No Script

ببساطة

«صبه حقنه لبن»!

تصغير
تكبير

«صبه حقنه لبن»... مثل شعبي يقال للشخص الذي يحاول تغيير شيء ما ويخرج بالنتيجة نفسها، هذا المثل هو أول ما خطر على ذهني بعد قراءة خبر التعديل الوزاري الأخير، فحكومتنا الجديدة التي تشكلت بعد أن أخذ رئيس مجلس الوزراء وقته في تشكيلها - كما يزعم - لم تأتِ بجديد، بل استمرت على نهج المحاصصة والترضيات ذاته، فلم يتم تشكيلها من وزراء سياسيين، وإنما رسخت فكرة أن الوزير ليس سوى موظف كبير من خلال توزير وكلاء الوزارات، هذه التشكيلة الحكومية - الركيكة - لم تستطع الصمود أمام استجواب «التغريدة» الذي أطاح بوزيرة الشؤون قبل أن تكمل شهراً واحداً في منصبها الجديد.
بعد الإطاحة بوزيرة الشؤون جاءت الحكومة لتعدل وضعها وتغيّر قليلاً في تشكيلها، فما كان منها إلا التأكيد مرة أخرى على أن المنصب الوزاري لم يعد منصباً سياسياً يحتاج لرجال دولة ذوي رؤية وفكر سياسي، بل بات مجرد وظيفة كبيرة يشغلها موظف ينفذ الأوامر دون إبداء أي اعتراض، فها هي الحكومة تعيّن وكيلي وزارة بمنصب وزير، وبغض النظر عن مدى كفاءة الوزيرين الجديدين فالقضية ليست طعناً بشخصهما أو انتقاصاً من قدراتهما، لكن فكرة أن الحكومة تشكل بهذه الطريقة مزعجة جداً، فكما قلنا مراراً وتكراراً الحكومات لا تشكل بهذه الطريقة، بل تشكل من خلال وجود برنامج عمل واضح وفريق منسجم من رجال ونساء دولة ممن يمتلكون الحس والمسؤولية السياسية كي ينجزوا ذلك البرنامج، فعمل الوزير «السياسي» يختلف اختلافاً كلياً عن عمل وكيل الوزارة «الفنّي»!
مضحك مبكٍ حال حكومتنا، فهي تحاول جاهدة أن تقنعنا أنها حكومة مختلفة وتريد أن تأتي بجديد، لكن يبدو لي أن -دليل الاستخدام- الذي تستعمله الحكومة للتعامل مع الوضع السياسي قديم جداً، بل منتهي الصلاحية، فهي تعيد وتكرر الخطوات نفسها التي قامت بها جميع الحكومات السابقة، فالتشكيل الحكومي يُبنى على أساس المحاصصة بين المكونات الاجتماعية، أما تكتيك التدوير كما حدث مع وزيرة المالية فهو بالضبط ما يحدث مع أي وزير تحس الحكومة بأنه على وشك أن يُستجوب ولا تملك القدرة على حمايته، ووزيرة المالية التي أعلنت عن العجز في ميزانية الدولة وتناقضت تصريحاتها حول المساس بجيوب المواطنين لتعويض العجز باتت هدفاً سهلاً لنواب لا يرون اليوم سوى مخيماتهم الانتخابية وما سيقولونه للناخبين بعد أشهر قليلة، وسقوط وزير آخر بعد أسابيع قليلة من سقوط وزيرة الشؤون قد تكون تكلفته كبيرة جداً على هذه الحكومة الجديدة، لذلك جاء هذا التدوير.
تقطيع وقت ومحاولات متكررة لإطالة عمر الحكومة والمجلس إلى نهاية الفصل التشريعي، كانت هذه السياسة المتبعة من الحكومة السابقة، ويبدو لي أن الحكومة الجديدة ستتبع السياسة نفسها، فالهدف هو البقاء أطول فترة ممكنة، بينما يتم تحميلنا نحن الشعب نتائج هذه السياسة المدمرة، فها هو عجز الميزانية الذي تسبب به سوء الإدارة الحكومية واستشراء الفساد يهدد باستنزاف الاحتياطي العام للدولة، لنجد الحكومة تتهرب من مسؤوليتها بمكافحة الفساد وإيجاد بدائل للدخل وتضع اللوم على باب الرواتب والأجور، هذه الحكومة لم تأتِ بجديد ولن تأتي بجديد، هي بالفعل ينطبق عليها المثل «صبه حقنه لبن»، لذلك لن ننتظر سبع سنوات أخرى لنقول عنها فاشلة ويجب رحيلها، بل هي فاشلة منذ تشكيلها وتبنيها لنهج الحكومات السابقة نفسه، ويجب أن ترحل، فنحن بحاجة لحكومة حقيقية تمتلك الرؤية والإرادة لتنتشل الكويت من الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي البائس الذي نعيشه... حكومة تُشكل من رجال ونساء دولة وليس من موظفين كبار!

dr.hamad.alansari@gmail.com
twitter: @h_alansari

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي