الاجتماعي أمر طبيعي، مثل الاستشارات القانونية أو الفتاوى والأحكام الدينية، اما في الطب فيشترط في التشخيص مقابلة المريض وسماع شكواه والتعرف على التاريخ المرضي، والقيام باجراء الفحص الإكلينيكي إلى جانب طلب فحوصات معينة وبعدها يكون التشخيص الناجح».
وأضاف ان «هذه الاشتراطات لا تتوافر وليس لها وزن في الاتصالات الهاتفية أو وسائل التواصل الاجتماعي، كما ان هناك مشكلة قانونية وهي ان بعض مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يدخلون بحسابات وهمية وأسماء مستعارة ويصوّرون تقارير طبية ويبعثونها على وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا كيف لي كطبيب ان اعرف انها تقاريرهم، وليست تقارير مرضى آخرين؟ ثم أين هنا خصوصية المرضى؟ وأين خصوصية السجلات الطبية؟».
وذكر المهدي ان «الاستشارة في أي مهنة لها ثمنها، سواء عند محامٍ او مهندس او طبيب وهناك مكاتب رزقها على الاستشارات والطبيب قد أفنى حياته في مهنته، ومن الطبيعي ان تكون استشارته مقابل مبلغ من المال، لكن هناك من الناس من يريد استشارة مجانية جاهزة عبر الانترنت». وأضاف ان «الاطباء يقدمون نصائح عامة عبر الانترنت، وخاصة على سبيل المثال عن التدخين ومضاره، لكن هناك أمراض معقدة وخطيرة وكل مرض له علاج مفصّل ومعرفة المرض لا تتم الا على يد مختص».
 وحول ظاهرة تسوق المرضى للاطباء قال المهدي ان «من الحق الشرعي والقانوني ومن أخلاقيات مهنة الطب ان يطلب المريض رأي طبيب ثان، وأن الطبيب المهني الذي يفصل بين عواطفه وعمله، يستطيع ايضاً تحويل المريض بنفسه الى زميله من نفس التخصص اذا طلب مريضه رأيا ثانيا. والمشكلة هنا ليست في المريض الذى يطلب رأيا طبيا ثانيا، لكن في المريض الذي يطلب رأيا ثانيا وثالثا وعاشرا ويأخذ بنصائح كل الاطباء معاً، فعلى سبيل المثال عندما تجد مريضا يعاني من تخثّر في الدم ويراجع طبيبا، ويصِف له بدوره مسيّلا للدم، ويذهب المريض إلى طبيب ثان، ويصِف له مسيلا ثانيا للدم وينتهي الامر بأن المريض يأخذ دواءين مسيّلين للدم بدل ما ينبغي ان يأخذ دواء واحدا». وأوضح ان «هناك مشكلة أخرى بخصوص تسوق المرضى للاطباء، وهي ان المريض أحياناً يقيم الطبيب حسب أخلاقه لا حسب شهاداته وخبرته ومؤهلاته».
من جهته، قال قال استشاري الجراحة العامة والمناظير وجراحات السمنة الدكتور شهاب أكروف ان «الأساس العلمي للتشخيص هو فحص المريض شخصياً وأخذ تاريخه المرضي وعمل الفحوصات الطبية اللازمة، حسب الأصول العلمية والطبية ومن ثم يتم التشخيص، لكن في بعض الأحيان وبعد انتشار برامج التواصل الطبي اختلف الوضع، ففي كثير من المستشفيات والكليات والمواقع الطبية المعروفة غرف محادثات واستشارات طبية تجرى على هذا الأساس».
وأوضح ان «هناك ايضا مستشفيات عالمية تقدم خدمات الرأي الطبي الثاني والاستشارات الطبية عبر مواقعها الطبية، وأيضا هناك استشارات تجري عن طريق الأطباء في برامج التواصل الاجتماعي لكنها محدودة جدا والأغلب مباشر، الا ان الأغلب يفضل زيارة المريض قبل ابداء الرأي». وعن تسوق المرضى للاطباء لأخذ أكثر من رأي طبي قال ان «هذه ظاهرة قد تكون جدا سيئة على المريض ولها انعكاسات خطيرة على صحته لانها ممكن تفقده الثقة بالطاقم الطبي المعالج. فالطب علم كبير والهدف منه العلاج والرعاية الصحية، لكن أسلوب وطرق العلاج تختلف من طبيب لآخر، وان الهدف هو الوصول للتشخيص والعلاج، لكن ان ذهب المريض لأكثر من طبيب واستفسر يمكن ان يسمع آراء مختلفة اغلبها تكون في إطار علاج المريض، لكن هذا الاختلاف بطرق العلاج بحد ذاته سوف يؤثر على القرار الصحيح وقد يتاثر المريض».
بدوره رأى استشاري الامراض الباطنية والجهاز الهضمي والكبد الدكتور عماد الحمر ان «التشخيص الطبي بالمراسلة ممكن، اذا كان الطبيب مستعدا للتواصل مع المريض بطريقة سلسة ويأخذ ويعطي معه وعلى الاقل يمكن ان يوجه المريض للطريق الصحيح. وخاصة إذا كانت الاعراض واضحة على سبيل المثال كالقولون العصبي والحالة وظيفية وليست عضوية، فإنه يمكن للطبيب ان يعطى المريض نصائح ويوجهه الى الطريق الصحيح».
وأوضح ان «فيما يخص ظاهرة تسوق المرضى للاطباء وخصوصا مع كثرة الاطباء العاملين بالقطاع الخاص فان لذلك ايجابيات وسلبيات، والايجابيات تتمثل بأن المريض بإمكانه ان يأخذ اكثر من رأي لكي يقتنع بالتشخيص والعلاج، أما السلبيات فان المريض يمكن ان يصرف مبالغ ضخمة بإعادة فحوصات غير ضرورية».
أما استشاري الامراض الجلدية الدكتور محمد العتيبي، فقال ان «التشخيص الطبي بالمراسلة يمكن ان كان عارضا مرضيا واضحا وبسيطا، فيما تخصص الامراض الجلدية بشكل عام، لكن يستحسن ان يرى الطبيب المريض». وأضاف ان «هناك تشخيصا تفريقيا، لكي نتأكد من المعلومة والتشخيص السليم عبر اخذ خزعة من الجلد ومن ثم تحديد نوعية المرض الذى يعانيه المريض بشكل دقيق ووصف العلاج المناسب له».
 ورأى العتيبي ان «المريض هو من قد يتضرر من وراء ظاهرة تسوق المرضى للاطباء، فالذهاب لعدد من الاطباء كل على حدة ومع امكانية تقديم كل منهم رأيا ووصف دواء مختلف فان هذا قد يضر بالمريض. والمريض اذا رغب وهذه من حقه اخذ رأي طبي آخر فانه يفضل ان يكون هناك consultation عوضا عن الذهاب لاكثر من طبيب، وكل منهم يفتح ملفا ويعطي تشخيصا مخالفا لمن قبله»، معتبرا ان الامر ظاهرة سلبية وغير طبيعية.
 من جهته، أبدى استشارى طب الاطفال الدكتور فواز الرفاعي تحفظه على التشخيص الطبي بالمراسلة، مؤكدا انه يجب ان تكون هناك علاقة مباشرة بين الطبيب والمريض وان يكون حالة من الثقة بينهما
 وقال الرفاعي «ان التواصل المباشر بين الطبيب والمريض يتيح التعرف بشكل دقيق على اعراض المرض والتعرف على التاريخ المرضي عند المريض كما ان المريض قد يحتاج الى متابعة بعد تشخيص حالته وقد تستلزم حالته العرض على اكثر من تخصص حيث التخصصات الطبية كل منها يكمل الاخر في بعض الاحيان». ورأى انه يمكن تقديم بعض النصائح العامة والتوعية عبر المراسلة الالكترونية لكن التشخيص وتقديم العلاج المناسب يستلزم رؤية الطبيب للمريض.
أما ظاهرة تسوق المرضى للاطباء فرأى أنها ظاهرة غير صحية وقد تسبب ببعض الاضرار للمرضى، مشيرا الى ان أخذ رأى طبي آخر أمر من حق المريض لكن ان يتحول الأمر الى اراء وزيارات لعشرات الاطباء ووصف أدوية مختلفة في كل مرة، فهذا أمر من شأنه ان يضر بالمريض.
من جهته، اعتبر استشارى جراحات السمنة والمناظير الدقيقة الدكتور طلال الخضر ان التشخيص عن طريق وسائل التواصل ظاهرة غير صحية، وأن التشخيص السليم لاي مرض مبني على 3 قواعد هي التاريخ المرضي والفحص الكلينيكي والفحوصات المعينة بالتشخيص ومن ثم بعدها يتم تحديد العلاج المناسب للحالة.
وقال الخضر ان الاعتماد للأسف على التشخيص بوسائل التواصل سبب للتشخيص الخطأ الذي يمكن ان يسبب مضاعفات خطيره لبعض الامراض اذا ماتم اكتشافها مبكرا مثل الاورام المنتشرة بشكل ملحوظ في السنوات الاخيره لأعمار مختلفة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي