No Script

نظرة مستقبلية تنويرية بعُيون خبراء واختصاصيين طبيين

«الناجون من كورونا»... كيف ستكون حياتهم؟

No Image
تصغير
تكبير

صحيح أن أعداد حالات مرض «كوفيد- 19» الذي يسبّبه فيروس كورونا المستجد ما زالت في تصاعد في جميع أرجاء العالم على الرغم من جميع الجهود العالمية المتمثلة في فرض إجراءات الإغلاق والتشديد على تطبيق إرشادات التباعد الاجتماعي وتكثيف التعقيم، لكن على الجانب المشرق ينبغي التنويه بأن أكثر من مليوني شخص قد تعافوا حتى الآن من ذلك المرض المُعدي، وذلك بفضل الجهود المضنية التي بذلها الأطباء وغيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية.
وفي ضوء أعداد حالات التعافي، فإن السؤال الذي بات يشغل البال ويستحق المناقشة هو: هل هناك تغيّرات محتملة من المتوقع أن تطرأ على نمط حياة الأشخاص المتعافين الذين نجوا فعلياً أو سينجون مستقبلاً من هذا المرض الوخيم؟ وإذا كانت الإجابة بـ «نعم»، فما تلك التغيّرات المتوقعة؟
وفقا لاختصاصيين طبيين بارزين وخبراء تابعين لمنظمة الصحة العالمية، فإن أصحاب حالات «كوفيد- 19» الخفيفة يتعافون عادة بشكل كامل في غضون أسبوعين بعد التقاط العدوى من دون أن تترك الإصابة لديهم أي مضاعفات تؤثر على نمط حياتهم لاحقاً، وهذا يعني أنهم يعودون سريعاً إلى ممارسة حياتهم الطبيعية التي اعتادوا عليها قبل الإصابة.


لكن وفقاً للاختصاصيين والخبراء أنفسهم، فإن المضاعفات الأكثر تعقيداً واستدامة تنتظر الناجين أصحاب فئتي الإصابات الشديدة والحرجة، أي الذين يحتاجون إلى تلقّي رعاية طبية خاصة في مستشفى ويصارعون أعراض ومضاعفات المرض لفترات تتراوح عادة بين ثلاثة وسبعة أسابيع تقريباً قبل أن تستعيد أجسامهم السيطرة جزئياً على زمام الفيروس وتبدأ رحلة التعافي.
وبهذا فإن رحلة تعافي هاتين الفئتين من المرضى تبدأ فعلياً في المستشفى، لكن تلك الرحلة تستمر عملياً لفترات تتفاوت من مريض إلى آخر، وقد تطول نسبياً وتفرض تغييرات استثنائية مزعجة على النمط اليومي لحياة المريض المتعافى وعلى متطلباته اليومية.
ويقول أولئك الخبراء البارزون في مجال الأمراض الفيروسية الوبائية إنه بما أن المرضى أصحاب الحالات الشديدة والحرجة يعانون من مضاعفات خطيرة تستوجب أن يتلقوا رعاية طبية مكثفة في وحدات العناية المركزة إلى جانب الدعم بأجهزة التنفس الاصطناعي لفترات قد تصل إلى 40 يوماً، فإن ذلك يترك تأثيرات وعواقب سلبية على صحتهم الجسدية والذهنية وحتى النفسية على المدى الطويل.
ففي كثير من مثل تلك الحالات - والكلام ما زال لأهل الاختصاص الطبي - قد يحتاج المريض المتعافى إلى مساعدة خارجية كي يتمكن من التنفس بسهولة حتى بعد نزع جهاز التنفس الاصطناعي عنه وعودته إلى منزله. لذا، فإنه قد يحتاج في المنزل إلى كمام أوكسجين أو حتى إلى جهاز تهوية (Cpap) طبي، وهو جهاز خاص يدعم ضغط مجرى الهواء الإيجابي المستمر لتوفير الأوكسجين المطلوب لرئتي المريض. وبشكل عام، من المتوقع أن يستمر هذا الاحتياج لفترة تتراوح بين أسبوعين وأربعة أسابيع.
وبالنسبة لمرضى الحالات الحرجة الذين يحتاجون إلى رعاية في وحدة عناية فائقة قبل أن يخرجوا، فإنه من المرجح لهم أن يحتاجوا بعد عودتهم إلى المنزل إلى مساعدة خاصة إذا أرادوا القعود أو الوقوف على أقدامهم أو حتى عندما يريدون رفع أذرعهم أو أرجلهم. وقد يستمر هذا الحال معهم لمدة شهرين إلى ثلاثة قبل أن يستعيدوا قدرتهم على الاعتماد على أنفسهم بشكل شبه كامل.
أما المريض الذي يبقى طريحاً بلا حركة لفترة طويلة في سرير المستشفى ومتصلاً بجهاز التنفس الاصطناعي في وحدة عناية فائقة، فإنه على الأرجح يكون في احتياج بعد بدء تعافيه من محنته إلى تمارين علاج طبيعي حتى يتمكن من استعادة الحد الأدنى من اللياقة الجسدية اللازمة لتمكينه من المشي والتنفس من دون مساعدة خارجية، بل وفي بعض الحالات قدرته على التحدث والابتلاع.
ويؤكد الخبراء الطبيون أنفسهم إلى ضرورة الانتباه في معظم حالات التعافي من الحالات الشديدة والحرجة إلى أن المريض قد يحتاج إلى أن يتلقّى جلسات علاج نفسي في أعقاب بدء تعافيه، وذلك لمساعدته على تجاوز تأثيرات الرَّضّة أو الكدمة النفسية الحادة التي تنجم عادة عن ترسبات مثل تلك التجربة المرضية المريرة.
يُشار إلى أنه لا يُسمح عادة بخروج أي أحد من مرضى الحالات الشديدة أو الحرجة من المستشفى إلا بعد أن تأتي نتيجة تحليل PCR سلبية لمرتين متتاليتين بينهما فاصل زمني مع انحسار أعراض المرض عن المريض بدرجة كبيرة.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي