No Script

أصبوحة

الذاكرة البديلة

تصغير
تكبير

لا أعرف لماذا رغم معرفتنا بضرر بعض الأمور، إلا أننا نستمر في فعلها سلوكياً وذهنياً، وعادة نعرف جيداً أن بعض عاداتنا السلبية مضرة، إلا أننا نغيّب ذلك بستار ذهني أقرب للتجاهل، بل إن هناك بعض العادات قد تودي بحياة الإنسان، لكنه يشعر أنه لا يستطيع الفكاك منها.
ما قاد ذهني إلى هذا الموضوع الذي قد ينطبق على معظم البشر، هو محاولتي تذكر أمر بدا ضرورياً حينها فلم أستطع، وبحثت كالمجنون عن أي جهاز رقمي، سواء هاتف أم لابتوب أم لوح رقمي، كي أبحث عن ذلك الشيء، وهنا انتبهت إلى حجم اعتمادي على الإنترنت، سواء في التذكر أو البحث عن معلومة، وغيرها من الأمور التي لا تتطلب جهداً ذهنياً كبيراً.
أنا أعرف أنه منذ سنوات قد أضاف علم النفس في قائمة الإدمان، الإدمان على الإنترنت، وقامت بعض المراكز في دول محددة منها الصين كما أظن، على عزل المدمنين على الإنترنت مثل بعض الأنواع الأخرى في الإدمان، وأن كثيراً من البرامج العلمية والمراكز المتخصصة، قد حذرت وبينت مخاطر الاعتماد الكلي على الإنترنت ووسائل التواصل، فخلال السنوات القليلة الماضية، أصبح الإنسان لا يستطيع الخروج من بيته من دون هاتفه الذكي.
بل إن العلماء ركزوا على أن الإنترنت، يشكل خطورة كبيرة على الأطفال، وخاصة المهووسين بالألعاب الإلكترونية بطريقة مرضية، وصنفت هذا الهوس تحت مسمى «اضطراب الألعاب»، بحيث يؤثر ذلك بعقل الطفل، وعلاقته بمتطلبات الحياة الطبيعية والدراسية.
ورصد المختصون آثاراً سلبية للتعلق بالإنترنت، في الجوانب الجسدية والاجتماعية والنفسية، والتي لم تعد تخفى على أحد، وظهرت جماعات وجمعيات ضد هذه الوسائل، وهي تشبه جماعات البيئة، والتمسك بكل ما هو طبيعي، ولا أعلم مدى تقدم العلوم في علاج هذا التعلق، لكن بالتأكيد أن الأمر قد يحتاج إلى علاجات من خلال التعديل السلوكي.
فهل يستمر الإنسان بتخدير العقل بالكسل، أم يمكنه استعادة مهارة التذكر والحفظ، بالطبع يستطيع إعادة تنشيط الذهن، فالعقل قابل لإعادة برمجته، فكل شيء فينا سواء بدنياً أم نفسياً أم ذهنياً هو عادة، والإنسان يستطيع بالتدريب على التخلص أو اكتساب لياقة، أو مهارات بدنية ونفسية وذهنية.
وقد درس المختصون قبل سنوات، حالة رجل فقد ذاكرته بشكل شبه تام، وأعلنوا يأسهم من حالته، ولكنه استطاع ليس فقط استعادة ذاكرته، بل طور هذه المهارة بالتدريب على أشياء موضوعة على الطاولة أمامه، حتى أصبح بطلاً في مسابقات قوة الذاكرة في أميركا.
فلنأخذ خطوة لاستعادة ذاكرتنا الطبيعية بالتمرن والاستمرار، وأخذ الإيجابي مما تقدمه العلوم، فكل المكتشفات العلمية تحمل الجانبين السلبي والإيجابي، ولنتذكر وخاصة أجيال ما قبل الإنترنت، أننا كنا نحفظ جميع أرقام الهواتف التي تخصنا، والآن لا نحفظ أرقام هواتف زوجاتنا أو حتى رقم هاتفنا الشخصي.

osbohatw@gmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي