No Script

المصريون ودّعوا «القشاش» الذي أبدع درامياً ومسرحياً وسينمائياً

الابتسامة تبكي صانعها... حسن حسني

تصغير
تكبير
  • 89 عاماً... قضى منها أكثر من نصف قرن  في الساحة الفنية 
  • كثرة إشاعات وفاته دفعته إلى قول «خايف لما يحصل وأموت ملاقيش حد يقول مات» 
  • في أفلام الشباب كان يفاجئ الجمهور بـ«كاراكتر» مغاير وأداء بلا سقف 
  • رغم التفوق في الإبداع والانتشار المفرط... اكتفى برداء «البطل الثاني» 
  • طارق العلي لـ«الراي»:   
  • كان أباً قبل أن يكون  فناناً سلساً
  • - أحبّ الكويت والكويتيين كما نحن نحبّ مصر والمصريين
  • - كان يتقبّل كل التوجيهات من المخرجين الشباب... وكان مستمعاً جيداً لكل التوجيهات وحتى «الافيهات» 
  • عبدالإمام عبدالله لـ«الراي»: 
  •  من الأصدقاء الأوفياء... جمعتني به علاقة فاقت العشرين عاماً
  • - لولا أزمة «كورونا» وإغلاق المطارات... لكنت أول الحاضرين في مشهد  وداعه الأخير

... ورحل صانع الابتسامة... «جوكر» الدراما المصرية و«قشاشها»... «سنّيد» الأجيال من عمالقة وشباب، وسر نجاح أي عمل.
رحل الفنان حسن حسني... هذه المرة الخبر حقيقة ولم يحدث ما خاف منه حين قال في نهاية العام الفائت «خايف لما يحصل وأموت ملاقيش حد يقول مات»، رداً على إشاعة وفاته التي لم تكن الوحيدة التي طاردته وأقلقت راحته وراحة من حوله. فالخبر صدقه الملايين من محبيه على مضض، وإن كانوا تمنوا أن يكون هذه المرة إشاعة أيضاً.
في صلاة جنازة، أقيمت أمام مدفن أسرته، على طريق «القاهرة ـ الفيوم»، على بعد نحو 40 كيلو متراً، جنوب القاهرة، وفي وجود أفراد أسرته وعشرات من المواطنين، وعدد قليل من الفنانين، وووري الثرى، بعد ظهر أمس، جثمان الفنان القدير حسن حسني، والذي غيبه الموت، في الساعات الأولى من صباح أمس، عن عمر يناهز 89 عاماً، داخل المستشفى إثر أزمة قلبية حادة، بعد حياة فنية وإنسانية ثرية ومتنوعة.
وقال نقيب المهن التمثيلية في مصر الفنان الدكتور أشرف زكي لـ«الراي» إن «الفنان حسن حسني، أصيب بأزمة قلبية مساء الخميس الماضي، استلزمت نقله إلى مستشفى دار الفؤاد، في مدينة 6 أكتوبر، على أطراف القاهرة، وتقرر إيداعه في غرفة العناية الفائقة، وبقي يتلقى العلاج حتى فارق الحياة فجر السبت».
وأضاف: «تم الاتفاق مع الأسرة، أن جثمان الفنان الراحل سيشيع ظهر اليوم (أمس)، من مستشفى دار الفؤاد، إلى مقابر الأسرة مباشرة، وأداء صلاة الجنازة عليه في المقابر، بحضور الأسرة، وآخرين، وفقاً للإجراءات الاحترازية بسبب فيروس كورونا».
وقدم حسني على مدى أكثر من نصف قرن نحو صاحب الثروة الفنية التي تجاوزت 460 عملاً، منها 200 فيلم، إضافة إلى المسلسلات الدرامية والسهرات التلفزيونية والأعمال المسرحية.
هو الذي برع في أي مكان حضر فيه. وبخفة ظل جعلت الابتسامات لا تفارق الوجوه حتى لو كان يؤدي دوراً شريراً.
وعرف عن الفنان الراحل، مساعدته للنجوم الشباب، وكان بمثابة أب لهم، وشاركهم في أعمال مهمة، أبرزت مواهبهم، خصوصاً علاء ولي الدين في فيلمي «عبود على الحدود» و«الناظر صلاح الدين»، ومحمد هنيدي في فيلمي «يا أنا يا خالتي» و«عسكر في المعسكر»، ومسرحيتي «حزمني يا» و«عفروتو»، وأحمد حلمي في «ميدو مشاكل» و«زكي شان» وأخيراً «خيال مآتة»، إضافة إلى هاني رمزي في فيلم «غبي منه فيه»، ومحمد سعد في «اللمبي».
وفي كل أفلام الشباب كان حسني يفاجئ الجمهور بـ«كاراكتر» مغاير وارتفاع في الأداء بلا سقف، ومع كل هذا التفوق في الإبداع والانتشار المفرط في الأعمال والشهرة الطاغية وسط الجماهير المصرية والعربية، لم يتبوأ قط مكانة البطل الأول، بل كان دائماً في موقع «السنيد»، مكتفياً برداء «البطل الثاني». وكانت منصات «السوشيال ميديا»، طوال يوم أمس، هي البديل الطبيعي لـ«سرادق العزاء» الذي لن ينصب بسبب «جائحة كورونا».

الكويت... محطة بارزة

خلال مسيرة الفنان الراحل، كان للفن الكويتي حصة في مشاركاته في السينما والتلفزيون والمسرح. ففي السينما شارك في«هالو كايرو»، وفي الدراما ظهر في مسلسل «خالي وصل» الذي عُرض على شاشة «الراي» العام 2014. أما مسرحياً، فكان له أكثر من مشاركة، عبر مسرحيات «بيت المرحوم» و«الكابوس» و«عاشقة الجن». وكما نعاه الفنانون المصريون، امتلأت صفحات الفنانين الكويتيين بصور الفنان وكلمات الرثاء.
«الراي» تواصلت مع الفنان طارق العلي، الذي اجتمع مع الفنان الراحل حسني في مسلسل «خالي وصل» العام 2014، وأيضاً في الفيلم الكوميدي «هالو كايرو» العام 2011، فقال: «لا أدري ما هي كلمات الرثاء التي يمكنني قولها في حق الفنان الراحل حسن حسني - الله يرحمه - لأنه بالفعل كان أباً قبل أن يكون فناناً سلساً، سهلاً جداً في تعامله مع الآخرين. كان يحب الكويت والكويتيين كما نحن نحب مصر والمصريين. لقد قضينا أياماً جميلة ‏من خلال كواليس أعمالنا سواء الفيلم أو المسلسل، إذ كان صدره واسعاً يتقبل كل التوجيهات من المخرجين الشباب، وهذا الأمر الذي جعل منه فناناً مميزاً».
وأردف العلي: «كان مستمعاً جيداً لكل التوجيهات وحتى (الإفيهات) إذ كان يستمع لها جيداً ‏ثم يعطي نصيحته ويضيف إلى (الإفيه) بصورة احترافية - بمعنى يبروزه - وهذه ‏الخبرة الجميلة هي التي اكتسبناها منه».
وتابع العلي: «كنت على اتصال هاتفي دائم مع ‏الراحل، فكان يسألني دائماً عن موعد قدومي إلى مصر ويقول ضاحكاً (إيمتى حتيجي يا طارق، عاوزين نعمل كده عمل تاني أبقى فيه عمك مش خالك) كونه جسّد دور خالي في مسلسل (خالي وصل)».
واستذكر العلي أحد المواقف التي جمعتهما معاً، بالقول: «‏على الرغم من امتلاكه هذه الطاقة الكبيرة من الكوميديا وقدرته على الضحك وإسعاد الغير، ولمن لا يعرفه جيداً عن قرب، كان الراحل إنساناً عاطفياً حنوناً جداً لدرجة لا يتخيلها أحد، ‏إذ إنه في فترة سابقة كان قد فقد ابنته، لهذا كان يبكي عليها كثيراً كلما جاءت ذكرى وفاتها أو مرت في ذاكرته صورتها، ‏وأتذكر موقفاً حصل معنا في إحدى المرات خلال تصوير أحد المشاهد، أنه كان جالساً لوحده والحزن يظهر عليه، ‏ما جعلني أقترب منه وأسأله بروح الدعابة (يا عم حسن مالك؟)، ‏عندها أخبرني بموضوع وفاة ابنته ومدى حبه وتعلقه بها، ‏لهذا اتخذنا قراراً بإيقاف التصوير وطلبت منه إخبارنا باللحظة التي يكون بها جاهزاً حتى نكمل، لكنه رفض ذلك وقال (عادي مفيش حاجة، يلا نكمل تصوير). ورغم هذا أصررت على قراري وأوقفنا التصوير يوماً كاملاً حتى يكون الراحل في مزاج جيد لاستكمال بقية المشاهد».
من جانبه، رثاه صديقه الفنان عبدالامام عبدالله، في اتصال هاتفي مع «الراي»، بالقول: «الموت حق وكلنا راجعون إلى الله سبحانه وتعالى، لهذا أدعو العلي القدير أن يرحمه ويحسن إليه، فهو من الأصدقاء الأوفياء الذين جمعتني به علاقة صداقة دامت لسنوات طويلة فاقت العشرين عاماً تخللها زيارات دائمة واتصالات هاتفية، إذ لم يكد يمر شهر إلا وأهاتفه أو يهاتفني، وعندما أتواجد في مصر نحرص على أن نلتقي ونجتمع، لكن رغم هذا لم أجتمع معه في أي عمل سينمائي مصري أو حتى عمل درامي تلفزيوني».
وأكمل عبدالله: «‏أتذكر أنني قبل بداية أزمة فيروس كورونا كنت متواجداً في مصر وكان الراحل حينها متعباً قليلاً، لهذا أمر الدكتور بضرورة ذهابه إلى منطقة عين السخنة حتى يقضي وقتاً من الراحة والاستجمام فيها كونها تتميز بهواء نقي بعيداً عن أجواء القاهرة الملوثة، ‏لكن هذا لم يمنع القدر (هذا يومه والله يرحمه). وعندما سمعت بخبر وفاته سارعت إلى تقديم واجب العزاء لذويه، ولولا أزمة كورونا الحالية وإغلاق المطارات، لكنت أول الحاضرين في مشهد وداعه الأخير».

حسني... في سطور

ولد الفنان الراحل في حي القلعة، في قلب القاهرة الفاطمية، في 15 أكتوبر من العام 1931، لأب يعمل في مجال مقاولات البناء، فيما توفيت والدته وعمره 6 سنوات، وتلقى تعليمه في مدرسة الرضوانية الإبتدائية في الحي القديم ذاته، وحصل على شهادة التوجيهية في العام 1959.
كانت بدايته في الفن بالتمثيل في مسرح المدرسة، وحصل على العديد من الميداليات، قبل أن ينضم في العام 1962 إلى المسرح العسكري ثم إلى المسرح القومي.
وكان الفنان الراحل تحدث في لقاء مع«الراي»قبل عامين عن تجربته في المسرح العسكري، فقال إن«الشؤون العامة للقوات المسلحة، في فترة الستينات، عمدت إلى تأسيس فرقة خاصة من الفنانين تقدم عروضها للجيش تحت اسم المسرح العسكري، وهي الفرقة التي ظلت موجودة حتى تقرر حلها عقب نكسة 1967، بعدما شن البعض الهجوم عليه».
وأضاف حسني حينها أن«الفرقة كانت تقدم كل العروض، طوال شهر رمضان بشكل خاص لعائلات الضباط»، موضحاً أنه كانت هناك لجنة شُكلت لاختيار الفنانين في المسرح العسكري، وكان هو أحد الفنانين الذين وقع عليهم الاختيار، وكان الفنان حسن عابدين زميلاً له في هذه الفرقة. بعد ذلك قدم حسني مجموعة من المسرحيات، من خلال أدوار صغيرة مثل «روبيكيا» و«كلام فارغ»، وفي نهاية السبعينات اتجه إلى الدراما، من خلال دور صغير في مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً» من خلال شخصية الموظف الفاسد.
وكانت بداية ظهوره الحقيقي في مسرحية «كلام فارغ»، وقام بالعديد من البطولات المسرحية، منها: «حزمني يا»، «قشطة وعسل»، «جوز ولوز»، «أولاد ريا وسكينة»، «على الرصيف»، «سكر زيادة» و«المحبة الحمراء».
وفي الدراما، كان من بين أعماله: «رأفت الهجان»، «أبنائي الأعزاء شكراً»، «السبنسة»، «جواري بلا قيود»، «ناس مودرن»، «بوابة الحلواني»، «المال والبنون»، وشارك في مسلسل «سلطانة المعز» مع غادة عبدالرازق، والذي عرض في موسم دراما رمضان المنقضي، ومن قبلها شارك في مسلسل «أبو جبل»، للنجم مصطفى شعبان، والذي عرض في موسم دراما رمضان قبل الماضي.
في السينما، استطاع جمْع من المخرجين تغيير شكل الأدوار التي يقدمها حسن حسني، حيث قدم أدواراً مهمة في أفلام تستعصي على العد، من بينها«الكرنك»و«الهروب»و«البريء»و«سارق الفرح»و«زوجة رجل مهم»و«سواق الأتوبيس»و«فارس المدينة»و«الهجامة»و«عفاريت الأسفلت»، ومعظمها مع المخرجين المتميزين عاطف الطيب وعلي بدرخان ورضوان الكاشف وداود عبدالسيد، ويذهب المتابعون إلى أن هذه الكوكبة من المخرجين هم من صنعوا نجومية حسني في السينما، قبل أن يأتي غيرهم ليستعينوا بموهبته المتلونة بكل الأقنعة الفنية الممكنة في أفلامهم، ومسلسلاتهم.
وشارك في موسم عيد الأضحى السينمائي الماضي في فيلم «خيال مآتة»، مع أحمد حلمي ومنة شلبي وخالد الصاوي وبيومي فؤاد. وتم تكريمه خلال الدورة الـ 40 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، ونال جائزة من مهرجان الأفلام الروائية عن فيلم «دماء على الأسفلت»، وهو من أكثر الممثلين نشاطاً وحضوراً في العقدين الأخيرين، وفي أعمال متنوعة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي