No Script

بدأت بـ «العاصفة» وانتهت في «100 سنة سينما»

موسيقى عمر خيرت... أسَرتْ المشاعر في «مركز جابر الثقافي»!

تصغير
تكبير

على مدار يومين متتاليين، لن تنساهما الذاكرة، غمرت معزوفات الموسيقار المصري عمر خيرت جمهور مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي، ضمن فعاليات الموسم الثقافي الثاني 2018-2019 تحت شعار «جسور ثقافية».
وشهدت الأمسية التي قادها المايسترو نادر عباسي، تفاعلاً وانسجاماً منقطعي النظير، بعد أن ألهبت موسيقاه حماسة الحضور وسط الأجواء الباردة، كما أسرت المشاعر وسخنّت المدرجات منذ الاستهلال، ليلقي من بعدها التحية إلى الشعب الكويتي، وإلى القيمين على المركز، لدعوته والفرقة الموسيقية لإحياء هذه الاحتفالية البهيجة.
خيرت الذي لا يحتاج تعريفاً أو مديحاً، انتقى في تلك الليلتين برنامجاً متنوعاً من موسيقاه التي صدحت في الأرجاء فأرضى بها ذائقة الجمهور، حيث انقسمت كل ليلة منها إلى جزأين، قدم في الأولى باقة متنوعة من المقطوعات الموسيقية، بدأت مع «العاصفة» ثم توالت بعدها المعزوفات، على غرار «هي دي الحياة»، «خلي بالك من عقلك»، «ليلة القبض على فاطمة»، «في هويد الليل»، «مسألة مبدأ 2»، «عفواً أيها القانون»، «زي الهوى»، «الداعية»، فضلاً عن مقطوعة بعنوان «رابسودية عربية» التي مزج بها ألحان وإيقاعات من منطقة الجزيرة العربية في موسيقاه العصرية، ليختتم الليلة الأولى بمقطوعة «فيها حاجة حلوة».


في حين، استهل خيرت الجزء الثاني من الحفل، وقدم في الليلة التالية ثلاث مقطوعات للبيانو والأوركسترا، قبل أن يحلّق بالجمهور الكويتي وبمعية فرقته الموسيقية بمعزوفات عدة كانت قد اشتهرت في الدراما والسينما المصرية، بينها موسيقى «إعدام ميت» و«الخواجة عبدالقادر» و«النوم في العسل» و«ضمير أبلة حكمت» و«تيمة حب» و«صابر يا عم صابر» و«مافيا» و«عارفة» و«قضية عم أحمد» و«البخيل وأنا» ليكون الختام الأسطوري مع رائعة «100 سنة سينما».
الجميل في كلتا الليلتين، أن الجمهور كان متفاعلاً بشدة مع كل مقطوعة يسمعها، كما لو أنها تسافر به إلى غير موقع، وهذا الأمر كان بمثابة التقدير لكل فرد من أعضاء الفرقة الموسيقية.
يُذكر أن عمر خيرت ولد في القاهرة العام 1948 وينتمي الى عائلة فنية، حيث بدأ العزف على البيانو في سن الخامسة وتتلمذ على يد المايسترو الإيطالي كارو في بداية دراسته عندما التحق بمعهد الكونسيرفاتوار ضمن أول دفعة في العام 1959، ثم استكمل دراسته في كلية ترينتي للموسيقى في لندن، وبعد الانتهاء من دراسته للبيانو والنظريات الموسيقية، شرع خيرت في تأليف الموسيقى للأفلام السينمائية المصرية، وكذلك الأعمال التلفزيونية والمسرحية، كما ألّف مقطوعات لعروض الباليه المصرية.
استمع خيرت إلى العديد من الأشكال الموسيقية وأولها الموسيقى الكلاسيكية، إلى جانب عزفه على آلة الدرامز لفرق الروك والبوب والجاز.
استهل خيرت مشواره في التأليف الموسيقي في العام 1979، عندما بدأت مؤلفاته المختلفة تلاقي استحساناً لدى الجمهور والنقاد، وكانت موسيقى الفيلم المصري الشهير «ليلة القبض على فاطمة» أول الأعمال الكبرى، التي حققت انتشاراً واسعاً ونالت إعجاباً كبيراً من الجماهير، و للمرة الاولى في صناعة الموسيقى المصرية تنتج موسيقى عمل سينمائي لطرحها على شرائط الكاسيت، وقد ترك هذا العمل بصمة مميزة في صناعة الموسيقى في الشرق الاوسط بأكمله.
في الدراما التلفزيونية كان مسلسل «غوايش» هو أول عمل قدّم فيه خيرت طابع الموسيقى الغربية إلى جانب الموسيقى العربية الكلاسيكية، وقد حاز العمل إعجاب النقاد، وسرعان ما أصبح هذا الأسلوب هو البصمة التي تميز موسيقى عمر خيرت، وقاده ذلك إلى المشاركة في تقديم كثير من المؤلفات الموسيقية للأفلام مثل «قضية عم أحمد»، «اليوم السادس»، «إعدام ميت» بالإضافة إلى تأليفه موسيقى العديد من المسلسلات، من طراز «القضاء في الإسلام»، «ضمير أبلة حكمت» و«اللقاء الثاني». ولم تقتصر مؤلفات خيرت على الدراما فقط بل من مؤلفاته أيضاً موسيقى عروض باليه مثل «العرافة والعطور الساحرة»، «النيل» وموسيقى أوبريتين غنائيّين هما «100 سنة سينما»، «الرابسودية العربية» و سيمفونية «بانوراما أكتوبر».
على المستوى الدولي كُرمت موسيقى خيرت من خلال مشاركته في تقديم أعماله الموسيقية في مهرجان «الثلاث حضارات» في إسبانيا العام 2005، بالإضافة إلى مشاركته في تأليف موسيقى حفل افتتاح دورة الألعاب الآسيوية العام 2006، وتأليفه موسيقى حفل افتتاح دورة الألعاب العربية في العام 2007، علاوة على ذلك انضمت مجموعة خيرت الموسيقية إلى أوركسترا سلوفينيا لتقديم موسيقاه في حفل تسليم رئاسة الاتحاد الأوروبي في سلوفينيا العام 2008.
كما حصل خيرت على ثلاث درجات للدكتوراه الفخرية من جامعة ويلز في العام 2013، والجامعة الأميركية بالقاهرة العام 2015، وأيضاً الجامعة الكندية بالقاهرة في 2016.
ما يميز موسيقى خيرت عن غيرها هو قدرته على المزج بين الآلات الموسيقية الغربية والشرقية، وما أبقى على هذه الموهبة هو حفاظه في أعماله على رقي مستوى ما يقدمه، مضيفاً الى التراث الموسيقي خبرات جديدة في صيغ موسيقية مميزة ومتفردة تركت علامتها الخاصة، كما أن موسيقاه مارست دوراً ريادياً في تقريب المسافة بين الموسيقى الشرقية والغربية، فنجح في إضفاء روح الهارمونيا الغربية على البنية الكلاسيكية للموسيقى العربية.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي