No Script

خلال استضافتها في «حديث الإثنين» بمركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي

منى الشمري: الكتابة إلى الشاشة... «ماراثون» لا يتوقف!

تصغير
تكبير

بعض المشاهد غير مقبولة على الشاشة...  لكن القارئ يتقبلها

بعض الروايات فشلت  إبان تحويلها إلى فيلم  أو مسلسل درامي


احتضنت القاعة المستديرة في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي أول من أمس، الكاتبة والروائية منى الشمري، ضمن فاعلية «حديث الإثنين»، في ندوة بعنوان «التلصص على الكتابة من الأدب حتى الدراما»، بحضور جمع غفير من الأدباء والمثقفين، في حين أدارت الندوة الروائية بثينة العيسى.
بعد الترحيب بضيفتها، قالت العيسى في تقديمها للروائية الشمري: «حمّالو الحكاية هم حراس الذاكرة»، وتابعت: «تدرك الروائية منى الشمري هذا الأمر على نحو جيد، فهي تكتب قادمة من ذاكرة متفردة في خصوصيتها، ذاكرة القرية الساحلية، وحكايا النساء تحت القمر والمكتبة المنزلية المشرعة على الدهشة، والنوافذ المطلة على التراث، والأدب العالمي، والتجربة العربية في فرادتها أيضاً».
ولفتت العيسى إلى أنه في أدب منى الشمري يلعب المكان دور البطولة، وينتشر ناعماً في لغة باذخة، وتمنح الحكاية تلك النكهة المغايرة، وتجعلها لا تشبه أي شيء آخر. «فمن الفحيحيل الخضراء إلى الأحمدي النفطية، ترصد منى الشمري ثنائيات تصوغ تعقيدات عالمنا. بين المسجد والكنيسة، التمر، والرقص، والصلاة، الحب والتسلط، تكتب عن المجتمع بصفته طيفاً بألوان عديدة، عن تعصب الموروث ضد الآخر، وأشياء أخرى أثثت بها عوالمها السردية والدرامية».


وأَضافت: «ونحن سوف ننصت إلى الحكاية بلسان بطلتها، عن الطفلة التي وجدت طريقها إلى المكتبة، ثم عن تجربتها في الكتابة، وصولاً إلى قراءتها الخاصة للمشهد الفني والأدبي في الكويت».
بدورها، قرأت الروائية منى الشمري ورقة بشكل سردي تحدثت فيها عن مسيرتها وبدايتها في عالم القراءة والمكتبة منذ أن كانت طفلة إلى أن أصبحت روائية، ومن مقتطفات ما قرأت «ولجتُ صغيرة ومفتونة، إلى عالمِ الكلمة المطبوعة عبرَ نافذةِ الصحافة. حينها كانتِ السلطةُ الرابعةُ بلاطاً فاعِلاً في أعوامِ زَهوها. فكتبتُ المقال إثر المقال، إلى أنْ التهمت الصحافةُ اليوميةُ وقتي وشغلتني، هي وظروف خاصة أخرى، عن إطلاقِ مجموعتيَ القصصيةَ الأولى، فاكتفيتُ بنشر قصص قصيرة في الصفحات الثقافية اليومية».
 وبيّنت في ورقتها، وقالت: «في قرار حازم غيَّر من وجهتي العملية، قَررت تَرك محرقة الصحافة اليومية إلى الأبد، وأن أخرج من المطبخ الصحافي بروائحه الخانقة، لاستنشاقِ الهواء النقي في حديقة الرواية، وبساتين القصة، والتفرُّغِ التامِ لكتابة الدراما التلفزيونية، في مُحاولةٍ لتوظيف شغفي ومزيج مخزون معرفتي، لتقديمِ رؤية جديدةٍ ترتقي بالعملِ الدراميِّ إلى الرؤية واللغة الأدبية».
ومضت الشمري تقرأ: «كان طموحي تقديم عمل يتناول المعرفةَ والتراث والفولكلور الكويتي بتفاصيله المدهشة الغائبة، وطرح معركة الإنسان مع الوعي واستعراض حياتنا الحقة التي تُشْبِهُنا، وطبائِعِنا الصادقةِ، وأمزِجَتِنا المتقلبة في تصالحِ الداخلِ مع الخارجِ، وتنظيمِ الخارجِ مع الخارج، مُستلهمةً أعمالي الأدبية، وكتابةَ السيناريو الخاص بها للشاشةِ الصغيرة، وكانَ النجاحُ الكبيرُ لأول أعمالي الدراميّة (كُحل أسود قلبٌ أبيض) حافزاً للمُضِي بمشاريعَ أُخرى صوب الشاشةِ الصغيرة».
بعد ذلك، حاورتها العيسى وطرحت عليها مجموعة من الأسئلة، فكانت البداية: أيهما أقرب إليك تأليف الكتب أم الكتابة للدراما، فأجابت: «إن تأليف الكتب والأدب أقرب إليّ، فهي الأكثر متعة، لأن الأدب أكثر حرية وأكثر اتساعاً وأكثر عمقاً، والدراما تقدم للمشاهد نصا ورواية لمن لا يحب القراءة، فيرى الرواية بنسخة مرئية، وهناك روايات قرأها الجمهور بعد مشاهدة المسلسل الناجح المقتبس منها».
وألمحت الشمري إلى أن الأدب أكثر حرية من الدراما، مؤكدة أنها في الدراما تكون مقيدة بالوقت وبعوامل الإنتاج وقيوده، ما يشكل ضغطاً للإنجاز. واستدركت: «لكن في الأدب قد أكتب فصلاً وأترك بيني وبينه مسافة شهر لأعود إليه، وأجدد الكتابة وأحذف وأُعدّل فيه بأريحية، غير أن النص الدرامي لا يمكن تركه، كي لا تضيع الخطوط والأحداث والشخصيات من البال، فالكتابة إلى الشاشة كالماراثون الذي لايتوقف».
وعمّا إذا كانت تستلهم شخوصها الفنية من الواقع أم من الخيال، ردّت قائلة: «بل من الإثنين معاً، وقد نرى في الحياة شخصية ما فتغرينا لترجمتها على الورق».
وعند سؤالها: هل تمنحك الكتابة حرية أكبر في القول أكثر من العمل الدرامي؟، أجابت: «إن الأدب بشكل عام أكثر حرية، فهناك على سبيل المثال بعض المشاهد قد لا تكون مقبولة اجتماعياً على الشاشة، لكن قارئ الرواية يتقبلها، وكتابة الرواية تختلف عند نقلها للدراما». وأوضحت أن الشاشة حساسة وأيضاً المشاهد حساس جداً، وبالتالي ما يصلح في الأدب لا يصلح دائماً في الدراما، وهناك نصوص راعت هذه الجوانب وقدمت بشكل جميل على الشاشة، وهناك في الشاشة حسابات أخرى غير الحسابات الرقابية والإنتاجية».
وعن تحول الأدب إلى الشاشة، أوضحت الشمري: «يقول الروائي الفرنسي ميلان كونديرا (لو كان شكسبير يعيش في وقتنا الحالي لاتجه لكتابة المسلسلات التلفزيونية)». وأكملت: «فعلاً، الشاشة تغري الروائي ويود أن تتحول أعماله للدراما، لكنه في الحقيقة هناك فخ، حيث إن بعض الروايات نجحت روائياً، بيد أنها فشلت عند تحويلها إلى مسلسل أو فيلم، مثل رواية (ذاكرة الجسد) لأحلام مستغانمي. والعكس صحيح، هناك روايات سيئة، لكنها نجحت على الشاشة وحققت رواجاً كبيراً، وهناك روايات رائعة أساءت لها الدراما».
وشدّدت الشمري على أنها تسعى بدأب في أعمالها لأن تقدم صورة أصيلة وحقيقية عن البيت الكويتي وما يحدث فيه، عبر تقديم صورة مشرقة من دون شتائم و«(طراقات) لا تعكس بيئتنا وبيوتنا».
ونوهت إلى أنه في النسخة التلفزيونية يعمل المؤلف بشكل مكثف على الحوارات، ولكن في الأدب يشتغل الروائي على السرد أكثر، ولهذا تعتني كثيراً بنوعية الحوارات التي لا بد أن تكون راقية وغير مسفهة، «ولا يعني تقديم مجتمع مثالي، لكن تقديم الاختلاف في الآراء وطرح المشاكل بلا مبالغات». واستذكرت: «مثلاً، في المسلسل التراثي (لا موسيقى في الأحمدي) كتبت شخصية عضيبان (جاسم النبهان) على أنه يد الخير والجد الحنون الشهم، لكن في جزء آخر من شخصيته هو رجل عنصري ويرفض الحب، وحين مات أجمع الكل على أنه شخصية مؤثرة، فالبعض بكاه لأنه يشبه أباه أو جده، وقد لامست هذه الشخصية وجدان المشاهدين بقوة».
وعن علاقتها مع مخرج «لا موسيقى في الأحمدي» محمد دحام الشمري، علّقت بالقول: «لأن دحام مخرج مثقف وعميق وقارئ جيد، وهو يضع الممثل في المكان الصحيح، فضلاً عن أنه حريص على النص خلال التصوير، كونه يدرك أن كل كلمة كتبتها تعبت عليها»، متطرقة إلى تفهم دحام لطريقتها المركبة في الكتابة، إذ إنها تكتب على طريقة «البازل».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي